لجريدة عمان:
2025-01-03@02:03:08 GMT

قبل الإعصار

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

بداية شهر يونيو 2007م. بعد صلاة الفجر مباشرة، خرجنا من الفندق الملاصق للبحر الذي نقيم فيه في رأس الحد، لنزرع كاميرتنا ونضعها على أهبة الاستعداد قبل أن تطل شمس نهار جديد. كنا ننتظر شروقها لتصويرها وهي تولد من رحم الأفق الذي يبدو هنا كأنه أقرب من باقي الشواطئ، فرأس الحد هو أول اليابسة العربية التي تستقبل أشعة الشمس كل صباح بحكم وقوعه في أقصى المشرق العربي، لتسافر في رحلتها اليومية إلى أقصى المغرب العربي وهي تفرش ضوءها على كل الوطن العربي في بضع ساعات نهارية.

. ثبّت مصورنا المخضرم محمد التوبي رحمه الله عدسته، بعدما تأكد المخرج محبوب موسى من الرؤية التي يريدها، بالتنسيق مع الإضاءة المثالية، ومستوى صوت البحر الذي سيمزجه لاحقا بالموسيقى المناسبة، والكيفية التي سيستعرض بها المشهد المطلوب، لنفاخر بهذه الهبة الطبيعية، ونبدأ من هنا سيناريو (عمان 2007) الفيلم السنوي الذي تنتجه وزارة الإعلام بالتوازي مع الكتاب السنوي.. استثمرت الوقت لرياضة ومتعة المشي، على الخط شبه الوهمي الفاصل بين بحر عمان وبحر العرب حتى تتداخل وتتماهى مياهه مع المحيط الهندي، إلى البعد الجنوبي، حيث تنتصف الكرة الأرضية عند خط الاستواء.. إغراءات الشاطئ حالة من الجمال والانتعاش. موجه هادئ وبعيد قليلا، أقرب إلى حالة الجزر، والفجر مدهش على الوسادة الرملية، ولأنه رأس، فالخط المستقيم للشاطئ ليس طويلا حيث انحناؤه أو دخوله على البحر على شكل الرقم 8 بالعربي لمن يراه من البحر.. شمس هذا اليوم مخادعة في ظهورها، والسبب هو الغيوم التي تشكلت على أكثر من طبقة.. يبدو أننا لن نتمكن من تصويرها إلا وقد أصبحت دائرة كاملة تعلو السحاب.. انتظرنا وقتا كافيا حتى تأكدنا أنه للأسف هذا ما حدث، وأسفت لعدم تمكني من رؤية حركتها وهي تخرج من الماء، فتلك تقريبا الحالة الوحيدة بالإضافة إلى الغروب التي يمكن أثناءها متابعة حركة الشمس بالعين المجردة، أشبه باللحظات التي نركز فيها على عقرب دقائق الساعة لنرى سيرها، أو مثل مرور سحابة بطيئة أمام القمر فنلحظ الحركة بينهما حتى نعتقد أحيانا أن القمر هو الذي يجرى، بينما الحقيقة أن القمر يجرى والشمس تجري والأرض تجري والنجوم تجري، والسحابة كذلك (كل في فلك يسبحون).. هنا يمكن رؤية رمال الشاطئ مطرزة بزخارف ونقوش قل مثيلها مطبوعة على الرمل قبل أن يأتي المد ويمحوها. إنها آثار الخطوات التي تركتها السلاحف التي خرجت لتضع بيضها وتعود إلى الماء، فيخرج الصغار من كبسولاتهم القشرية ويهبّوا ببراءة غريزية نحو البحر..

لم ننخدع بالشمس فقط وإنما الكاميرا أيضا، فقد حدث عطل غير متوقع بفعل الرطوبة العالية ولم تُجدِ معها كل محاولات تشغيلها.. وظهرت الشمس مكتملة كما توقعنا من خلف السحاب، وفوق خط الأفق بكثير. قال المخرج: (فركش) هذه الكلمة التي تعني في مواقع التصوير (توقف العمل).. كانت الخطة الأصلية أن ننتهي من رأس الحد لنتوجه إلى الأشخرة ثم محوت ومنها إلى جزيرة مصيرة.

