الخرطوم- يقترب السودان من توقيع اتفاق تعاون عسكري مع روسيا يتيح لها إنشاء مركز لوجستي عسكري على ساحل البحر الأحمر، وذلك بعد أيام من انتقادات حادة وجهها مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في تطور اعتبره مراقبون خطوة نحو إدارة السودان ظهره للغرب والاتجاه شرقا.

وتوجه عقار، مساء الاثنين الماضي، إلى سان بطرسبورغ الروسية، في زيارة رسمية من الخامس حتى الثامن من يونيو/حزيران الجاري، للمشاركة في النسخة الـ27 من المنتدى الاقتصادي الدولي، يرافقه وزراء الخارجية والمالية والمعادن.

وفي تدوينة على فيسبوك، أوضح عقار أن أعضاء وفده سيجرون مباحثات في روسيا، وأنه سيلتقي الرئيس فلاديمير بوتين وسيسلمه رسالة من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، "إضافة إلى أجندة أخرى سيتطرق لها الاجتماع في إطار العلاقات الثنائية وسنفصح عنها في مقبل الأيام".

شراكة إستراتيجية

ويوم 25 مايو/أيار الماضي، صرح عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا، بأن موسكو طلبت إقامة محطة وقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة للجيش السوداني الذي يخوض حربا ضد قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام.

وأكد العطا أنهم وافقوا على هذا العرض، واقترحوا تطوير التعاون ليشمل الجوانب الاقتصادية في شكل شركات الزراعة والتعدين والذهب والموانئ والتصنيع الزراعي. كما كشف -في مقابلة صحفية- عن أن وفدا عسكريا سودانيا سيغادر إلى موسكو، يليه وفد وزاري بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة، ليعقب ذلك توقيع البرهان على اتفاقية شراكة بين البلدين.

وعبر عن عدم اعتراضه على إنشاء المحطة البحرية الروسية، قائلا "هذا ليس عيبا على الإطلاق"، وأكد أن السودان مستعد لإبرام اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية ومصر.

وجاءت تصريحات العطا عقب زيارة المبعوث الرئاسي ومساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى مدينة بورتسودان التي تتخذها السلطات عاصمة مؤقتة، وعقد خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين في الدولة برفقة قيادات عسكرية وأمنية.

وكشفت تقارير عن أن مشروع اتفاق التعاون العسكري المرتقب يستند إلى مسودة اتفاق -تم إعداده عام 2019- يمنح روسيا إقامة مركز دعم فني ولوجستي عسكري في بورتسودان لمدة 25 عاما، ويتجدد تلقائيا 10 سنوات أخرى في حال لم يطلب أحد الطرفين إنهاءه.

ووفق المشروع، فإن المركز المقترح قادر على استيعاب السفن المزودة بتجهيزات نووية، على ألا يزيد عدد السفن الراسية في وقت واحد على 4 سفن، وألا يتعدى الوجود الروسي 300 فرد يشغلون وظائف ثابتة. وتنص مسودة الاتفاق على منح العتاد الحربي للجيش السوداني وفق برتوكول منفصل، والتشديد على أن الاتفاق غير موجه ضد أي دولة، ويعمل على تحقيق السلام ويسري فور التوقيع عليه.

برود العلاقات

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد عقب زيارة سابقة للسودان أن الاتفاق بين موسكو والخرطوم بشأن إنشاء مركز لوجستي للبحرية الروسية في السودان، يقع حاليا في مرحلة التصديق. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قال البرهان إن بلاده ملتزمة ببناء قاعدة بحرية روسية في البلاد وإنها ستنفذ الاتفاق.

وشهدت علاقات السودان مع واشنطن برودا خلال الفترة السابقة، وبعد أكثر من عام تلقى البرهان يوم 28 مايو/أيار الماضي اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركي طلب منه فيه إرسال وفده إلى السعودية أوائل يونيو/حزيران الجاري لاستئناف التفاوض مع الدعم السريع.

وقال مالك عقار إن بلينكن تحدث مع البرهان بطريقة غير مقبولة تحمل استخفافا واستفزازا، وإنه لا يمكن التعامل معهم "كالأغنام".

كما يتعرض الجيش السوداني -حسب مراقبين- لضغوط غربية للتفاهم مع الدعم السريع باعتبارهما مؤسستين متنازعتين، وليس وفق رؤية الجيش بأنه يواجه "مليشيا متمردة خارجة عن الشرعية"، وعدم اتخاذ خطوات عملية إزاء جرائم الحرب والانتهاكات التي ترتكبها رغم تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الموثقة في هذا الشأن، وعدم ممارسة ضغوط كافية على الدول التي تدعمها عسكريا ولوجستيا.

