مصائر مخيفة تتربص بحوامل غزة.. الموت أو الإجهاض أو الولادة المبكرة
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
تصف المواطنة الفلسطينية هند حياتها اليومية في ظل استمرار الحرب على غزة، بأنها بمثابة "صراع دائم مع الظروف الصعبة غير المنطقية وغير المتوقعة والتي تهدد حياتها وحياة جنينها بالخطر".
وتعد هند واحدة من 150 ألف امرأة حامل يواجهن ظروفا مأساوية في غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، هبة وسهاد وإيناس أيضا يروين قصصهن.
وعلى عكس ما كانت تحلم، تعيش هند أوقاتا صعبة منذ أن علمت بحملها بطفلها الأول قبل 7 أشهر في ظل انعدام مقومات الحياة للإنسان الطبيعي.
وتقول الشابة البالغة من العمر (26 عاما) التي بدت ملامحها شاحبة وعيناها غائرتان، وبدى بطنها منتفخا، "ما إن علمت أنني حامل، اختلطت مشاعري ما بين الفرح والخوف بسبب الظروف غير الإنسانية التي نعيشها، ولكنني قررت أن أصارع من أجل حماية نفسي وجنيني من الخطر".
هند: أشرب مياها "فاسدة" وطعاما "محفوظا"وتضيف "تبدأ معركتي اليومية الحقيقية في توفير الطعام، وغالبا ما يضطر زوجي للسير مسافات طويلة لتوفير الطعام الصحي لي، ولكن بسبب قلة المال وعدم توفر المواد اللازمة لا ينجح في ذلك دوما، فيعود دون طعام، مما يضطرني لتناول المعلبات والطعام المحفوظ، والذي له أضرار صحية بالغة علي".
والوضع ذاته بالنسبة للمياه الصالحة للشرب، تحاول هند شرب المياه المعدنية التي تضطر غالبا لشرائها من الباعة المتجولين، أو الحصول على بعضها من المساعدات الإنسانية، إلا أنها أصيبت بوعكة صحية أثناء حملها وبعد فحصها تبين بأن تلك المياه "فاسدة" ومنتهية الصلاحية.
وما يزيد الأمر سوءا بالنسبة لهند هو عدم توفر المياه اللازمة للنظافة الشخصية، مما يجبرها على الانتظار لأيام وقد تكون أسابيع كي تتمكن من الحصول على بعض المياه للاستحمام.
وتقول "كل هذه الظروف تضعني تحت ضغط نفسي شديد وتوتر طوال الوقت وهو ما ينعكس سلبا على صحتي الشخصية وصحة الجنين"، مضيفة "في كثير من الأحيان أبكي بحرقة وأدعو الله ألا يموت جنيني".
هند هي واحدة من بين 150 ألف امرأة حامل يواجهن ظروفا مأساوية في قطاع غزة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، بحسب ما أعلنت عنه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مؤخرا.
تقول النساء الحوامل بأنهن بالكاد يحصلن على الرعاية الطبية اللازمة في ظل توقف غالبية المراكز الطبية عن استقبالهن، بسبب خروجها عن الخدمة جراء استهدافها من الطيران الحربي الإسرائيلي.
وتشتكي النساء الحوامل بأنهن بالكاد يحصلن على الحد الأدنى من الطعام (غالبيته غير صحي) والماء، بالإضافة إلى وسائل النظافة الشخصية، موضحين بأنهم غالبا يعانين من الأمراض المعدية والإصابة بالبكتيريا والجراثيم في ظل عدم توفر بيئة صحية مناسبة لوضعهن الخاص.
هبة: أخاف فقدان جنيني!وتقول هبة، وهي امرأة فلسطينية حامل، إنها ما إن تستيقظ في الصباح الباكر تلمس بطنها وتتحسس أوضاع جنينها إن كان يتحرك بداخلها أم لا، وتضيف "طوال الوقت أخاف أن أفقد طفلي في أي وقت".
في الحقيقة، هبة أيضا تعاني كثيرا من نقص المياه اللازمة للاستحمام ونظافتها الشخصية، إذ إنها تضطر للانتظار ما بين 7 إلى 10 أيام للحصول على فرصة للاستحمام حين يتمكن زوجها من توفير الماء اللازم لذلك.
وتضيف هبة "النساء الحوامل يعشن أوضاعا مأساوية فلا ماء ولا طعام ولا حتى أمان يساعدنا على النجاة في هذه الحرب (…) للأسف الشديد، نحن نخشى الموت حتى وإن لم يتم استهدافنا فنحن قد نموت من قلة المقومات التي نحتاجها".
وتستطرد الشابة الغزية، "حتى إن نجونا نحن، نخشى أن نفقد أطفالنا في بطوننا (…) طوال فترة الحمل، لم أتناول أيا من الطعام الصحي، فأنا آكل الطعام المعلب الذي يحتوي على مواد حافظة، وهذا سبب لي الكثير من الالتهابات والإعياء الشديد".
