محللون: نتنياهو أثار بلبلة بشأن مقترح وقف الحرب حتى لا يلتزم بشيء
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعمد إثارة حالة واسعة من الضبابية بشأن مقترح وقف الحرب الأخير لتعزيز الانقسام بشأنه داخل إسرائيل من جهة وإلقاء اللوم على المقاومة في عدم التوصل لاتفاق من جهة أخرى، كما يقول محللون.
ففي الوقت الذي يدفع فيه الوسطاء باتجاه قبول المقترح الذي يتضمن وقفا مبدئيا للقتال، قرر مجلس الحرب الإسرائيلي استدعاء 50 ألف جندي جديد من قوات الاحتياط لدعم عملية رفح جنوبي قطاع غزة، وطلب من الولايات المتحدة ضمانات بمواصلة الحرب في حال لم تقبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمقترح تبادل الأسرى الحالي.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن الصفقة الجديدة قبل أسبوع بوصفها "خطة إسرائيلية"، قبل أن يخرج نتنياهو مؤكدا أن ما تم إعلانه "غير دقيق".
وتعليقا على هذا التناقض، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن نتنياهو يحاول تضليل الداخل الإسرائيلي والعالم كله لتحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية فشل المفاوضات.
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال البرغوثي إن نتنياهو لا يحاول فقط تحميل المقاومة مسؤولية مواصلة الحرب، ولكنه يحاول تسخين الجبهة الشمالية (مع لبنان) لكي يهرب من أي اتفاق محتمل.
تعزيز البلبلة والانقسام
الرأي نفسه ذهب إلى الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى بقوله إن نتنياهو خلق حالة كبيرة من الغموض بشأن الاتفاق حتى يتمكن من إدارة الشأن الداخلي الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه تعمد وصف المقترح بأنه "غير دقيق" ثم عاد وقال في موضع آخر إنه يضمن تحقيق أهداف الحرب.
واستدل مصطفى على حديثه بالإشارة إلى أن نحو 40% من الإسرائيليين يؤيدون المقترح كما طرحه بايدن، و27% يعارضونه، بينما البقية لا تملك موقفا منه، لأنهم لا يعرفون التفاصيل، خصوصا فيما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم في الصفقة وهي نقطة مهمة جدا للإسرائيليين، كما يقول مصطفى.
لذلك، يعتقد مصطفى أن نتنياهو يحاول من خلال طريقة تعامله دفع المقاومة لرفض المقترح والتمسك بإيجاد ضمانات لوقف الحرب نهائيا "وهو أمر لم يتعهد أو يتحدث عنه نتنياهو أبدا منذ بدء الحرب"، حسب مصطفى الذي يقول إن غالبية الإسرائيليين "أصبحوا مقتنعين بأن إسرائيل لن تحقق أهدافها عبر الحرب وهو أمر لم يكن في أول الحرب".
بدوره، يرى الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد أن نتنياهو يحاول إثارة الغموض بشأن المقترح ليس فقط في إسرائيل، وإنما في المنطقة كلها، مؤكدا أن ما يتحدث عنه الرئيس الأميركي ليس هو ما تم الاتفاق عليه في مايو/أيار الماضي.
مقترح ميتويرى زياد أن المقترح الجديد "ولد ميتا" بعد أن تم تعديل النص من "وقف القتال بشكل دائم" إلى "وقف القتال" وتعديل "انسحاب كامل القوات الإسرائيلية" إلى "انسحاب القوات الإسرائيلية".
وقال زياد إن محاولة الولايات المتحدة إرغام المقاومة على قبول المقترح دون مناقشة أو تعديل، والتصعيد العسكري في مخيم البريج وغيره من مناطق غزة "يعنيان أنه مجرد محاولة لإطالة أمد الحرب".
واتفق البرغوثي مع هذا الحديث بقوله إن المطروح حاليا ليس هو الأفضل كما تقول إدارة بايدن، وإن المقاومة ليست ملزمة بقبول ما تريده إسرائيل دون نقاش أو تعديل، مؤكدا أن أي مقترح يجب أن ينص بوضوح على أن الصفقة ستنتهي بوقف الحرب نهائيا وسحب قوات الاحتلال من أنحاء القطاع.