ولكن قرر الفريق العودة إلى مسقط لإصلاح الكاميرا في ورشة التلفزيون بنية أن نستأنف التصوير مطلع الأسبوع. فسلكنا طريق (صور قريات) الذي ما زال قيد الإنشاء، ومعظم المسار عبارة عن شارع ترابي وعر. الجبال على يسارنا والبحر عن يميننا.. طوال الطريق والشارع هو محور أحاديثنا التي رسمنا فيها أحلاما كبيرة، وكيف أنه سيصبح واحدا من أهم طرق السفر والسياحة في عمان، لأن الإطلالات البحرية مدهشة حقا بطول حوالي تسعين كم كلها تقريبا ستصبح (كورنيش).. توقفنا أكثر من مرة، نتأمل جمال البحر، وهدوء قرى قلهات وطيوي وضباب وبمه وفنس الواقعة على الطريق الذي طال بنا أكثر مما ينبغي، لوقوعنا في بعض الأخطاء التي فرضتها علينا ظروف التعمير، غير متخيلين أنه (الهدوء الذي يسبق العاصفة)، حتى بدأت تصلنا الأخبار بأن إعصارا سوف يضرب هذه المناطق التي نمر بها، وتلك التي كنا نزمع الذهاب إليها.. الصورة غير واضحة لحجم الحدث. وما زال الحديث طريا عن إعصار كاترينا المدمر الذي شهدته أمريكا قبل حوالي سنتين. وما زلنا نتخيل أن أمرا كهذا لا يحدث إلا في مثل تلك البلدان، بل ربما ننظر لمدننا- ثقة وليس غرورا- بمفهوم (ما أظن أن تبيد هذه أبدا)، حتى بدأنا نسمع نشرة الأخبار، وتصريحا غير مسبوق لمعالي الفريق مالك بن سليمان المعمري، المفتش العام للشرطة والجمارك، وهو يتحدث عن إعصار قادم.. إعصار؟ !!.. آخر إعصار يتذكره البعض هو إعصار مصيرة قبل ثلاثين سنة بالضبط في الثاني عشر من يونيو 1977م.. كان إعصارا مدمرا شرّد حوالي ثلاثمائة أسرة.. وقبل حوالي خمس سنوات كانت العاصفة والسيول التي تعرضت لها محافظة ظفار عام 2002م. يبدو أننا بانتظار زائر لا نعرفه، ومن اسمه وصفاته يبدو أنه ليس ودودا.. كلمة إعصار كبيرة، تشبه في حجمها كلمات مثل بركان أو زلزال.. فقدنا قليلا متعة الاستكشاف على هذا الطريق البحري

في البدايات تعامل البعض مع الخبر بين الجد والاستخفاف، ومبدأ (ماشي منه). فالحديث عن الأعاصير ليس معتادا، ولكن واضح أن الحكومة أصبحت في حالة استنفار.. لغة رسمية تحذيرية فوق المعتادة.. الحديث عن مراكز إيواء وما شابه، فنحن نسمع عن مراكز الإيواء وقوافل المساعدات أيضا في تلك البلدان البعيدة..

فحوى الأخبار أنه سيضرب أولا جزيرة مصيرة وأن تأثيره سيمتد إلى معظم المناطق العمانية باستثناء محافظة ظفار.. الدولة تعلن حالة الطوارئ من درجة عالية!.. إنها لغة غير معتادة، ولا أذكر أبدا أن الدولة أعلنت حالة الطوارئ، بل إن الوضع يتصاعد حتى يشبه حالة التعبئة العامة للمواطنين ليس لمواجهة عدو بشري يريد أن ينال من أرضنا وإنما التعبئة هنا لمواجهة كارثة طبيعية أصبحت في حكم المؤكدة وليس المحتملة. إنه إعصار يسمى (جونو)!!.. جونو؟ ما هو جونو؟!.. لا أدري لماذا شعرت وكأنها كلمة مقتطعة من جوانتانامو. هكذا شعرت!. كما أخذ كثير من الناس يسمون هذا القادم (تسونامي)، فلا يهمهم تركيبة الحالتين بقدر التداعيات التي تشير إلى تشابه النتائج في الحالتين بتوقع قدوم البحر إلى اليابسة وهجومه الجارف.. بعض الناس يستدعون ويتداولون حكاية توقعات رجل هندي مقيم في مسقط بأن البلاد ستتعرض لحالة مناخية قوية ستؤدي إلى تدمير منطقة القرم..

الوضع يتكثف بشكل مذهل، ونحن نقترب من نهاية الشارع الترابي الذي أنهكنا، على مشارف ولاية قريات عند الغروب.. ترى هل سيتغير سيناريو الفيلم، الذي تغلب على مواضيعه عادة أمجاد عمان التاريخية، وعناصر النهضة الحديثة وأبرز أحداث عام مضى، والتفاؤل بمستقبل مشرق، لنضيف مشاهد الإعصار وما سوف يحدثه؟.. ورغم ما سمعناه طوال الطريق إلا أننا بعد ما وصلنا إلى مسقط، افترقنا، على اتفاق باستئناف رحلة التصوير بعد الغد، لعل شمس رأس الحد تبتسم لنا هذه المرة..

