لجريدة عمان:
2025-02-02@04:22:51 GMT

الشاعر ممثّلا

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

هل يمكن لنا أن نتخيّل الجواهري، أو السيّاب، أو محمود درويش يظهر ممثّلا في عمل درامي؟

أظنُّ أنّ الفرضية بعيدة؛ فالساحة ليست ساحة الشاعر، لكن هذا لم يمنع السينما والإذاعة والتلفزيون من مشاركة عدد من الشعراء في أفلام ومسلسلات تلفزيونيّة من بينهم: الشاعر عبدالرحمن الخميسي الذي شارك في فيلم(الأرض) ليوسف شاهين، وأدّى دورًا مهمًّا هو الشيخ يوسف، كما مثّل الدكتور عبد الأمير الورد، الشاعر وأستاذ النحو بجامعة بغداد في عدّة مسلسلات تلفزيونيّة، قّدمت باللغة العربية الفصحى، وكان يعمل مدقّقا لغويا لمعظمها، أما د.

مالك المطلبي فقد مثّل مشهدًا في مسلسل(المتنبي) الذي كتب حلقاته، وكذلك فعل الكاتب عادل كاظم، وظهر الشاعر الراحل كريم العراقي في أكثر من مشهد، وأغنية في مسلسل «المسافر» مع المطرب كاظم الساهر، وشارك الشاعر صلاح جاهين في أكثر من فيلم سنة 1932 وكان آخر ظهور له في فيلم (وداعا بونابرت) ليوسف شاهين، 1985م وكذلك ظهر الشاعر أحمد فؤاد نجم في فيلم(شباب على الهواء)، وكادت المخرجة خيرية المنصور أن تشرك الشاعرة نازك الملائكة في فيلمها (نازك الملائكة) لكن الشاعرة اعتذرت عن تلبية طلبها.

وشارك الشاعر نزار قبّاني في بطولة مسلسل إذاعي إلى جانب المطربة نجاة الصغيرة، وكمال الشناوي، ونعيمة وصفي، وعبد البديع العربي وعنوانه (القيثارة الحزينة) وذلك عام1967 والمسلسل من تأليف يوسف السباعي ووضع الموسيقى له محمد عبد الوهاب، وجاءت مشاركة قباني بجهود السيد بدير بعد نجاح أغنية نجاة(أيظنّ) عام1960 و(ماذا أقول له؟) و(إلى حبيبي) و(أسألك الرحيلا) التي لحّنها عبد الوهاب قبل رحيله، ويقول المحرر الفني لـجريدة (الاتحاد) بعددها الصادر في 10 أغسطس 2018: «نزار الذي مثّل لأوّل وآخر مرّة في حياته، ظلّ طوال المسلسل يتحدّث كأنه يلقى قصيدة، وكان كلّ مشهد بمثابة بيت شعر يرتّله بصوته»، ولم تكن تلك المشاركة أخيرة، فقد وقف أمام كاميرا السينما في فيلم (القنّاص) الذي أخرجه الراحل فيصل الياسري عام ١٩٧٩ وتجري أحداثه في بيروت وتدور حول الحرب الأهلية اللبنانية، وظهر الشاعر نزار قباني في هذا الفيلم في أكثر من مشهد، أوّلها عندما يحضر بطل الفيلم أمسية له، يلقي فيها قباني قصيدته «يا ستَّ الدنيا يا بيروتْ»:

