فلسطين بين الخامس من حزيران والسابع من اكتوبر
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
د نبيل الكوفحي
…
تاريخ العرب الحديث مليء بالاحداث المؤلمة والمخزية أيضا، ولعل أكثرها فجاعةً وذلاً ما تعلق بفلسطين، فهي سلسلة من الهزائم والخسائر وبعض الخيانات وتراكم من الالام والتضحيات من الشهداء والجرحى والمهجرين والمعتقلين والمحرومين. وقد قدم الشعب الفلسطيني الكثير الكثير من التضحيات، لكن التآمر العالمي والدعم اللامحدود من الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا جعل الانجاز محدودا، لكنه حافظ على بقاء القضية حية في نفوس ابنائها في الداخل والخارج كما الكثير من الشعوب العربية والاسلامية ايضا.
توالت الهزائم العسكرية والاحتلالات الجغرافية واالسياسية منذ وعد بلفور وتعمقت في بعض المحطات المؤلمة كاحتلال 1948 واكتمال احتلال فلسطين كلها عام 1967 وبعض الاراضي العربية المحيطة كسيناء والجولان. وحتى حرب عام 1973 وان حررت بعض اراض من سيناء الا انها كانت خسارة سياسية؛ اذ كانت مقدمة لتحييد مصر عبر معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وما جرته من ” اتفاقيات سلام ” بعدها.
وتوالت الهزائم السياسية في اتفاقيات ” السلام” والتطبيع التي لم تسجل اختراق حقيقي للشعوب المومنة بقضيتها وعدالتها. لكنها اثرت على الصراعات السياسية العربية البينية بالاضافة لاتساع الهوة بين الشعوب العربية وانظمتها بشكل عام.
لكن هذه الامة حية وولادة، فقدمت تضحيات متواصلة في اكثر من مكان، وكانت فلسطين في المقدمة فكانت انتفاضات متتالية اعادت الروح للقضية العربية في فلسطين، وبرزت حركات جهادية تطورت من رمي الحجارة الى اطلاق الصواريخ متوسطة المدى.وكانت غزة كما الضفة الغربية ساحة النزال الرئيسة ضد الاحتلال.
جاء السابع من اكتوبر عام 2023 واستمر اكثر من كل الرهانات على توقفه او انتهائه من الجميع ولربما بعض حلفاء المجاهدين انفسهم، وبالتاكيد فان حجم التضحيات كبير جدا مقارنة بكل الاعتداءات الصهيونبة العدوانية السابقة، لكن قدر الله ان تستمر وتتمدد بابعاد عسكرية وسياسية وثقافية شملت الكثير من دول العالم، واعادت للقضية محوريها لكل القضايا، وكشفت الكافرين من المنافقين وحتما من المؤمنين.
نحن نؤمن ان ما بعد هذا التاريخ ( 7 اكتوبر) ليس كما بعد ( حزيران). كما يعتقد الكثيرون من الاسرائيليين انفسهم والغربيين بشكل اوسع ان تداعيات السابع من اكتوبر لن تتوقف عند حدود المكان والزمان. وما حركة التظاهر والاحتجاجات التى امتدت لكل ارجاء المعمورة الا دليل على ذلك.
ما حدث لحظة انعطاف تاريخي وليست عابرة كغيرها، ولولا خطورتها ما كان هذا الاصطفاف العالمي من دور الشر وعلى راسها الولايات المتحدة الامريكية وفداحة وشراسة العدوان والابادة الجماعية. يكفي انها انهت السردية التاريخية المحرفة للصهيونية، ويسجل لها انها اعادت القضية للمربع الصحيح؛ احتلال وعدوان لا يمكن التعايش معه وان فلسطين لا تتسع الا للعرب الفلسطينين، ومن جاءها غازيا معتديا من خارجها فعليه العودة من حيث اتى.
لن تطول السنوات باذن الله وسنرى وعد الله يتحقق، ولن يخلف الله وعده، وما نحتاجه ان نغير في نفوسنا بانه ما بعد السابع من اكتوبر ليس كما بعد الخامس من حزيران، و ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم).
