بيروت- استفاق لبنان، اليوم الأربعاء، على حادثة إطلاق نار تجاه السفارة الأميركية في منطقة عوكر بجبل لبنان، شمال العاصمة بيروت. ووفق المعلومات الأولية، فقد أطلق أحد الأشخاص النار لنحو ربع ساعة في محيط مبنى السفارة، في حين جرى تمشيط المنطقة للبحث عن مهاجمين آخرين محتملين.

وأثار وصول مطلق النار إلى مدخل السفارة تساؤلات في الأوساط اللبنانية، حيث يقع مبناها في منطقة سكنية تتخذ فيها القوى العسكرية والأمنية إجراءات مشددة، وتقيم الحواجز قبل الوصول إليها بنحو 300 متر، ناهيك عن الحراس المنتشرين بمحيطها.

وليست هذه حادثة إطلاق النار الأولى التي تتعرض لها السفارة الأميركية في بيروت، إذ سبق وتعرضت في سبتمبر/أيلول الماضي لإطلاق نار دون وقوع إصابات. وأعلنت السلطات اللبنانية -حينها- توقيف المهاجم، مؤكدة أنه كان عاملا في خدمة التوصيل يسعى لـ"الانتقام" بسبب تعرضه للإهانة من قبل أحد عناصر الأمن.

إطلاق نار في محيط #السفارة_الأميركية في عوكر pic.twitter.com/vL8Dg3JeoO

— صوت كل لبنان vdlnews 93.3 (@sawtkellebnen) June 5, 2024

مواقف رسمية

وتعليقا على الحادثة، قال الجيش اللبناني -في بيان له- إن مسلحا أطلق النار على السفارة، وأصيب المهاجم الذي يحمل الجنسية السورية خلال تبادل لإطلاق النار مع الجيش. في حين أدان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب الحادثة.

بدورها، أعلنت السفارة الأميركية -في بيان- أنه تم الإبلاغ عن "إطلاق نار من أسلحة خفيفة" بالقرب من مدخلها. وأضافت "بفضل رد الفعل السريع للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، فإن فريق السفارة الأمني والعاملين فيها بخير، والتحقيقات جارية".

وفق الخبير العسكري العميد ناجي ملاعب، فإن السفارة الأميركية تقع في منطقة سكنية ولديها سور كافٍ لحمايتها. وهناك طريق عام يمر قربها، ويوجد حاجز للجيش اللبناني قبلها بحوالي 300 متر وبعدها. ويرى أنه إذا تم تفتيش كل المارين في هذا الطريق، ستحدث أزمة سير كبيرة.

ويرجح ملاعب -للجزيرة نت- عدة فرضيات بشأن وصول مطلق النار إلى مدخل السفارة الأميركية ومنها:

الفرضية الأولى، من الممكن أن يكون شخصا يستقل إحدى السيارات ونزل أمام السفارة، وقد يكون لديه مسدس أو وسيلة إطلاق نار مخفية في السيارة وأقدم على إطلاق النار. الفرضية الثانية، يمكن أن يكون قد تسلل من المناطق الخارجية القريبة إلى أمام السفارة، وهو يعرف أنه لن ينجو بفعلته إذا أطلق النار، لأن المنطقة تحت المراقبة الدائمة. الفرضية الثالثة وهي الأساسية، أن إطلاق النار على السفارة يهدف إلى توظيفه سياسيا في ما يجري بالمنطقة، أي إشغال الرأي العام والقوى الأمنية والسفارة بهذا العمل الفردي حتى اللحظة. والتمشيط الذي قام به الجيش اللبناني وحده يُظهر أنه يمكن أن يكون عملا فرديا أو للفت الانتباه إلى سياسة الولايات المتحدة ودعمها الكامل لإسرائيل.

ويختم العميد ملاعب أن سرعة تحرك الجيش اللبناني وإلقاء القبض على مطلق النار وفّرت الكثير من التكهنات، وموقفا معينا من قبل واشنطن تجاه لبنان.