وقال البرغوثي إن هذا المقترح يعكس الصراع الحقيقي بين بايدن ونتنياهو، لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذا الصراع يظل في إطار المصالح المشتركة التي تبرر لإسرائيل كل ما ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين.
أما مصطفى، فيرى أن نتنياهو يحاول من خلال التلاعب بهذا المقترح أن يسترد شعبيته مقابل غريمه بيني غانتس، مشيرا إلى أنه قد يقبل المرحلة الأولى من الاتفاق، ثم يفشله في المرحلة الثانية.
وخلص إلى أن نتنياهو سيواصل تغذية هذه الضبابية السياسية، لأنه أصبح مقتنعا بأن بقاءه مرهون بغياب الوضوح وتسخين الجبهات المختلفة رغم أن غالبية الإسرائيليين أدركوا أن الحرب لن تحقق أهدافها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نتنیاهو یحاول أن نتنیاهو وقف الحرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف يحاول البرهان أحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم؟
كيف يحاول البرهان أحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم؟
تاج السر عثمان بابو
1يواصل البرهان المزيد من التعقيد للمشهد السياسي والعسكري بمحاولة إحياء الوثيقة الدستورية وهي رميم من خلال إدخال تعديلات غير دستورية على الوثيقة الدستورية “المعيبة” التي تم خرقها وشبعت موتا، وقضى عليها بانقلابه في 25 أكتوبر الذي قاد الحرب الراهنة.
فقد تم في تسريبات التعديلات حذف أي إشارة إلى المكون المدني أو قوات الدعم السريع، وتم تعزيز صلاحيات المؤسسة العسكرية والموالين لها، مما ينسف مطلب ثورة ديسمبر في الحكم المدني الديمقراطي، فضلا عن رفض المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي اللذان دعيا إلى انتقال ديمقراطي مدني في السودان كشرط لإعادة السودان لحضنه.
جاء ذلك في الوجهة التي قدمها البرهان لتشكيل حكومة في ظل استمرار الحرب.
كما تأتي هذه التعديلات أيضا في ظروف تطرح فيها قوات الدعم السريع قيام حكومة موازية أخرى غير شرعية كما حكومة الأمر الواقع غير الشرعية في بورتسودان، تهدد وحدة الوطن في محادثات العاصمة الكينية نيروبي قبل التوقيع على ميثاق سياسي من شأنه أن يمهد الطريق أمام تشكيل “حكومة السلام والوحدة”، مما يؤدي للمزيد من تصعيد الصراع والحرب، وتعطيل جهود وقف الحرب والحل التفاوضي السلمي.
2مضت حوالي ست سنوات على توقيع الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019 بين اللجنة الأمنية وقوى “الهبوط الناعم” في (قحت) التي كرّست هيمنة المكون العسكري في الشراكة، كما هو الحال في اتفاق تقاسم السلطة الذي أعطى العسكر:
– 21 شهرا الأولى.
– تعيين وزيري الداخلية والدفاع.
– الإبقاء على الدعم السريع والقوات المسلحة والشرطة في يد المجلس السيادي.
– الإبقاء على الدعم السريع وغض الطرف عن مليشيات النظام البائد (كتائب الظل، الدفاع الشعبي، الوحدات الجهادية الطلابية. الخ).
– تعيين المجلس السيادي لمفوضيات مهمة مثل: الانتخابات- الدستور- المؤتمر الدستوري.
– الإبقاء على المراسيم الدستورية من 11 أبريل 2019 إلى بداية سريان الاتفاق.
3الاتفاق لم يأت نتاجا لتطور باطني سوداني، بل تمّ تجاوز ميثاق قوى الحرية والتغيير، وتدخل خارجي إقليمي وعالمي بات معلوما تفاصيله للجميع بهدف فرض “الهبوط الناعم” الذي يعيد سياسات النظام السابق الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية التي تفرط في سيادة البلاد ونهب ثرواتها الزراعية والمعدنية والحيوانية وأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية، والاستمرار في الاتفاقات الجزئية التي تعمق الصراعات القبلية والإثنية وتهدد وحدة البلاد، وضمان الحفاظ على مصالح تلك القوى (قواعد عسكرية، موانئ، الخ).
