قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن منطقة الشرق الأوسط تقترب من حرب كبرى مدمرة، وإن العام الجاري قد يشهد سلاما حقيقيا يضمن تنفيذا جادا لحل الدولتين أو حربا تعود بالمنطقة إلى ما قبل 1948.

وأضاف في مقابلة مع الجزيرة أن ما يجعل الأمر صعبا في الحرب الحالية هو "أن الأسوأ هم من يحكمونها حاليا، وأن المتطرفين يجلسون في قمرة القيادة"، حسب تعبيره.

ولفت الصحفي الأميركي المخضرم إلى أن احتمالات اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله تتزايد بشكل كبير في ظل عدم التوصل لاتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، مؤكدا أنها "ستكون حربا مدمرة للطرفين وربما للمنطقة".

عام فاصل

وبحسب رؤية فريدمان فإن العام الجاري إما أن يشهد حلا جذريا للصراع الإسرائيلي العربي يقوم على تنفيذ جذري وجاد لحل الدولتين أو أنه سيشهد عودة بالصراع إلى 1947 (قبل قيام إسرائيل) لكن بأسلحة جديدة.

وأعرب عن اعتقاده بأن المنطقة تقف حاليا في مفترق طرق غاية في الخطورة وخصوصا بالنسبة لإسرائيل ولبنان وربما الأردن، مؤكدا أن هذه الدول قد تشهد انهيار كل ما تم بناؤه خلال السنوات الماضية، وفق قوله.

وفيما يتعلق باتفاق وقف الحرب المطروح حاليا، قال فريدمان إنه لا يعرف كيف سيتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المضي قدما في اتفاق وقف إطلاق النار في ظل موقف حكومته اليمينية، مؤكدا أن التوصل للصفقة يتطلب تنازلات من الجانبين.

وأضاف أنه "من غير الواضح أيضا ما إذا كان زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الداخل يحيى السنوار يمكنه القبول باتفاق لا يضمن عدم عودة إسرائيل إلى القتال مجددا او اغتيال قادة الحركة، مؤكدا أن كلا الطرفين يتخذ أكثر المواقف  صعوبة في هذه اللحظة".

وعن الموقف الأميركي من وقف الحرب، قال فريدمان إن الرئيس جو بايدن "يود إنهاء الحرب لأسباب إنسانية وجيوسياسية منها أنه ربما يتمكن من إنجاز خطة مع المملكة العربية السعودية (بشأن التطبيع) فضلا عن إنهاء احتمال اندلاع مواجهة بين إسرائيل وحزب الله".

وأشار إلى أن هذه الحرب أضرت بالقاعدة الانتخابية لبايدن وهو ما يعزز رغبته في وقفها، مشيرا إلى أنه لا أحد يعرف إن كان هذا الأمر يخدم نتنياهو والسنوار أما لا؟

وأكد فريدمان أنه لا يعرف ما يفكر به نتنياهو وأنه لا يتواصل معه، لكنه أعرب عن شعوره بأنه ممزق بين أمرين أحدهما أن وقف الحرب سيضعه أمام تهديد سياسي، والثاني أن عدم وقفها يعني دخوله في مواجهة مفتوحة مع واشنطن والداخل الإسرائيلي وربما مع جبهة لبنان.

وأضاف "بالنسبة للسنوار فإن وقف الحرب أيضا سيمثل إشكالية سياسية للسنوار مع فلسطينيي القطاع لأنهم سيسألون عن سبب الحرب كلها إذا كان أقصى ما تحقق هو عودة الوضع السياسي والعسكري لما كان قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".

وعن فرص نجاح المقترح المطروح لوقف الحرب، قال فريدمان إن المشكلة تكمن "في أن الأمور تدار من جانب أكثر الناس يمينية في الجانبين"، مضيفا "ما من أحد أضر بإسرائيل أكثر من الحكومة الحالية وبالنسبة لفلسطين فإن حماس هي أكثر من أضر بهم أيضا كما أضرّت طهران بالشعب الفارسي"، حسب تعبيره.

