عودنا شهر يونيو أنه يأتى ساخنًا مناخيًا وسياسيًا واقتصاديًا، يذكرنا بأحداث حزن وفرح، ويفاجئنا بقرارات تثير الغضب، ثم يعدنا بإجراءات نهايتها جنى التمر، حياتنا تشبه ركاب طائرة يقودها طيار ماهر، متمكن، واثق، الطائرة تواجه أحوالًا جوية سيئة، الركاب بين الجذع والطمأنينة، قائد الطائرة يعبر الأجواء الصعبة وفى قرارة نفسه أنه سيهبط بسلام بعد ترويضه الرياح العاتية، ويصفق له الركاب على سلامة الوصول، الحياة ليست كلها سعادة فيها ابتسامة وفيها آه، فيها أوقات تتطلب ربط الحزام، وشده على الوسط، وفيها أوقات يتم فك الحزام، وتستمر بين الشد والراحة، لأنها الحياة، فهى ليست لهوًا ولعبًا، هى جد كثير، وراحة بين الأشواط، واستئناف الحياة معناه العمل والتعب والعرق، والدموع أيضًا، لا يوجد شىء مجانًا، من طلب العلا سهر الليالى، ومن تخلف عن الدرب هلل، والشعوب النائمة لا تستمتع بضوء القمر.
فى 5 يونيو 1967، أى منذ 57 عامًا فى مثل هذا الشهر حدثت النكسة، كانت هزيمة قاسية، وأول من ظلم فيها الجيش المصرى الذى نسبت له الهزيمة، رغم أنه لم يخض الحرب، وعلى النقيض نسب لجيش إسرائيل نصرًا لا يستحقه. ويعتبر يوم الخامس من يونيو يومًا فارقًا فى تاريخ مصر والعالم العربى، كان يومًا مشئومًا بكل معانى الكلمة صحا فيه الشعب المصرى من كابوس انهيار حلم، بل أحلام بالتنمية وبالعدالة الاجتماعية، كما كانت أحلام التحرر من بقايا الاستعمار هدفًا ساميًا، ليس فى مصر وحدها، ولكن فى العالم أجمع.
وفى السادس من اكتوبر 1973، نجحت القوات المسلحة المصرية الباسلة من محو هزيمة 5 يونيو، وكسرت أنف الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، وأثبت الجندى المصرى قدراته العالية، وحول الحزن إلى أفراح، وألحق بالجيش الإسرائيلى أكبر هزيمة فى تاريخه؛ وعبر الجيش المصرى قناة السويس - أكبر مانع مائى فى العام - وحطم أكبر خط دفاعى «خط بارليف» وكانت هذه الحرب سببًا فى تحرير سيناء.
وفى 30 يونيو 2013 أى منذ 11 عامًا، استولت جماعة الإخوان الإرهابية على السلطة فى مصر، وقضت فى الحكم عامًا وثلاثة أيام، ارتكبت خلالها جرائم فادحة أنهت العلاقة بينها وبين الشعب المصرى بعد أن رسخت الجماعة على مدار عام حالة من الاستقطاب الحاد وتقسيم المجتمع بين مؤيد لمشروع الإخوان وهو تحويل مصر إلى إمارة اسلامية تحكمها فقيه، وبين معارض له، ووضعت البلاد على حافة الحرب الأهلية، فثار الشعب المصرى ونزل إلى الميادين، واستدعى القوات المسلحة لإنقاذه من الفصيل الإخوانى الإرهابى، وإنقاذ البلاد من مصير مجهول كان ينتظرها على أيدى الجماعة الإرهابية، وسقط حكم الإخوان عندما أراد الشعب بفضل انحياز الجيش والشرطة إلى مطالبه، واستردت مصر عافيتها بعد أن كانت على حافة الانهيار وطلبت الملايين من السيسى قيادة البلاد، فلبى طلب الشعب وقبل المهمة الصعبة وخاض معركتين من أشد المعارك فى وقت واحد، هما معركة مواجهة الإرهاب ومعركة البناء، وانتصرت مصر على الإرهاب وجففت منابعه، وما زالت تبنى وتعلى البناء لإقامة الجمهورية الجديدة التى يتمتع فيها الجميع بالحقوق والواجبات المتساوية تحت شعار كبير اسمه المواطنة.
