رداً على مقترح بايدن.. هذا هو الحلّ الوحيد المتبقّي
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
أنهى الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان زيارته السادسة للبنان بنظرية أقلقت اللبنانيين، الذين يقفون في الأساس على مفترق طرق، ولا يحتاجون إلى من يذكّرهم بأن لبنان بسياسته المعروفة إلى زوال. هم يعرفون أكثر من غيرهم أن أمور لبنان لا يمكن أن تستمر كما هي إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، وأن الذين "يأكلون" العصي ليس كمن يعدّونها.
فإذا كان "مسيو" لودريان يقصد بزوال لبنان السياسي زوال الفساد والمحاصصة والزبائنية و"الشطارة" على الطريقة اللبنانية فإن أغلبية اللبنانيين التواقين إلى رؤية بلدهم كسائر بلاد العالم المتحضّر تؤيد ما ذهب إليه الموفد الفرنسي، بل يمكن أن تزيد على نظريته ما يمكن أن يكون مفيدًا أكثر في حال كحال لبنان. فاللبنانيون، إلى أي فئة انتموا، سواء أكانوا في "الخطّ الممانع" أو في "الخط المعارض"، معرّضون لما هو أسوأ مما هم عليهم حاليًا، خصوصًا إذا استمّر التعاطي في الأمور الكبيرة من قِبل بعض السياسيين بهذه الخّفة، التي لم توصل إلا إلى الطريق المسدود.
ولأن هذا الوضع لم يعد مقبولًا لا من قِبل زيد ولا من قِبل عمر فإن ما يقترحه البعض بدلًا من "النق" و"لعنة الظلام" ولطم الخدود والولولة والهرولة نحو المجهول هو أن يجلس الجميع حول طاولة واحدة متساوين في الحقوق والواجبات، ومن دون أن يستقوي أحد على الآخر إلا بما يملكه من قوة إقناع بمنطق وعقلانية وبعيدًا عن الغرائز والعصبيات، وأن يطرح الجميع ما تجمّع لديهم من هواجس ومخاوف هي نتيجة معاناة طويلة لمفهوم خاطئ لمعنى المواطنة، التي لم تكن في مرّة من المرّات صادقة وواضحة.
لقد آن الأوان، على ما يقوله هؤلاء، لأن يطرح اللبنانيون قضاياهم على المشرحة. فإما أن يتفقوا، وهو أمر ممكن إذا صفت النوايا وتخّلى الجميع عن انانياتهم وارتباطاتهم الخارجية، أو أن يجدوا طريقة أخرى للعيش معًا وفق صيغة جديدة تضمن لكل مجموعة من مكونات النسيج اللبناني أن تعيش مبادئها وقيمها كما تراها مناسبة لوضعيتها الداخلية، من دون أن يعني ذلك الاحتكام كلما "دق الكوز بالجرّة" إلى منطق القوة، الذي لم يوصل اللبنانيين إلاّ إلى مزيد من التباعد والتشرذم والانقسام.
فالحوار المجدي هو السبيل الوحيد للخروج من نفق المزايدات الرخيصة. وهذا لا يعني أي حوار حتى ولو كان سيوصل المعنيين إلى التوافق على رئيس لن يستطيع أن يحكم في ظل كل هذه التراكمات والترسبات. فإذا لم يسبق الحوار الرئاسي حوار من نوع آخر تُطرح فيه كل الهواجس بدءًا من تفسير واضح لا لبس فيه للمواد الدستورية الغاضة، والتي تحمل أكثر من معنى، أو بالأحرى تفتح شهية المجتهدين الدستوريين، وصولًا إلى الاستراتيجية الدفاعية، ومرورًا بكل ما له علاقة بما يكتنف طريقة عيش اللبنانيين بين بعضهم البعض من ملابسات، وذلك انطلاقًا من ثوابت وطنية قد أصبحت أكثر من مسلمات بالنسبة إلى أغلبية اللبنانيين، وهي بالسعي إلى إيجاد أرضية مشتركة تضمن قدسية العيش الواحد في جغرافية صغيرة جدًّا قبل أن تضيع هوية هذه الجغرافيا، وقبل أن يصبح لبنان بلدًا بديلًا، إذ لا يعود ينفع ساعتئذ أي حوار فيضرب من يضرب ويهرب من يهرب.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الخط التركي
منذ الأمس الميديا تحلل في اتصال أردوغان بالبرهان. وقد وجدت تقزم ضالتها في ذلك. وضربت في شجر البوادي طرحا وجمعا لذلك الاتصال. حسنا فعلت تقزم ذلك. ونعتبر ما أقدمت عليه نقطة إلتقاء مع الشارع السوداني. ولطالما تقدمت تقزم شبرا نحو الحل فإن البرهان يخطو ذراعا في ذلك. وهو مأمور بأمر رباني (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها). ولتعلم تقزم بأن المبادرة التركية مازالت في طور التكوين. وهي محتاجة لوقت لكي تتبلور. ومن ثم تناقش الأزمة. وتضع الحلول. ولكن قبل ذلك لتمتلك تقزم الشجاعة والجرأة لتطالب المرتزقة بتنفيذ منبر جدة. ومناشدة الكفيل (الأمارات) بإيقاف الدعم. هذا هو أقصر الطرق لنجاح المبادرة. لأن التمهيد ضروري في الوقت الراهن. لكن أن يتم تكبيل البرهان ورميه في يم الأزمة وتحذيره بأن يبتل بالماء. فهذا غير مقبول ولا يصب في خانة الحل. وخلاصة الأمر نرحب بالمبادرة التركية وغيرها من المبادرات لطالما تساعد في إيقاف الحرب. نحن دعاة سلام. وما خوضنا للحرب إلا من باب (مجبر أخاك لا بطل). لأن تقزم فرضتها على الشارع. فأصبحت خطى كتبت عليه. ولابد له من مشيها.
د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الأحد ٢٠٢٤/١٢/١٥