مفترق طرق

وخلص إلى أن الأحداث على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية تشي بأن الأمور تتجه نحو التصعيد والمواجهة الشاملة وهو أمر سيؤدي إلى تدمير لبنان وإسرائيل معا، مضيفا أنها "ستكون حربا مختلفة عن حرب غزة لأن كلا الطرفين لديه صواريخ دقيقة ستجعله قادرا على تدمير الآخر، وربما تتحول إلى حرب إقليمية".

ولفت إلى أن معادلة الردع التي ضمنت عدم اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله خلال السنوات الماضية بدأت تتآكل، مضيفا "نحن لا نتحدث عن نزاع دولتين وإنما عن الطرف الذي سيفرض سيطرته على تلك المساحة من الأرض".

وقال فريدمان إن المشكلة "تكمن في أن المتطرفين هم من يجلس في قمرة القيادة ليس في إسرائيل وفلسطين فقط وإنما في المنطقة كلها"، معربا عن اعتقاده بأن الشيء الوحيد الذي يضمن مستقبلا مغايرا "هو وجود دولتين لشعبين".

وقال إن التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية مقابل حل الدولتين قد يكون بداية لشرق أوسط يضم الجميع، مضيفا أن هذا الأمر يتطلب قيادتين إسرائيلية وفلسطينية مختلفتين للغاية.

وختم بالقول إنه ليس متفائلا بشأن التوصل لاتفاق ينهي الحرب ويعيد الرهائن (الأسرى)، لكنه قال إن بعض القادة يمكنهم اتخاذ قرارات كبرى تقضي على هواجس، غير أنه ليس متأكدا من مدى قدرتهم على القيام بذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین إسرائیل وقف الحرب مؤکدا أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟ 

#سواليف

النصر كمفهوم يعد إشكاليًا في #الحروب الحديثة والمعارك المسلحة، حيث تبرز تحديات في تعريفه من زوايا مختلفة مثل المستويات التكتيكية والاستراتيجية. يصعب تحديد الأهداف بدقة، وكذلك قياسها بعد تحديدها، مما يجعل الحرب ظاهرة اجتماعية معقدة.

دروس التاريخ تظهر أن مظاهر #السيطرة_العسكرية في #ساحة_المعركة لا تعني بالضرورة النصر في الحرب، وقد تُفضي بعض الحروب إلى نتائج غير مرضية رغم التفوق العسكري.

الحروب الحديثة مثل تلك في العراق وأفغانستان وفلسطين أكدت أن النجاح الاستراتيجي لا يُحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل يتطلب معالجة أسباب الصراع العميقة.

مقالات ذات صلة التربية تعلن نتائج تكميلية التوجيهي لعام 2024 – رابط 2025/01/30

تغيرت طبيعة الحروب بعد الحرب الباردة بسبب التقدم التكنولوجي وظهور الجماعات الأيدلوجية التي تدافع عن هويتها. التصورات حول النصر و #الهزيمة قد تختلف عن الواقع. في 1969، خلص ريموند أوكونور في كتابه “النصر في الحروب الحديثة” إلى أن النصر التقليدي أصبح استثناء في الحروب الحديثة. ويقصد بمصطلح “الحرب الحديثة” الحروب التي نشبت بعد نهاية الحرب الباردة، والتي تغيرت فيها مفاهيم النصر والهزيمة.

يرى العديد من الباحثين في الشأنين السياسي والعسكري أن النصر هو تحقيق الأهداف المحددة مسبقًا، حيث يرتبط النصر بالأهداف التي تم تحديدها في بداية الحرب. في الحروب الحديثة، تتشابك المصالح السياسية والدبلوماسية والعسكرية، ما يجعل تحديد النصر أمرًا صعبًا. اليوم، يعتبر من الصعب خوض حرب دون النظر إلى ما بعد الحرب، حيث ترتبط أهداف الحرب بحلول دائمة ومرحلة ما بعد الحرب، وهي عملية قد تختلف وجهات النظر حولها بين الأطراف المتحاربة. في الوقت الحاضر، يكاد يكون من غير الممكن الخوض في تعريف الانتصار في الحرب دون النظر إلى فترة ما بعد الحرب. من الناحية النظرية، تتحقق أهداف الحرب في المرحلة الزمنية التي تلي وقف العمليات العسكرية، ويرتبط النصر ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم إنهاء المعركة التي تهدف إلى إيجاد حلول دائمة.

