متصدرًا المشهد بين أنهار لبنان كلها، يغرق نهر الليطاني بأزمة النفايات التي تفتك به منذ اشتداد أزمة النزوح السوري، إذ يحتل مراكز متقدمة من بين 13 نهرًا آخر سجّلت فيها أرقام التلوث والبكتيريا مؤشّرات إيجابية، إلى درجة باتت جراثيمها تقاوم أدوية المناعة، ما يعني تهديد حياة الإنسان بشكل مباشر وواضح.
عمليًا تتفاوت نسبة نظافة أنهار لبنان بين منطقة وأخرى، إذ يستند الأمر إلى نسبة النزوح والكثافة السكانية ونسب معالجة مياه الصرف الصحي، بالاضافة إلى النفايات الصلبة، مع العلم أن عددًا كبيرًا من المناطق الصناعية التي تمرّ بها الأنهار سجّلت أرقامًا إيجابية لناحية انخفاض نسبة التلوث، مع إغلاق العدد الاكبر من المصانع عدّة فروع لها، إلا أن الدراسات الأخيرة التي أجريت على عينات مسحوبة من عدد من أنهار لبنان أكّدت أن الثروة المائية في خطر، وما نشربه يهدّد حياتنا وأمننا الغذائي، وسط اللامسؤولية الإجتماعية، بالاضافة إلى ارتفاع كمية النفايات التي ازدادت مع موجة النزوح ما ساهم بالتوازي برفع كميات الصرف الصحي التي تصرّف إلى مجاري الأنهار، ولاحقًا إلى البحر، خاصة لناحية التجمعات السورية العشوائية، بالاضافة إلى الصرف الصحي الذي يأتي أصلا من المنازل اللبنانية والذي يشكل العامل الأساسي للتلوث حسب الجهات المعنية.


 
الصرف الصحي القاتل
وفي مقدمة عوامل التلوث يتصدّر الصرف الصحي المشهد، إذ بالاضافة إلى التجمعات العشوائية للنزوح السوري ومخلفات المصانع، فإن أرقامًا خطيرة حصل عليها "لبنان24" تظهر حجم الكارثة. فعلى سبيل المثال يتلقى الحوض الأعلى لنهر الليطاني ما يقارب 46 مليون و700 م3 من كميات مياه الصرف الصحي من 69 بلدة موزعة على أقضية زحلة، وبعلبك، والبقاع الغربي، إذ يتصدر قضاء بعلبك المشهد بتصديره حوالي 58 ألف م3 يوميًا، أي بمعدل 21 مليون و279 م3 من الصرف الصحي سنويًا، بينما تأتي زحلة في المركز الثاني بحوالي 50,981م3 يوميا، والبقاع الغربي بحوالي 18 ألف م3 يوميا. واستنادًا إلى الأرقام فإن النهر يتلقى وبشكل يومي ما يزيد عن 128 ألف م3 من مياه الصرف الصحي، أي بحوالي 46 مليون م3 سنويًا، وفي ظل غياب أي محطات للتكرير فإنّ هذه المياه إمّا ستصبّ مباشرة في النهر أو البحر، أو ستتسرب إلى المياه الجوفية، وبالتالي ستؤدي إلى التلوث بشكل مباشر.
 
النزوح المُهلك
ومن الصرف الصحي إلى النزوح، حذّرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني من خطورة انتشار مخيمات النازحين العشوائية على طول النهر، خاصة في الحوض الأعلى، إذ تشكّل هذه المخيمات مصدرًا لا يستهان به للتلوث، حيث تصب صرفها الصحي بشكل مباشر أو غير مباشر في نهر الليطاني وروافده.
وحسب الأرقام التي حصل عليها "لبنان24"، فإنّ الحوض الأعلى للنهر يحتوي على 974 موقعا، يضم ما يقارب 11466 خيمة للنازحين، بمعدل وصل إلى 68645 نازحا سوريا، وهذا الرقم حسب الجهات المعنية من المتوقع أن يكون مضاعفًا، إذ إن الأزمة الإقتصادية الأخيرة، وفورة حركة النزوح التي شهدها لبنان قبل أشهر قد دفعت بالالاف إلى الدخول والاستقرار داخل هذه الخيم، وهذا يعني أن النهر يتلقى من هذا التجمع فقط 2,104,655 م3 من مياه الصرف الصحي.
وبالارقام، فإن منطقة برّ الياس تتصدر المشهد، إذ يقيم على الحوض الأعلى لنهر الليطاني هناك قرابة 13729 نازحا، يتوزعون على 2357 خيمة إذ وصل عدد المواقع إلى 139. وتلي منطقة بر الياس بلدة سعدنايل الذي وصل فيها الوجود السوري إلى حوالي 8400 نازح، في وقت بلغ عدد المواقع 94، بمعدل خيم وصل إلى 1428 خيمة.
وتلي هذه المواقع بلدة معلقة الاراضي، ثم المرج، تليها حوش الأمراء، وقب الياس، وتربل بمعدلات متفاوتة.
أما بالنسبة إلى الحوض الأدنى، فقد أظهرت الأرقام انخفاضا كبيرًا بمعدل النزوح، إذ تبين وجود 18 موقعا للمخيمات، حيث بلغ العدد التقديري للنازحين حوالي 4200، وتصدرت بلدة العاقبية – مجمع البيبسي المشهد إذ بلغ عدد النازحين هناك 1600 تقريبًا.
 
