سفراء الاتحاد الأوروبي مجدداً في عدن لدعم قرارات البنك المركزي
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، الأربعاء، عن اختتام رئيسها غابرييل مونويرا فينيالس، وسفراء كل من فرنسا كاثرين كورم-كمون، هولندا جانيت سيبن، وألمانيا هيوبرت ياغر، زيارة رسمية مشتركة إلى العاصمة عدن، هي الثانية من نوعها منذ مطلع العام 2024.
تأتي هذه الزيارة بالتزامن مع احتدام المعركة المصرفية التي تخوضها الحكومة الشرعية مع مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجها مجلس القيادة الرئاسي منذ العام الماضي وبشكل مستمر حتى اليوم.
التقى السفراء الأوروبيون هذه المرة عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، الثلاثاء، وكانت الإصلاحات المصرفية والمالية على رأس القضايا التي تمت مناقشتها في اللقاء، بحسب وكالة الأنباء الحكومية "سبأ"-النسخة الشرعية، والموقع الرسمي لبعثة الاتحاد الأوروبي على الانترنت. وأكد السفراء على دعم الاتحاد ودوله الأعضاء لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، كما حثوا على تضافر الجهود لمعالجة التحديات الاقتصادية وتحسين تقديم الخدمات في ظل الظروف بالغة الصعوبة التي تعيشها البلاد.
وبحسب وكالة "سبأ"، فقد استعرض اللقاء تداعيات الأزمة الاقتصادية جراء استمرار توقف صادرات النفط والغاز بسبب التهديد الحوثي بقصف منشآت التصدير، والمعاناة الإنسانية التي يعيشها المواطنون في العاصمة عدن والمحافظات الأخرى بسبب نقص إمدادات الكهرباء والمياه، وتأخر صرف المرتبات. وطالب الزُبيدي الأصدقاء في دول الاتحاد الأوروبي والدول المانحة، تعزيز دعمهم الإنساني المُقدم لليمن لانتشال الوضع الاقتصادي ووقف انهيار العملة المحلية، ومساعدة الحكومة على تحمّل مسؤولياتها تجاه المواطنين.
وناقش السفراء مع الزبيدي الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها قيادة البنك المركزي لوقف العبث الحوثي بالاقتصاد، وفي هذا الشأن جدد اللواء الزُبيدي التأكيد على مساندة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتلك الإجراءات، باعتبارها الطريق الأمثل لإخضاع المليشيات الحوثية والقضاء على مصادر تمويل إرهابها.
ولم يخل اللقاء من نقاش عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، حيث دعا السفراء إلى "مواصلة الانخراط البنّاء في جهود السلام التي تقدم أفضل السبل نحو مستقبل أفضل لليمن". وبالمقابل أوضح الزبيدي للسفراء تقدير مجلس القيادة الرئاسي والحكومة للموقف السياسي الراهن في ظل استمرار تصعيد مليشيا الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر وباب المندب، وعملية التحشيد واعتداءاتها المستمرة على القوات الحكومية في جبهات الضالع، وكرش، وشبوة، ومأرب وتعز. وجدد عضو مجلس القيادة تأكيده أن وقف التصعيد الحوثي وكبح جماح مليشياته شرط أساسي لأي عملية سياسية، منوها في السياق إلى أن فرص السلام تضاءلت في ظل تعنت هذه المليشيات، وإصرارها على مواصلة إرهابها الذي يستهدف الشعب اليمني وأمنه الغذائي بدرجة رئيسية.
كما التقى السفراء الأوروبيون في هذه الزيارة كلا من وزير التخطيط والتعاون الدولي واعد باذيب، وزير المالية سالم بن بريك، وزير الكهرباء مانع بن يمين، ومحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي. وفي سياق المسار الدبلوماسي لخفض التصعيد، التقوا رئاسة هيئة التشاور والمصالحة.
في جميع هذه اللقاءات، كانت المعركة الاقتصادية والمصرفية على رأس القضايا التي تمت مناقشتها من قبل السفراء الأوروبيين والمسؤولين اليمنيين. وقالت وكالة "سبأ" إن لقاء السفراء بوزير المالية سالم بن بريك، تطرق إلى مستجدات الأوضاع الاقتصادية والمالية والآثار السلبية المترتبة على تصعيد مليشيا الحوثي الانقلابية الإرهابية المدعومة من إيران، لحربها الاقتصادية واستهدافها للمنشآت النفطية، وتوقف تصدير النفط الخام الذي يشكل ما نسبته نحو 65 إلى 70 في المائة من إجمالي الموازنة العامة للدولة، منذ نحو عام ونصف، إضافة إلى تصعيد المليشيا الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، وما سببه ذلك من تفاقم لمعاناة المواطنين والأوضاع الاقتصادية والخدمية والمعيشية، وتعميق المعاناة الإنسانية.
كما تطرق اللقاء إلى الجهود الحكومية للتعامل مع الأوضاع الصعبة الراهنة بسبب استمرار حرب مليشيا الحوثي التي دخلت عامها العاشر، وتكريسها للانقسام المالي في البلاد واستغلالها للموارد المالية بمناطق سيطرتها لدعم ما يُسمى "المجهود الحربي"، وكذا تنفيذ الحكومة الإصلاحات الشاملة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية، بدعم إقليمي ودولي.
