ما تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
نشر موقع "سايكولوجي توداي" تقريرًا يناقش وجود علاقة سببية بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمشاكل الصحية النفسية، موضحًا أن الأدلة التجريبية تشير إلى وجود هذه العلاقة، رغم أن بعض الباحثين يرون أن حجم التأثير قد يكون ضئيلًا.
وقال الموقع، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن هناك مخاوف طويلة الأمد بشأن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي وما قد يسببه من مشاكل في الصحة العقلية، وأفضل دليل على هذا الرأي يأتي من الدراسات الطولية التي تظهر أن الاستخدام المبكر لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى مشاكل في الصحة العقلية في وقت لاحق، ومن الدراسات التجريبية التي يؤدي فيها التقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى تحسين الرفاهية.
ويستخدم عدد كبير من الأشخاص وسائل التواصل الاجتماعي يوميًا، وإذا كان لهذا الاستخدام القدرة على التأثير سلبًا على الصحة العقلية، فإن هذا يمثل مصدر قلق كبير للغاية، وإذا لم يكن كذلك، فمن الأفضل تركيز الجهود في دراسة أمور أخرى، لذا فإن فحص الادعاءات السببية حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أمر ضروري، ومع ذلك فإن هذا الفحص لا يجب أن يقتصر على محاولة فهم مكونات العلم الصحيح، مثل تصميم الدراسة والأدوات الإحصائية، ولكن أيضًا ما يوضحه هذا البحث للأغراض السريرية، إذ ربما تكون انتقادات الأدلة ذات جدارة علمية، لكنها لا تزال بعيدة عن الهدف من الناحية السريرية.
وأشار الموقع إلى أن هناك مجموعتين من الدراسات لهما أهمية سببية، فبعض الدراسات توثق العلاقة الزمنية بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية، وقد أظهروا أن الاستخدام العالي لوسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بتدهور الصحة العقلية، وتقوم دراسات أخرى بالتلاعب بشكل تجريبي باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث تظهر أن المجموعات التي تقلل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تظهر في وقت لاحق صحة نفسية أفضل من تلك المجموعات التي لا تقلل من استخدامها، ولا يمكن تجاهل هذه البيانات بسهولة، ولكن يمكن تحليل قوتها.
وتشير ثلاث أبحاث حديثة على الأقل إلى أن هذا الدليل السببي أضعف مما قد يتخيله الناس؛ ويحتجون بأن العلاقة المرصودة صغيرة جدًا؛ وأن مقاييس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي غير عملية؛ وأن هناك عوامل أخرى قد تفسر هذه العلاقات بشكل أفضل، لكن تقييم هذه الادعاءات المضادة يوضح أن قوة حججها ليست بوضوح الدراسات الرئيسية، ورغم أن هذه الانتقادات تحمل بعض المزايا العلمية، لكنها تنطوي أيضًا على بعض العيوب، وكلها تطرح افتراضات خاطئة حول ما يستطيع البحث العلمي أن يفعله من حيث إلقاء الضوء على الظواهر السريرية.
وأفاد الموقع أن الانتقاد الأول هو أن أحجام التأثير في الدراسات الطولية صغيرة جدًا، مما يعني أن العلاقة ليست مهمة، ولكن بينما وجدت بعض الدراسات علاقات صغيرة، وجدت دراسات أخرى تأثيرات أكبر حجمًا، ولهذا فإن تحديد الدراسات المقبولة هو مسألة تقديرية؛ ولا يساعد فيه بشكل أساسي استخدام تقنيات التحليل المتعددة، والتي لا تقدم إجابات على الأسئلة المطروحة، كما أن حجم الارتباط بين الحدث السببي والنتيجة السريرية لا علاقة له في كثير من الأحيان بأهمية هذا الارتباط، فمثلًا؛ الأحداث المؤلمة لا تدوم في كثير من الأحيان لفترة طويلة، وبناءً على ذلك، فإن العلاقة بين وقت الصدمة وعواقبها ليست قوية، وهو ما تم إثباته تجريبيًا، وعلى الرغم من ذلك، فلا أحد يدعي جديًا أن الأحداث المؤلمة ليست سببًا لصعوبات الصحة العقلية، وهذا يمكن تطبيقه بالمثل على وقت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية.
ويرى الموقع أن أي حدث قصير ذو معنى ينتج عنه سلسلة من الارتباطات التي يساهم كل منها في خلق صلة بين هذا الحدث ومشاكل الصحة العقلية اللاحقة، فقد يكون للصدمة آثارها المباشرة على بنية الدماغ ووظيفته، ولكنها أيضًا تجعل الناس يتصرفون بشكل مختلف، مما قد يولد مشاكل فريدة ويضخم المشكلات الأولية، وقد ينطبق الأمر نفسه على الاستخدام الضئيل لوسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث يعتمد هذا على تأثيره على الفرد، والتي لم تتناوله الدراسات واسعة النطاق.
