في ظل التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها مصر، يتجه المستثمرون المصريون إلى استكشاف أسواق جديدة خارج البلاد؛ بحثا عن الاستقرار.

خلال الربع الأول من عام 2024، استحوذ المستثمرون المصريون على 30 بالمئة من إجمالي التراخيص الاستثمارية التي أصدرتها السعودية، محققين 950 ترخيصاً من أصل 3157، بحسب تقرير لبلومبرغ.



هذا التوجه يعكس رغبة متزايدة لدى الشركات المصرية، خاصة في قطاعات المقاولات والعقارات، للتوسع في الأسواق الخارجية في مواجهة التحديات الاقتصادية الداخلية.

الوجهات الجديدة للاستثمار:

من أبرز الوجهات الجديدة التي يتجه إليها المستثمرون المصريون هي المملكة العربية السعودية ودول أفريقيا.

تعدّ السعودية وجهة جاذبة للاستثمارات بسبب بيئة الأعمال المشجعة والحوافز الاستثمارية التي تقدمها الحكومة، بالإضافة إلى المشاريع الكبرى في رؤية 2030 التي تفتح فرصاً واسعة للشركات الأجنبية.

أما أفريقيا، فتقدم فرصا واعدة نظرا لاحتياجاتها الكبيرة في مجالات البنية التحتية والإسكان، حيث تسعى العديد من الدول الأفريقية إلى تطوير بنى تحتية متكاملة لدعم نموها الاقتصادي.



تصدر نشاط العقارات والتشييد والأنشطة المهنية والتعليمية والزراعة والحراجة وصيد الأسماك عدد التراخيص الاستثمارية، وبحسب بلومبيرغ، فقد اتجهت كبرى شركات المقاولات والعقارات المصرية للتوسع في الأسواق الخارجية.

علاقة توسع شركات المقاولات المصرية بالضبابية الاقتصادية:

وتأتي هذه التحركات في ظل استمرار ضبابية تسعير العملة المحلية في مصر، وعدم توافر مدخلات البناء، وتأخر صرف متأخرات فروق العملة حتى بعد صفقة الاستثمار الكبرى مع الإمارات.

كان رجل الأعمال المصري الملياردير، سميح ساويرس، أثار ضجة واسعة في مصر، في خضم الأزمة الاقتصادية الطاحنة العام الماضي، بعد انتقاده  للأوضاع الاقتصادية المتردية، وإعلانه الانتقال للاستثمار خارج البلاد.

ووجه ساويرس في مقابلة تلفزيونية، الكثير من الانتقادات لوضع الاقتصاد المصري، معلنا أنه توقف تماما عن الاستثمار في بلده مصر، وأنه لن يدخل في أي مشروعات جديدة بها، بسبب أزمة الدولار، وصعوبة دراسة جدوى المشروعات ،.

وبينما أشاد ساويرس بالاقتصاد التركي، فجر مفاجأة مثيرة، بإعلان أنه سوف يستثمر في السعودية في عدة مشاريع رفض الحديث عنها، مؤكدا أن الاستثمار في السعودية هو المستقبل، وأنها تقدم أكثر من مدينة صناعية تماثل دبي في الإمارات.

كما قلل من حجم التوقعات المعلنة من الجانب المصري والإماراتي حول جذب مشروع رأس الحكمة 8 ملايين سائح سنويا، ملمحا إلى معوقات يجب إزالتها، و ملمحا بذكره كلمة "بيروقراطية" إلى أزمات يعانيها المستثمر، بينها كثرة الإجراءات، وتعدد الجهات الحكومية.

وجوه أخرى للاستثمار خارج مصر

يقول خبراء ورجال أعمال لـ"عربي21" إن هذه العوامل تعيق القدرة على التخطيط المالي السليم، ما يدفع الشركات إلى البحث عن أسواق أكثر استقراراً لتأمين استثماراتها والحفاظ على نموها. التوسع في الأسواق الخارجية يمكن أن يوفر للشركات المصرية الاستقرار المالي اللازم، ويفتح فرصاً جديدة للتوسع والنمو بعيداً عن التحديات الاقتصادية المحلية.

وعلق رجل الأعمال المصري الأمريكي، محمد رزق، على توجه المستثمرين المصريين للاستثمار خارج مصر بالقول: إن "هروب شركات المقاولات المصرية خارج الحدود المصرية، ليس بالشيء الجديد؛ لأسباب تتعلق بمناخ الاستثمار في الداخل وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، وارتفاع حجم المخاطر الاستثمارية".

وكان رزق أحد رجال الأعمال المصريين الأمريكيين الذين حضروا مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي عام 2015 والذي وصفته الحكومة المصرية حينها بأنه الأكبر في تاريخ البلاد بعد جمع حصيلة مشروعات بقيمة حوالي 194 مليار دولار، وهو ما لم يتحقق لاحقا.

