تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إبرام صفقة مع الولايات المتحدة كجزء من إستراتيجية لإعادة تشكيل اقتصادها، تتمثل بالتركيز على الذكاء الاصطناعي.

وأكدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها ترجمته "عربي21" أن الإمارات تسعى إلى "التحالف" مع الولايات المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي؛ حيث تأمل الدولة الخليجية في استخدام ثروتها النفطية لتصبح قوة عظمى عالمية في تطوير التكنولوجيا المتطورة.



وحسب الصحيفة؛ قال وزير الذكاء الاصطناعي الإماراتي، عمر سلطان العلماء: إن الصفقة الأخيرة مع مايكروسوفت للاستحواذ على حصة بقيمة 1.5 مليار دولار في مجموعة "جي 42" التجارية الرائدة في الذكاء الاصطناعي في أبو ظبي، كانت مجرد بداية لتعاون تقني أكبر بين البلدين.


وأدت هذه الصفقة، التي أعقبت أشهر من المفاوضات بين المسؤولين الأمريكيين والإماراتيين، إلى وعد مجموعة الـ42 بالتخلص من الأنظمة الصينية في ظل سعي الولايات المتحدة للحفاظ على هيمنتها على الذكاء الاصطناعي.

وقال الوزير العلماء: "الآن سوف ترون نتائج هذا التحالف، إذا جاز لي استخدام هذه الكلمة، بين كل من مجموعة ال42 ومايكروسوفت، وأيضًا بين الإمارات والولايات المتحدة. عندما تنظر إلى التكنولوجيا الرائدة، في أحدث التقنيات، يجب أن يكون ذلك بالتنسيق مع اللاعبين الأمريكيين ويجب أن تكون هناك تطمينات يتم تقديمها للولايات المتحدة".

وأضافت الصحيفة أنه بدعم من صناديق الثروة السيادية التي تبلغ قيمتها حوالي 2 تريليون دولار، برزت طموحات الإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر وضوحًا هذه السنة حيث تحاول تقليل اعتمادها الاقتصادي على الوقود الأحفوري جزئيًا من خلال وضع نفسها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي.

وأنشأت أبو ظبي الإستراتيجية الاستثمارية "إم جي إكس" التي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، ويرأسها مستشار الأمن القومي الإماراتي القوي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.

وأفادت صحيفة "فايننشال تايمز" أن الإستراتيجية الاستثمارية "إم جي إكس" تجري محادثات مع شركة "أوبن أيه آي" ومقرها سان فرانسيسكو حول خطط تطوير الرقائق الخاصة بها، وقد قاد الشيخ طحنون المناقشات بين الإمارات والولايات المتحدة حول الذكاء الاصطناعي.

وتعمل دولة الإمارات على بناء قدرات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الرئيسية بدءًا من الرعاية الصحية وصولا إلى الدفاع، وتؤمن بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد أكبر مؤسساتها على أن تصبح أكثر كفاءة. 

وقالت شركة النفط الوطنية في أبو ظبي إن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ساعد في تحقيق وفورات في التكاليف بقيمة 500 مليون دولار السنة الماضية من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية وجعل العمليات أكثر بساطة.


وأفادت الصحيفة بأن الإمارات تواجه منافسة عالمية شديدة. وتكافح الولايات المتحدة والصين لتقلّد الريادة التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي، في حين تجتذب الشركات الناشئة في المملكة المتحدة وفرنسا ومختلف أنحاء آسيا استثمارات بمليارات الدولارات من المستثمرين الدوليين.

ومع ذلك؛ فإن الميزة التي تتمتع بها الإمارات هي قدرتها على توفير وصول لا مثيل له إلى رأس المال، كما أن التوقعات بأن أبوظبي ستستثمر بكثافة في مشاريع الذكاء الاصطناعي في الخارج قد اجتذبت أيضا قادة الصناعة إلى البلاد في الأشهر الأخيرة، من سام ألتمان من شركة "أوبن أيه آي" إلى جنسن هوانغ من شركة "إنفيديا".

وذكرت الصحيفة أن الإمارات قامت بتخزين الرقائق اللازمة لتشغيل نماذج اللغات الكبيرة؛ حيث يقدر العلماء أن الدولة قد تراكمت لديها مخزون متراكم من شأنه أن يخدم احتياجاتها لمدة سنتين. ومع ذلك، يسعى المسؤولون الأمريكيون أيضًا إلى إبطاء شحن بعض رقائق الذكاء الاصطناعي إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك الإمارات، وفقًا لبلومبيرغ.

