بتكليف من الرئيس.. مدبولى يشكل حكومته الجديدة
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
لا يمكن أن ننكر حجم التحديات الكبيرة، التى واجهت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى المستقيلة، لكى تواصل مسيرة الإصلاح والتنمية الاقتصادية، وسعيها فى الارتقاء ببناء مستقبل الإنسان المصرى، ولكن المنازعات الدولية من حروب وكوارث بيئية وصحية وأزمات اقتصادية ومالية، كان لها تأثير بالغ على الأوضاع الاقتصادية فى مصر، ما تتنافى مع رغبة الحكومة فى تحقيق المزيد من الرفاهية لإسعاد الشعب، بل طغت على البلاد موجة عنيفة من الارتفاع المتواصل فى الأسعار، نتيجة تعايش العالم فى غمار الحرب الروسية الأوكرانية، ثم تداعيات جائحة كورونا التى كانت تهدد بفناء الإنسان من على وجه الأرض، إلى جانب الحرب الأهلية الدائرة فى السودان، ثم العدوان البربرى الوحشى على أهالى قطاع «غزة»، وإن كانت هذه الأحداث لها تداعيات اقتصادية قاسية على الظروف الاجتماعية التى يعيشها العالم الآن، إلا أن الحكومة قد قدمت إصلاحات اجتماعية لا بأس بها، ولكنها فشلت فى وقف مسلسل الارتفاع المتواصل فى اسعار بعض السلع الأساسية، نتيجة غياب الرقابة التموينية على تجار السوق السوداء الجشعين، الذين انعدمت فيهم الضمائر والأخلاق والقيم الإنسانية وتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، التى تأبى احتكار السلع للعمل على زيادة سعرها، وهذا المسلك الدنيء من هؤلاء التجار، أدى إلى نقد الحكومة نقدًا شديدًا من قبل المجالس التشريعية ( النواب والشيوخ)، ورجال الصحافة والإعلام والرقابة الشعبية عليها، ما جعل وزير التموين الدكتور على مصيلحى عرضة لهذه الانتقادات.
وقد منح سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، للدكتور مصطفى مدبولى شرف التكليف بتشكيل وزارة جديدة تحقق آمال وطموحات الشعب المصرى، وقد جاء فى هذا التكليف كما نشر على الصفحة الرسمية لسيادة الرئيس، ونشرته الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، وقد جاء فيه بأن يشكل الدكتور مصطفى مدبولى حكومته الجديدة من ذوى الكفاءات والخبرات والقدرات المتميزة، والغرض منها تحقيق عدد من الأهداف، ويأتى على قمتها الحفاظ على الأمن القومى، وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطن المصرى، من حقه فى الصحة والتعليم وممارسته للعمل السياسى، ومكافحة الجرائم الإرهابية، وتثقيف الشعب سياسيًا وفكريا، وتشكيل وعيه الوطنى ونشر ثوابت تعاليم الدين الإسلامى الوسطى الصحيحة، والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية، وزيادة النمو وتشجيع القطاع الخاص، والحد من ظاهرة الارتفاع المتواصل فى الأسعار، وزيادة الرقابة التموينية على التجار لضبط الأسواق.
