دائم البكاء وبيخاف من الضلمة.. الوجه الآخر لـ محمود المليجي في ذكرى وفاته
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
تحل اليوم الخميس 6 يونيو، ذكرى وفاة الفنان محمود المليجي، والذي كان نموذجا لأدوار الشر فى السينما المصرية التى قام بها نجوم طيبون القلب بشهادة من عمل معهم، لكن فرضت عليهم الأدوار الأولى التى نسبت إليهم صفة الشر والإجرام والبلطجة، حيث كان محمود المليجي هو الملك المتوج لتلك الأدوار.
بداية محمود المليجي الفنيةكان الظهور الأول للفنان محمود المليجي، له في السينما في فيلم «الزواج 1932» من إنتاج وإخراج فاطمة رشدى، في دور الفتى الأول وبعد أن حُلَّت فرقة فاطمة رشدى، ثم عمل ملقنا في فرقة يوسف وهبى المسرحية إلى أن اختاره المخرج إبراهيم لاما لأداء دور (ورد) غريم قيس عام 1939، وفى 1936 وقف أمام أم كلثوم في فيلمها الأول «وداد».
وكان دوره في فيلم «قيس وليلى» بداية أدواره الشريرة التي استمرت ثلاثين عامًا في ثنائى ناجح مع صديقه فريد شـوقى، إلى أن خرج من هذا الإطار وبالأخص في الأفلام التي أخرجها يوسف شاهين ويظل دور أبوسويلم بفيلم «الأرض» إخراج يوسف شاهين من أبرز أدواره ومثل نقلة نوعية استدعت طاقاته المعطلة والغنية وشارك مع شاهين في «الاختيار والعصفور وعودة الابن الضال وإسكندرية ليه وحدوتة مصرية».
ورغم أن محمود المليجي معروف بوجه الشر والعنف على الشاشة في السينما المصرية ومشاهد العنف والقتل إلا أنه كان يخاف الدماء أكثر من أي شئ، ففي حديث سابق للفنان فريد شوقي يروي فيه نقطة ضعف المليجي قال: «إنه يتظاهر بالشجاعة ويتظاهر بالفتونة، وهو مش فتوة، يعنى إحنا حين كنا نصور فيلم "المغامر"، وهو ضابط بوليس وبيطاردنى، وفي إيده مسدس، وبيضرب بيه من غير ما يبص له، لأنه بيخاف من الدم».
وكان محمود المليجى أيضا يخاف من الظلام ولا ينام إلا مع إضاءة الغرفة.
ولم يكن ملامح محمود المليجي الجامدة على الشاشة المصرية هو الوجه الحقيقي له، فكان شخصا دائم البكاء، ومن أبرز مواقفه التي بكى فيها عندما كان بفريق التمثيل بالمدرسة، وحاول لفت انتباه عزيز عيد مدرب فريق التمثيل، فقال له عيد: روح دور على شـغلـة تانية غير التمثيل»، وغضب المليجي وتوارى خلف شجرة بالمدرسة وراح يبكي.
وفاة محمود المليجيورحل عن عالمنا الفنان محمود المليجي، خلال تصوير فيلم «أيوب» وتحديدًا مشهد الموت، كأنه اندمج وذاب في الفن حتى الموت مع الإبداع حتى آخر نفس فى حياته.
ودخل في نوم عميق، في البداية، وظن عمر الشريف أن المليجي غلبه الإرهاق، لكنه شعر بالرعب فجأة لينادي على الحضور من فريق التصوير، والذين اكتشفوا أنه قد فارق الحياة في هدوء شديد، وبسلاسة ملحوظة.
اقرأ أيضاًعيد ميلاده محمود المليجي.. اللحظات الأخيرة في حياة شرير السينما
«اتجوز في السر ومات وهو بيمثل».. محطات في حياة محمود المليجي شرير السينما
«زلزال بقى تريند».. حفيد محمود المليجي يعود من جديد إلى السينما
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محمود المليجي محمود المليجى قصة محمود المليجي حياة محمود المليجي الفنان محمود المليجي مشهد محمود المليجي محمود الملیجی
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | ضي رحمي.. أن تترجم لتكون القصيدة قلبك الآخر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في عالمٍ تُستنزف فيه الكلمات كما تُستنزف الأعمار، تبدو الترجمة أحيانًا فعلًا باردًا، مجرّد جسر صامت بين لغتين. لكن حين تمر القصائد من بين يدي ضي رحمي، تصبح الترجمة طقسًا شعريًا قائمًا بذاته، كأن النص الأصلي لم يوجد إلا ليُولد من جديد بلغتها. ليست ضي رحمي مترجمة تقف على الحياد بين الشاعر وقارئه العربي، بل هي عاشقة تختار قصائدها كما تختار روحٌ عاشقٌ مَن يهواه، بعين تمسّ، وقلب يُنصت، وضمير لا يُهادن.
