سوريا.. شلل اقتصادي والقطاع الخاص يسرح الموظفين
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
لجأ القطاع الخاص في مناطق سيطرة النظام السوري مؤخرا إلى تقليص عمالته وسط أزمة اقتصادية طاحنة، وانخفاض في ربحية مجمل قطاعات الأعمال في البلاد، وهو ما يفاقم من معدلات البطالة المرتفعة أساسا، مهددا آلاف الأسر الإضافية بالانحدار إلى مستنقع الفقر والفاقة.
وقال عضو غرفة تجارة دمشق عماد القباني إن القطاع الخاص يلجأ في الآونة الأخيرة إلى تقليص عدد الموظفين بسبب حالة الركود التي تشهدها الأسواق، وعدم القدرة على تصريف المنتجات، وضعف القدرة الشرائية.
وأضاف في تصريح لصحيفة الوطن المقربة من النظام، في منتصف مايو/أيار الماضي، قوله إن الموظف السوري هو الخاسر الأكبر من تداعيات هذا التقليص بأعداد العمالة.
ومن جهته أكد الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق مجدي الجاموس أن نسبة البطالة في سوريا تتجاوز 37%، في حين أن نسبة البطالة المقنعة فقد تجاوزت 85%.
وفي سياق متصل، أشار الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق شفيق عربش إلى أن الاقتصاد بحالة قريبة من "الشلل الكامل"، مؤكدا أن سوق العمل في سوريا يعاني من خلل بنيوي كبير بسبب هجرة العمالة السورية، وأن كل القطاعات الإنتاجية في سوريا تُنتج بالحد الأدنى.
تراجع القطاع الخاصويعاني القطاع الخاص في مناطق سيطرة النظام تحت وطأة ارتفاع أسعار حوامل الطاقة، وغلاء مستلزمات الإنتاج وصعوبة توفيرها، والقيود المفروضة على الاستيراد، وضعف القدرة الشرائية للمواطن، وإغلاق عدد كبير من المنشآت الصناعية والمعامل أبوابها في السنوات القليلة الماضية.
ويرجع الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم تقليص القطاع الخاص في مناطق سيطرة النظام عدد عماله إلى "انخفاض الربحية" الناتج عن جملة من العوامل، أبرزها:
الضعف الحاد في القدرة الشرائية للسوريين (متوسط الرواتب لا يتجاوز 25 دولارا). التدخل الأمني السافر بالاقتصاد، وإجبار الدولة رجال الأعمال على سداد الأموال لها للسيطرة على انهيار الليرة السورية. ارتفاع تكاليف الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة. تراجع حركة الاستيراد والتصدير الناتجة عن القيود الحكومية. تقييد رجال الأعمال بقوانين اقتصادية تكبّل أنشطتهم. التضييق عليهم وإجبارهم على بيع ممتلكاتهم أو المشاركة بعمليات غسيل أموال "أمراء الحرب". إغراق السوق بالسلع التي يستوردها أمراء الحرب بشكل غير قانوني.سوق العمل في سوريا يعاني من خلل بنيوي كبير بسبب هجرة العمالة السورية (الجزيرة)
ويؤكد الكريم في حديث للجزيرة نت أن استمرار النظام في انتهاج هذه السياسات سيؤدي في نهاية المطاف إلى تقلّص حاد بحجم أعمال القطاع الخاص من جهة، ومن جهة أخرى إلى عجز القطاع العام عن تقديم الخدمات، وبالتالي ارتفاع تكاليفها مقارنة بمتوسط الدخل كنتيجة طبيعية لاختفاء المنافسة المسؤولة عن انخفاض الأسعار.
ومن شأن ذلك أن يدفع مؤسسات النظام السوري إلى "التعاقد مع العالم الخارجي" لتوفير الخدمات مسعّرةً بالدولار، وهو ما يعني فشل وعجز جميع الخطط الاقتصادية المطروحة لتحسين الوضع المعيشي في مناطق سيطرته، بحسب الخبير.
