تناولت فى الحلقات الثلاث السابقة الخدمات العامة والتعليمية التى تقدمها مصر لأكثر من عشرة ملايين لاجئ يكلفون الخزانة المصرية نحو عشرة مليارات دولار سنويا، وقلت إن الاقتصاد المصرى لم يعد قادرا بظروفه الصعبة الحالية على تحمل عبء هذه الفاتورة، حتى وإن كانت تأتى مساعدات لهؤلاء اللاجئين من هنا أو هناك فهى لا تمثل شيئا فى بحر ما تقدمه مصر من خدمات مباشرة وغير مباشرة.
هذه الخدمات، وكما يجمع الكثيرون ممن تفاعلوا مع ما أكتبه أولى بها المواطن المصرى الذى تلهب ظهره أسعار الدواء، وتحرق دمه، وترفع ضغطه فاتورة العلاج، وتلاحقه موجات الغلاء الفاحش أينما حل وذهب، وصار يكلم نفسه ويضرب أخماسا فى أسداس؛ جراء ما يتجرعه من صدمات أسعار ترتفع دوما ولا تنخفض، فى غياب تام لرقابة تتم على الورق فقط وفى تقارير وهمية لا تزيد المواطن إلا بلاء وحسرة من تجار جشعين ومحتكرين لا يرحمون بشر.
واليوم، سأزيدكم من الشعر بيتا، وأرصد لكم إلى أى مدى يتمتع اللاجئ بكافة الخدمات الصحية المجانية التى تقدم للمواطن، فبسهولة ويسر يمكن لأى لاجئ إذا شعر بأى تعب أو إرهاق أو مرض أن يتجه فورا لأقرب مستشفى أو مركز صحى، ويقطع تذكرة زهيدة الثمن لا تزيد على عشرة جنيهات، ويدخل الطوارئ، يتم الكشف عليه من الطبيب المعالج وتجرى له كافة الفحوصات والتحاليل الطبية، وقبل أن يخرج يتجه إلى الصيدلية ويحصل على العلاج المتوفر واللازم لحالته، تماما كما يحدث مع المواطن ابن البلد الذى يدفع الضرائب وكل ما عليه من التزامات مالية تجاه حكومته، وربما لا يجد بعض الأدوية المهمة ولاسيما الخاصة بأمراضه المزمنة مثل أدوية أمراض القلب والضغط والسكرى، ويضطر لشرائها مجبرا من الصيدليات الخارجية بثمن مرتفع.
ولكم أن تتخيلوا، أن اللاجئة الحامل، تتمتع أيضا مثل أى امرأة مصرية بالتطعيمات والرعاية المجانية طيلة فترة الحمل، وكذا أولادها وبناتها فمثلهم مثل كل أطفال وأبناء مصر لهم كافة حقوق الرعاية الصحية.. عظيمة يا مصر والله (!)
أما إذا كانت حالة اللاجئ صعبة جدا، وتتطلب تدخلا جراحيا عاجلا ولا يجد سريرا للرعية المركزة أو غرفة عمليات متوفرة، فيمكنه هنا ومن خلال مفوضية شئون اللاجئين طلب المساعدة العاجلة من بعض المنظمات الإنسانية العاملة فى مجال غوث اللاجئين مثل منظمة كاريتاس، وتقوم بتدبير التكلفة وتسيير أموره العلاجية فى أى مستشفى خاص قد لا يجد المواطن سريرا فيه ولهذه المنظمة فروع بالقاهرة الكبرى والإسكندرية ودمياط ومرسى مطروح وأسوان.
ولا تترك مصر أصحاب الهمم وذوى الاحتياجات الخاصة من اللاجئين وأبنائهم فهم أيضا مشمولون بالرعاية، وهناك تليفون خاص بهم يمكنهم الاتصال عليه فى أى وقت لطلب المشورة والدعم والحجز.. وهناك هيئة إنقاذ الطفولة، فهى تتحمل فى حالات كثيرة تكاليف بعض العمليات الحرجة والخطيرة فى المستشفيات المتخصصة التابعة لوزارة الصحة أو للمستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، وهو ما تفعله أيضا جمعية مصر الملجأ.
أما مرضى فيروس نقص المناعة (الإيدز) والسل فهم محل عناية ورعاية المحروسة أم الدنيا، وتقدم لهم الخدمات بالمجان وفى أفضل المستشفيات المتخصصة، حتى وإن لم يكن اللاجئ أو المهاجر قسرا مسجلا فى سجلات المفوضية أو يحمل بطاقتها، وهذا الشىء يسرى على أى لاجئ، فلا تطلب منه مستشفيات مصر إبراز بطاقة خدمات الرعاية الصحية التى تصدرها المفوضية إلا نادرا ( تخيلوا.. انظروا كيف تتعامل مصر مع ضيوفها الكرام).
وإلى الأسبوع القادم.. إن شاء الله نكمل حلقاتنا.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اللاجئون فى مصر ملف شائك 4 الخدمات العامة الخزانة المصرية الصعبة الحالية الاقتصاد المصري
إقرأ أيضاً:
"نيويورك تايمز": اللاجئون السوريون يريدون العودة إلى ديارهم لكن "المفاجأة كانت قاسية"
سارت لبنى اللباد بين أنقاض حيّها المدمر في حي القابون بدمشق، حيث لم يتبقَّ سوى مسجد واحد صامد، وعليه عبارة قديمة خُطّت منذ استسلام المعارضة للنظام السوري خلال الحرب الأهلية الدامية: "سامحونا أيها الشهداء".
وبعد انتهاء الحرب التي دامت 13 عاماً وسقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول)، بدأت العائلات النازحة، مثل لبنى وزوجها دعاس وابنهما البالغ من العمر 8 سنوات، في العودة إلى ديارهم، لكن المفاجأة كانت قاسية؛ إذ لم يتبقَّ للكثيرين منازل يعودون إليها، وفقا لتقرير في صحيفة "نيويورك تايمز".
Syrians Want to Go Home, but Many No Longer Have One to Return To https://t.co/VKk10OGhYh A reminder that 1/3 of buildings in Syria are destroyed. Before there can even be reconstruction, the rubble needs to be taken away.
— Aaron Y. Zelin (@azelin) March 13, 2025 عودة محفوفة بالدماربالنسبة للبعض، مثل عائلة اللباد، فقد وجدوا منزلهم قائماً لكنه تعرض للنهب، حيث سُرقت الأنابيب والمغاسل وحتى المقابس الكهربائية. ورغم ذلك، اعتبروا أنفسهم محظوظين مقارنة بالذين عادوا ليجدوا منازلهم قد تحولت إلى ركام.
الحرب السورية أجبرت أكثر من 13 مليون شخص على الفرار، في واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. أكثر من 6 ملايين فروا إلى خارج البلاد، بينما نزح أكثر من 7 ملايين داخل سوريا.
العديد من هؤلاء اللاجئين استقروا في دول أخرى، حيث أسسوا حياة جديدة قد يصعب عليهم التخلي عنها والعودة إلى سوريا، خاصة في ظل الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل.
1 in 2 people in Syria have fled their homes.
1 in 2 health centres no longer work.
1 in 2 people without enough to eat.
Syria is exhausted by war. pic.twitter.com/Xouk59TFnk
صرّح الرئيس السوري المؤقت أحمد الشارع في يناير (كانون الثاني)، أن الملايين سيعودون خلال عامين، لكن التحديات كبيرة، فالوضع الاقتصادي متدهور، وفرص العمل شبه معدومة، والبنية التحتية ما زالت في حالة خراب. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأوضاع الأمنية لم تستقر بعد، حيث لا تزال هناك مناطق تعاني من التوترات.
حتى الآن، لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد العائدين، لكن العديد منهم جاءوا فقط لتفقد منازلهم، دون القدرة على الاستقرار بسبب الدمار الهائل.
وبعض اللاجئين في تركيا والأردن ما زالوا يراقبون الأوضاع عن كثب قبل اتخاذ قرار العودة.
دمار واسعووفقاً لتقرير أممي عام 2022، فقد دُمّر أكثر من 328 ألف منزل في سوريا بالكامل أو تعرض لأضرار جسيمة، بينما تأثر ما بين 600 ألف- ومليون منزل بأضرار متوسطة أو طفيفة. ومع وقوع زلزال مدمر في 2023، زادت الأضرار بشكل كبير، مما جعل إعادة الإعمار أكثر صعوبة.
وتقول الصحيفة إنه في ظل غياب خطط حكومية واضحة لإعادة الإعمار، يواجه السوريون صعوبات في إعادة بناء حياتهم، خاصة مع الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة، والتوترات الطائفية المتزايدة. الحكومة لم تقدم أي خطط ملموسة لمساعدة السكان على إعادة بناء منازلهم أو تعويضهم عن الخسائر.
Up to one million desperate Syrians living in camps and displacement sites across the country’s northwest intend to return home within the next year – sparking deep concerns of a new humanitarian crisis: @UNmigration https://t.co/1ZLr5pmCo3
— UN News (@UN_News_Centre) March 8, 2025 عودة رغم الصعاببالرغم من التحديات، يصرّ بعض السوريين على العودة. خُلود الصغير، 50 عاماً، قررت العودة رغم أن منزلها لم يتبقَّ منه سوى جدار واحد، قائلة: "سأنصب خيمة وأنام هنا، المهم أنني عدت إلى بيتي".
كذلك، سامر جالوط، 54 عاماً، يقيم في الركن الوحيد السليم من شقة شقيقه الراحل في مخيم اليرموك، مستعيناً بموقد صغير وغطاءين للنوم. يحاول ببطء ترميم الجدران التي دمرتها القذائف حتى يتمكن من إحضار عائلته للعيش معه.
More Key Takeaways ????(1/8)
Sectarian Tension in Syria: The HTS-led interim government has thus far failed to prevent individual opposition fighters from targeting members of the Alawite community. https://t.co/iGEl6kYjfK pic.twitter.com/QrxcEynxdA
ورغم الخراب، لا يزال هناك من يؤمن بضرورة العودة. أغياد جالوط، مهندس طيران، عاد من السويد لرؤية منزله المدمر، وقال للصحيفة: "هذه الشمس تساوي كل أوروبا". ورغم توفر حياة مستقرة له في السويد، إلا أن الحنين للوطن لا يزال حاضراً.
واتصل به جاره السابق، الذي يعيش الآن في كندا، مؤخراً وأخبره أنه يخطط للعودة، وكذلك فعل جاران آخران، أحدهما فر إلى لبنان والآخر داخل سوريا. والآن، يريد جالوط العودة أيضاً، وقال متسائلاً: "إذا لم أعد أنا ولم يعد الآخرون، فمن الذي سيعيد بناء هذا البلد؟، وفق "نيويورك تايمز".