باراك حيرام.. تعرف على الضابط الذي أمر بقصف منزل داخله 13 إسرائيليا
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
نشرت صحيفة هآرتس مقالا مطولا للكاتب هيلو غليزر كشف فيه جوانب من شخصية العميد في الجيش الإسرائيلي باراك حيرام ودوره في قصف منزل بمستوطنة يهودية قريبة من قطاع غزة، وتساءل الكاتب عما إذا ما كان هذا الضابط يمثل الوجه الجديد للجيش الإسرائيلي.
وقالت الصحيفة إن حيرام هو قائد الفرقة الـ99 مشاة في الجيش الإسرائيلي، وهو من أمر خلال هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي بقصف منزل بالدبابات في مستوطنة بئيري، وهي مستوطنة زراعية وعسكرية تقع شمال صحراء النقب.
وكان مقاتلو كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس يحتجزون داخل المنزل في ذلك اليوم 15 رهينة إسرائيلية، وتبادل الجنود الإسرائيليون والمقاتلون الفلسطينيين يومها إطلاق النار لساعات طويلة، مما أدى إلى مقتل جميع من كانوا في المنزل عدا امرأتين.
وكان حيرام (45 عاما) قد اعتبر في مقابلة مع برنامج "الحقيقة" بالقناة الـ12 الإسرائيلية عشية التوغل البري في قطاع غزة الحادث بأنه "نجاح" نسبي، وبالغ في عدد الرهائن الذين أُنقذوا، بحسب مقال هآرتس.
وقال في تلك المقابلة "إنني أخشى تماما من أننا إذا تراجعنا وحاولنا إجراء جميع أنواع المفاوضات مع الطرف الآخر فإننا معرضون للوقوع في فخ سيقيد أيدينا ولن يسمح لنا بالقيام بما هو مطلوب، وهو الدخول والمناورة وقتلهم" يقصد المقاتلين الفلسطينيين.
ضابط متشددوتناول غليزر في مقاله بإسهاب ملابسات ذلك الحادث، مسلطا الضوء على شخصية حيرام الذي أثار جدلا مستمرا من ذلك الحين داخل إسرائيل بسبب إصداره الأمر لجنوده بنسف المنزل بمن فيه بداعي استهداف مسلحين من حماس اختبؤوا داخله، وقال إنه تواصل مع أشخاص يعرفون الرجل ووصفوه بأنه ضابط جريء ومتشدد يتحدى الصورة النمطية للقادة العسكريين.
ووفق المقال، فقد قاد حيرام إبان حرب لبنان الثانية عام 2006 معارك شرسة خسر فيها 5 من جنوده وأصيب بجروح خطيرة وفقد إحدى عينيه.
ومن الشواهد التي تدل على فظاظته اصطحابه جنودا كان يدربهم في زيارة إلى أحد المسالخ، وطلب منهم النظر مباشرة إلى البهائم وهي تُذبح.
وأوضح لهم أن الهدف من التجربة "التعليمية" هو أن يخشوشنوا لأنهم سيواجهون مشاهد مماثلة في المعارك.
ونقل غليزر عن العقيد بيني يوسف القائد السابق لمدرسة تدريب وحدة الكوماندوز (إيغوز) وصديق حيرام المقرب وصفه له بأنه "شخص يعيش في الصحراء، وهذه هي عقليته"، وهو يؤمن بشريعة الغاب التي تقوم على فكرة "البقاء للأقوى".
أما صديقه الآخر المقدم احتياط ليكو فريدلر -الذي عمل تحت إمرته- فهو يرى أن اصطحاب حيرام المتدربين إلى المسلخ "لم يكن مجرد نزوة"، بل تهيئة لجنوده لمواجهة الجثث والدماء في ساحة المعركة.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي أثناء الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة تعرض حيرام للتوبيخ من رئيس هيئة الأركان بسبب تفجيره المبنى الرئيسي لجامعة الإسراء الفلسطينية دون تصريح مسبق من قادته.
شديد الشغف بالصهيونيةومن جوانب سيرته الذاتية التي استعرضها غليزر في مقاله أن حيرام نشأ في عائلة علمانية من المهندسين بمدينة حيفا، وهو أوسط 3 إخوة، ووالده أفيهو مهندس كيميائي متقاعد ورجل أعمال، في حين تحمل والدته يائيل درجة الدكتوراه في الهندسة الكيميائية، كما عملت مسؤولة تنفيذية في شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، قبل تقاعدها، ودرس شقيقاه أيضا الهندسة في معهد إسرائيل للتكنولوجيا.
ويتذكر زملاء دراسة كيف أن باراك حيرام كان يتبنى مواقف متطرفة وشرسة تجاه العرب، وكانت أجندته شديدة الوضوح.
وقال أحد زملائه إنه بدأ يطلق ألفاظا على غرار ما كان يرددها الحاخام المتشدد الراحل مائير كاهانا الأميركي المولد والمعادي للعرب، حسب وصف الصحيفة.
وقبل إكماله دراسته الثانوية بقليل انتقل أفراد أسرته إلى فنزويلا للالتحاق بوالدتهم التي كانت تعمل هناك، لكن غليزر يقول إن حيرام قرر البقاء في إسرائيل والانضمام إلى صفوف الجيش.
وتنقل هآرتس عن صديق حميم آخر من زملاء الدراسة يدعى عومر بروكمان أن حيرام لم يكن مهتما بالسفر إلى الخارج، بل كان شديد الشغف بالصهيونية كفكرة، وهو ما يفسر تماهيه مع القيم اليمينية المتطرفة.
وقد انتقل للعيش في "سديه بار"، وهي بؤرة استيطانية في كريات أربع، قبل أن تصبح مزرعة بمنطقة معزولة في صحراء الخليل.
وتعد هذه المستوطنة بؤرة للمتطرفين من الفتيان المراهقين، أغلبهم ينحدرون من خلفية يهودية أرثوذكسية متشددة، وبعضهم تعرضوا لاعتداءات جنسية أو وقعوا في إشكاليات قانونية، كما يزعم غليزر.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.
فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.
وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.
وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".
وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".
ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.
تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.
وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.
وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.
وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.
ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.
وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".
يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.
يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".
قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".
ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.
وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".
إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.
وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".
وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.