وإذا نظرنا إلى معنى النص فى تكليف سيادة الرئيس، نجد بأن سيادته قد اختص المكلف به، بأن يحسن الاختيار على من يتحمل المسئولية فى الحكومة الجديدة، شرط أن يكون من أهل الكفاءة وله خبرات سابقة مشهود له بها فى مجال عمله، بالكفاءات العلمية والخبرات العملية التى ترقى الشعوب وتزدهر بها، إذ إن هؤلاء هم الركيزة الأساسية فى بناء مجد وتقدم حضارة الأمم، بذلك يكون الاختيار لأهل الكفاءة وليس لأهل الثقة، لأن المستهدف من وراء هذا الاختيار بأن يكون للأصلح والأجدر والأنفع، وهو تحقيق الصالح العام للوطن وللمواطن، ثم نأتى إلى الهدف الأسمى والأعلى والركن الأكبر فى هذا التكليف القائم على حماية الدولة وأمنها القومى، وعلى الحكومة أن تحافظ على هذا الركن الأعظم، بأن يشعر الإنسان بالأمن والاطمئنان فى وطنه، لأن عندما تنجح فى توفير الأمن لمواطنيها، يتحقق الاستقرار السياسى والاجتماعى للشعب، وتدب مناحى حياة الرخاء الاقتصادى فى كل شبر فى الدولة، وترغب كل رؤوس الأموال الدولية فى أن تأتى للاستثمار فيها، ما يؤدى إلى زيادة معدل النمو وخفض معدل التضخم، لأن هناك علاقة بين الاستقرار الأمنى والسياسى، وبين جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية، لأنها لا تتواجد إلا فى بيئة تنعم بالاستقرار الأمنى والهدوء والسكينة وإرساء دعائم قيام دولة المؤسسات، وهى البيئة التى وفرها الرئيس السيسى منذ أن تولى الحكم فى البلاد، وذلك من أجل بناء الإنسان المصرى والجمهورية الجديدة.
ونأتى إلى أهداف أخرى فى هذا التكليف، والتى لها اهتمام مباشر كقطاع خدمى مهم فى حياة الإنسان هما (الصحة والتعليم)، وإذا ذكرنا الأوضاع الصحية فى الجمهورية الجديدة، فقد تحققت أعظم الخدمات الطبية التى تليق بكرامة الإنسان المصرى، ويكفى مبادرة «١٠٠ مليون صحة» التى أعادت الحياة والأمل لكل إنسان مريض من جديد، بعد أن تم القضاء على فيروس «سي» هذا الوحش الشرس الذى افترس أكباد المصريين سنوات عديدة، وأصبحت مصر خالية منه بشهادة منظمة الصحة العالمية، بل شهدت أيضا هذه الفترة القضاء على قوائم «الإنتظار»، للآلاف من المواطنين الذين يريدون عمل عمليات جراحية دون أن تكلفهم الدولة أى أموال أو أعباء علاجية، إلا أن المطلوب من الحكومة الجديدة إنهاء هذه القوائم بعد أن عادت للظهور مرة أخرى، مع توفير النقص فى المستلزمات الطبية والارتقاء بالمستشفيات الحكومية وتنميتها، ونأتى لقطاع التعليم يجب على الحكومة الجديدة بأن تطرح أى قضايا أو تطوير يخص التعليم للحوار المجتمعى، وأن تدرك مدى أهمية وجود المدرس والطالب فى المدرسة وأن تقضى على ظاهرة الغياب، وآفة الدروس الخصوصية التى أصبحت وباء وعبئا يقع على كاهل الأسرة المصرية، ولها كثير من الحلول فى معالجة ذلك، ويجب أن يكون الكتاب المدرسى بجانب الأجهزة الذكية التى وفرتها الدولة للنهوض بالمنظومة التعليمية، وعن إثراء العمل الوطنى ودعمًا للديمقراطية وتكريس لمبدأ المشروعية الدستورية، بأن تقوم الدولة فى إفساح الطريق لحرية المواطنين بالمشاركة فى تطوير الحياة السياسية، دون قيود أو أى إجراءات تعوق المواطن من المشاركة فيها، ويعد ذلك من أهم دعائم النظم الديمقراطية للجمهورية الجديدة، التى تكفل هذه الحرية لأفراد الشعب، وإلى جانب ذلك يوجد ملفات مهمة فى نشر الوعى الثقافى بين أبناء الشعب الواحد، والاهتمام بقضايا الوطن وتعزيز مبدأ المواطنة والسلام المجتمعي، الذى يعتبر «أقدس الأقداس» لمفهوم الوطنية بمعناها الشامل.... والتى تدور فى مجملها لحفظ الأمن العام وسلامة الوطن، والدفاع عنه ضد أى اخطار تهدد سلامة أراضيه، ويأتى دور الأزهر ووزارة الأوقاف فى تطوير الخطاب الدينى المعتدل للإسلام الوسطى، وهذا حق قد أوجبته الشريعة الإسلامية الغراء بقوله تعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطا» سورة (البقرة:143)، وتأتى الأهداف والغايات النبيلة للحكومة الجديدة، هو العمل على مقاومة الشائعات التى تستهدف الأضرار بالوطن ومكافحة الارهاب، أو أى مؤمرات تحاك ضد الوطن سواءً كانت داخل الدولة أو خارجها، لأنها تؤدى إلى زعزعة الاستقرار فى الدولة وتهدد أمنها القومى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بتكليف من الرئيس البلاد مسيرة الإصلاح والتنمية
إقرأ أيضاً:
هدم الدولة.. ميليشيات إلكترونية بالخارج تستهدف نشر الفوضى
مُخطط تكتيكى غير قتالى يستهدف عقل وسلوك الخصم، لا يُعد حرباً بالمعنى التقليدى، لكنه يتطور بمرور الزمن مستهدفاً تدمير الشعوب من خلال حروب نفسية تشنّها جماعات الإرهاب لحشد الجماهير عبر ترويج الأكاذيب، فى محاولة طمس الحقائق وتشويه النجاحات التى تتحقّق على أرض الواقع.