لأكثر من مرة، احتاجت هبة مراجعة الطبيب، ولكنها بصعوبة بالغة تمكنت من الذهاب إلى إحدى العيادات الميدانية في منطقتها. وتقول "هناك طوابير كبيرة من النساء الحوامل واللواتي يضطررن للانتظار ساعات طويلة، وهذا يسبب إرهاقا كبيرا بالإضافة إلى احتمالية الإصابة بالأمراض المعدية والتي ستؤثر سلبا على صحة الجنين".
وتضيف "للأسف، الخطر يحيط بنا جميعا دون استثناء ولا أحد يهتم بنا".
سهاد: أخشى أن أفقد حياتي أو جنينيأما سهاد، وهي فلسطينية حامل في شهرها الثامن، فتعاني من نقص الفيتامينات والحديد وسوء التغذية، بسبب عدم توفر الغذاء الصحي ولا حتى الدواء اللازم لها.
وتقول سهاد (35 عاما) إنها أصيبت ببكتيريا في الدم نتيجة عدوى التقطتها من أحد الحمامات العامة.
ومنذ ذلك الحين، تعاني سهاد من نقص السوائل حول الجنين وكذلك من بعض النزيف الذي بالكاد يتمكن الأطباء من السيطرة عليه دون أن تخسر طفلها حتى هذه اللحظة.
وبصوت خافت تقول سهاد "أخشى أن أفقد حياتي أو أن أفقد جنيني بسبب عدم توفر الرعاية الطبية اللازمة وحتى الأدوية التي قد أحتاجها بعد الولادة".
وبسبب تكدس المستشفيات بالمصابين والمرضى، لجأ بعض الأطباء إلى إنشاء عيادات متنقلة خاصة بتوليد النساء في المناطق الجنوبية من قطاع غزة، ولكن غالبا ما يتم توليدهن دون استعمال أي مخدر، مما يضاعف من آلام مخاضهن أثناء الولادة.
طبيب نساء وولادة: نحاول إنقاذ حياة النساء وأطفالهن!ويقول طبيب النساء والولادة محمد صبيح "نحن نعيش أوضاعا غير عادية، ولا يمكننا أن نفعل أي شيء إلا أن نحاول إنقاذ حياة النساء وأطفالهن.
ومع ذلك، يضيف الطبيب بشيء من الحسرة، "للأسف كنا نفقد عددا من الأجنة أثناء الولادة أو حتى الأمهات، بسبب ضعف أجسامهن وعدم قدرتهن على تحمل الآلام وكذلك افتقارهن للمناعة اللازمة لحمايتهن من الموت أو الإجهاض".
إيناس: أجهضت في طابور انتظار الحمام!
بالنسبة لإيناس، لم تكن تجربة الإجهاض بالأمر السهل خاصة أنها كانت رأت جنينها يسقط من بطنها أثناء استخدامها لأحد الحمامات العامة الذي اعتادت أن تقف طابورا طويلا قبل أن تستعمله في أحد تجمعات خيام النازحين في دير البلح وسط قطاع غزة.
وتقول إيناس (32 عاما) وهي أم لـ3 أطفال، "حين دخلت الحمام شعرت بالصدمة بأن ما بلل جسمي هو نزيف من الدم وما إن خلعت البنطال حتى سقطت مني كتلة كبيرة (…) لقد كان طفلي ما سقط مني وهو مكتمل الملامح".
وبصوت متقطع تواصل إيناس الحديث "صرخت وبكيت فأنا لم أر بحياتي مثل هذا المشهد.. لقد ظننت أنني أعيش فيلم رعب، ولم أستوعب أي شيء حولي لأنني فقدت الوعي وحين استيقظت كنت بالمستشفى".
وما زاد الطين بلة بالنسبة لإيناس هو إصابتها بفيروس الكبد الوبائي منذ إجهاضها، وهو ما يجعلها تعاني من الآلام طوال الوقت، دون أن تعرف إن كانت ستنجو من هذا المرض، أو أنها ستفقد حياتها هي أيضا كما هو حال جنينها، خاصة في ظل انتشار الأمراض المعدية في قطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات النساء الحوامل عدم توفر قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
"الجنس مقابل السمك".. كيف تُستغلّ النساء في زامبيا بسبب الجفاف وقلة المساعدات الدولية
في زامبيا، تم الإبلاغ عن أكثر من 42,000 حالة عنف قائم على الجنس بين عامي 2023 و2024، وسط ظروف اقتصادية قاسية أدت إلى تفاقم معاناة النساء الريفيات.
مع تزايد عددالنساءاللواتي يلجأن إلى تجارة صيد الأسماك كوسيلة لكسب القوت، تُجبر العديد منهن على ترتيب صفقات استغلالية تحت شعار "الجنس مقابل السمك"، وهي ظاهرة تفاقمت بسبب تقليص المساعدات الأجنبية.