أمام الموقف الرئاسي والحكومي الذي لمسه السفراء الأوروبيون في هذه الزيارة، إضافة إلى ما يعرفونه من معلومات عن الوضع الراهن في اليمن وتعنّت المليشيا الحوثية وتصعيدها العسكري والاقتصادي، لم يجد سفراء الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أي مبرر للتحفظ عن إبداء دعمهم لخطوات وإجراءات الحكومة والبنك المركزي لإصلاح الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي وحمايتهما من العبث الحوثي، وبذلك يرتفع المزيد من الغطاء الدولي الذي كانت المليشيا الحوثية تطالب به المجتمع الدولي والإقليمي تحت مبرر الوضع الإنساني. ومع استمرار الجانب الحكومي في تنفيذ قرارات الإصلاح الاقتصادي والمالي بما يشمل عموم المحافظات اليمنية، ستجد مليشيا الحوثي نفسها مكشوفة تماما أمام الرأي العام الوطني والعربي والعالمي.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی الاتحاد الأوروبی ملیشیا الحوثی
إقرأ أيضاً:
بين رهانات الإصلاح وضغوط الانهيار المالي.. الاتحاد الأوروبي يضخ 1.6 مليار يورو لدعم فلسطين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في خطوة تعكس محاولة لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات السلطة الفلسطينية وسط تحديات متفاقمة، أعلنت المفوضة الأوروبية المعنية بشؤون الشرق الأوسط، دوبرافكا سويتشا، أن الاتحاد الأوروبي بصدد تقديم حزمة دعم مالي ضخمة بقيمة 1.6 مليار يورو (نحو 1.8 مليار دولار) على مدى ثلاث سنوات، مشروطة بإجراء إصلاحات هيكلية داخل السلطة الفلسطينية، التي تواجه اتهامات متزايدة بالفساد وسوء الإدارة.
وفي مقابلة مع وكالة "رويترز"، شددت سويتشا على أن هذا التمويل لن يكون "شيكًا على بياض"، بل يرتبط بمدى التزام السلطة بإجراءات إصلاحية تضمن كفاءة الأداء والشفافية والمساءلة، ما يُعد انعكاسًا لفقدان الثقة الأوروبي المتزايد بمؤسسات الحكم الفلسطينية. وأضافت: "نريد منهم أن يصلحوا أنفسهم، لأن بدون الإصلاح لن يكونوا أقوياء أو محل ثقة، لا من قبلنا ولا من قبل إسرائيل".
ووفقاً لتفاصيل الحزمة، يتم تخصيص 620 مليون يورو لدعم مباشر وإصلاح السلطة، و576 مليون يورو لبرامج التكيف وإعادة الإعمار في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب 400 مليون يورو أخرى في شكل قروض من بنك الاستثمار الأوروبي، رهناً بموافقات إدارية. هذه الأرقام تشير إلى تحول في الاستراتيجية الأوروبية من مجرد دعم مالي تقليدي إلى نموذج تمويلي قائم على الشراكة والإصلاح.
وتأتي هذه التطورات عشية عقد أول "حوار سياسي رفيع المستوى" بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والقيادة الفلسطينية في لوكسمبورغ، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الذي تعهد بدوره بتطبيق برنامج طموح لإصلاح المؤسسات العامة، وتحسين الكفاءة، ومحاربة الفساد، ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير.
أزمة مالية خانقة تهدد السلطة بالانهيار
هذا الدعم الأوروبي يأتي في سياق أزمة مالية خانقة تمر بها السلطة الفلسطينية، تفاقمت بفعل الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، التي تشكل نحو 70% من إيرادات السلطة. حيث أقدم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على احتجاز هذه الإيرادات بشكل كامل، مما شل قدرة الحكومة الفلسطينية على دفع رواتب موظفيها المدنيين والعسكريين.
وكانت وزارة المالية الفلسطينية قد أعلنت في يناير الماضي صرف 70% فقط من رواتب نوفمبر 2024، مع حد أدنى لا يتجاوز 3500 شيكل، وسط استمرار تراكم المستحقات للموظفين والموردين المحليين، وتراجع حاد في قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها التشغيلية.
وفي محاولة للالتفاف على الاقتطاعات الإسرائيلية، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسومًا رئاسيًا في فبراير غيّر آلية دفع مخصصات الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء، عبر نقلها إلى "المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي"، بهدف تحصينها قانونيًا من الملاحقات القضائية في إسرائيل والولايات المتحدة.
الرؤية الأوروبية.. بين الواقعية السياسية والحلم المؤجل
يرى الاتحاد الأوروبي في دعم السلطة الفلسطينية ركيزة أساسية لاستقرار الضفة الغربية، ويأمل بأن تكون السلطة قادرة مستقبلًا على تولي إدارة قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية، ضمن رؤية أوسع لحل الدولتين. إلا أن هذا الطموح يصطدم برفض حكومة بنيامين نتنياهو لأي دور للسلطة في غزة، فضلاً عن تجاهلها التام لحل الدولتين.
وتتضح في هذا السياق هشاشة الرؤية الأوروبية، فهي تسعى للحفاظ على السلطة من الانهيار دون أدوات ضغط فاعلة على إسرائيل، في وقت تتسع فيه الفجوة بين الواقع الميداني والتصورات الدبلوماسية التقليدية، بينما تحاول السلطة جاهدة النجاة من أزمتها البنيوية المتعددة الأوجه، والتي لا يمكن حلها فقط عبر الدعم المالي، بل تتطلب مقاربة شاملة تعيد ثقة الفلسطينيين أولًا بمؤسساتهم الوطنية.