مَنْ ذبحَ الفرحَ النائمَ في عينيكِ الخضراوينْ؟

من شطّبَ وجهكِ بالسّكّين

وبعد انتهائه من قراءة القصيدة يدخل شاب في نقاش معه، وبعد خروجه من الأمسية يسقط صريعًا برصاصة قنّاص، فظهور قباني كان مفصليّا ومن نسيج الفيلم، وعليه تبنى أحداثه، وعن لقائه بقباني لمفاتحته بموضوع المشاركة، يقول الياسري « كانت زيارتي إلى نزار قباني منتصف عام 1979 في بيروت، وكانت مهمتنا إقناع نزار قباني أن يمثّل في فيلمي، وأن يظهر في مشهد، وهو يقرأ مقاطع من قصيدته تلك أمام جمع من الناس ويدخل معه في نقاش وحوار حول بيروت التي يعشقها!!» ويواصل الياسري حديثه: «طرقنا باب المنزل ففتحته لنا زوجته العراقية بلقيس الراوي، وأوسعت لنا الطريق ببشاشة، ثم جاءنا صوت نزار قادما نحونا مرحّبا.. استهوت فكرة فيلم (القناص) نزار قباني، وكان صبورا معنا أثناء التصوير الذي استغرق ثلاثة أيّام بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي في المركز الثقافي العراقي في بيروت، حيث كنّا نصور مشاهد الأمسية الشعرية «، ولا نعدّ هذا الظهور تمثيلا، فهو يشبه ظهور الكاتب توفيق الحكيم في فيلم (عصفور الشرق) 1986م ليوسف فرنسيس، وهو يجيب عن أسئلة الفنان نور الشريف المتعلقة بكتابيه (عصفور من الشرق) و (يوميات نائب في الأرياف) ويأخذ موافقته بأنّ يمثّل دوره في شبابه، ولم تكن مهمة المخرج سهلة، فقد بذل جهدًا كبيرًا في إقناع الكاتب الكبير الذي غادر عالمنا بعد عام واحد من إنتاج الفيلم، وكذلك يشبه ظهور المفكر إدوارد سعيد في فيلم (الآخر) ليوسف شاهين متحدّثا للممثل (هاني سلامة) وزميل له عن الحوار مع الآخر والتعايش معه، أي يظهر الكاتب بشخصيته الحقيقية، ويبدو أن المشترك الذي يجمع الشاعر بالممثل يتجسّد في الأداء، وقد ارتبطت بدايات المسرح اليوناني بأداء الشاعر الإغريقي أسخيلوس لأعماله المسرحية ويشير ألاردايس نيكول في كتابه (المسرحية العالمية) أن تاريخ المسرح بدأ حوالي سنة 490 ق.م. عندما وقف أسخيلوس أمام النظارة في أثينا، وقرأ مسرحيته «الضارعات»، وكان تقف خلفه الجوقة، لكن الشاعر المسرحي انسحب شيئا فشيئا من خشبة المسرح، تاركا المكان للممثل، واشتهر شعراء كثيرون بجمال الإلقاء، وهذا يجعل من السهولة إقناع الشاعر بالدخول في مجال التمثيل ولكن للأخير فرسانه مثلما للشعر فرسانه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نزار قبانی فی فیلم

إقرأ أيضاً:

