الثورة العربية الكبرى.. بين نيران التحرر وأغلال الاستعمار
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في مثل هذا اليوم، 5 يونيو 1916، انطلقت الثورة العربية ضد الدولة العثمانية بقيادة الشريف حسين بن علي، حاكم مكة، وكان العرب يتطلعون إلى الاستقلال عن الحكم التركي، لكنهم وجدوا أنفسهم في نهاية المطاف تحت وطأة الاحتلال البريطاني والفرنسي لسنوات طويلة.
الثورة العربية الكبرى، وهي حركة مسلحة بدأت في الحجاز بمبادرة من الشريف حسين قبل فجر يوم التاسع من شعبان 1334هـ (الخامس من يونيو 1916)، امتدت لتشمل مناطق أخرى بعد تحرير الحجاز من العثمانيين، حتى وصلت إلى سوريا والعراق، وأسقطت الخلافة العثمانية هناك.
الأسباب المعلنة للثورة:
الظلم التركي للعرب، وسياسة التتريك ومحاربة اللغة العربية، وابتعاد الأتراك عن الدين الإسلامي بعد وصول حزب القوميين الأتراك بقيادة مصطفى كمال أتاتورك إلى السلطة.مطالبة العرب بمكانة أفضل في المناطق العربية والتمتع بمزيد من الحريات اللامركزية والاستقلال الذاتي.مراسلات الشريف حسين مع السير هنري مكماهون، حيث طالب حسين بريطانيا بضمان استقلال الدول العربية (سوريا، فلسطين، العراق، والجزيرة العربية عدا عدن) مقابل دعم العرب للإنجليز والسماح لليهود بإقامة وطن قومي في فلسطين.دخول تركيا الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول المحور، مما دفع العرب إلى اختيار الثورة للحصول على حرياتهم بدلاً من دعم تركيا.تأسيس الجمعيات العربية السرية مثل "الجمعية العربية الفتاة"، و"القحطانية 1909"، و"المنتدى الأدبي"، و"حزب اللامركزية"، و"العهد"، و"لجنة الإصلاح"، مما ساهم في تنامي الشعور القومي والرغبة في التحرر من الحكم التركي.تصرفات الإتحاديين ودعاة الحركة الطورانية، ومحاولاتهم المساس بالعقيدة الإسلامية وشخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مثل إلغاء إلزامية الصلاة في المدارس الدينية.تذمر القبائل البدوية في الحجاز من تشغيل الأتراك لسكة الحديد في الحجاز، مما كان يقطع عليهم رزقهم من نقل متاع الحجاج.الأسباب الخفية: كانت تتمثل في رغبة الشريف حسين في أن يصبح خليفة للمسلمين، وسعيه للحصول على دعم الدول الكبرى مثل إنجلترا وفرنسا مقابل السماح لليهود بإقامة وطن قومي في فلسطين.
سير الأحداث:
بدأت المعارك في جدة في 13 يونيو، حيث انهزمت الحامية التركية وسقطت مكة، ثم استسلمت الطائف وسقط ميناء العقبة.عندما احتل البريطانيون بغداد، احتج الشريف حسين، لكن بريطانيا علقت بأن ذلك تدبير عسكري مؤقت.بين عامي 1916 و1917، انضم للجيش الشريفي عدد من الضباط من سوريا وفلسطين ممن كانوا في الجيش العثماني، وتطوع كثير من عرب المشرق، فوصل عدد مقاتلي الجيش الشريفي إلى 70,000.بعد ذلك، سقطت بيروت وحلب وحماة وطرطوس وصيدا وصور وحمص، وأعقب ذلك تأليف الحكومة العربية الأولى في بيروت.اقترب العرب من إقامة دولة عربية موحدة في الجزيرة والمشرق، إلا أن بريطانيا بدأت بتنفيذ مخططاتها في التجزئة والاحتلال، فقسمت البلاد إلى ثلاث مناطق عسكرية:
جنوبية تشمل فلسطين تحت الانتداب البريطاني.شرقية تمتد من العقبة جنوبًا حتى حلب شمالًا تحت إدارة فيصل بن الحسين.غربية تضم المنطقة الساحلية من سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.النهاية المؤلمة: وقع العرب تحت وطأة الاحتلال الأوروبي، وبدلاً من الحكم التركي الذي استمر لأربعة عقود، واجه الاستعمار البريطاني والفرنسي الذي جلب معه تجزئة الأمة وزرع الشقاق بين أبنائها. تحطمت آمال العرب في الوحدة والاستقلال، وتبخرت أحلامهم في إقامة دولة عربية موحدة. بدلاً من ذلك، استغل المستعمرون طاقات العرب واستخفوا بتاريخهم العريق، واقتطعوا فلسطين من خاصرة الأمة العربية ليضعوها في عنق الحركة الصهيونية.