ويشعر بعض المراقبين بالقلق من قدرة  الإمارات الاستبدادية على الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

ونقلت الصحيفة عن مارييتي شاكي، زميلة السياسة الدولية في معهد الذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان بجامعة ستانفورد، قولها إن السياسة الأمريكية بشأن الذكاء الاصطناعي كانت حتى الآن عملية، وتركز بشكل ضيق على مكافحة الصين.

وأضافت شاكي، العضوة السابقة في البرلمان الأوروبي، إن "التركيز المنفرد على الصين يعني أن الدول الأخرى يمكن أن تدعي أنها جزء من تحالف ذي تفكير مماثل، والإدارة الأمريكية تغض الطرف بكل سرور عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان في هذه الأثناء".

وقد أصدر مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة في أبو ظبي هذا الشهر أحدث نموذج لغوي كبير له، فالكون 2، والذي قال إنه تم تقييمه من قبل مقيمين خارجيين على أنه أداء جيد أو أفضل من منافسيه من شركتي ميتا وغوغل.

وأنشأ مجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة شركة تجارية للذكاء الاصطناعي، "أي آي 71"، لبناء نماذج تعتمد على بيانات حكومة الإمارات من السلطات الصحية والنظام القضائي.

وقال فيصل البناي، الأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتقدمة إن البيانات الحكومية تمنح الإمارات "ميزة حاسمة قوية للغاية في هذه اللعبة، حيث يوجد عدد قليل جدًا من اللاعبين الذين لديهم الكثير من بيانات الملكية".


وذكرت الصحيفة أن أبوظبي افتتحت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، كأول جامعة متخصصة في الذكاء الاصطناعي في العالم، في سنة 2019؛ حيث ساعدت الجامعة في إنشاء قناة للمواهب في دولة الإمارات، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للدولة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة فقط، ومعظمهم من المغتربين. وقال تيم بالدوين، عميد الجامعة، إنه على الرغم من أن خمس طلاب الدراسات العليا بالجامعة هم من الإمارات، فإن 22.5 بالمئة منهم من الصين.

وأفادت الصحيفة أنه بينما تركز أبو ظبي على بناء تقنيات الذكاء الاصطناعي، ترغب إمارة دبي المجاورة لها في تطبيقها؛ حيث تخطط دبي لزيادة قدرات مراكز البيانات لديها لاستضافة الحوسبة السحابية اللازمة للذكاء الاصطناعي، وهي ترغب في تعزيز "مجموعات" الذكاء الاصطناعي من الشركات حول الصناعات القائمة مثل التمويل.

واختتمت الصحيفة تقريرها بما قاله سلطان العلماء من أن "هناك اعتقاد لدى جميع المستويات القيادية في دولة الإمارات بأن الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا التي سنركز عليها. وسوف تشكل القرارات التي نتخذها اليوم  مستقبل  الإمارات للأجيال القادمة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإمارات الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة الإمارات تقنية الذكاء الاصطناعي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی فی الولایات المتحدة للذکاء الاصطناعی دولة الإمارات الصحیفة أن أبو ظبی

إقرأ أيضاً:

رفقاء افتراضيون: هل يهدد الذكاء الاصطناعي جوهر العلاقات الإنسانية؟

وكالات

يشهد العالم تحولاً لافتاً في طريقة تواصل البشر، حتى على الصعيد العاطفي، حيث أصبحت العلاقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي واقعًا يكتسب شعبية متزايدة.

ففي عام 2024، بلغت قيمة هذا السوق نحو 2.8 مليار دولار، ومن المتوقع أن تقفز إلى 9.5 مليار دولار بحلول عام 2028، وفقًا لتقارير عالمية، وتدل الزيادة الهائلة بنسبة 2400% في عمليات البحث عن مصطلحات مثل “صديقة الذكاء الاصطناعي” على موقع “غوغل” بين عامي 2022 و2024، على تنامي الاهتمام بهذه الظاهرة.

فمنصات مثل “Character AI” تستقطب ملايين المستخدمين شهريًا، معظمهم من الرجال، وفقاً لما أورده موقع “سايكولوجي توداي”، ومع تدفق الاستثمارات والإعلانات على هذا القطاع، يبدو أن العلاقات الافتراضية لم تعد مجرّد تجربة هامشية، بل خيارًا حقيقيًا للبعض، يقدم رفقة خالية من الخلافات وتفاعلًا عاطفيًا مُخصصًا حسب الطلب.

