شيئ يدعو للعجب نحن ننادي بمجتمع ليبرالي مجتمع حر يعتمد على أليات السوق ينهي عصر من الشمولية ومن الإقتصاد الموجه والإعتماد في كل شيئ على الدولة فهي المسئولة عن الولادة والنشأة والصحة، والتعليم، والتوظيف، وتوفير الطعام والمسكن، والملبس،وحتى الزواج وعودة دورة الحياة !!
هكذا كنا ولكن كيف أصبحنا !! وبعد إنتهاء إعلاننا عن النظام الإشتراكي الشمولي والانفتاح على العالم بأليات عديدة ومنابر سياسية تحولت إلى أحزاب كثيرة جدًا لا أذكر منها إلا ثلاث أحزاب على الأكثر !!

كيف أصبحنا ؟ أصبحنا بعد أكثر من 40 عام تقريبًا عبارة عن "طبق" من السلطة الخضراء المدعمة بالطماطم والبصل والثوم طبق وضع فيه من كل لون ومن كل صنف وبالتالي فلا طعم يمكن أن نستسيغه ( ونستطعمه ) فالعملية ( سمك – لبن – تمر هندي ) سواء كان ذلك في خليط الإقتصاد مابين حر ومدعم وبين أبيض وأسود ( إشارة إلى الأسواق السوداء ) وبين مستورد ومحلي وكذلك صناعات ووحدات إنتاجية بعضها (عام) وبعضها (أعمال عام) والأخر خاص والخاص أيضًا إنقسم حسب نشأته مرة في منطقة صناعية حرة ومرة في منطقة إقتصادية ومرة في منطقة إستثمارية ومرة في منطقة مطورة ومرة في مدينة صناعية وكل واحدة من هذه المناطق لها سمعة، وميزة، وعنوان  وإدارة وكل شيئ يمكن أن نسمع عنه في طبق السلطة (إياه) سنجده إن شاء الله !!

وفي مجال الخدمات أيضًا هناك ما هو خاص وعام ولكن أيضًا هناك قوانين منظمة لتلك الخدمات وتجلب الأجنبي منه على حساب الوطني وعلى سبيل المثال لا الحصر مهنة الهندسة الاستشارية نجد كل من هب ودب جاء للبلاد بمهندسيه ومكاتبه الأجنبية دون تطبيق للقانون المصري الفارض بأنه لا عمل لمهندس أو مكتب هندسي أجنبي إلا من خلال مكتب هندسي مصري  بمعنى أن المكتب الهندسى الإستشارى المصرى يكون صاحبه أو شركاؤه مهندسون إستشاريون حاصلون على ترخيص بذلك من نقابة المهندسين المصرية وليس عن طريق أى محاسب أو كيماوى أو رجل أعمال فاتح شركة تنمية عقارية فبالتالى ومن السهل عليه فتح مكتب فنى ( إستشارى ) لصالحه " بتاعه" ملكه وهو حر يجيب اللى هو عايزه إنشالله من (بنجلاديش)  شيىء  ضد القانون وضد العرف وضد الليبرالية التى ننشدها وننادى بها ونعلق عليها لافتات واجهات محلاتنا وبلادنا نحن نعيش عصر ( السلطة البلدى ) والله أعلم !!