يتبع الأسبوع القادم.....

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رأس الحد

إقرأ أيضاً:

توقعات الطقس في مصر اليوم الخميس 2 يناير 2025: درجات الحرارة وتحذيرات الأرصاد

تشهد مصر اليوم طقسًا مائلًا للبرودة على معظم المناطق خلال ساعات النهار، في حين تكون الأجواء أكثر دفئًا في جنوب سيناء وجنوب البلاد. 

ومع حلول الليل، تنخفض درجات الحرارة بشكل كبير لتصل إلى حد الصقيع في مناطق مثل وسط سيناء والصحراء الغربية، مما يستدعي الحذر الشديد.

الظواهر الجوية المتوقعة اليوم

الشبورة المائية

المدن المتأثرة: القاهرة الكبرى، الوجه البحري، السواحل الشمالية.الأماكن المعرضة للشبورة: الطرق الزراعية والسريعة، والمناطق القريبة من المسطحات المائية.تحذير: الشبورة الكثيفة تتسبب في انخفاض مستوى الرؤية الأفقية صباحًا، مما يجعل القيادة بهدوء أمرًا ضروريًا.

نشاط الرياح

المناطق المتأثرة: القاهرة الكبرى، جنوب الصعيد.تأثير الرياح: تزيد من الإحساس ببرودة الطقس في النهار، وقد تؤثر على الأنشطة البحرية.

حالة البحرين

البحر المتوسط وخليج السويس: حالة معتدلة، مع ارتفاع الأمواج من 1 إلى 1.5 متر ورياح شمالية غربية نشطة.البحر الأحمر: ظروف مشابهة تسود في البحر الأحمر مع رياح شمالية.درجات الحرارة المتوقعة في المدن المصرية

القاهرة:

العظمى: 20° مئوية.الصغرى: 8° مئوية.

الإسكندرية:

العظمى: 18° مئوية.الصغرى: 10° مئوية.

سانت كاترين:

العظمى: 12° مئوية.الصغرى: -1° مئوية.

أسوان:

العظمى: 24° مئوية.الصغرى: 10° مئوية.

شرم الشيخ:

العظمى: 20° مئوية.الصغرى: 12° مئوية.

قنا:

العظمى: 24° مئوية.الصغرى: 8° مئوية.

 

توقعات الطقس للأيام القادمة

أعلنت الأرصاد الجوية عن اقتراب أول منخفض جوي لعام 2025، والذي من المتوقع أن يصل يوم الأحد القادم. 

سيؤدي هذا المنخفض إلى تغير في حالة الطقس وزيادة فرص سقوط الأمطار في بعض المناطق، خاصةً السواحل الشمالية وشمال الوجه البحري.

نصائح هامة

استعدوا لبرودة الليل الشديدة بارتداء الملابس الثقيلة، خاصة للأطفال وكبار السن.قم بتجنب القيادة السريعة في الصباح الباكر بسبب الشبورة الكثيفة.تأكد من متابعة التحديثات اليومية حول الطقس لاتخاذ التدابير المناسبة.

مقالات مشابهة

  • هل تتعاون الصين سراً مع الحوثيين؟ وما المقابل الذي تحصل عليه؟ الإستخبارات الأمريكية تكشف معلومات خطيرة
  • قناديل البحر هذه تندمج وتصبح كيانًا واحدًا.. الأمر الذي أذهل العلماء!
  • توقعات الطقس في مصر اليوم الخميس 2 يناير 2025: درجات الحرارة وتحذيرات الأرصاد
  • تقرير- عدن تتصدر قائمة الانتهاكات التي طالت الحريات الصحفية خلال 2024 وصنعاء ثانيًا
  • حالة الطقس اليوم الأربعاء 1 يناير 2025: أمطار خفيفة ورياح معتدلة
  • رياح وأتربة وأمطار.. طقس شتوي متنوع على مناطق المملكة
  • تعرف إلى حالة الطقس أول أيام السنة الجديدة
  • العالم يستقبل 2025 ويطوي عاماً عصفت فيه الكوارث بالأرض
  • بالفيديو.. الأرصاد: حالة جوية غير مستقرة وأمطار رعدية على هذه المناطق
  • صقيع ورعد.. الأرصاد تحذر من طقس أول أيام العام الجديد 2025