ولكن، ومع كل ما يبدو من جاذبية في هذه العلاقات، تبرز تساؤلات جوهرية: ما الذي تعنيه هذه التحولات لمستقبل العلاقات الإنسانية؟ وهل نحن مستعدون للتنازلات التي قد تفرضها هذه التكنولوجيا الجديدة؟

وعبر التاريخ، دفعتنا الرغبة في إيجاد شريك عاطفي إلى تحسين ذواتنا، سواء عبر تعزيز الثقة بالنفس أو تطوير مهارات التواصل والتعاطف. هذا الدافع الطبيعي لم يُشكّل الأفراد فحسب، بل ساهم في تشكيل البُنى الاجتماعية.

وغير أن “عشاق الذكاء الاصطناعي” قد يغيّرون هذه المعادلة، إذ يقدمون رفقة مصممة خصيصًا لتلبية رغبات المستخدم دون الحاجة لبذل أي جهد.

والشركاء الرقميون مثاليون على نحو غير واقعي: لا يخطئون، لا يطلبون شيئًا، ويستجيبون دومًا بما يُرضي، وهذا النموذج، وإن بدا مريحًا، قد يرسخ تصورات خاطئة عن العلاقات الواقعية، حيث الاختلافات والمشاعر والاحتياجات المتبادلة هي القاعدة.

كما أن محاكاة الذكاء الاصطناعي للمشاعر، كأن “يخبرك” رفيقك الرقمي عن يومه السيئ، قد يخلق وهمًا بالتواصل الإنساني، لكنه في الحقيقة يفتقر إلى عمق التجربة البشرية.

وهنا تكمن الخطورة: إذا وُجه تعاطفنا نحو كيانات لا تشعر حقًا، فهل سنفقد تدريجيًا قدرتنا على التعاطف مع من حولنا؟ وأي نوع من المجتمعات قد ينشأ إذا غابت هذه القيمة؟

وتتطلب العلاقات الحقيقية مهارات معقدة كالصبر والتنازل والقدرة على رؤية الأمور من وجهات نظر مختلفة، وهي مهارات لا تقتصر فائدتها على الحب فقط، بل تمس كل جوانب الحياة الاجتماعي، لكن العلاقات الافتراضية لا تستدعي هذا المجهود، ما قد يؤدي إلى تراجع قدرة الأفراد على التفاعل الإنساني السليم.

وفوق هذا كله، تبقى هناك عناصر لا يمكن استبدالها رقمياً، مثل التلامس الجسدي، الذي أثبتت الدراسات أنه يعزز من إفراز هرمونات الترابط، ويقلل التوتر، ويمنح شعورًا بالراحة لا يمكن تعويضه برسائل نصية أو محادثات افتراضية.

وحتى الآن، لا تزال الآثار النفسية لعلاقات الذكاء الاصطناعي قيد الدراسة، لكن مؤشرات مقلقة بدأت بالظهور، فزيادة الاعتماد على الرفقاء الرقميين قد تؤدي إلى عزلة اجتماعية، وتعزيز توقعات غير واقعية من العلاقات البشرية، بل وربما تفاقم مشكلات مثل القلق والاكتئاب، وهي نتائج تتماشى مع دراسات سابقة ربطت الاستخدام المفرط للتكنولوجيا بتراجع الصحة النفسية.

إقرأ أيضًا:

ديب سيك تضرب بقوة تحديث جديد يهدد عرش أوبن إيه آي

مقالات مشابهة

  • مناقشة تأثير «الذكاء الاصطناعي»على الديمقراطية وحقوق الإنسان
  • أي دولة ستحسم سباق ريادة الذكاء الاصطناعي عالميًا؟
  • روسيا ترحب بالمحادثات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي
  • تحذير أممي: الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على 40% من الوظائف خلال العقد المقبل
  • الرسوم الجمركية المتبادلة التي تفرضها الولايات المتحدة ستضرّ بالآخرين ونفسها أخيرًا
  • رفقاء افتراضيون: هل يهدد الذكاء الاصطناعي جوهر العلاقات الإنسانية؟
  • الذكاء الاصطناعي يرصد مخالفات استخدام الهاتف في الأردن
  • طرح «الإقامة الزرقاء».. أول مدينة سكنية بخدمات «الذكاء الاصطناعي» في الشرق الأوسط
  • ترمب: دول العالم تتواصل مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية
  • الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الخطوة التالية لقطاع التكنولوجيا..ما المخاطر؟!