ويرى الباحث السياسي سر الختم خيري أن مواقف قيادة الجيش تعكس إحباطهم إزاء تجاهل الغرب لمصالح بلادهم، رغم تبنيهم مع شركائهم المدنيين، منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، سياسة منفتحة لطي القطيعة مع الغرب والتخلص من إرث النظام السابق، بما في ذلك التطبيع مع إسرائيل.

لكن من المبكر -وفق سر الختم- القول باقتراب انعطافة في اتجاه علاقات قادة الجيش بالولايات المتحدة، أو إن السودان قرر إدارة ظهره للغرب بصورة كاملة. ولم يستبعد أن يكون تقارب قادة الجيش السوداني مع موسكو تلويحا للغرب بأن هذا التقارب -بعد استئناف التعاون مع إيران– خيار على طاولة الجيش من أجل تليين الموقف الغربي.

وباعتقاده، فإن التحول من محور إلى آخر واستخدام المناورات لعبة خطرة أدمنها نظام عمر البشير في علاقاته الخارجية، لكنها أسفرت عن تركه دون حليف موثوق، وستختبر موسكو جدية القيادة السودانية وستمضي معها بما يتحقق من مصالح مشتركة.

مصالح مشروعة

وفي تعليقه على تقارب السودان مع روسيا، يقول كاميرون هدسون المدير السابق لمكتب المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان -في تغريدة- "لا أعتقد أن القوات المسلحة السودانية لديها أي عاطفة تجاه روسيا، وأعتقد أنها كانت تفضل أن تساعدها دول أكثر قربا للولايات المتحدة".

ويضيف "لو تدخلت مصر أو السعودية أو قطر أو تركيا أو أي جهة أخرى لمساعدة القوات السودانية، لما تحدثنا عن موسكو الآن".

بدوره، يرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية الرشيد إبراهيم أن من حق السودان البحث عن مصالحه في السياسة الدولية، كما أن تجربته مع روسيا راسخة في المجال العسكري.

ويعتقد -في حديث للجزيرة نت- أن السودان يحتاج إلى حليف عسكري ودبلوماسي واقتصادي قوي من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وأن موسكو تحقق له مصالح عسكرية واقتصادية أيضا، حيث تملك تقنية الاستشعار عن بعد التي يمكن استخدامها بالسودان في مجالات النفط والتعدين عن الذهب واليورانيوم، فضلا عن إنتاج روسيا الكبير من القمح.

ويحمّل إبراهيم دول الغرب مسؤولية دفع السودان للاتجاه شرقا بسلوكها تجاهه، إلى جانب حجم المؤامرات التي تجابهه، ويقول إن علاقة الخرطوم مع موسكو لن تكون خصما على الاحترام المتبادل مع الدول الغربية، وستجعله في موقع يستطيع من خلاله إدارة تباينات السياسة الخارجية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزیر الخارجیة مجلس السیادة

إقرأ أيضاً:

???? الجيوش والفرق التي لا يزورها البرهان هي التي تنتصر

البرهان يريد، عبر إلحاق الهزيمة بالجيش، يريد افتعال نزاع مع الإسلاميين فهو مأمور من الخارج.

الهدفان ، هزيمة الجيش و ابعاد الإسلاميين، مطلوبين من امريكا ومن بعض دول الإقليم.
بعيدا عن النزاع الفج اسلامي – علماني ، اليوم المطلوب امريكيا و من بعض دول الإقليم، هو كسر إرادة هذا الشعب، اذلاله ، هزيمته واحتلال أرضه وتشريده.

قبل أن تتعمق معي في هذا المقال، ولتقتنع ان البرهان يتلاعب بمسير ومصير و مخرجات هذه الحرب، ملاحظة عابرة، ببساطة، الجيوش والفرق التي لا يزورها البرهان وقادة الجيش هي التي تنتصر ، انتصر جيش الابيض لأن تعليمات التحرك والمدافعة هي عندهم هم وليس عند البرهان ، انتصر جيش بابنوسه وانتصر جيش الفاشر لذات الأسباب.
إذن لماذا تحدث اختراقات ؟
كيف تسقط سنجة؟
كيف تسقط حجر العسل؟
وقبلهما مدني؟

كيف للماهرية، وهم فصيل صغير جدا من الرزيقات، ومعهم نصف المسيرية و معهم المرتزقة القادمين من وراء الحدود ، كيف لهم ان يحاولوا ان ينتصروا على 45 مليون سوداني وهم 500 قبيلة ، اللهم الا اذا كان هناك خلل في ادارة البلاد و خلل في تسخير ثرواتها لدفع العدوان.
البرهان يرفض ثلاثة نقاط حاكمة، كانت كافية لتكون حاسمة و لتحقق النصر و لتخرجنا مما نحن فيه اليوم من نزوح و تشرد ومذلة :

– يرفض تسليح المقاومة الشعبية برشاش القرنوف ورشاش الدوشكا و المدفع الثنائي المحمول على تاتشرات وهذه الأسلحة الفعالة والمضادة للأفراد وللدروع من مدى كافي يصل ويتراوح، من 1000 الى 2000 متر للقرنوف والدوشكا، ول 2500 متر للثنائي، قولا واحد ، هي الترياق الفعال ضد عصابات الجنجويد التي تنهب وتقتل المواطن.