مواجهة الإرهاب التى نجحت فيها مصر، هى مسئولية مجتمعية يجب أن يقوم بها المجتمع بالكامل بكافة مؤسساته، وتبدأ محاربة الإرهاب بالتصدى للفكر المتطرف، وتأتى المواجهة الأمنية فى النهاية، بعد الدور الإعلامى والتشريعى، والحزبى والدين.. تقريبًا المواجهة الأمنية كان لها الدور الأكبر فى المواجهة، وفقدت مصر المئات من أبناء القوات المسلحة والشرطة الذين ضحوا بحياتهم حتى تتطهر مصر من الخونة الذين كانوا يهدفون إلى تقديم مصر قربانًا لمشروع الشرق الأوسط الجديد، مع اقتطاع جزء لهم «للإخوان» لإقامة إمارة يأكلون فيها ويشربون ويتكاثرون ويتلقون تعليمات المرشد والفقيه لاشعال نار الفتنة بين المصريين بعد اجبار المسيحيين على الهجرة. ولكن بهت الذين رفعوا السلاح فى وجه الوطن. وجاءت نهايتهم على يد أحفاد أبطال نصر أكتوبر.
تكلفة مواجهة الإرهاب كانت باهظة ولأن القائد السيسى لا يعمل بعيدًا عن المصريين فهو دائمًا ينسب لهم كل نجاح ويتحمل عنهم كل مصاعب، فقد اتخذ قرارًا صعبًا وهو الإصلاح الاقتصادى، الذى لم يكن هناك شيء آخر بدلاً عنه، لم يعبأ بشعبيته لكنه كان يلجأ إلى الدواء المر لعلاج المرض قبل أن يستفحل فى البلد التى أعياها الإرهاب الذى كان يمول من أجهزة استخبارات عالمية ومدعومًا من دول تريد لهذا الوطن أن يسقط.. المصريون يتقبلوا قرار السيسى لأنه كان صادقًا معهم، وتحملوا أعباء الإصلاح الاقتصادى التى وصلت إلى تحريك أسعار الخبز، هو قرار صعب، الرئيس كاره له، لكنه ضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية التى طالت كل دول العالم، فقد تعاهدنا على الحلوة والمرة منذ بداية تحرير الوطن من حكم الإخوان وتحملنا تحولهم إلى الإرهاب لأن خطتهم كانت الاستيلاء على مصر حية أو ميتة!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب يونيو حكاية وطن الغضب ركاب طائرة الرياح العاتية
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. عرض تجربة الخبز المصري القديم بـ المتحف المصري بالتحرير
لأول مرة يقدم المتحف المصري بالتحرير تجربة فريدة من نوعها ،عبر عرض ڤاترينة بها نماذج حديثة لأنواع مختلفة من الخبز المصري القديم تم انتاجها باستخدام المصادر المختلفة المتاحة من نقوش جدران المعابد والمناظر الطقسية ومناظر الحياة اليومية للمصري القديم.
أوضحت إدارة المتحف المصرى بالتحرير ، أن المعرض مقام بقاعة 43 بالدور العلوي بالمتحف ولمدة ثلاثة أشهر، متاح للزيارة خلال مواعيد العمل الرسمية للمتحف دون أي رسوم إضافية.
يذكر أن وضع حجر أساس المتحف المصري بالتحرير في القرن الـ 19 والذى شهد افتتاحة حضور الخديوي عباس حلمي الثاني فى 15 نوفمبر 1902، ويصنف بانه أقدم متحف آثري في الشرق الأوسط ،ويقتني بداخل طرقته الممتدة على قطع آثرية فريدة تعود لعدة عصور.
وصمم المهندس المعماري الفرنسي مارسيل دورغون الشكل الهندسي لـ المتحف المصري بالتحرير والمتميز بشكل العمارة اليونانية الرومانية ، وذلك عقب مسابقة عالمية تمت عام 1895 ميلاديا ، ليكون أيقونة المتاحف حول العالم ومزارا سياحيا يقصد سائحي العالم.
ويضم المتحف المصري بالتحرير أشهر القطع الاثرية عبر تاريخة كان ابرزها قناع الملك توت عنخ آمون الذى انتقل الى المتحف المصري الكبير ، بالاضافة الي قطع آثرية للمجموعة الجنائزية ليويا وتويا ولوحة نارمر بالااضفة الي تماثيل خاصة بملوك وملكات مصر في العصر القديم.