الحب من طرف واحد .. الابطال سودانيون

بقلم : حسن ابوزينب عمر

(1)
يحتشد وادي عبقر السوداني بقصائد مبحرة في الجمال لكن أكثرها عذوبة دائما تلك النابعة من طرف واحد ..أبطالها شعراء سودانيون حلقوا حول الأنثى سافروا في مفاتنها ووشحوا عنقها بأكاليل القرنفل والأقحوان وصاغوا عنها كلمات أرق من الحرير سقوها بكى و لم يقبضوا سوى الريح كما يقول الشاعر التيجاني سعيد .. ربما تختلف تجاربهم ولكن يجمعهم وجدان مشترك وعواطف جياشة سبحوا فيها عكس التيار وألقموا فيها نزار قباني حجرا وهو يقول (ما أصعب أن تهوى امرأة يا ولدي ليس لها عنوان) . ملهمة الشاعر عثمان خالد كانت لقاء بالصدفة بينه وبين حسناء من الثغر داخل طائرة متجه من الخرطوم الى بورتسودان .. هي عائشة إبراهيم هندوسة كانت تعمل سكرتيرة لأحد ولاة ولاية البحر الأحمر. حاول الشاعر ان يتعرف عليها ولكن كل الردود كانت (لا ) مطلقة كبيرة .
(2)
انتهت كل محاولات التودد وتحطمت على جدار اللاء ولكن الرابح الوحيد فيها كان المستمع السوداني فقد لامست مسمعه متعة الاستمتاع بأحد أجمل أغنيات عبد العزيز المبارك سافرت في رحلة مشاعر ملهمة ومتأملة ..شفت الورود من وجنتيك غيرانة جات متوسلة حتى القمر غار من صفاك وأصبح يردد في الصلاة جاكي المساء يؤدي الفروض شال لون جميل من وجنتيك مسح خدوده وبللها وأصبح يلملم في النجوم وينظم عقوده ويغزلها طرز لي جيدك بالحرير أحلى العقود وبتقولي لا ؟
(3)
لكن أنثى الشاعر الطيب محمد سعيد العباسي كانت أكثر شراسة من أنثى عثمان خالد فقد بدأت أغنية (يا فتاتي) التي أبدع فيها الطيب عبد الله باستفزاز عاطفي عندما كان الشاعر طالباً يدرس القانون بمصر، حينما رأى وقتها إحدى الفاتنات فلاطفها وأرسل إليها قبلة في الهواء إعجاباً بحسنها وجمالها، إلا أن الفتاة لم تتجاوب معه واستنكرت ذلك التصرف وسبته بعبارات عنصرية تطعن في لونه وعرقه وقالت له: من أنت يا بربري؟ (فانتفض في ثورة عاطفية جامحة لرد اعتبار كبريائه وكرامته وقال لها (يا فتاتي ما للهوى بلد – كل قلب بالحب يبترد) وليؤكد لها أنه من بيئة متسامحة وجدانياً وعاطفياً قال لها (وأنا ما خلقت في وطن في حماه الحب يضطهد-فلماذا أراكي ثائرة. وعلام السباب يضطرد ولما دار استنكارها عن لونه وسمرته أجاب غاضبا (ألأن السواد يغمرني؟.. ليس لي فيه يا فتاتي يدِ) وزاد على ذلك حينما نعتته بالغريب قائلاً: (أغريب إن تعلمي لي ديار فيحاء ولي وطن – لي بدنياي مثل ما لهم – لي ماضٍ وحاضر وغدُ)
(4)
لكن الذي حدث مع الموريتانية وزيرة الخارجية الموريتانية (2009- 2011 ) وشعراء الدبلوماسية السودانية شيء يفوق الوصف فقد صنعت كوكبة من شعراء وزارة الخارجية السودانية تلاقيا وانسجاما حينما جرفتهم جميعا الوزيرة بجمالها الصارخ وقامتها الفارعة وأناقتها المميزة رغم احتشامها وتدثرها دوما بثياب تقليدية كثياب نساء السودان وان كانت تختارها من فئة الألوان الزاهية . فقد تاه الدبلوماسي هو محمد الطيب قسم الله (أبو حباب ) في الأنوثة الشنقيطية فقال ناه هناك من الدنيا عن الناها يا ابن القوافي أن تشفى بذكراها فهي الجمال فلا شمسا ولا قمرا وهي الجلال فلا قصرا ولا شاها راحيل شنقيط أم تاجوجها اكتملت فيها المحاسن معناها ومبناها الجن تحسد أهل الأنس قاطبة ان صاغ من نسلهم الهنا من الناها وأقسم الحسن في معراج سورته ان المحاسن في شنقيط مسراها لعل شعري من السودان يبلغكم أهلي الشناقيط حياكم وحياها
(5)
أما السفير محمد فضل الله الهادي فتغزل قائلا: ماكنت أعرف كيف الشعر لولاها حتى تبدت ولاحت لي من ثناياها يا بنت شنقيط حزت المجد من قدم أهلوك كانوا لنا أهلا وأشباها ونظم السفير خالد فرح سفير السودان في السنغال وقتها فقال سليلة المجد من شنقيط ان لها في شاطئ لنيل روضا بات يهواها
(6)