أصدرت منظمة "أكشن إيد" غير الحكومية تقريرا جديدا يسلط الضوء على تفشي ظاهرة تعرض النساء للعنف القائم على النوع. وكيف أجبر الجفاف الطويل الأمد العديد من النساء الزامبيات على البحث عن سبل عيش بديلة، مما جعلهن عرضة بشكل متزايد للإكراهوالإيذاء في قطاع يتسم باختلال موازين القوى ومحدودية الفرص.
تعتبر زامبيا واحدة من الدول الأكثر تأثراً بتغير المناخ، حيث أدى الجفاف الشديد في العام الماضي إلى تهديد حياة أكثر من 6 ملايين شخص من الأسر التي تعتمد على الزراعة كمصدر للعيش، مما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ. كما أن نقص المياه وفشل المحاصيل جعل العديد من النساء يلجأن إلى الصيد كسبيل للنجاة، إلا أنهن وقعن في فخّ الاستغلال.
مارثا سيدة من مناطق ضربها الجفاف، تروي معاناتها قائلة: "لا أملك قارباً، لكنني أعتمد على الصيادين للحصول على الأسماك، لكنهم لا يطلبون المال، بل يطلبون ممارسة الجنس مقابل حصولي على السمك".
فيما تشارك امرأة أخرى، بالكيلو، تجربتها المأساوية: "قال لي الصياد إنه يمكنني دفع المال، لكن إذا لم أزره ليلاً، فلن أحصل على السمك".
أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من ثلث النساء والفتيات في زامبيا تعرضن للعنف الجسدي في حياتهن. وقد ظلت المنظمات الإنسانية، مثل "أكشن إيد"، تعمل على مدار عقود لمكافحةهذه الظاهرة من خلال برامج تهدف إلى التخفيف من العنف القائم على الجنس.
وتشمل هذه البرامج مجموعات المراقبة النسائية وفتح الملاجئ وحملات التوعية.
ومع ذلك، فقد تأثرت هذه البرامج كثيرا في الفترة الأخيرة لأن دولا عدة بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا قلصت مؤخرا المساعدات مما أجبر العديد من البرامج على التوقف أو تقليص أنشطتها.
في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة إنسانية متفاقمة، يواجه حوالي 5.8 مليون شخص في زامبيا مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، بينما تزداد حالات العنف ضد النساء والفتيات.
تقول فايدس تيمبا تيمبا، المديرة الإقليمية لمنظمة "أكشن إيد" في زامبيا: "لا ينبغي أن تضطر أي أم إلى المخاطرة بسلامتها حتى تحمي أطفالها من الجوع. لكن هذا هو الواقع الذي يواجه النساء في زامبيا اليوم. من غير المقبول أن نجبر النساء ونحن في عام 2025 على الدخول في دوامة من العنف وسوء المعاملة لمجرد أن الحكومات اختارت أن تدير ظهرها لهن.“
ويسلط الوضع السائد في زامبيا الضوء على نقاش أوسع بشان دور المساعدات الدولية في مواجهة التحديات الاجتماعية.
رغم التزام الدول الغنية بتوفير تمويل إضافي لمواكبة آثار المناخ، فإن تقليص برامج المساعدات الحالية يثير المخاوف بشان طريقة دعم الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة.
بعد أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني، أجرت إدارته تخفيضات شاملة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الهيئة المسؤولة عن المساعدات الخارجية. وقد تم تسريح آلاف الموظفين وإلغاء التعاقد مع المتعاقدين، حيث تم وقف كل شيء بدءاً من مبادرات مكافحة الملاريا في ميانمار إلى خدمات الترجمة في أوكرانيا.
ويقول نيرانجالي أميراسينغي، المدير التنفيذي لمنظمة أكشن إيد في الولايات المتحدة: "إن القرار المتهور بخفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية له تأثير فوري وشديد على الفئات الأكثر هشاشة في العالم. فقد عرّض النساء والفتيات في زامبيا لخطر الاستغلال وحرمهن من مساعدات حيوية بالنسبة لهن دون وجود أي خطة بديلة". ويضيف: "الأمر ليس مسألة كفاءة، بقدر ما هي مسألة تجاهل قاسٍ للمحتاجين".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية منظمات غير حكومية في جنوب أفريقيا تحذر: تجميد ترامب للمساعدات سيحرم مرضى الإيدز من العلاج الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر.. تجميد ترامب للمساعدات يهدد حياة ملايين المصابين بالإيدز مايوت تحت وطأة إعصار "شيدو".. فرنسا تواصل إرسال المساعدات في ظل دمار غير مسبوق جفافأفريقياالولايات المتحدة الأمريكيةالتحيز القائم على الجنستغير المناخالعنف ضد المرأة