تمركز جنود الجيش اللبناني قرب السفارة الأميركية في عوكر (رويترز) رسالة دون تصعيد

وفي تقدير المحلل السياسي إبراهيم حيدر، فإنه لا يمكن فصل حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية عن التوترات والمواجهات في المنطقة بشكل عام.

ومع ذلك، يوضح للجزيرة نت أنه لا يمكن تصنيف الحادث بالضرورة كنوع من التصعيد من قبل جهات معينة خارج إطار الاصطفاف القائم، بل قد تكون عملية فردية أو رسالة من طرف معين.

ويضيف حيدر أن الحادثة قد تكون جزءا من محاولات لإعادة إحياء وجود جهات معينة، وربما تكون لها علاقة بتنظيمات متطرفة مثل تنظيم الدولة أو رسالة من محور معين لإشعال التوترات في الساحة اللبنانية، وأن بيان الجيش اللبناني الذي تحدث عن الجنسية السورية للمسلح المصاب يشير إلى احتمال عدم ارتباط المجموعة التي نفذت العملية بمحور المقاومة.

وباعتقاد المحلل السياسي، فمن الواضح أنه لا وجود لجهة سياسية مباشرة تندرج تحت محور المقاومة وتهدف إلى تصعيد مباشر ضد الأميركيين. وعبّر عن قلقه إزاء "قدرة الأمن في لبنان"، وسط تساؤلات بشأن قدرة وصول المسلح إلى مدخل السفارة الأميركية، محذرا من إمكانية تكرار حوادث مماثلة في المرحلة المقبلة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات في البلاد.

دورية للجيش اللبناني في المنطقة القريبة من السفارة الأميركية في عوكر (رويترز) دلالات

من جانبه، يقول الضابط اللبناني السابق والخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية خالد حمادة، للجزيرة نت، إنه لا شك في أن الهجوم على السفارة الأميركية يحمل دلالات كثيرة ويطرح العديد من التساؤلات والأبعاد، منها:

البعد الأمني، فالهجوم يشير إلى مؤشرات خطيرة، فإذا كانت هناك مجموعة مسلحة ولم تتمكن القوى الأمنية من توقيفها، فهذا يعني وجود اختراق أمني كبير في محيط السفارة. ويطرح ذلك تحديات أمام القوى الأمنية، وهذا قد يستدعي ضرورة إجراء تعديلات في الإجراءات الأمنية المعمول بها. البعد السياسي، يتجلى في أهمية السفارة الأميركية كمقر أساسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي، فإن هذا الهجوم قد يحمل رسالة موجهة مرتبطة بما يجري في قطاع غزة والجنوب اللبناني، وقد يكون جزءا من سياق المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات السفارة الأمیرکیة فی الجیش اللبنانی إطلاق النار على السفارة إطلاق نار فی منطقة

إقرأ أيضاً:

خبراء: اليوم الأول لوقف إطلاق النار بغزة رسخ قواعد جديدة

غزة – رأى خبراء فلسطينيون أن اليوم الأول من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رسخ معادلات جديدة، وأكدوا أن اليوم التالي للحرب سيكون فلسطينيا بامتياز.

وفي تصريحات للمحلل السياسي عمر عساف قال، إن “المقاومة الفلسطينية هي صاحبة اليد العليا قبل وبعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

بينما رأى الخبير سليمان بشارات، أن الظهور العلني لمقاتلي الفصائل الفلسطينية دليل فشل إسرائيل في القضاء على الحركة.

فيما رجح الباحث بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع، أن تلجأ إسرائيل للتصعيد في الضفة الغربية المحتلة، لتغطية فشلها بغزة.

وصباح الأحد، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، يستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يوما، ويتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية ثم ثالثة.

ومن المقرر أن تفرج إسرائيل، الأحد، عن 90 أسيرا وأسيرة، بينهم 20 طفلا وفتى، بعد أن أطلقت حركة الفصائل الفلسطينية سراح الأسيرات الثلاثة وسط ظهور علني لمقاتلي الفصائل الفلسطينية بين آلاف الفلسطينيين الذين رددوا شعارات داعمة لهم.