يشير وليام مارتل في كتابه “النصر في الحرب، أسس الاستراتيجية الحديثة” الذي صدر عام 2012، إلى أن هزيمة الخصم عسكريًا ليست متطابقة مع تحقيق الهدف من الحرب، أي السبب الذي من أجله كانت الحرب. ولذلك، لفهم النصر، من الضروري وجود تمييز واضح بين الهدف السياسي (نهاية الحرب) والهدف العسكري (أحد الوسائل لتحقيق الهدف). يمكن النظر إلى النصر كنتيجة، أو كتعبير وصفي للوضع بعد الحرب، أو كطموح يعدّ هو المحرك لتحقيق أهداف محددة من خلال استخدام القوة.

النصر في الحروب يمكن تحليله على مستويات متعددة: التكتيكية، الاستراتيجية، والاستراتيجيات الكبرى. يشير التكتيك إلى كيفية توجيه القوات في المعركة، بينما الاستراتيجية تتعلق بكيفية استثمار العمل العسكري لتحقيق أهداف الحرب. أما الاستراتيجية الكبرى، فترتبط بالاستثمار في نهاية الحرب عندما تحقق أهدافها لتحقيق أهداف سياسية تشمل ما بعد الحرب، أو ما يُطلق عليه اليوم التالي. يميز وليام مارتل بين “النصر العسكري” الذي يشير إلى سيطرة عسكرية في ساحة المعركة، و”النصر الاستراتيجي” الذي يتعلق بإخضاع أحد الأطراف سياسيا وفكريا وثقافيا وتغيير قناعته بالمواجهة.

في ذات السياق، يعتبر بون بارثولومييس في دراسته “نظرية النصر” أن الحرب هي معركة إرادات بين خصوم، ولا تعني السيطرة العسكرية أن الطرف الآخر قد خسر. على هذا الأساس يرى بعض الخبراء العسكريين أن النصر والهزيمة ليسا ثنائيين، بل يمكن تقييمها ضمن معايير متغيرة. يتوافق مع هذه الرؤية نسبيا ريموند أوكونور، والذي يعتقد أن تعريف الهدف وغاية الحرب أو النزاع المسلح هو مسألة سياسية. لذلك يجب أن يُنظر إلى النصر في سياق الهدف السياسي، فالنصر لا لا يعني “فقط من هزيمة قوات العدو؛ بل يجب أن يشمل تحقيق الهدف الذي من أجله تم خوض الحرب”.

في الحروب والمعارك مع حركات المقاومة، من الصعب جدا تحديد مفهوم النصر. لكن أغلب الخبراء في الشأن العسكري يرون أن المعايير الهامة وذات الصلة في هذا السياق قائمة على فكرة “الشعور بالأمان” والسؤال عن أي المجتمعين المتصارعين الذين يمكنهم العيش حياتهم في أمان بعيدًا عن الخوف من المستقبل. حتى في هذه الحالة، تكون ملاءمة المعايير محل تساؤل عندما لا تكون أهداف الحرب واضحة أو مفهومة. بينما في الحالة الفلسطينية، وتحديدا في الحرب الأخيرة، فإن معايير “الشعور بالأمان” و”تحقيق أهداف الحرب” يمكنها الاجتماع في ذات الإطار من التقييم على نتائج الحرب.

بالإضافة لما سبق، تتأثر التصورات عن النصر أيضًا بالعوامل النفسية والثقافية والسياسية. يعتقد جونسون وتيرني إلى أن المعتقدات المسبقة والثقافة الوطنية تلعب دورًا في كيفية تفسير الحروب باعتبارها انتصارات أو هزائم. علاوة على ذلك، التغطية الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي تزيد من تعقيد التصورات المتعلقة بالنصر.إضافة إلى ذلك، تغيرت أهداف الحروب التي غالبًا ما تهدف إلى تغييرات اجتماعية وسياسية عميقة.

هذه التغييرات تجعل من الصعب تحديد النصر، لأنه يتطلب تحقيق توازن بين الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية.