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: من اکتوبر ما بعد
إقرأ أيضاً:
ما هو الكثير الذي تقدمه الولايات المتحدة لمصر والأردن؟
بعد تصريحات عدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن يقينه من أن مصر والأردن ستوافقان على استقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة، باعتبار أن الولايات المتحدة تقدم لهم "الكثير"، جاءت أحدث تصريحاته أكثر صراحة لتتحدث عن المساعدات المباشرة التي تتلقاها عمان والقاهرة.
ولوّح ترامب، بقطع المساعدات عن الأردن ومصر، قائلا: إن الولايات المتحدة تدفع المليارات سنويا للأردن ومصر، وسكان غزة لن يعودوا إليها، لأننا سنبني لهم أماكن أجمل هناك وأعتقد أنني قادر على إقناع البلدين، فنحن ندفع لهم مليارات الدولارات سنويا، وإذا لم يوافقوا، قد أوقف المساعدات".
صحفي لترامب حول تصريحاته بشأن استقبال الغزيين في مصر والأردن : رئيس مصر وملك الأردن قالا إنهما لن يستقبلا الغزيين كما اقترحت…
ترامب: سيفعلون ذلك. سيفعلون ذلك.
سيفعلون ذلك. نحن نقدم لهم الكثير، وسيفعلون ذلك pic.twitter.com/ZCOF2p9luX — Tamer | تامر (@tamerqdh) January 31, 2025
وأصدرت الأردن ومصر والسعودية وحلفاء عرب آخرون بيانات متعددة في الفترة الماضية، أكدوا فيها رغبتهم الراسخة في حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتعهدوا "بدعمهم الكامل المستمر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه".
المساعدات لمصر
بدأت المساعدات الأميركية الاقتصادية لمصر منتصف القرن الماضي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، واتخذت دورا محوريا عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 بين مصر و"إسرائيل" برعاية أميركية، حيث أضيفت مساعدات عسكرية إليها.
وطوال العقود الماضية تعرضت المساعدات للتوقف أو "التهديد بالتوقف" أكثر من مرة ولا تزال تواجه انتقادات سواء في مصر أو في الولايات المتحدة، طبقا للظروف السياسية بين البلدين.
وتحصل مصر على 2.1 مليار دولار سنويا من الولايات المتحدة، منها 1.3 مليار تذهب إلى الجيش المصري باعتبار أنها مساعدات عسكرية، بينما يُخصص المبلغ المتبقي 815 مليون دولار كمساعدات اقتصادية للحكومة ولمنظمات أخرى غير حكومية.
وترجع أصول هذه المساعدات إلى فترات أقدم من اتفاقية كامب ديفيد، وتحديدا إلى عام 1946 من خلال مساعدات اقتصادية صغيرة القيمة، وهي التي ازدادت عام 1955، ومن ثم توقفت بعد العدوان الثلاثي عام 1956 واستؤنفت عام 1958، ثم توقفت مرة اخرى إبان نكسة يونيو/ حزيران 1967 لتستأنف مرة أخرى عام 1974 بعد حرب السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973.
وبلغت المساعدات الأميركية لمصر أعلى مستوياتها عام 1979، وهو العام الذي شهد توقيع معاهدة السلام بين مصر و"إسرائيل"، حيث أضيفت المساعدات العسكرية إلى الحزمة المقدمة، بقيمة سنوية تبلغ 1.3 مليار دولار.
وتتضمن اتفاقية المساعدات العسكرية الأميركية لمصر عدة تسهيلات للولايات المتحدة، من بينها السماح بمرور القطع العسكرية الأميركية عبر قناة السويس بسهولة وفي أي وقت تحتاج إليه.
وتنص الاتفاقية على عدم تحويل هذه المساعدات مباشرة إلى الحكومة المصرية على شكل أموال سائلة، بل يتم إيداعها في حساب خاص لدى المصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، والذي يقوم بدوره بتحويلها إلى صندوق ائتماني.
ويتولى هذا الصندوق توجيه الأموال إلى شركات تصنيع السلاح والموردين، مما يضمن للولايات المتحدة استمرار تشغيل هذه الشركات وتوفير وظائف للمواطنين الأميركيين.