«فرغلى»: تنظيم الإخوان الإرهابى يعمل على تضخيم السلبيات والتهوين من الإنجازاتماهر فرغلى، الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية، قال لـ«الوطن»، إن لجان الإخوان الإلكترونية دائماً ما تعمل على التشكيك فى إنجازات الدولة المصرية، وهناك صفحات تابعة للتنظيم الإخوانى الإرهابى تعمل على نشر الشائعات وتشويه كل جهود الدولة، فى إطار خطة ممنهجة تعتمد على محاور ومجموعات وغرف مغلقة تستهدف تحويل النجاحات إلى إخفاقات.
وأوضح «فرغلى» أن حجم الهزيمة التى تلقاها التنظيم الإخوانى الإرهابى يجعلهم مستنفرين لفعل أى شىء، لذلك هناك غرف إلكترونية تُدار من خارج مصر من أجل هدم الدولة بواسطة حرب الأكاذيب والترويج لأفكار خبيثة ونشر شائعات وتضخيم سلبيات والتهوين من إيجابيات الدولة، وتستهدف اللجان أعماراً مختلفة.
وأضاف: «يتم استهداف فئات معينة، مثل الأطباء وطلاب المدارس وغيرهم، ومحاولة إشراك أشخاص بعينهم فى مخططاتهم، وخلال السنوات الماضية اعتمدت لجان التنظيم نشر شائعات من صفحات باللغة العربية من دول بالخارج باسم شخصيات وهمية، وخلال الآونة الأخيرة اعتمدت على نشر لقطات مصوّرة قديمة تستهدف مؤسسات الدولة الكبرى، وكذلك ترويج شائعات على مستوى واسع، وهناك إصرار من قِبل التنظيم على هذا النهج رغم تصدى المصريين لهم».
عمرو فاروق، الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية، أكّد أنّ الشائعات هى أقوى سلاح تستخدمه جماعة الإخوان الإرهابية حالياً وتوظّفه فى تفكيك الظهير الشعبى الداعم لمؤسسات الدولة وقراراتها ومشروعاتها القائمة والجارى تنفيذها، إلى جانب تشويه مؤسسات الدولة، ضمن حروب الجيل الرابع والخامس، ويطلق عليها «حرب اللاعنف»: «تنظيم الإخوان يختلق الأكاذيب تحت شعار (اكذب حتى يُصدّقك الناس)، وهناك منظمات تتبع التنظيم الدولى الإرهابى، تعمل على نشر هذه الأكاذيب من أجل التأثير على الدولة المصرية ومحاولة إسقاطها».
وأوضح د. إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الحروب النفسية هى أحد أنماط الحروب الحديثة، التى لا تعتمد على المواجهة المسلحة التقليدية بين القوات النظامية، بل على أساليب غير تقليدية أقل تكلفة وقد تكون أكثر تأثيراً، لأنها تعتمد على نشر الشائعات والأخبار المغلوطة، والتشكيك فى المؤسسات، والعمل على إحداث الفرقة بين أفراد الشعب، وبين مختلف فئات المجتمع وقطاعات الدولة، ولهذا يُعد هذا النمط مستحدَثاً، فهو حرب بالمعنى الفعلى، وإن كانت أقل تكلفة، إلا أنها قد تكون أشد حدّة وخطورة.