في حربها على #غزة.. هل انتصرت ” #إسرائيل “؟

كان الهدف من التقديم النظري السابق لمفهوم النصر هو الحكم على نتائج الحرب الحالية من خلال الأطر النظرية العسكرية وليس من خلال الآراء والمواقف الأيديولوجية أو السياسية. في 16 أكتوبر 2023، حددت حكومة الاحتلال أهداف الحرب: الإطاحة بحكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية والإدارية، إزالة تهديد المقاومة من قطاع غزة، تحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية، وإزالة التهديد الأمني من غزة. وفيما يتعلق بإعادة المستوطنين للمستوطنات الشمالية، تم تحديد هذا الهدف وإضافته رسمياً لأهداف الحرب فقط في سبتمبر 2024. في هذا السياق، يعتقد جابي سيبوني، وهو مستشار عسكري لجيش الاحتلال الاسرائيلي، وكوبي ميخائيل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وأستاذ في المركز الدولي للشرطة والأمن في جامعة جنوب ويلز في المملكة المتحدة، أن عدم تحقيق هذه الأهداف يعني هزيمة على المستوى الاستراتيجي.

يشير دان داييكر، رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية ومدير مشروع الحرب السياسية، والذي شغل في السابق منصب الأمين العام للمؤتمر اليهودي العالمي، والباحث في المعهد الدولي للأمن ومكافحة “الإرهاب” في جامعة رايخمان، إلى أنه على عكس التفكير في جولات القتال السابقة والاعتماد على “شراء الهدوء” أو منطق “الهدوء يقابل الهدوء”، قررت “إسرائيل” تغيير قواعد اللعبة من الأساس والتحول إلى استراتيجية حاسمة. في هذا الإطار، فإن “النصر الكامل” هو تبني نهج هجومي وحازم هدفه تفكيك النظام القائم، أو بلغة استراتيجية؛ التغيير من الدرجة الثانية، الذي يعني تغيير النظام القائم، بخلاف التغيير من الدرجة الأولى الذي يعني تغييراً ضمن النظام القائم. لكنه يؤكد بأنه “بالرغم من 15 شهراً من القتال، لم تُحقق أهداف إسرائيل، إزالة التهديد، هزيمة حماس، وإعادة جميع الأسرى من أيدي العدو بالقوة العسكرية”.

بالنسبة للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، هناك نوعان من الانتصار تم تعريفهما في ورشة لقادة هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال الإسرائيلي نظمها رئيس هيئة الأركان السابق أفيف كوخافي في أبريل 2019: الانتصار الذاتي أو الانتصار الموضوعي. الانتصار الذاتي هو انتصار إدراكي، في حين أن الانتصار الموضوعي هو انتصار واقعي. الانتصار الذاتي يعتمد دائمًا على الحكم الشخصي، بينما الانتصار الموضوعي يعتمد على الواقع، وليس على الحكم الإدراكي. يمكن الإشارة إلى أن “إسرائيل” لم تحقق الانتصار الموضوعي بعد أن فشلت في تحقيق أهداف الحرب الحاسمة التي ذكرت في سياق هذه المقالة، ولم تحقق الانتصار الإدراكي خاصة في ظل كم الانتقادات لطبيعة نهاية الحرب والتقارير التي تكشف عن عدم وجود حافز للمستوطنين للعودة إلى غلاف غزة أو مستوطنات الشمال.

مقالات مشابهة

  • بيان جماهيرى من الحزب الشيوعي السوداني تضامنا مع الشعب الفلسطيني
  • باحث: اتفاق التهدئة ضرورة للطرفين رغم الشكوك في نوايا إسرائيل
  • عراقجي للجزيرة: أي هجوم على إيران سيدخل المنطقة في حرب شاملة
  • بعد 470 يوما من الحرب.. خسائر إسرائيل في غزة بالأرقام
  • تداعيات الحرب السودانية تفاقم معاناة جبال النوبة
  • الخليج يعلن التعاقد مع النمساوي توماس مورغ
  • استطلاع: غالبية عظمى في إسرائيل تعتقد أن أهداف الحرب لم تتحقق
  • معهد صهيوني: صورة قاتمة لـ”وضع إسرائيل” في الحرب منذ 7 أكتوبر 
  • هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟ 
  • كاتب صحفي: العالم عاجز أمام غطرسة إسرائيل.. ومصر لن تسمح بتهجير الفلسطينيين