تفشّي البطالة والبطالة المقنّعةوتغزو ظاهرة البطالة المقنّعة مناطق سيطرة النظام بنسبة تصل إلى 85%، وذلك يرجع إلى انخفاض مستويات الإنتاج في مختلف القطاعات الخدمية والصناعية، وتوظيف قوى عاملة فائضة عن الحاجة.
ويرى خبراء أن البطالة المقنعة هي تعبير عن انخفاض كبير في إنتاجية القوى العاملة، أو عدم مساهمة هذه الإنتاجية بشكل فعال في الناتج الإجمالي، وتظهر البطالة المقنعة عندما يتجاوز عدد الموظفين العدد اللازم للقيام بالمهام الوظيفية نفسها، أو عندما يكون عدد الموظفين أكثر مما هو مطلوب لتحقيق نفس المستوى من الإنتاجية.
ويشير الكريم إلى أن هذا النوع من البطالة في سوريا يتركز بمؤسسات القطاع الحكومي، وذلك نتيجة "لسياسة التوظيف في القطاع العام، والتي تراكم موظفين لا يقدمون أي خدمات، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى خسائر كبيرة وعجز حكومي، ويفضي نهاية إلى خصخصة المؤسسات، أو عرضها للتشاركية بسبب انخفاض إمكانياتها، وعدم قدرتها على تلبية حاجة المواطنين".
مضيفا أن هذا النوع من البطالة يؤدي أيضا إلى انخفاض الإنتاجية، وزيادة الرشاوى والفساد، سواء في التوظيف أو الحصول على الخدمات، وإلى توظيف أيدي عاملة لا تملك أي خبرات، وهو "شكل آخر للعسكرة" فالعسكر المسرّحون من جيش النظام غالبا ما يوظَّفون في القطاع العام بدون امتلاكهم المؤهلات اللازمة.
ومن جهته، يرجع عبد العظيم المغربل، الخبير الاقتصادي السوري والباحث في مركز جسور للدراسات، أسباب ارتفاع معدل البطالة في مناطق سيطرة النظام إلى:
دمار المنشآت الصناعية والتجارية. توقف الاستثمارات الأجنبية. المشاكل التي يعاني منها القطاع الخاص. انخفاض قيمة العملة وارتفاع معدل التضخم وانخفاض الأجور.وعن أثر البطالة على الاقتصاد والأفراد يقول المغربل: "تزيد البطالة من حالة الشلل الإنتاجي، وتوقّف عجلة التنمية، وهو ما يؤدي إلى تعثر حركة النشاط الاقتصادي، ويتبع ذلك ازدياد في نسب الجرائم والمشاكل المجتمعية".
بينما يرى المغربل -في حديث للجزيرة نت- أن انتشار البطالة المقنعة يعود أساسا إلى محاولة حكومة النظام التقليل من آثار ظاهرة البطالة عبر توظيف موظفين في القطاع العام لا حاجة فعلية إليهم، وإلى حالة عدم التوافق بين التعليم والمؤسسات، والتي جعلت هناك فجوة بين الذين يبحثون عن العمل والاحتياجات الفعلية لسوق العمل.
أزمة اقتصادية ومعيشية مستمرةوبحسب المغربل، فإن الاقتصاد السوري وصل إلى حالة من الشلل التام نتيجة تدهور القطاع الصناعي، وضعف الإنتاج، وتراجع القطاع الزراعي، وخروج التجار من الأسواق، وفتح الكثير من القطاعات للاستثمارات الخاصة مثل القطاع الصحي والتعليم والتبغ وغيره.
الاقتصاد السوري وصل إلى حالة من الشلل التام نتيجة تدهور القطاع الصناعي، وضعف الإنتاج، وتراجع القطاع الزراعي، وخروج التجار من الأسواق (الجزيرة)وتوقع تقرير حديث للبنك الدولي، في 24 مايو/أيار الماضي، استمرار انكماش الاقتصاد السوري خلال العام الجاري بنسبة 1.5%، مقابل 1.2% في 2023، مشيرا إلى أن أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع.
