يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعمد إثارة حالة واسعة من الضبابية بشأن مقترح وقف الحرب الأخير لتعزيز الانقسام بشأنه داخل إسرائيل من جهة وإلقاء اللوم على المقاومة في عدم التوصل لاتفاق من جهة أخرى، كما يقول محللون.

ففي الوقت الذي يدفع فيه الوسطاء باتجاه قبول المقترح الذي يتضمن وقفا مبدئيا للقتال، قرر مجلس الحرب الإسرائيلي استدعاء 50 ألف جندي جديد من قوات الاحتياط لدعم عملية رفح جنوبي قطاع غزة، وطلب من الولايات المتحدة ضمانات بمواصلة الحرب في حال لم تقبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمقترح تبادل الأسرى الحالي.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن الصفقة الجديدة قبل أسبوع بوصفها "خطة إسرائيلية"، قبل أن يخرج نتنياهو مؤكدا أن ما تم إعلانه "غير دقيق".

وتعليقا على هذا التناقض، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن نتنياهو يحاول تضليل الداخل الإسرائيلي والعالم كله لتحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية فشل المفاوضات.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال البرغوثي إن نتنياهو لا يحاول فقط تحميل المقاومة مسؤولية مواصلة الحرب، ولكنه يحاول تسخين الجبهة الشمالية (مع لبنان) لكي يهرب من أي اتفاق محتمل.

تعزيز البلبلة والانقسام

الرأي نفسه ذهب إلى الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى بقوله إن نتنياهو خلق حالة كبيرة من الغموض بشأن الاتفاق حتى يتمكن من إدارة الشأن الداخلي الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه تعمد وصف المقترح بأنه "غير دقيق" ثم عاد وقال في موضع آخر إنه يضمن تحقيق أهداف الحرب.

واستدل مصطفى على حديثه بالإشارة إلى أن نحو 40% من الإسرائيليين يؤيدون المقترح كما طرحه بايدن، و27% يعارضونه، بينما البقية لا تملك موقفا منه، لأنهم لا يعرفون التفاصيل، خصوصا فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم في الصفقة وهي نقطة مهمة جدا للإسرائيليين، كما يقول مصطفى.

لذلك، يعتقد مصطفى أن نتنياهو يحاول من خلال طريقة تعامله دفع المقاومة لرفض المقترح والتمسك بإيجاد ضمانات لوقف الحرب نهائيا "وهو أمر لم يتعهد أو يتحدث عنه نتنياهو أبدا منذ بدء الحرب"، حسب مصطفى الذي يقول إن غالبية الإسرائيليين "أصبحوا مقتنعين بأن إسرائيل لن تحقق أهدافها عبر الحرب وهو أمر لم يكن في أول الحرب".

بدوره، يرى الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد أن نتنياهو يحاول إثارة الغموض بشأن المقترح ليس فقط في إسرائيل، وإنما في المنطقة كلها، مؤكدا أن ما يتحدث عنه الرئيس الأميركي ليس هو ما تم الاتفاق عليه في مايو/أيار الماضي.

مقترح ميت

ويرى زياد أن المقترح الجديد "ولد ميتا" بعد أن تم تعديل النص من "وقف القتال بشكل دائم" إلى "وقف القتال" وتعديل "انسحاب كامل القوات الإسرائيلية" إلى "انسحاب القوات الإسرائيلية".

وقال زياد إن محاولة الولايات المتحدة إرغام المقاومة على قبول المقترح دون مناقشة أو تعديل، والتصعيد العسكري في مخيم البريج وغيره من مناطق غزة "يعنيان أنه مجرد محاولة لإطالة أمد الحرب".

واتفق البرغوثي مع هذا الحديث بقوله إن المطروح حاليا ليس هو الأفضل كما تقول إدارة بايدن، وإن المقاومة ليست ملزمة بقبول ما تريده إسرائيل دون نقاش أو تعديل، مؤكدا أن أي مقترح يجب أن ينص بوضوح على أن الصفقة ستنتهي بوقف الحرب نهائيا وسحب قوات الاحتلال من أنحاء القطاع.

وقال البرغوثي إن هذا المقترح يعكس الصراع الحقيقي بين بايدن ونتنياهو، لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذا الصراع يظل في إطار المصالح المشتركة التي تبرر لإسرائيل كل ما ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين.

أما مصطفى، فيرى أن نتنياهو يحاول من خلال التلاعب بهذا المقترح أن يسترد شعبيته مقابل غريمه بيني غانتس، مشيرا إلى أنه قد يقبل المرحلة الأولى من الاتفاق، ثم يفشله في المرحلة الثانية.

وخلص إلى أن نتنياهو سيواصل تغذية هذه الضبابية السياسية، لأنه أصبح مقتنعا بأن بقاءه مرهون بغياب الوضوح وتسخين الجبهات المختلفة رغم أن غالبية الإسرائيليين أدركوا أن الحرب لن تحقق أهدافها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات نتنیاهو یحاول أن نتنیاهو وقف الحرب إلى أن

إقرأ أيضاً:

حماس ترد قريبا على مقترح الوسطاء وترفض نزع سلاح المقاومة

من المتوقع أن ترد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال الـ48 ساعة المقبلة على مقترح جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن قيادي في الحركة اليوم الثلاثاء.