.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

القائد وفهم سيكلوجيا الجماهير

يقول الله تعالى في سورة " ص الأية 20" عن فن الخطابة عن سيدنا داوود (وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة و فصل الخطاب) والخطاب ليس كلمات تقال فقط في جمع من الناس، أو في خاصة القوم، أنما الخطاب يحمل رسائل متعددة و مختلفة يراد توصيلها للحضور.. و خطابات النخب و المثقفين تختلف عن خطابات العامة، المجموعة الأولى تحاول أن ترتب كلماتها، و تزينها بالمحسنات البديعية، مثل الطباق و التورية و غيرها، و يريد صاحب الخطاب أن يعكس للحضور اتساع الثقافة و المعرفة عنده، ثم بعد ذلك توصيل الرسالة.. عند العامة المسألة لا تحتاج لكل هذه الزخرفة، و يستخدمون لغة بسيطة " ما قلت و دلت" و الفرد في العامة لا يسعى من أجل إظهار بلاغته، و لا اتساع المعرفة عنده، أنما يريد أن يوصل حديثه بشكل مباشر.. فالرسالة و أثرها هي الأولوية عنده..
عندما جاء الشاعر علي بن الجهمي إلي قصر الخليفة هارون الرشيد، و اراد أن يقول فيه شعرا للمدح قال ( أنت كاكلب في و فاءك العهد --- و كالتيس في مقارعة الخطوب) استنكر حضور مجلس أمير المؤمنين القول، و لكن الخليفة هارون الرشيد كقائد عرف أن الرجل أبن بيئته، لم يريد بها شتما و سبا أو إساءة.. بل أمر حرسه أن ينزلوا الرجل نزلا في المدينة مقربا على نهر دجلة، حيث الطبيعة الساحرة، و زغزغة العصافير، و خرير المياه و الخضرة. و بعد فترة جيء به إلي مجلس أمير المؤمنين.. و قال له أمير المؤمنين هل انشتنا شعرا قال و هو في حلة جديدة:-
عيون المها بين الرصافة و الجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري و لا أدري اعدن لي الشوق القديم و لم اكن .... سلوت و لكن زدت جمرا على جمر سلمن و اسلمن القلوب كأنما ...... تشك بأطراف المثقفة السمر خليلي ما احلى الهوى و أمره ..... و أعرفني بالحلوا منه المر
فالقائد الجماهيري هو الذي يفهم خطاب العامة و مقصدهم، خطاب لا يحتاج إلي تزيين، أو بهرجة و أنتقاء الكلمات، يقال في لحظة انفعالية و خروج الكلمة تعبر عن مقصدها.. كما ملك " حماد" الانفعال و خرجت كلماته تعبيرا عن الانفعال.. و زيارة البرهان له تؤكد أنه فهم الدافع و مقصد الكلمات، أن الكلمات التي أرسلها حماد هي تعبير حقيقي على ما يجيش في صدره، دون أية رتوش.. و هناك قصص كثيرة، تقال عن مثل هذه الانفعالات.. مرة ذهبنا إلي احتفال قوات الدفاع الجوي في بورتسودان مع الرئيس نميري، و في الشارع خرج رجل من بين الصفوف و قال بصوت جهوري "ياريس أنت راجل و بس" أوقف نميري الركب و سلم عليه.. و ذكرني أحد الأقطاب الاتحاديين أن نفس انفعال " حماد" وقع على الزعيم الأزهري عندما كان يستقبل جمع من جماهير الحزب، فخرج رجل بسيط و قال للزعيم إما أن تفعل كذا أو .... كما قال "حماد" للميليشا.. فضحك الزعيم و قال له لكن أمي ما ميته.. فبدأ الرجل يعتذر و يبكي بهستريا و يقول أنا ما قاصد الفعل.. و احتضنه الأزهري و قال له أعرف أنك لم تقصد لكن و الله رسالتك قد وصلت..
لذلك يقال في سيكولوجيا الجماهير ليست الوقائع بحد ذاتها هي التي تؤثر على المخيلة الشعبية و أنما الطريقة التي تعرض بها هذه الوقائع.. فالقائد الذي يعرف فن التأثير في الجماهير يعرف فن مسايستها.. هناك النخب و المثقفين الذين يريدون مخاطبة الجماهير يذهبون لتحضير خطبهم بدعمها بأبيات الشعر و الحكم و الأقوال المأثورة، مما يجعل الجماهير تتململ. هؤلاء يصبح مفعول خطبهم ينتهي بنهاية المناسبة.. و تجد ناس من العامة أحدهم يرتجل كلمة بكلمات بسيطة لكنها توصل رسالتها، و تتعلق بأذهان الحاضرين، و تنقل لمجالس أخرى..
عندما كنت طالبا في بغداد كان أحمد حسن البكر رئيسا و صدام حسين نائبا للرئيس، و كان هناك عضو في القيادة القطرية اسمه " محي عبد الحسين" كان محبوبا جدا عند عامة العراقيين و لم يظهر مطلقا في الإعلام لكن في أية جمع من العراقيين يتردد أسمه. فسأت زميلي في الشعبة محمد حسن عيدان عن سبب هذا الحب قال أنه يزور العامة في اتراحهم و أفراحهم و يجالسهم و يسمع شكواهم.. و في مرة قال إلي اليوم المساء سوف نذهب سويا لحضور جلسة من جلسات " محي عبد الحسين" في منزل الطاهر بكار عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة العراق مسؤول العلاقات الخارجية. و بالفعل جاء عيدان و ذهبنا حيث الجلسة. كان البيت واسعا و فيه حديقة كبيرة اتسعت للحضور.. و جاء محي عبد الحسين و جلس في نفس الكراسي التي أعدت للجلسة و بدأ الحديث كان الحضور يتحدثون بالعامية العراقية، و عندما يقف أحد يريد وصفا لحالة.. يقول له محي عبد الحسين لا تبحث عمي عن الكلمات.. التي تجيء عنك قولها دون خجل و نحن فاهمين مقاصدها.. من تلك الجلسة فهمت لماذا هؤلاء يحبونه و ذاع صيته و عم بغداد و ضواحي لخارج القطاعات الأخرى... لذلك عندما عزل البكر تخويفا بعد قتل أبنه في حادث مروري مدبر.. و جاء صدام للسلطة بادر بإعدام " محي عبد الحسين و عدد من الوزراء منهم محمد عايش الذي كان في يوم من الأيام رئيسا لاتحاد العمال العراقيين و كان يحب السودانيين حبا جما...
أن أكبر رصيد للقائد هو أن يتفهم لغة الجماهير، و الجمهور يأتي من قطاعات مختلفة في المهن " حدادين و برادين و بنائين و كهربائيين و بائعين و عمال ترحيلات و سواقين و جنود و صباغين و غيرهم، هؤلاء كل قطاع له مفردات تختلف عن الآخرين، و لكنهم يفهمون لغة بعضهم البعض، و لا يميلون لتزيين الكلام أنما يحبون المباشر من القول، و " حماد" من هؤلاء.. فالانفعال جعله يخرج ما يختزن من كلمات تعبر عن قوة هذا الانفعال.. و نسأل الله أن يجعل لبنا الأمن و الأمان و النهضة و الرفاهية لآهله و حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر أولًا !!
  • السلطة المحلية بأمانة العاصمة تدين المجزرة الأمريكية في منطقة ثقبان بمديرية بني الحارث
  • د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: قَدَر البرهان وعفوية حماد عبد الله
  • الأمير سعود بن جلوي يستقبل مدير مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بجدة
  • محافظ جدة يستقبل مدير مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمحافظة
  • كوندي: هذا ما نعيش من أجله في برشلونة
  • القائد وفهم سيكلوجيا الجماهير
  • د.حماد عبدالله يكتب: الحفاة، والجهل، والمرض !!
  • هزاع بن زايد يحضر حفل استقبال بمناسبة زفاف سعيد عبدالله نهيل النعيمي