ملخص الأحداث:بدأت الثورة العربية الكبرى في 5 يونيو 1916 بقيادة الشريف حسين بن علي، وسرعان ما امتدت من الحجاز إلى سوريا والعراق.كانت الأسباب المعلنة للثورة تتضمن الظلم التركي، سياسات التتريك، والمطالبة بمزيد من الحريات والاستقلال الذاتي، بالإضافة إلى الاتصالات مع بريطانيا لضمان دعمهم.تبلور الشعور القومي العربي من خلال الجمعيات السرية، ورفض العرب لتصرفات الإتحاديين ودعاة الطورانية.وقعت عدة معارك وانتصارات، مثل سقوط مكة، الطائف، وميناء العقبة، وصولاً إلى تحرير بيروت وتأسيس الحكومة العربية الأولى.التجزئة والاحتلال:
بعد تحقيق العديد من الانتصارات، بدأت بريطانيا بتنفيذ مخططاتها لتقسيم البلاد:فلسطين تحت الانتداب البريطاني.منطقة تمتد من العقبة إلى حلب تحت إدارة فيصل بن الحسين.المنطقة الساحلية من سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي.الخاتمة:
أدت الثورة العربية الكبرى إلى وقوع العرب تحت الاستعمار الأوروبي بدلاً من الحكم التركي، مما أدى إلى تجزئة الأمة العربية وزرع الشقاق بين أشقائها، واستغلال طاقاتهم واستخفافهم بتاريخهم العميق.المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الثورة العربية الدولة العثمانية الثورة العربية الكبرى الاستعمار البريطاني الثورة العربیة الکبرى الحکم الترکی الشریف حسین
إقرأ أيضاً:
نيران الدبلوماسية الأمريكية الصديقة
اقتضت التحالفات السياسية دوما وقوف الطرفين الحليفين في مربع واحد والدفاع عن بعضهما البعض على أساس المصالح أو القواسم المشتركة. وكان للتحالفات الموسمية المحددة بمصلحة أو وقت محدد أو تلك الاستراتيجية ذات العمق الثقافي أو الحضاري عمر طويل وتقاليد راسخة. تستوي في ذلك دول الشرق ودول الغرب؛ كان هذا حتى أتت نسخة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب في ولايته الثانية لتقلب ما كان مستقرا.
إن مشهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في البيت الأبيض أبعد من مجرد خلاف دبلوماسي بين طرفين، بل هو تطبيق حرفي للنيران الأمريكية الصديقة حين تقرر أن تصيب بعض حلفائها بشكل علني ومن دون شفقة أو رحمة. ففي التقاليد العسكرية حين تضرب بعض الآليات العسكرية جنودا أو قواعد حليفة لها يعتبر الأمر خطأ غير مقصود حتى ولو كان مقصودا، ويغطي ستار الخطأ والعفوية على الحادثة، أما اليوم فإن نيران الدبلوماسية الأمريكية تستهدف الأصدقاء علنا وبشكل مقصود.
من أهم الانتقادات التي توجه للمعسكر الغربي في الدبلوماسية أنها قائمة على تعريف ضيق للمصالح المباشرة وأن هذه المصالح متغيرة طوال الوقت. والولايات المتحدة تحديدا تعرف بأنها من الدول التي تعتمد على الدبلوماسية الخشنة في علاقتها الخارجية، تلك الدبلوماسية التي تعتمد على الانتشار والتمدد عن طريق القوة العسكرية وقوة الاقتصاد، وليس عن طريق الدبلوماسية الناعمة التي تعتمد على أساليب مثل الثقافة والفنون مثلا.
من غير المفهوم ولا المبرر أن توجه هذه القوة الخشنة والنيران الصديقة لأطراف حليفة مثل أوكرانيا مهما كانت حدة الخلافات بين واشنطن وكييف. ولا يفسر الأمر طمع ترامب في معادن البلاد أو فكرة طول الحرب، لأنه في خلفية المشهد هناك حليف تاريخي أو بالأحرى حديقة خلفية للولايات المتحدة هي دول أوروبا الغربية التي تشعر بتهديد عميق من الدب الروسي وترى في أوكرانيا حاجزا جغرافيا وسياسيا في مواجهته.
يتضح أن الدبلوماسية الأمريكية في العهد الترامبي الجديد تعاني من قصر نظر شديد، فكل تقييماتها للأمور متعلقة بمصالح آنية أو مباشرة أو على الأقل قريبة الأجل، ولا يهمها من قريب أو بعيد الأبعاد الاستراتيجية أو بعيدة المدى. فقد شهدت العقود الماضية سباقا أمريكيا محموما من أجل مد النفوذ الغربي نحو الحدود الروسية مع جمهوريات أوروبا الشرقية، تمثل ذلك في دعم ثورات وضم للاتحاد الأوروبي وغيرها من الإجراءات. وكانت دوافع هذا السباق معروفة، ما ليس معروفا الآن هو لماذا تضحي الولايات المتحدة بكل هذا الرصيد الآن وفي مقابل ماذا؟ فهل تحتاج الخزانة الأمريكية لهذا القدر من التوفير الذي يترتب عليه إعاقة عمل حلف النيتو في أوروبا مثلا وتقليص النفوذ العسكرية الغربي فيها؟
أقرب التفسيرات أن العقيدة الأمنية التي بني عليها النيتو ما بعد الحرب الباردة كانت عقيدة هشة لا تصلح لأن تحل محل العقيدة القديمة التي صممت لمواجهة الاتحاد السوفييتي السابق، ولهذا كانت حروبها في السنوات الأخيرة ضعيفة التبرير والأساس القتالي، وقد تجلى هذا فيما حدث للنيتو في أفغانستان.
أوكرانيا ليست قطعا هي أفغانستان، لكن مهمة حلف شمال الأطلسي تكاد تتشابه؛ غموض شديد اكتنف مهمة الحلف في جبال أفغانستان، فماذا يريد الحلف بالضبط هناك؟ وما تعريف النصر والهزيمة؟ ومتى تنتهي المهمة؟ نفس السؤال يتكرر في أوكرانيا، فهل يريد الحلف دفاعا في المطلق عن أوكرانيا؟ وهل فشلت كل الجهود الدبلوماسية حقا في حل النزاع أم أن هناك عشوائية في اتخاذ قرارات الحرب؟ أتصور أن الفشل في الإجابة على هذه الأسئلة هو الذي قاد إلى المشهد التاريخي الدرامي الذي شاهدناه في البيت الأبيض بين رئيسي الولايات المتحدة وأوكرانيا.
x.com/HanyBeshr