علوية يحذّر
وفي خضم تراجع المساعدات التي كانت تساهم بتنظيف مجرى الليطاني، أشار مدير عام المصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية إلى أن مفوضية النازحين هي التي تموّل مع الشّركاء بعض الجمعيات المحلية التي تهتم بموضوع النازحين السوريين، ومن ضمن برامجهم معالجة النفايات السائلة أي مياه الصرف الصحي، إذ كانوا يعملون على سحب المياه التي قد تتجمع في بعض المخيمات، ومع تخفيض الانفاق على هذا البرنامج، ساهم الأمر بزيادة كمية مياه الصرف الصحي التي تدفقت إلى نهر الليطاني منذ العام 2021، تاريخ توقف الدعم.
وأكّد علوية خلال اتصال عبر "لبنان24" أنّه حتى خلال سنوات الدعم، فإنّ البرنامج كان يقوم بتلزيم متعهدين من قبل هذه المنظمات لسحب مياه الصرف الصحي، إلا أن هؤلاء كانوا يخرقون العديد من الأمور ومن جملتها تفريغ الحمولة في مجاري الأنهار بدل تفريغها في الأماكن المخصصة لإعادة تكرير المياه، مشددًا على أن عمل المنظمات -من دون التعميم- كان يعيق عملنا وعمل أجهزة الدولة، إذ إن التنسيق كان مفقودًا، بوقت كانت تقوم بعض الجهات بتركيب حمامات من دون معالجة أزمة الصرف الصحي.
 
وعن واقع نهر الليطاني اليوم، لفت مدير مصلحة نهر الليطاني سامي علوية إلى أن الحوض الأدنى من نهر الليطاني، أي من سد القرعون واتجاها نحو الجنوب، الوضع البيئي فيه مقبول، بينما الكارثة الأساسية تتلخض في الحوض الأعلى، أي من المنبع حتى سدّ القرعون، والذي يمر في محافظة بعلبك الهرمل والبقاع، إذ يواجه هذا الجزء أزمة تصريف مياه الصرف الصحي المتأتّية من 69 قرية وبلدة لبنانية.
وإذ أكّد علوية أن أزمة النزوح السوري لا تُعتبر العامل الأساسي في تلويث النهر، إلا أنّه أشار إلى أنّها أثّرت وبشكل كبير، إذ زادت نسبة مياه الصرف الصحي التي تتدفق نحو النهر بنسبة 20%، كما زادت نسبة النفايات الصلبة أكثر من 25%.
وعلى الرغم من متابعة ملاحقة المؤسسات الصناعية لناحية معالجة مخالفات أكثر من 70% منها، يوضح علوية أن النهر يعاني من نفايات المستشفيات السائلة غير المُعالجة التي تتدفق نحو النهر، وتكون هذه محمّلة بمختلف الأمراض التي تصبّ مباشرة هناك.
 