بينما أعلنت معاونة حاكم مصرف سوريا المركزي مها عبد الرحمن، في لقاء متلفز في 20 مايو/أيار الماضي، ارتفاع معدل التضخم بنسبة 122% حتى أبريل/نيسان الماضي.
وأرجعت عبد الرحمن ارتفاع معدل التضخم إلى العقوبات الغربية، وضعف الإنتاج، وعجز الميزان التجاري، وحالة التمويل بالعجز التي تلجأ إليها الحكومة.
ويعاني السوريون في مناطق سيطرة النظام من أسوأ واقع معيشي منذ بداية الحرب في البلاد قبل نحو 12 عاما، ويعيش نحو 90% منهم تحت خط الفقر منذ عام 2021 بحسب تقارير أممية.
وقدّر تقرير لبرنامج الأغذية العالمي، في 23 مايو/أيار الماضي، أعداد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا بـ 12.9 مليون شخص، بما في ذلك 3.1 ملايين آخرين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی مناطق سیطرة النظام مایو أیار الماضی القطاع الخاص القطاع العام ارتفاع معدل فی سوریا وهو ما
إقرأ أيضاً:
هل تشهد معدلات التضخم انخفاضًا في 2025؟.. خبير اقتصادي يوضح
كتب- حسن مرسي:
كشف الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، عن توجيهات البنك المركزي المصري للبنوك العاملة في البلاد بتلبية احتياجات المستثمرين والمستوردين من العملات الأجنبية، في إطار سلسلة من الخطوات التي تتخذها الحكومة المصرية لمعالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وعلى رأسها ارتفاع معدلات التضخم.
وأكد بدرة، خلال لقائه مع الإعلامية فاتن عبد المعبود، ببرنامج "صالة التحرير"، أن معدلات التضخم في مصر شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، لتصل إلى نحو 26%، وذلك بسبب العديد من العوامل الداخلية والخارجية.
وأشار إلى أن هناك توقعات بانخفاض هذه المعدلات تدريجياً خلال الفترة المقبلة، وربما تصل إلى مستويات أقل بحلول نهاية عام 2025.
وأكد الخبير الاقتصادي أن مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة للأحداث العالمية المتسارعة، وأن التكاليف التي تتحملها الدولة نتيجة هذه التحديات مرتفعة.
وأكد على أن الحكومة المصرية تعمل جاهدة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وذلك من خلال زيادة المعروض من السلع والخدمات، وتشجيع الاستثمار، وتنفيذ مشروعات جديدة تساهم في خلق فرص عمل.
وأكمل: "لو مكنش فيه برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي منذ عام 2016 كان سعر الدولار سيصل لما بين 100 و120 جنيها وليس 49 جنيها، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية والأدوية 3 أضعاف الأسعار الحالية".
وأشاد الدكتور بدرة بالحزمة التيسيرية الضريبية التي أعلنتها الحكومة مؤخراً، والتي تستهدف دعم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرًا إلى أن هذه الحزمة تمثل خطوة مهمة في سبيل تحفيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
الدكتور مصطفى بدرة البنك المركزي المصري العملات الأجنبية الحكومة المصريةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة بعد قليل.. مؤتمر صفحي لرئيس الوزراء ومديرة صندوق النقد الدولي أخبار تفاصيل رسمية عن سفينة ميناء الإسكندرية: أفرغت شحنة للإنتاج الحربي أخبار الحكومة تكشف مستجدات تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة أخبار خبير اقتصادي: إجراءات الحكومة مع صندوق النقد ستتغير بعد توجيهات الرئيس أخبار أخبار مصر هل تشهد معدلات التضخم انخفاضًا في 2025؟.. خبير اقتصادي يوضح منذ 9 دقائق قراءة المزيد أخبار مصر اللواء سمير فرج: مصر تلعب دورًا رئيسيًا في دعم القضية الفلسطينية منذ 27 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر من الافتتاح حتى الختام.. ننشر أجندة المنتدى الحضري العالمي - (مستند) منذ 45 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر