فى العقود الأخيرة، شهد العالم تحولات هائلة مدفوعة بالتقدم التكنولوجى والابتكار، وأدى ذلك إلى زيادة الطلب على الكفاءات الماهرة فى المجالات التقنية والحرفية. أصبحت هذه الكفاءات العمود الفقرى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يعتمد نجاح الاقتصاد الحديث بشكل كبير على توافر العمالة الماهرة. فى هذا السياق، يأتى الاستثمار فى التعليم الفنى كضرورة حتمية لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الأهداف الاقتصادية.
فى مصر، شهد التعليم الفنى والتقنى تطورًا ملحوظًا فى السنوات الأخيرة. تبنت الدولة استراتيجية شاملة لتعزيز التعليم الفنى بما يتماشى مع أحدث النظم والبرامج العالمية. تهدف هذه الاستراتيجية إلى زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الفنى من الطلاب المتفوقين فى المرحلة الإعدادية إلى 20% بحلول عام 2030، وكذلك رفع نسبة خريجى التعليم الفنى الذين يعملون فى مجال تخصصهم إلى 80%.
تشير الإحصائيات إلى زيادة ملحوظة فى عدد مدارس التعليم الفنى فى مصر، حيث بلغت 3114 مدرسة فى العام الدراسى 2022-2023، مقارنة بـ1995 مدرسة فى عام 2013-2014. كما تم إنشاء العديد من الجامعات التكنولوجية الحديثة فى مصر، المُجهزة بأحدث التقنيات والمعامل، والتى تركز على تقديم برامج تعليمية مُتخصصة فى مجالات الهندسة والتكنولوجيا والعلوم التطبيقية. يُعد هذا التوسع فى البنية التحتية التعليمية خطوة استراتيجية لتلبية احتياجات السوق المحلى والدولى، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 85% من وظائف المستقبل ستتطلب مهارات تقنية.
ما تؤكده الاتجاهات العالمية هو أن التعليم الفنى قد يلعب دورًا حيويًا فى دعم الاقتصاد الوطنى. على سبيل المثال، تعتمد الدول الأوروبية بشكل كبير على نظام التعليم الفنى والمهنى، لبناء قاعدة صناعية قوية ودعم الابتكار. ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة العمل الدولية، يمكن للتعليم الفنى أن يقلل من معدلات البطالة بين الشباب بنسبة تصل إلى 30%، ويسهم فى رفع مستوى المعيشة وتحسين جودة الحياة، بالإضافة إلى ذلك، ينوه البنك الدولى إلى أن التعليم الفنى يمكن أن يسهم فى تعزيز ريادة الأعمال، واكتساب الطلاب مهارات تمكنهم من تأسيس مشاريعهم الخاصة، ويساهم فى تنمية الاقتصاد الوطنى وخلق فرص عمل جديدة.
الاستثمار فى التعليم الفنى ليس فقط حلًا لمشكلة البطالة، بل هو أيضًا محرك رئيسى للابتكار والإنتاجية. يبين تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى، بأن الدول التى تستثمر فى التعليم الفنى تحقق معدلات نمو اقتصادى أعلى بنسبة 20% مقارنة بالدول التى تهمل هذا القطاع. هذه الإحصاءات تؤكد أن التعليم الفنى ليس مجرد قطاع تعليمى، بل هو أساس لتحقيق الاستقرار الاقتصادى والتنمية المستدامة.
لتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الاستثمار، يجب على صناع القرار فى مصر تطوير المناهج الدراسية لتواكب التطورات المتسارعة فى المجالات التقنية والحرفية، خاصة المرتبطة بالذكاء الاصطناعى، والروبوتات، وإنترنت الأشياء. ويجب توفير بيئة تعليمية تُشجع على الإبداع والابتكار، مع تعزيز مهارات التواصل والتفكير النقدى لدى الطلاب، إضافة إلى ذلك، يجب ربط التعليم الفنى بسوق العمل من خلال برامج التدريب والتأهيل المستمر. ولتحقيق تغيير حقيقى ومستدام فى هيكل الاقتصاد المصرى، فإن لا بد من وجود تعاون وثيق بين الحكومة والقطاع الخاص لتدعيم الاستثمار فى التعليم الفنى.
إجمالًا، التعليم الفنى هو رافد أساسى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. الاستثمار فيه لم يعد مجرد خيار، بل غدا ضرورة مُلحة لتحقيق الرخاء الاقتصادى والتنمية المستدامة فى مصر. الالتزام برؤية واضحة واستراتيجية محكمة هى مفاتيح ستُمكن مصر من قيادة قاطرة التنمية فى المنطقة، وتحقيق مستقبل زاهر لأبنائها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شهد العالم زيادة الطلب نجاح الاقتصاد العمود الفقري العمالة الماهرة الاستثمار فى التعلیم فى التعلیم الفنى فى مصر
إقرأ أيضاً:
برلمانية: زيادة مخصصات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية يستهدف تحسين حياة المواطن
أشادت النائبة ايفلين متى ، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب بتصريحات محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء بشأن زيادة مخصصات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية في الموازنة الجديدة للدولة لعام 2025 – 2026، مشيرة إلى أن ذلك يعكس رغبة الحكومة في تحسين حياة المواطن.
وأشارت متى في بيان صحفي لها إلى أنه يجب أن يكون هناك جزء من زيادة مخصصات التعليم في الموازنة الجديدة للدولة لعام 2025 – 2026 ، لزيادة مرتبات المعلمين وتعيين معلمي الحصة وإضافتهم للمعينين واستكمال المنظومة التعليمية بالمعلم المتدرب من خلال مدربين متخصصين ، مؤكدة على ضرورة إعادة هيبة المعلم ، حتى يرضى عن نفسه وعن مستواه المادي ، لكي نستطيع أن نقارنه بعد ذلك بأي معلم على مستوى دول العالم.
وأوضحت عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب أننا في حاجة إلى زيادة مرتبات المعلمين لكي تساعدهم على متطلبات الحياة ، بحيث لا يلجأوا إلى الدروس الخصوصية ، إلا في حالة المجموعات الدراسية داخل المدرسة التي يشرف عليها المعلم القائم عليها أسبوعياً.
كما طالبت وزير الصحة بزيادة مخصصات قطاع الصحة في الموازنة الجديدة للدولة في غرف العنايات المركزة وأجهزة الأشعة المتخصصة بالعمليات والخاصة منها في المستشفيات العامة والمتخصصة بجراحة العظام والطوارئ التي تستقبل الحوادث وخلافه والعنايات والحضانات ومستلزماتها ، على أن تتم مراعاة الوحدات الصحية والعناية بالمرأة والطفل والإسعافات الأولية اليومية داخل الوحدات الحضرية بالقري والنجوع البعيدة عن المستشفيات الكبيرة.
كما أكدت على ضرورة اهتمام الحكومة بزيادة مخصصات برامج الحماية الاجتماعية في الموازنة الجديدة للدولة ، من خلال وجود زيادة مناسبة في معاش تكافل وكرامة وزيادة قيمة المعاشات بما يتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن ، في ظل غلاء الأسعار.