وأضاف «بدر الدين»: «يُمكن مواجهة هذا النمط من الحروب من خلال مجموعة من الوسائل، إذ يُعَدُّ مستوى الوعى لدى المواطنين خط الدفاع الأول، بحيث تكون لديهم القدرة على تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار المغلوطة، ويمكن رفع هذا الوعى من خلال أساليب المكاشفة والمصارحة، فعند ظهور أى شائعة يجب توضيح حقيقتها وأبعادها أمام المواطنين لتوعيتهم بالحقيقة ومواجهة تلك الأكاذيب والشائعات».
وأشار إلى أن مواجهة الحروب النفسية تتطلب دوراً فاعلاً من الأحزاب السياسية، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المدنى، إلى جانب وسائل الإعلام المختلفة، التى تُعدّ عنصراً مهماً، لكن لا ينبغى أن تكون هذه الجهود فردية، بل من الضرورى أن تعمل كل هذه الأدوات بتنسيق وتكامل، مقترحاً ضرورة وجود هيئة تنسيقية، مثل «مجلس أعلى للوعى» أو «مجلس أعلى للتثقيف السياسى»، تكون مهمتها تنسيق العمل بين الجهات والمؤسّسات المختلفة لمواجهة تلك الحروب، التى تسعى دائماً لخلق الفرقة والانقسامات وتشكيك متبادل بين مختلف فئات المجتمع وقطاعاته، وبين المواطنين ومؤسسات الدولة.
أذرع التنظيم تستخدم آليات متطورة من بينها تخصيص الرسائل للأفراد المستهدَفين بدلاً من العمومالكثير من الدراسات تناولت الحروب النفسية وتأثيرها، وحسب دراسة منشورة للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، وصف الباحثون «الحرب النفسية» بأنها أداة منظمة للتأثير على الخصم بوسائل غير عسكرية، مثل الدعاية والتهديدات النفسية، حيث تستهدف التأثير فى عقول وسلوكيات العدو دون اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة.
وحسب الدراسة، فإن حملات التأثير الاجتماعى التى تستغل الفضاء الإلكترونى تسعى لنشر الانقسام الداخلى وإثارة الفتنة بين أفراد المجتمع، ويعتمد ذلك على التأثير فى مواقف الأفراد ومعتقداتهم بوسائل تتراوح بين الإقناع والامتثال لضغوط خارجية، ويزداد التأثير كلما كانت لدى الأفراد معرفة أوسع بالموضوع أو صلة أقوى به، وتشير الدراسة إلى أن أبرز التطورات فى الحرب النفسية المعاصرة هو تخصيص الرسائل للفرد المستهدف، بدلاً من الاعتماد على رسائل شاملة للجماهير، مما يزيد فاعلية التأثير، فعلى عكس الإعلام التقليدى الذى كانت تتحكم فيه الدول، أصبحت منصات التواصل الاجتماعى تُدار من قِبل شركات خاصة عابرة للحدود ويصعب السيطرة عليها.
وفى دراسة بحثية أعدّها الدكتور معتز عبدالله، عميد كلية الآداب الأسبق وأستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، أكدت أن التضليل الإعلامى لأعداء الوطن عبر معلومات مختلطة ومتداخلة ومغلوطة يستهدف بث المشاعر السلبية نحو الوطن وترسيخ الاتجاهات السلبية لزيادة حالة الشك لدى المواطن، وتزييف الوعى تحت ستار الموضوعية، لترسيخ فكرة أن الانقسام ما زال موجوداً بين أبناء الشعب المصرى.
وأوضحت أن الشائعات تنتشر وتزدهر فى ظل غياب المعايير المؤكدة للصدق، مع إمكانية ترويجها من خلال عدة وسائل، مشيرة إلى وجود فروق فردية فى نشر الشائعات بين الشائعات المقصودة والعفوية، التى تُعد الأخطر، لأنها تنطوى على حُسن النية وينتج عنها التجاوب معها دون وعى أو دراية.