تباينت ردود الفعل في موريتانيا فقد ارتفعت أصوات داخل موريتانيا تطالب بإقالة الدبلوماسية الناعمة التي لم يكن يتجاوز عمرها وقتا الاربعون ..وكان يتبنى هذا التوجه الإسلاميين الملتزمين وكان على رأسهم الشاعر محمد ولد عبد الله الذي كتب يقول (ان شعراء السودان واجب التحفظ عندما بهرهم جمال بنت مكناس ليسقطوا في غزل فاضح شبهوا فيه زيارة الوزيرة الى الخرطوم بضوء الصبح ) أما صحيفة السراج لسان حال التيار الإسلامي فقد استنكرت تدبيج شعراء ينتمون للخارجية السودانية قصائد في التغزل بالوزيرة الشابة ورأت في الغزل السوداني خروجا على الأعراف الدبلوماسية واعتبرته تصرفا غير لائق ومهين ورأت في المسألة رؤية دونية للمرأة التي جاءت تمثل بلدها فيما رأى مدونون موريتانيون ضرورة غيرة الرئيس محمد ولد عبد العزيز على الوزيرة المتغزل فيها وطالبوا بإعفائها من منصبها ومنعها من السفر خارج البلاد وبالذات الى السودان حيث توجد تماسيح متربصة بل أن أحدهم طالب الرئيس بمنع شعراء السودان من رؤيتها مستقبلا ..
(7)
أما الوزيرة صاحبة الزوبعة العاطفية فقد رفضت التعليق على السجال الشعري وقالت انها لا تريد التعليق على الموضوع عندما اتصلت بها قناة العربية . ولكن الحال هنا يختلف مع ثريا عبد الله الزين ملهمة الشاعر صديق مدثر في رائعته (ضنين الوعد) فقد تخصص فيها الشاعر بدأ من ذلك العابر معها في حديقة الحيوان في الخرطوم فصاغ كلمات اغنيته التي صدح بها الكابلي ان تكن أنت جميلا فأنا شاعر يستنطق الصخر العصيا ان تكن أنت بعيدا عن يدي فخيالي يدرك النائي القصيا لا تقل اني بعيد في الثرى فخيال الشعر يرتاد الثريا والتي غار منها وردي وطار بها اعجابا وطلب منه كلمات من الشعر أكثر جمالا منها فانتظر صديق مدثر حتى تعود ثريا من بعثتها في لندن فكتب يقول عاد الحبيب فعادت روحي وعاد شبابي يا شوق مالك دعني أما كفاك عذابي لقد شربت دموعي أما سئمت شرابي
(8)
ان كانت ثريا صدت صديق مدثر بكل لطف الا انها فجرت براكينا من الغضب في مواقع أخرى فقد كانت سببا مباشرا في لملمة قرينة صديق مدثر وأم عياله ثيابها وحاجياتها مغادرة عش الزوجية غاضبة ولم تعد الا بعد ترضيات ووساطات رأس الرمح فيها جماعة (باركوها) ولكن ثريا المنحدرة من قرية الهلالية بالجزيرة ودرست في كلية المعلمات قبل ابتعاثها الى إنجلترا والتي لم نشاهد لها صورة الا تلك التي جمعتها مع سرب من الطالبات حلقن حول الرئيس عبود ابان زيارته لانجلترا في أواخر مايو 1964 كانت وان صبرت على غزل صديق مدثر الا انها كانت تشتعل رفضا لمن كان يتحدث أمامها عن القصيدة التي سارت بها الركبان فقد اشتطت غضبا حينما دخلت قاعة الفصل التي كانت تقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في أحد مدارس بنات بورتسودان حينما رأت على السبورة عبارة (ضنين الوعد) فجن جنونها واتجهت الى مديرة المدرسة التي اعتذرت لها بشدة وطلبت من كل طالبة الاتيان بولي أمرها .
(9)
أما حكاية محمد حسن السنجك شاعر أغنية (يا لغرامك لجسمي ناحل) التي ترنم بها الفنان خوجلي عثمان فحكايته حكاية فقد تعلق قلبه بفتاة من ديم كوريا أحد أحياء مدينة ببورتسودان الجنوبية وكان يضرب لها أكباد الحافلة يوميا من سلبونا شمالا بعد أن سلب الحب من طرف واحد قلبه.. كان يقف سحابة يومه أمام منزل الحبيبة عله يظفر بنظرة تروي غليله أثناء فتحها للباب لأي سبب كان قبل أن يعود أدراجه في اليوم التالي ..يقول زميلنا محمود دليل أنه وبعض زملائه حلقن حوله ذات مرة داخل الحافلة المتجه الى كوريا وسألوه ان كان على علم بأن المعشوقة تعرف تعلقه بها ..لم يقل على طريقة المنخل البيشكري وأحبها وتحبني ..وتحب ناقتها بعيري ولكنه أجاب مستنكرا اذا كانت كل بورتسودان تعرف معقول هي ما عارفة؟
(10)
لكن شقيق الفتاة الذي يبدو أنه كان خارج الشبكة لديه ألف حق وهو يتساءل عن سر الرجل المصلوب يوميا على جدار المنزل المواجهة لمنزل الاسرة (الشيبة دا كل يوم واقف قدام بيتنا .. ياربي عايز شنو ؟

oabuzinap@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الحب من طرف واحد .. الابطال سودانيون
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. بَرَكَةُ التوقيت
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي ..غيم في سن التقاعد
  • نزار العقيلي: (الساحر صبير)
  • تحركات نزار في العرائش تثير توجسات حزبية و مخاوف من استغلال مشاريع حكومية في “التدافع الإنتخابي”
  • رحيل الكاتب محمد جبريل عن عمر يناهز 87 عامًا
  • نزار العقيلي: (هل هي معركة كرامة حقاً ؟؟)
  • جيش المشرق.. أنشأته فرنسا وكان بذرة لهيمنة العلويين على سوريا
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. شتاء تحت الإقامة الجبرية
  • ترامب يعلق على حادث تحطم طائرة الركاب في واشنطن: "وضع سيء وكان يمكن منعه"