ضي رحمي لا تضع نفسها في مصاف "المترجمين المحترفين". تصرّ، بتواضع متوهج، على أنها "مترجمة هاوية". وهذا في ذاته مفتاح لفهم صوتها الخاص: ليست ضي أسيرة قواعد النشر ولا شروط المؤسسات، بل أسيرة الدهشة وحدها. لا تترجم ما يُطلب منها، بل ما يطلبها. ما يمسّها كما لو أن القصيدة سُرّبت لها من حلم سابق.
في هذا المعنى، فإن ترجماتها ليست نقلًا من لغة إلى أخرى، بل استعادة. كأنّ ضي تعثر على قصيدة في لغتها الأم وقد كُتبت أصلًا بها، فتُعيدها إلى أهلها. ليس غريبًا إذًا أن تجد الكثيرين يظنون أن تلك الكلمات التي قرأوها لها هي شعر عربي خالص، لا ترجمة.
ليس من السهل أن تختار قصيدة لتترجمها. فالنصوص، كما الناس، تحمل أعمارًا وأقنعة وثقافات قد تنفر منها الروح أو لا تجد فيها ما يشبهها. غير أن ضي رحمي تمتلك حسًّا نادرًا في هذا الاختيار. تختار القصائد التي تنتمي إلى عوالم هشّة، إلى تلك الفجوات الدقيقة بين الحب والخسارة، الوحدة والحنين، الغضب والرقة. تنجذب إلى الشعراء الذين يكتبون كمن يربّت على كتف العالم: لانج لييف، نيكيتا جيل، رودي فرانسيسكو، وآخرون ممن يُقال عنهم شعراء المشاعر الدقيقة.
وتنجح ضي في أن تنقل هذه المشاعر لا باعتبارها معاني لغوية، بل باعتبارها أصداءً داخلية. فهي تعرف كيف تحفظ موسيقى النص، كيف تُبقي على رعشة الجملة، وعلى ذلك الفراغ النبيل الذي يتخلل بعض القصائد ويمنحها عمقًا لا يُفسَّر.
في ترجماتها، يظهر صوت أنثوي واضح، لكنه غير شعاري. لا تخوض ضي في قضايا النسوية من بوابة المباشرة، بل تفتح بابًا خلفيًا للقارئ كي يرى هشاشة النساء، غضبهن، صمتهن، توقهن للحب، وانهياراتهن الصغيرة، من دون أن تقول ذلك بصوت عالٍ. تترك اللغة تفعل ذلك.
في ترجمتها لقصيدة عن امرأة وحيدة تُحدّث ظلالها، لا يبدو أن ثمّة شيء يحدث سوى أن القارئ يشعر أنه هو تلك المرأة. هنا تتجلى قوة ضي: لا تسرد الشعر، بل تجعلك تعيش داخله، كأنك كنت دومًا هناك.
ضي لا تكتفي بالترجمة المكتوبة. على ساوند كلاود، نسمع بصوتها أو بصوت متعاونين معها ترجمات مسموعة لقصائدها المختارة. الصوت هنا ليس مجرد أداة قراءة، بل امتداد للقصيدة. نبرة الصوت، طريقة الوقف، وحتى الأنفاس الصغيرة بين السطور، كلها تشكّل طبقة إضافية من الترجمة، تجعل من القصيدة حدثًا سمعيًّا، لا قرائيًّا فقط.
هذه القدرة على المزج بين الكلمة والموسيقى الداخلية للصوت تجعل من ترجماتها لحظة حميمية، كما لو أنك جالس قبالة صديقة تخبرك شيئًا سريًّا عن العالم.
ما يعمق هذا البعد الإنساني في أعمال ضي هو أنها ليست فقط مترجمة، بل فاعلة في العمل الاجتماعي والإنساني. عملها من أجل ضحايا العنف يمنحها حساسية لا يمتلكها كثيرون. الترجمة هنا ليست فعل ترف ثقافي، بل امتداد للرغبة في فهم الألم الإنساني بكل لغاته. لذلك نجد في ترجماتها إصرارًا على منح الألم صوتًا ناعمًا، لا يصرخ، بل يشير بإصبعه إلى قلبك، ويصمت.
لو جاز لنا أن نكتب قصيدة عن ضي رحمي، لربما قلنا إنها تلك اليد التي تُمسك بالقصيدة المترجمة كما لو كانت دمًا طازجًا خرج لتوّه من الوريد. لا تضعه في قارورة محكمة، بل تتركه يسيل في اللغة العربية كأنه لم يكن غريبًا قط.
ربما ليست ضي مترجمة بالمعنى التقليدي، لكنها بالتأكيد شاعرة تتنكر في زي مترجمة. شاعرة لا تكتب القصيدة، بل تبحث عنها في لغات الآخرين، وتعيد كتابتها بلغة تشبه قلبها.