في السياق، قال المحلل السياسي عمر عساف، إن اليوم الأول من وقف إطلاق النار “ثبّت عدة معادلات، أولها أن للمقاومة الفلسطينية اليد العليا قبل وبعد الطوفان (7 أكتوبر 2023) لأن من ادعى أنه يسعى لتدمير المقاومة والقضاء عليها لم يستطع فعل شيء مما يقول”.

وأضاف عساف، أن المعادلة الثانية “تولد شعور لدى أبناء الشعب الفلسطيني بأن المقاومة قد أثبتت حضورها، وأفشلت كل ما يسعى له الاحتلال (الإسرائيلي)، وبالتالي ازداد التفافه حولها في مشهد يخلق اهتزازا لدى كيان الاحتلال”.

وفي قراءته لمجريات اليوم الأول، قال عساف، إنها “أثبتت أن اليوم التالي في قطاع غزة سيكون يوما فلسطينيا مقاوما بامتياز”.

وأردف: “المقاومة عادت قوتها الإقليمية والدولية، حتى بات العالم كله يجلس على الطاولة ينتظر جوابها في كل صغيرة وكبيرة”.

كما رأى أن “القضية الفلسطينية خرجت من متاهات الحل التصفوي وسياسة الاستجداء، وحظيت بدَفعة للأمام جراء إنجازات المقاومة، وهي اليوم تتحدث للعالم كله عن القضية الفلسطينية”.

أما الباحث السياسي سليمان بشارات، فأشار إلى “الرغبة الإسرائيلية في عدم إتمام الاتفاق، وهذا كان واضحا في تصعيد المواقف وتوتيرها”.

وصباح الأحد، قصف الجيش الإسرائيلي مناطق مختلفة من قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 14 فلسطينيا وإصابة عشرات، متذرعا بتأخر تسليم قائمة الأسيرات المرتقب الإفراج عنهن، وهو ما بررته حركة الفصائل الفلسطينية بأسباب “فنية ميدانية”.

بشارات، لفت إلى “بروز دور الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة) وجديتهم في إنجاح الاتفاق وصولا إلى مراحل التنفيذ”.

وأكد أن “حرب الإبادة الإسرائيلية فشلت في القضاء على المقاومة وحركة الفصائل الفلسطينية، داعما قوله بـ “الظهور العلني لمقاتلي حماس وما رافقه من تجهيزات خلال تسليم الأسيرات الإسرائيليات الثلاثة، ما يدلل على أن الحركة ما زال لديها من القدرة البنيوية والإدارية والتنظيمية ما يؤهلها لإدارة الملفات الحساسة”.

كما أوضح أن الفصائل الفلسطينية ما زالت تحتفظ بمقدراتها، وهو عنوان للفشل الإسرائيلي في هذه الحرب، وسيخلق جدلا كبيرا في الداخل الإسرائيلي”.

وعن خطاب أبو عبيدة، متحدث باسم حركة الفصائل الفلسطينية بعد الإفراج عن الأسيرات، قال بشارات، إنه “يؤشر إلى رغبة في إنجاح الاتفاق وعدم السماح بالعودة مرة أخرى إلى الحرب، وهذا ربما يعطي انطباعا بأن أي عقبات مستقبلية يمكن تجاوزها من خلال التفاهم مع الوسطاء أو بضمانات الوسطاء إلى حد بعيد”.

وأضاف أن “كل الأطراف التي دفعت إلى الاتفاق معنية إلى حد كبير في استكمال المرحلة الأولى منه وصولا إلى اليوم 42، وهذا لا يعني عدم وجود خروقات أو منغصات أو محاولات لإعادة بعثره الأوراق خصوصا من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو”.

ورجح بشارات، أن يشكل “الشارع والمجتمع الإسرائيلي عقبة كبيرة أمام عودة الجيش الإسرائيلي إلى الحرب والمواجهة”.

وأضاف أن “مشاهد الإفراج عن الأسيرات الإسرائيليات وتلهف الشارع الإسرائيلي لاستقبالهن يعطي انطباعا واضحا أن العودة للحرب لن تكون سهلة”.