وأضاف الموقع أن هذا يؤدي إلى ضرورة إعادة النظر في المقاييس المستندة إلى وقت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فربما يكون الوقت وحده مقياسًا ضعيفًا لقياس التأثيرات، ومع ذلك، فإن هذا يقوض الاستنتاجات السلبية التي توصلت إليها نفس الأبحاث التي تشير إلى أن العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي ومشاكل الصحة العقلية تافهة ولا معنى لها، وفي أحسن الأحوال، ينعكس هذا الاعتبار بشكل سلبي على المقياس، وليس البناء، ورغم أن وقت استخدام الشاشة قد يكون مقياسًا سيئًا، إلا أنه لا يزال من غير الممكن أن نقول مثلًا أنه من غير الضروري دراسة أسباب السمنة من خلال التحقيق في "وقت تناول الطعام، فهذا القياس مضلل من الناحية السريرية، إذا قضى شخص ما كل وقته في الأكل، فإنه سيصاب بالسمنة؛ وعلى العكس من ذلك، إذا لم يقضِ أي وقت في الأكل، فسوف يمرض ويموت". إذًا، هناك علاقة سريرية بين الوقت والنتيجة، ولكن لا يمكن رصدها بسهولة من خلال الإحصاءات واسعة النطاق تحتوي عيناتها على العديد من الأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل في الصحة العقلية.
ووفق الموقع؛ يشير الانتقاد الثالث إلى أنه عندما يتم التحكم في المتغيرات ذات الصلة، فإن العلاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وضعف الصحة العقلية تختفي، وأشارت إحدى الدراسات إلى أن الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في سن التاسعة والصحة العقلية في سن 13 عامًا اختفى عندما تمت السيطرة على المشاكل العاطفية، وتأخر اللغة، والصراع الأسري، والسعادة، وخلصت إلى أن هذه النتائج لا تدعم الاعتقاد بأن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط بنتائج سلبية على الشباب، لكن هذا يشبه القول أنه بمجرد استبعاد جميع متغيرات الصحة العقلية التي يمكن أن يؤثر عليها استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تصبح غير مؤثرة على الصحة العقلية، تخيل أنك تقول: الأحداث المؤلمة ليس لها أي تأثير على الأداء، بمجرد التحكم في ذكريات الماضي، والكوابيس، والتغيرات الفسيولوجية. علاوة على ذلك، قد تكون هذه السلوكيات جزءًا من سلسلة من المؤثرات التي تشكل العلاقة السببية بين وقت الشاشة ومشاكل الصحة العقلية، وبطبيعة الحال، سيؤدي حذفها من الاعتبار إلى إزالة الارتباط الإحصائي، ولكنه سيكون مضللاً من الناحية السريرية.
وهكذا، فإن المنطق العلمي للدراسات النقدية ربما يكون صحيحًا بعض الشيء، لكن إمكانية تطبيقه على الظواهر السريرية أمر مشكوك فيه، فالعلم له استخداماته، لكن المهم هو معرفة مدى عمومية الادعاءات؛ حيث يمكن للدراسات واسعة النطاق أن توجه المعرفة السريرية وتنتج قواعد عملية مفيدة، لكنها لا تعمل على مستوى دقيق لجميع الأفراد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة الاستخدام المفرط الصحة العقلية مواقع التواصل الصحة العقلية الاستخدام المفرط المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لوسائل التواصل الاجتماعی الصحة العقلیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
من هو الأسير المحرر الذي أشعل التواصل الاجتماعي؟.. تعرّف على زكريا الزبيدي
تفاعل رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، مع مشاهد الاحتفاء بالإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، بينهم أحد أبرز قيادات حركة "فتح" وقائد "كتائب شهداء الأقصى" التابعة للحركة بالضفة الغربية، زكريا الزبيدي، أحد أبرز الأسماء الفلسطينية ممّن قضوا سنوات من العمر داخل السجون الإسرائيلية.
وضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار على قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حركة "حماس"، تم الإفراج عن الزبيدي، إضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين، في مقابل أسيرتين إسرائيليتين هما: أربيل يهود وآجام بيرغر وأسير ثالث وهو غادي موزيس، وذلك بحسب متحدث "كتائب القسام" الجناح العسكري لـ"حماس" أبو عبيدة، مساء الأربعاء.