وأضاف رزق لـ"عربي21": ما نراه اليوم هو هرولة من جانب تلك الشركات لأغراض الربح ربما على حساب أمن مصر القومي والاستحواذ على ممتلكات المصريين بقيمة أقل من قيمتها السوقية استغلالاً لنفوذ تلك الشركات داخل مصر لحساب دول أو صناديق أو أفراد خارج مصر".



وألمح إلى أن "توسع شركات المقاولات المصرية في السوق السعودية له حسابات ومزايا خاصة غير المعلن عنها، فشركة طلعت مصطفى استحوذت على صفقة فنادق كبيرة في مصر واتضح أنها كانت لحساب السعودية، وهذا يطرح تساؤل هام، لماذا لم تستحوذ الشركة السعودية عليها مباشرة بدلاً من وجود وسيط؟".

ونابع رزق: "وهنا تكون الإجابة الوجيهة، أن شركة طلعت مصطفى استغلت نفوذها أو كونها شركة مصرية للفوز بالصفقة في حين لو كانت الصفقة بين الحكومة المصرية والسعودية لكان للأمن القومي المصري قول في هذا الأمر، وبالتالي تم التغلب عليه بدفع شركة طلعت مصطفى لتكون الواجهة".

جرس إنذار وأولويات الحلول

يرى استشاري الاستثمار والاستراتيجيات، الدكتور مراد علي، أنه "بينما تُبذل الجهود لجذب الاستثمار الأجنبي، تهرب رؤوس الأموال المصرية بسرعة مُقلقة إلى خارج البلاد. ويُمثل هروب رؤوس الأموال المصرية جرس إنذار يُحتم علينا العمل الجاد لخلق بيئة مواتية للاستثمار".

ورصد مراد في تصريحات لـ"عربي21" مجموعة من الأولويات لخلق مناخ استثماري حقيقي في مقدمتها تحقيق الاستقرار السياسي باعتباره أساس جذب الاستثمار، لذا يجب تعزيز المشاركة السياسية وحل الأزمات وإنهاء حالة الاحتقان. تطوير السياسات الاقتصادية بإسناد هذه المهمة لكفاءات نزيهة لوضع رؤية وخطة استراتيجية واضحة بآليات تنفيذ وأساليب محاسبة دقيقة".

وشدد على ضرورة "تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية، خصوصاً المؤسسة العسكرية، لضمان المنافسة الحرة. سد منافذ الفساد، مثل إسناد الأعمال لشركات ورجال أعمال بعينهم وبيع الأصول بأثمان بخسة في صفقات مشبوهة، حيث إن الفساد المؤسسي يطرد المستثمرين الجادين ويبقي الفاسدين.

وتابع: "تطوير البنية التحتية، يجب التركيز على تطوير البنية التحتية في جميع أنحاء مصر، وليس فقط بناء الكباري والطرق التي تربط منتجعات الأثرياء، مع حل مشكلة انقطاع الكهرباء. وإعادة بناء نظام التعليم على أسس علمية من خلال متخصصين وطنيين، لتوفير عمالة مؤهلة تلبي احتياجات سوق العمل. إصلاح النظام الضريبي، يجب تخفيض معدلات الضرائب والرسوم التي تشكل عبئاً على المستثمرين، دون تقديم أي قيمة مضافة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر السعودية رؤوس الأموال مصر السعودية استثمارات رؤوس أموال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شرکات المقاولات

إقرأ أيضاً:

ملتقى «الشارقة - باكستان» يناقش فرص الاستثمار بالتكنولوجيا الخضراء

الشارقة: «الخليج»
نظم مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة».. «ملتقى الأعمال الشارقة - باكستان» بالتعاون مع «مجلس الأعمال الباكستاني» في الإمارة وبحضور أكثر من 200 مستثمر ورائد أعمال يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية من الجانبين.
استعرض الملتقى فرص الاستثمارات الثنائية في قطاعات متنوعة مثل التصنيع والتجارة والتكنولوجيا الخضراء والصناعات الإبداعية إلى جانب خدمات الدعم التي توفرها الإمارة، وذلك مع تجاوز حجم التبادل التجاري بين باكستان ودولة الإمارات العربية المتحدة 25.7 مليار درهم وتشكل الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري لباكستان.
حضر الملتقى الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية بالشارقة وحسين محمد القنصل العام لباكستان في دبي وأحمد القصير المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) ومحمد جمعة المشرخ المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة» وعبد العزيز الشامسي مساعد المدير العام لقطاع الاتصال والأعمال في غرفة تجارة وصناعة الشارقة.
وتناول الشيخ فاهم القاسمي في كلمة له العلاقات والروابط الوثيقة التي عززتها الشارقة مع الباكستان على مر السنين، وأكد التزام الشارقة تهيئة بيئة مثالية تزدهر فيها الشراكات الهادفة، وقال إن تأسيس مجلس الأعمال الباكستاني في الإمارة في وقت مبكر من العام الجاري شهادة على هذا الالتزام ومن خلال ربط مجتمع الأعمال في الشارقة بنظيره الباكستاني نسهم في توفير فرص جديدة للنمو والابتكار.
وأضاف أن السياسات الداعمة للأعمال في إمارة الشارقة وبنيتها التحتية المتطورة وموقعها الاستراتيجي المتميز تجعل منها الشريك الأمثل للشركات التي تبحث عن فرص التوسع والابتكار فيما تلعب الكوادر البشرية دوراً بارزاً في تعزيز العلاقات والروابط مع باكستان.
بدوره أكد محمد جمعة المشرخ الثقة المتبادلة والالتزام المشترك بترسيخ الشراكة بين الشارقة وباكستان وقال إن الشراكة بين الشارقة وباكستان تتميز بالاحترام المتبادل والثقة والالتزام بالنمو والازدهار وعلى مر السنين حرصنا على بناء جسور اقتصادية راسخة تتمثل بحجم التبادل التجاري الكبير الذي يؤكد قوة شراكتنا ويشكل مجتمع الأعمال المزدهر شهادة على الثقة التي وضعتها الشركات الباكستانية في الشارقة بوصفها مركزاً رائداً للنمو.
وقال حسين محمد إن باكستان ودولة الإمارات ترتبطان بعلاقات صداقة وثيقة متجذرة في التاريخ ومترابطة بالقيم الاجتماعية المشتركة والعادات والالتزام بالنمو وتتبادل القيادة الرشيدة في البلدين الثقة والاحترام والرغبة بتوسيع حجم العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية.
وسلطت جلسة نقاشية الضوء على العلاقات الاقتصادية الوثيقة والفرص الاستثمارية بين الشارقة وباكستان شارك فيها سيف السويدي مدير المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر ومروان العجلة مدير ترويج ودعم الاستثمار في مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة» وعامر حسن مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة ديار وهبة المرزوقي رئيس قسم مجالس الأعمال واللجان المشتركة بغرفة تجارة وصناعة الشارقة
وقال سيف السويدي: «سجلت المنطقة الحرة لمدينة الشارقة للنشر أكثر من 1500 شركة باكستانية منها 800 شركة في قطاع النشر نظراً لمنظومة الحوافز الشاملة التي نقدمها لتمكين الشركات الإبداعية من الازدهار في قطاع النشر في الشارقة.. وتسهم شبكتنا الواسعة من الأعضاء في تعزيز التعاون بين الجانبين ونحن ملتزمون بدعمهم في كل خطوة من خطوات رحلتهم الريادية».
وأكد مروان العجلة أدوار«استثمر في الشارقة» في تسهيل الاستثمارات في الإمارة والحرص على ربط أصحاب المصلحة ودعم المستثمرين ومساعدتهم على اتخاذ أفضل القرارات.
من جانبه شارك عامر حسن رؤيته حول مشهد الاستثمار القائم أمام المستثمرين الباكستانيين في الإمارة.
وأكدت هبة المرزوقي، دور غرفة تجارة وصناعة الشارقة في تسهيل التواصل والعلاقات بين الجانبين.

مقالات مشابهة

  • وزيرا التخطيط والاستثمار يناقشان مع بعثة البنك الدولي جذب رؤوس الأموال الأجنبية
  • وزيرا التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والاستثمار يلتقيان بعثة البنك الدولي لمناقشة موقف تطوير استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر (2025- 2030)
  • «إمارات مصر للبترول»: فرص واعدة لتعزيز الاستثمار في السوق المصرية
  • اشتركا فى تجارة العملة وأخفى الأموال بالعقارات والسيارات.. استجواب متهمين غسلا 50 مليون جنيه حصيلة أنشطة مشبوهة
  • تعزيز العلاقات التجارية المصرية السعودية: غرفة القاهرة تستقبل وفد غرفة مكة
  • ملتقى «الشارقة - باكستان» يناقش فرص الاستثمار بالتكنولوجيا الخضراء
  • أي هروب ممكن؟ «ذاكرة في الحجر» لكوثر الزين: الخلاص ممكن خارج الوطن
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • «الاستثمار»: تقديم مزيد من الحوافز والتسهيلات لمجتمع الأعمال في مصر
  • طريقة تحويل 1000 ريال من خارج مصر؟.. خدمة جديدة من "انستا باي"