وقال القيادي -الذي طلب من الوكالة ألا تنشر اسمه- إنه "على الأغلب سوف ترسل حماس الرد للوسطاء خلال الـ48 ساعة القادمة"، مبينا أن "مشاورات معمقة وبمسؤولية وطنية عالية لا تزال مستمرة ضمن الأطر القيادية للحركة، ومشاورات مع فصائل المقاومة لبلورة موقف موحد".

وكانت حماس قد أكدت في بيان أمس الاثنين أن قيادتها "تدرس بمسؤولية وطنية عالية المقترح الذي تسلمته من الإخوة الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة".

وجددت الحركة التأكيد على "موقفها الثابت بضرورة أن يحقق أي اتفاق قادم: وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن شعبنا في قطاع غزة".

تفاصيل المقترح الجديد

وقال قيادي في حماس للجزيرة إن الحركة تلقت مقترحا في مصر يشمل إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول من الاتفاق كما يشمل تهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء.

إعلان

ويشترط المقترح تسليم جميع الأسرى الأحياء والأموات بنهاية اليوم الـ45 لتمديد الهدنة وإدخال المساعدات.

وأضاف القيادي في حماس للجزيرة أن وفد الحركة المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي تلقاه في مصر يتضمن نصا صريحا بنزع سلاح المقاومة، وأن مصر أبلغت الحركة أنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة.

وذكر المصدر نفسه أن حماس أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب وليس السلاح، وأن نقاش مسألة سلاح المقاومة مرفوض جملة وتفصيلا.

وأكد القيادي أن سلاح المقاومة حق أساسي من حقوق الشعب الفلسطيني غير خاضع للنقاش.

"محددات المقاومة ثابتة"

في السياق نفسه، قال عضو المكتب السياسي في حماس سهيل الهندي في تصريح صحفي إن "العودة للاتفاق الموقع (في 17 يناير/كانون الثاني) واستكمال تنفيذ البروتوكول الإنساني هو المدخل الحقيقي لاستعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة، وليس التصعيد العسكري".

وشدد الهندي على أن "محددات المقاومة ثابتة وتتمثل بالوقف التام لحرب الإبادة والانسحاب الشامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة. وأي أفكار ومقترحات جديدة لا تتضمن هذه المحددات مصيرها الفشل".

وقال الهندي إن سلاح المقاومة غير قابل للنقاش وإنهم متمسكون بالحق المشروع في "مقاومة الاحتلال بالأشكال كافة حتى التحرير والعودة".

من ناحية أخرى، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع أن إسرائيل مستعدة لتقديم بعض التنازلات للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة لكن "ليس على حساب منع تدمير حماس".

وفي وقت سابق، قالت رئاسة الوزراء الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى الإسرائيليين بأن عمليات تفاوض مكثفة تجري حاليا لإعادة أبنائهم.

من جهتها قالت هيئة البث الإسرائيلية إن 500 من خريجي دورة قادة الاحتياط بسلاح البحرية قدموا عريضة تدعو لإعادة المحتجزين ووقف الحرب، مشيرة إلى أن من بين الموقعين على العريضة 4 من القادة السابقين لسلاح البحرية.

إعلان

كما قالت صحيفة هآرتس إن نحو "1700 فنان ومثقف بإسرائيل" وقعوا على عريضة تدعو لوقف الحرب على غزة وإعادة الأسرى المحتجزين في القطاع.

وأضحت الصحيفة نقلا عن مصادر أن عدد الإسرائيليين الموقعين على عرائض لوقف الحرب وإعادة الأسرى يتجاوز 100 ألف في 5 أيام.

وتواصل إسرائيل حرب الإبادة في غزة بعدما تنصلت من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير/كانون الثاني الماضي، وارتفع عدد الضحايا إلى أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقا لبيانات وزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يوعز باستمرار الدفع بخطوات الإفراج عن الأسرى
  • مقترح بلا ضمانات… لماذا ترفض المقاومة الفلسطينية المقترحات “الإسرائيلية”؟
  • حماس ترد قريبا على مقترح الوسطاء وترفض نزع سلاح المقاومة
  • فصيل فلسطيني يُعقّب على الشرط الإسرائيلي للتهدئة بنزع سلاح المقاومة
  • قناة مصرية تحذف خبرها عن مقترح نزع سلاح المقاومة.. نشرت بديلاً معدلاً
  • حماس: الرد على مقترح التهدئة الإسرائيلي خلال 48 ساعة
  • القاهرة الإخبارية تحدث خبرها بشأن تسليم حماس ورقة إسرائيلية
  • “حماس” تصدر بيانا بشأن المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار
  • قناة مصرية : القاهرة سلمت حماس المقترح الإسرائيلي وتنتظر ردها بأقرب فرصة
  • الهدنة مقابل السلاح.. حماس ترد على مقترح جديد لوقف الحرب في غزة