زكريا الزبيدي حرا#نفق_الحرية pic.twitter.com/mIQeVMlMpU — Tamer Almisshal | تامر المسحال (@TamerMisshal) January 30, 2025 لحظة وصول الأسير "زكريا الزبيدي" أحد ستة أسرى التحرر من نفق جلبوع إلى رام الله ضمن قافلة الأسرى المحررين اليوم pic.twitter.com/fE7Frzgmab — الحرب العالمية الثالثة (@WWIIIAR) January 30, 2025
من يكون؟
ولد زكريا الزبيدي ذو 49 ربيعا، بمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وله 7 إخوة، تربى يتيم الأب، وفي 2002 استشهدت والدته سميرة وشقيقه طه، بقصف من الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عمر 13 عاما، أصيب زكريا، بالرصاصو خلال مشاركته في رجم قوات الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، حيث اعتقل للمرة الأولى بعمر 15 عاما، وسجن 6 أشهر. بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على قوات الاحتلال، وحكم بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.
وبات الزبيدي قائدا عسكريا لـ"كتائب شهداء الأقصى" آنذاك، في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005).
قاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام العبرية، إنه "الحاكم الفعلي لجنين"؛ وخلال عام 2002، وإبان إعادة جيش الاحتلال الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، شنّ معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.
إثر ذلك، انتخب الزبيدي عضوا للمجلس الثوري لحركة "فتح"، في دورته السابعة، وهو ما يعتبر ثاني أهم مؤسسات الحركة بعد اللجنة المركزية.
في خضمّ حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية؛ وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت الفلسطينية، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".
"التنين والصياد"
نجى الزبيدي من 4 محاولات اغتيال، أبرزها كانت في 2004، حيث استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.
وخلال العام نفسه، اقتحمت قوة خاصة للاحتلال الاسرائيلي، لمخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن زكريا من الفرار.
عام 2005، كُشف كمين لقوات خاصة للاحتلال قرب منزل تحصن فيه الزبيدي، وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقاله غير أنه فشل، حيق تمكن زكريا من الفرار.
خلال عام 2007 سلّم الزبيدي إضافة إلى مجموعة فلسطينيين سلاحه للسلطة الفلسطينية، وذلك بموجب اتفاق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحصل على "عفو إسرائيلي. عقب أن هدم الاحتلال منزله 3 مرات.
عقب ذلك عمل الزبيدي في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبخصوص ذلك قال الزبيدي خلال مقابلة تلفزيونية، آنذاك: "هم (الإسرائيليون) يعلمون أنني أوقفت العمل المسلح بناء على قرار لإعطاء فرصة للعمل السياسي لذلك حصلت على العفو".
وبعد 4 سنوات، أعلن الاحتلال الإسرائيلي، بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر/2011، عن إلغاء العفو عن الزبيدي، رغم تأكيده أنه لم ينتهك أيا من شروطه. ليظل الزبيدي، عقب ذلك بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وهي مقر القيادة الفلسطينية، حتى اعتقاله بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني 2019.
"التنين الذي يهزم الصياد"
فضّل تسمية نفسه بـ"التنين الذي يهزم الصياد"، خلال مناقشة أطروحته للماجستير؛ وتم اعتقاله في عام 2019؛ فيما وصفه الضابط السابق في "الشاباك" الإسرائيلي، يتسحاق إيلان بـ"قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة". وظل بالمعتقل دون أن يصدر بحكم أي حكم.
وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل: "زكريا كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه"، في إشارة إلى أنه قد تطرق في أطروحة الماجستير، إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.
وبتاريخ 6 أيلول/ سبتمبر 2021 ؛ كان قد نجح الفرار من زنزانته، من سجن جلبوع شديد التحصين عبر نفق حفروه، رفقة 5 من رفاقه في الأسر، غير أنه أعيد اعتقالهم بعد أيام، ووصف المراقبون، آنذاك، عملية الهروب بـ"الأسطوري".
جرّاء ذلك، صدر ضد الزبيدي حكم بالسجن 5 سنوات، بسبب هروبه عبر النفق، أما بقية التهم ومنها إطلاق نار على مواقع إسرائيلية لم يصدر أحكام ضده بشأنها.
وفي 15 مايو/ أيار الماضي، استشهد نجل زكريا، داوود في مستشفى "رمبام" في حيفا شمال الاحتلال الإسرائيلي، متأثرا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي في جنين. وفي سبتمبر/ أيلول 2024 استشهد محمد زكريا الزبيدي (نجل زكريا) مع عدد من الفلسطينيين في غارة جوية بمدينة طوباس شمال الضفة.