حملة إزالة الخيم
ومنذ بدء الأزمة، توجّهت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في شهر آب من العام 2018 إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بكتابٍ، أوضحت خلاله خطر توزيع السوريين على أطراف الليطاني، كذلك وجّهت المصلحة بعد شهرين كتابا آخر تمنت من خلاله مراعاة الظروف البيئية التي يعيش بها النازحون من جهة، والتي تسببها تجمعاتهم من جهة أخرى، هذا عدا عن الكتب التي تقدمت بهاالمصلحة إلى كل من وزارة الطاقة ومحافظ البقاع والهيئة العليا للإغاثة التي طالبت فيها منع إعادة مخيمات النازحين إلى ضفاف النهر.
من هنا، يشير علوية لـ"لبنان24" إلى أن الحملة التي أطلقتها مصلحة الليطاني كانت ضمن الأراضي التي تخضع للمصلحة، بمعنى الاراضي التي تتضمن مرسوم استملاك وقرار وضع يد وسند تمليك، ولم تشمل الحملة الأملاك التي تعود إلى الدولة، لافتًا إلى أنّه تم إغلاق أكثر من 45 نقطة تجمع للنازحين السوريين في الحوض الأدنى من النهر، تحديدًا على مشروع ري القاسمية في محافظة الجنوب الذي يبدأ من الغازية حتى المنصوري، وقدّر عدد النازحين بحوالي 11,000، إلا أنّ السوريين الذين يتواجدون داخل أملاك خاصة بالقرب من الليطاني باتوا يشكلون عامل ضغط.
وعن استراتيجية إدارة مياه الحوض، يلفت علوية إلى أن هناك قانونا للمياه صدر عام 2020، ينص على أن وزارة الطاقة ملزمة بوضع مخطط توجيهي للمياه والأحواض، وهذه المخططات يجب أن يقرّها مجلس الوزراء إذ تنصّ الاستراتيجيةّ على دور وزارات الصناعة، والزراعة، والطاقة، ومؤسسات المياه،والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، إذ سيكون لدينا "إدارة متكاملة" للأحواض المائية ستضمن التالي:
- تنظيم استخدام الأراضي
- وضع مخطط توجيهي للصرف الصحي
- التزاما بيئيا من قبل المؤسسات الصناعية
- حماية الأراضي الحرجية
- قياسات مائية تتولاها مصلحة الليطاني
- ضمان حفر الآبار واستخدامها
- حماية الأملاك العامة المائية المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: میاه الصرف الصحی بالاضافة إلى نهر اللیطانی الصحی ا إلا أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي

أصدرت النيابة العامة، اليوم الجمعة، قراراً بحبس 4 أشخاص 4 أيام على ذمة التحقيق، وذلك بعد أن كونوا تشكيلاً عصابياً لسرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي والتصرف فيها بالبيع فيما بعد.

اقرأ أيضاً: أم تُنهي حياة ابنيها وتختلق قصة وهمية للنجاة من القصاص

المحكمة تثبت تغيب طليقة سفاح التجمع عن الشهادة غدا.. استئناف سفاح التجمع علي حكم إعدامه

وكانت أجهزة وزارة الداخلية قد كشفت ملابسات تداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الإجتماعى متضمناً قيام 4 أشخاص يستقلون دراجة نارية "تروسيكل"، بسرقة أغطية بالوعات الصرف الصحى بإحدى المناطق بالقاهرة .

بالفحص تم تحديد وضبط مرتكبى الواقعة 6 أشخاص، وبحوزتهم 6 غطاء بالوعة صرف صحي "متحصلات واقعة السرقة" – الآداة المستخدمة فى إرتكاب الواقعة – دراجة نارية "بدون لوحات معدنية والمستخدمة فى إرتكاب الواقعة"، وبمواجهتهم واعترفوا بإرتكابهم الواقعة على النحو المشار إليه.

الجدير بالذكر أن أجهزة الأمن تشن يوميًا حملات مكبرة لضبط مروجي المخدرات والأسلحة النارية ويأتي ذلك فى إطار مواصلة الحملات الأمنية المُكثفة لمواجهة أعمال البلطجة، وضبط الخارجين عن القانون، وحائزي الأسلحة النارية والبيضاء، وإحكام السيطرة الأمنية، وتكثيف الجهود لمكافحة جرائم الفساد بصوره وأشكاله، مما ينعكس إيجابياً على الاقتصاد الوطنى والحفاظ على المال العام.

وفي سياق متصل، أودعت محكمة جنايات القاهرة، المُنعقدة بمُجمع محاكم القاهرة الجديدة في التجمع الخامس، حيثيات إدانة مُتهم باستعراض القوة والتلويح بالعنف في البساتين. 

وكانت المحكمة قد قضت بمُعاقبة مُتهم بالحبس لمدة ستة أشهر لإدانته بإحراز سلاح ناري وذخائر في قضية استعراض قوة في البساتين.

وتضمن الحُكم تغريم المُدان فرحان.ع مبلغ 500 جنيه، مع مُصادرة السلاح الناري المضبوط. 

وشمل الحُكم براءة كل من آمال.ج، ورمضان.ع، وعصام.ف، وفرحان.ع، وعماد.ح، معتز.ش، وصالح.ع، وأكرم.م، وسيف الدين.أ، من تهمة استعراض القوة والتلويح بالعنف.