كما أبقى الاتفاق على المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية ومصادر التراكم الرأسمالي الطفيلي (العائد من حرب اليمن، نهب وتهريب الذهب، وعدم ضم شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والمحاصيل النقدية، والماشية والاتصالات. الخ للدولة).
كان الهدف من الاتفاق كما هو جار الآن إجهاض الثورة وأهدافها وقيام شراكة بين العسكر والمدنيين يكون المهيمن فيها المكون العسكري، بدلا من قيام الدولة المدنية الديمقراطية، إضافة لقطع الطريق أمام قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة.
4ومنذ التوقيع على الوثيقة الدستورية كان الحصاد هشيما، كما أكدت تجربة العامين الماضيين صحة التوقعات بإجهاض الثورة والسير في “الهبوط الناعم” تحت هيمنة المكون العسكري كما في حالة:
– عدم الرضا والخرق المستمر للوثيقة الدستورية، وعدم تنفيذ جداولها الزمنية مثل مضي أكثر من ثلاثة أشهر على لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام ولم يحدث شئ.
– عدم تكوين المجلس التشريعي.
– تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية بدلا من تحسينها ودعم الدولة للتعليم والصحة، وتمكين الشباب والمرأة. الخ، كما جاء في الوثيقة.
-البطء في تفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة.
– عدم إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإصدار قوانين ديمقراطية للنقابات والاتحادات. الخ.
– لا عودة لجميع المفصولين العسكريين والمدنيين.
– لم يتم تكوين المحكمة الدستورية وإصلاح النظام العدلي والقانوني.
– خرق المكون العسكري للوثيقة الدستورية بهمينته على ملف السلام والسياسة الخارجية من مجلس الوزراء، والالتفاف علي “الوثيقة الدستورية”، وإفراغها من مضمونها، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلابا “على الوثيقة الدستورية”، تعلو بنوده عليها، والتطبيع مع إسرائيل بلقاء البرهان- نتنياهو، والسماح بالقواعد العسكرية لأمريكا على البحر الأحمر. الخ.
– مصادرة حق الحياة الذي كفلته الوثيقة الدستورية، بالقمع وإطلاق النار على المواكب والتجمعات السلمية مما أدى إلى استشهاد البعض وجرحى، والاعتداء على الصحفيين والنساء من بعض المتفلتين من القوات النظامية، وقيام بيوت أشباح للدعم السريع، والتهاون مع مواكب الفلول، واستمرار الصراعات القبلية والإثنية في دارفور والشرق وجنوب وغرب كردفان. الخ.
– وصل الانحراف عن الوثيقة وأهداف الثورة بالدعوات للمصالحة مع الإسلاميين.
– الدعوات للانتخابات المبكرة بدون تحقيق أهداف الفترة الانتقالية واستحقاقاتها التي تؤدي لانتخابات حرة نزيهة بعد المؤتمر الدستوري ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يتوافق عليه الجميع.
كل ذلك، يؤكد ما ظللنا نشير إليه منذ التوقيع على الوثيقة الدستورية (المعيبة) أنها أصبحت حبرا على ورق، ومعبرا لإجهاض الثورة، وامتدادا لسياسات النظام البائد في خرق العهود والمواثيق.
5استمر خرق الوثيقة الدستورية حتى تم القضاء عليها بانقلاب 25 أكتوبر الذي قاد الحرب اللعينة الجارية حاليا، فضلا عن انه لا يحق للبرهان تعديل الوثيقة الدستورية.
عليه يصبح، لا بديل غير مواصلة التحالف القاعدي الجماهيري لوقف الحرب واسترداد الثورة، والدفاع عن وحدة الوطن ووقف مهازل البرهان في تعديلات الوثيقة الدستورية لفرض حكم عسكري ديكتاتوري، ونقض العهود والمواثيق كما في عدم تسليم السلطة للمدنيين بنهاية فترة العسكر، مما يودي للمزيد من التصعيد للحرب بتكوين الحكومة الموازية، ومقاومة إعادة إنتاج الأزمة والحرب مرة بالشراكة مع العسكر والدعم السريع، والعودة لأوضاع ما قبل الحرب، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يحقق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية.
الوسومالبرهان الدعم السريع السودان الشرطة النظام البائد الوثيقة الدستورية تاج السر عثمان بابو تفكيك التمكين جهاز الأمن