-يرفض تشكيل مجلس عسكري من قادة الفرق الحالية للجيش، ويفضل عليه مجلس سيادة هلامي.

-يرفض تشكيل حكومة قوية تدير الحرب، تعبئ الناس وتحشد الموارد وتنتصر.
ان فعل هذه الثلاثة لكان هناك طيف وطني واسع في قيادة الدولة يكبح اي انصياع للخارج بل وجهته ستكون فقط مصالح الشعب السوداني، والتعامل مع الخارج يكون مع من يحترم سيادتنا ولا يتدخل في شئوننا.

لو انه البرهان ضابط كارب قاشه لحسم هذه الحرب بالإستفادة من كل قوى الدولة ، قبائلها وحضرها، باديتها وقروييها ، سكان البوادي والفرقان والقرى الشرسين وسكان المدن ، إسلامييها وعلمانييها، كل من هو صفري تجاه هذه الميلشيا، وكل من هو قادر على حمل السلاح.

ثم بعد حسم هذه الحرب يقول للإسلاميين قف عندك، انتم لستم أفضل من الآخرين ولا عطاؤكم أكثر منهم وان منحكم السلطة المطلقة دون صندوق الانتخاب ستفسدكم وستعودون للتجنيب في المحليات لعضويتكم والتجنيب في وزارات الداخلية والتجنيب في وزارة الكهرباء والطاقة بحجة التطوير فيهدر المال العام وينهب ويهمل الجيش حتى يصبح عدده 37 الفا لا غير عشية حرب 14 ابريل في حين كان يبنى مبنى نادي النيل العالمي لجهاز الأمن والمخابرات بتكلفة اربمائة مليون دولار سفاهة والجيش جائع، قيادته فاسدة، طعامه ام كجيك ومعسكراته ينمو فيها شجر العشر والمسكيت والحسكنيت.

نعم، ان الإنقاذ بعد انفصال الجنوب أهملت الجيش وظنت ألأ حوجة له، بل ونظرت اليه كمهدد ! فتم دعم جهاز الأمن والمخابرات وهيئة العمليات وبناء الدعم السريع!

السودان الذي تطمع فيه دول الجوار يحتاج الى جيش من نصف مليون جندي وضابط.
بعد طي صفحة حركات دارفور المسلحة في معركتي قوز دنقو و دونكي البعاشيم اوقف التجنيد في الجيش نهائيا منذ عام 2013م مع وضع طارد للجنود وصف الضباط وصغار الضباط. ، هذا ماضي كله، لا يهم اليوم، اليوم المعركة هي دعم هذا الجيش واحداث تغيير في كابينة القيادة للبلاد لنخرج الى بر الأمان.

البرهان يناور في هذه الحرب، ويتلاعب بها، القوة اللتي حررت الإذاعة تم اعطائها اذن راحة لمدة ثلاثة أشهر بعد تحرير الإذاعة!

هناك أكثر من ٣٨ الف جند في وادي سيدنا مكبلين ومثلهم في حطاب، بتعليمات من من لا أحد يدري!
البرهان عقله مع الأمريكان
أذنه معهم
قلبه معهم

لا يفقه كثيرا في السياسة ، ويظن المبعوث الامريكي، ذاك الاصلع الثلاثيني القصير الذي يزوه كأنه هو أمريكا.

و الأخطر، أنه يبحث عن إتفاق مذل للشعب وللبلاد والطريق الى ذلك لن يكون الا عبر إلحاق هزيمة بالجيش.

طارق عبد الهادي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السفارة الروسية بلندن: اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات البريطانية عار عن الصحة
  • ???? الجيوش والفرق التي لا يزورها البرهان هي التي تنتصر
  • المعاهدة الكبرى بين روسيا وإيران قد تدوم 20 عاما وتعطل الجغرافيا السياسية بالمنطقة
  • كيف ستتغير سياسة طهران تجاه موسكو؟
  • ما حقيقة زيارة قائد الجيش السوداني لجبهات القتال في ولاية سنار؟
  • نائب البرهان: انهيار السودان خطر على المنطقة وهذه خارطتنا للحل
  • “أيام الثقافة الإماراتية”.. ريابكوف: نتلمس الثقافة العريقة لهذا البلد وتقاليد شعبه
  • علاقة زواج سيئة.. كيف يمكن للغرب التعامل مع التحالف الروسي الصيني؟
  • كينيدي جونيور: العقوبات الأمريكية عززت الاقتصاد الروسي
  • بيسكاريوف: التقرير الأمريكي بشأن الحريات الدينية استفزازي ومليء بالمغالطات