كما تضمن الحكم براءة كل من عصام.ف، وفرحان.ع، من تهمة وضع النار عمداً وإحراز المفرقعات، كما برأت المحكمة المُتهم عصام.ف من تهمة إحراز السلاح الناري.

صدر الحكم برئاسة المستشار حمدي السيد الشنوفي، وعضوية المستشارين طارق محمد أبو عيدة وخالد عبد الغفار النجار، وبحضور الأستاذ أحمد عصام الشوربجي وكيل النيابة، وأمانة سر محمد طه.

اتهامات النيابة العامة

وكانت النيابة العامة قد اتهمت كل من آمال.ج ورمضان.ع وعصام.ف وفرحان.ع وعماد.ح ومعتز.ش وكرم.م وسيف الدين.أ بأنهم استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف.

وأسندت النيابة للمتهمين جميعاً أنهم استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف قبل بعضهم البعض، وقبل الأهالي بمنطقة شارع بدر حسن المتفرع من شارع أحمد عبد العزيز في عرب المعادي بالبساتين.

وكان ذلك بقصد الترويع والتخويف وإلحاق الأذى المادي والمعنوي، مما ترتب عليه تكدير الأمن والسلم والسكينة العامة، وتعريض حياة المُتواجدين للخطر وإلحاق الضرر بالممتلكات ومصالح المواطنين. 

وجاء ذلك حال كونهم أكثر من شخصين وحال إحرازهم وحيازتهم لموادٍ حارقة وأسلحة نارية وذخائرها. 

وأسندت النيابة للمُتهمين الثالث والرابع قيامهما بوضع النار عمداً بالعين السكنية المملوكة للمجني عليه عماد حمدي بأن أشعلا ألعاباً نارية فأضرمت النيران على النحو الموصوف بتقرير الأدلة الجنائية. 

كما أسندت النيابة للمتهمين الثالث والرابع حيازة وإحراز مفرقعات دون مسوغ قانوني، وأحرزا وحازا سلاحاً نارياً وطلقة خرطوش دون أن يكون مُرخصاً لهما حيازتها وإحرازها.

حيثيات المحكمة 

وقالت المحكمة في حيثيات الحُكم إن وقائع الدعوى حسبما استقرت في يقينها واطمأن إليها وجدانها مُستخلصةً من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما قرره الرائد  معاون مباحث قسم البساتين. 

من أنه وعلى إثر إبلاغه من شرطة النجدة باشتعال حريق بباب شقة عماد حمدي بشارع بدر- عرب المعادي بدائرة قسم شرطة البساتين. 

وبالانتقال لمحل الواقعة والفحص تبين وجود مشاجرة بين طرفين من الأهالي فقام بضبط المتهم مُحرزاً سلاح ناري عبارة عن فرد خرطوش محلي الصنع عيار 12 مم خالٍ من الطلقات، وبتفتيشه عثر معه على طلقة خرطوش من ذات العيار، وبمواجهته بالمضبوطات أقر بحيازته لها. 

وحيث أن الواقعة على هذا النحو سالف البيان قد استقام الدليل على صحتها وصحة ثبوتها في حق المُتهم فرحان.ع من أقوال الرائد معاون مباحث قسم البساتين بتحقيقات النيابة العامة وتقرير المعمل الجنائي.

وثبت بتقرير الأدلة الجنائية أن السلاح الناري المضبوط هو فرد خرطوش بماسورة واحدة غير سليمة وصالحة للاستعمال ومما تستخدم على السلاح الناري المضبوط. 

مقالات مشابهة

  • تضرر العشرات من مواقع النزوح.. الهجرة الدولية: ''مأرب التي أصبحت ملاذاً للعائلات تواجه الآن تحديات جديدة''
  • عملية كهروكيميائية تستخرج «الأيونات المعدنية» من مياه الصرف
  • النيابة الإدارية تستجيب لشكوى مواطن بالحوامدية من مياه الصرف الصحي
  • النيابة الإدارية تستجيب لشكوى مواطن على مواقع التواصل من تراكم مياه الصرف الصحي
  • النيابة الإدارية تستجيب لشكوى أحد المواطنين بسبب تراكم مياه الصرف الصحي حول منزله
  • إحتلالٌ وضمٌّ حتى الليطاني أو أكثر
  • حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي
  • حبس لصوص سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي بالقاهرة
  • الفيس بوك فضحهم.. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف الصحي بالقاهرة
  • كشف ملابسات تداول بشأن سرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي بالقاهرة