ومنذ عام 1946 وحتى الوقت الحالي، قدمت الولايات المتحدة لمصر أكثر من 85 مليار دولار كمساعدات خارجية ثنائية، وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، قررت الولايات المتحدة وإدارة ترامب الجديدة تعليق معظم مساعداتها الخارجية، باستثناء تلك العسكرية المقدمة لمصر و"إسرائيل"، في انتظار مراجعة شاملة لبرامج المساعدات.
بالإضافة إلى المساعدات السنوية، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا على صفقة أسلحة لمصر بقيمة 5 مليارات دولار، تشمل صواريخ ومعدات عسكرية متطورة، مما يعزز القدرات الدفاعية المصرية، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
ويذكر أن الولايات المتحدة كانت تربط جزءا من هذه المساعدات بشروط تتعلق بحقوق الإنسان، وهو ما حدث سابقا بوضع الكونغرس قيودا على جزء من المساعدات العسكرية لمصر، مشترطا تحقيق تقدم في مجال حقوق الإنسان للإفراج عن هذه الأموال.
وحذّرت مصر من أن تجاهل تسوية القضية الفلسطينية "يهدد بنسف أسس السلام" في المنطقة، حسب بيان لوزارة الخارجية المصرية في ظل جدل حول مقترح ترامب، بنقل الفلسطينيين من قطاع غزة وتحويله إلى "مشروع عقاري".
ودعا بيان الخارجية المصرية المجتمع الدولي "إلى التوحد وراء رؤية سياسية لتسوية القضية الفلسطينية"، مؤكدة تمسك مصر "بموقفها الرافض للمساس بتلك الحقوق، بما فيها حق تقرير المصير والبقاء على الأرض والاستقلال، كما تتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك وطنهم".
واختتمت الوزارة بيانها بالتأكيد على مواصلة مصر تعاونها "مع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين للتوصل إلى السلام الشامل والعادل في المنطقة، وإقامة دولة فلسطين المستقلة على أرضها وفقاً للقانون الدولي على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشريف".
المساعدات للأردن
بدأت الولايات المتحدة بتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية للأردن منذ عامي 1951 و1957 على التوالي، ويقدر المبلغ التي حصلت عليه عمان منذ ذلك الوقت بحوالي 30 مليار دولار.
وفي عام 2022، وقّعت الولايات المتحدة والأردن مذكرة تفاهم رابعة تمتد لسبع سنوات (من 2023 إلى 2029)، تلتزم فيها الولايات المتحدة بتقديم 1.45 مليار دولار سنويا من المساعدات الاقتصادية والعسكرية للأردن.
ويعد هذا الالتزام الأكبر من نوعه، حيث يصل إجمالي المساعدات إلى 10.15 مليار دولار على مدى سبع سنوات، وكان من المتوقع أن تصل المساعدات إلى 2.1 مليار دولار، وهو مبلغ قياسي مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن توقفت بوجوب قرار ترامب والمراجعة نظام المساعدات لمدة 90 يوما بشكل مبدئي.
وتُستخدم المساعدات الأمريكية في دعم الموازنة الأردنية وتمويل مشاريع تنموية في مجالات متعددة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، كما تُعزز هذه المساعدات التعاون الدفاعي بين البلدين، حيث تُخصص جزء منها لدعم القوات المسلحة الأردنية.
وتُعتبر المساعدات الأمريكية للأردن جزءًا من استراتيجية الولايات المتحدة لـ"تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، نظرًا لدور الأردن المحوري في قضايا المنطقة واستضافته لعدد كبير من اللاجئين".
في ظل تعليق المساعدات، إذ لم يُذكر الأردن ضمن الاسثناء الذي شمل "إسرائيل" ومصر هذا الاستثناء، تواجه البلاد تحديات اقتصادية قد تدفعها للبحث عن بدائل، مثل تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي أو دول أخرى لتعويض النقص المحتمل في التمويل، نظرا لأن المساعدات الأمريكية تشكل 85 بالمئة من مجموع المساعدات الدولية التي تتلقاها الأردن.
وعن هذا وقال المدير التنفيذي للمركز العربي في واشنطن العاصمة، خليل جهشان: إن "ما فعله ترامب هو وضع مستقبل المملكة الأردنية الهاشمية على المحك".
وأضاف جهشان بحسب مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، أن "أقوى تيار سياسي في الأردن لا يقبل فكرة أن الأردن هو فلسطين".