يأتي ذلك بينما قالت هيئة البث العبرية الرسمية، امس الأحد، إن حركة الفصائل الفلسطينية قدمت هدايا تذكارية للأسيرات الإسرائيليات الثلاثة اللواتي أفرجت عنهن ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وخلال عملية التسليم، ظهرت الأسيرات الإسرائيليات بحالة جيدة، بعكس أسرى فلسطينيين سبق أن أفرجت إسرائيل عنهم، إذ بدت عليهم علامات التعذيب والتنكيل والتجويع، فيما خرج بعضهم وسط حالة نفسية منهارة

بدوره قال الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع، إن “اتفاق وقف إطلاق النار شكل حدثا كبيرا أثار جدلا في إسرائيل، وتساؤلات عما فعله الجيش في القطاع على مدى أكثر من 470 يوما”.

وأضاف أبو السباع: “الجيش الإسرائيلي دخل قطاع غزة في حرب برية هي الأطول في تاريخ إسرائيل، حيث خسرت فيها مئات الضباط والجنود، واليوم يدور الحديث داخليا عن خسارة المعركة”.

وقال إن “الجدل يتعلق بكون إسرائيل دولة قوية نووية تخشاها الدول وربما الشرق الأوسط، وذات علاقات اقتصادية قوية مع قوى كبرى، لكنها عجزت في القضاء على حركة حماس المحاصرة في قطاع غزة منذ 18 عاما”.

وأشار إلى أن “ظهور مسلحي القسام العلني فور بدء الهدنة أثبت صعوبة القضاء على الفصائل الفلسطينية، بل إن الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن نصر مدو للفصائل الفلسطينية وعن رفع إسرائيل الراية البيضاء أمامها”.

وعن اليوم التالي للحرب في إسرائيل، أشار أبو السباع، إلى “استعداد المعارضة لتوفير شبكة أمان لحكومة نتنياهو إذا اقتربت من الانهيار، لكن المعارضة تصر على محاسبة كل من قصر في 7 أكتوبر 2023، بما في ذلك نتنياهو وقادة الجيش”، وفق تقديره.

كما رجح أن “إخفاق الجيش الإسرائيلي في غزة سيقابله تغول في الضفة الغربية المحتلة، لصرف الأنظار عن فشله في غزة”.

وأكد أبو السباع، أن “تدهور الروح المعنوية للجنود الإسرائيليين يتجلى في دباباتهم المدمرة، وكثير من أسرار الحرب وجحيم غزة”.

وخلص إلى أن “اليوم التالي للحرب هو للمقاومة في غزة، وإسرائيليا يكون في بدء انتقاد الحكومة التي يبيع رئيسها تصريحات غير واقعية، بينما فشل في تحقيق ما توعد به كإنهاء الفصائل الفلسطينية واحتلال غزة”.

وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • بالتعاون مع خبراء إيطاليين.. الجيش نقل نافورة الموزاييك لترميمها
  • خبراء: اليوم الأول لوقف إطلاق النار بغزة رسخ قواعد جديدة
  • الجيش اللبناني يعزز تمركزه في القطاعين الأوسط والغربي بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي
  • الجيش اللبناني يعيد انتشاره في بلدات بالجنوب بعد انسحاب القوات الإسرائيلية
  • غوتيريش من بيروت: الجيش الإسرائيلي سينسحب من الجنوب ثم سينتشر الجيش اللبناني
  • الحوثي: استهدفنا حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان بمسيرات وصواريخ
  • الرئيس اللبناني يطالب بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب بحلول 26 يناير
  • خبراء: مصر أنهت الملفات الشائكة بحكمة وحشدت العالم لوقف الإبادة في غزة
  • غوتيريش: الجيش اللبناني ينبغي أن يسيطر على السلاح في كامل البلاد
  • دراسات الأمن الإسرائيلي: قرارات نتنياهو وحكومته والمؤسسة الأمنية كانت على حساب حياة الجنود والمحتجزين