بعد قرارات جدلية.. هل أطاح مجلس القضاء بأعلى محكمة بالعراق؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
منذ أيام تشهد الساحة العراقية، أزمة حادة بين أعلى محكمتين في البلد، وذلك بعدما تصدّت محكمة التمييز، لأحد قرارات المحكمة الاتحادية العليا واعتبره "غير بات"، الأمر الذي أثار جدلا حول ما أصدرته الأخيرة سابقا من قرارات تسببت بأزمات سياسية كبيرة في العراق.
قرار المحكمة الاتحادية كان يتعلق بحكم أصدرته لصالح محام تقدّم بشكوى ضد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، لرفضه الموافقة على إحالته إلى التقاعد، لكن محكمة التمييز وجدت غير ذلك، وأن قرار الأولى "تجاوز على السلطة التشريعية وماس بالشأن القضائي".
وأصدرت "الاتحادية" مؤخرا قرارات عدة أثارت جدلا واسعا في البلاد، كان من أبرزها، إنهاء عضوية رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، وأخرى كثيرة تتعلق بإقليم كردستان، تخص الجوانب المالية والنفطية وحتى الانتخابية، والتي عدّتها سلطات الإقليم استهدافا سياسيا متعمدا.
"تحجيم الاتحادية"
وفي تطور متسارع، استضاف رئيس مجلس القضاء العراقي، فائق زيدان، الاثنين، اجتماعا مشتركا ضم نواب رئيس محكمة التمييز ورئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية بحضور رئيس الإشراف القضائي.
ووفقا لبيان صادر عن القضاء الأعلى، فإن زيدان ناقش مع المجتمعين، اختصاص المحكمتين، واتفقوا على الالتزام بما نص عليه الدستور والقوانين النافذة التي حددت اختصاصات المحكمتين.
وشدد رئيس مجلس القضاء الأعلى على أنه "في حال التوجه للاجتهاد بما لم يرد به نص دستوري أو قانوني، يصار إلى عقد اجتماع مشترك للوصول إلى رأي متفق عليه"، بحسب البيان.
وتعليقا على ذلك، قال عماد باجلان، الكاتب والمحلل السياسي من إقليم كردستان لـ"عربي21"، إن "هناك صراع واضح بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، وأن الأخيرة في كثير من الأحيان تجاوزت اختصاصاتها الحصرية التي نص عليها الدستور، لأن قراراتها باتة وملزمة وفق المادة الدستورية رقم 94".
ورأى باجلان ضرورة "سن قانون للمحكمة الاتحادية للابتعاد عن الجدلية الأزلية للقرارات، وذلك بأغلبية ثلثي مجلس النواب، حتى يتبين ما هو للمحكمة وما عليها، لأنها أصبحت في كثير من الأحيان محكمة تحقيقية أو جنائية، تبت في قضايا التزوير وغيرها، وهذا مخالف للدستور".
وأكد الباحث الكردي أن "الكثير من قرارات المحكمة الاتحادية العليا كانت ذات طابع سياسي بحت، وخصوصا ما يتعلق بإقليم كردستان العراق، كونها بعيدة عن الدستور والواقع".
ولفت باجلان إلى أن "مجلس القضاء الأعلى لم يخط هذه الخطوة الأخيرة من أجل إقليم كردستان، وإنما هناك صراع واضح بين الجهتين القضائيتين من أجل المناصب والصلاحيات، وأن الأول استطاع إلى حد ما تحجيم وكبح جماح المحكمة الاتحادية".
وتابع: "بنود الدستور التي تخص القضاء والمحكمة الاتحادية، واضحة ولا تحتاج إلى تأويلات وتفسيرات، ولكن للأسف غالبية قوى الإطار التنسيقي استخدمت هذه المحكمة سلاحا فتاكا ضد كل خصومهم، سواء الأكراد أو السنة أو التيار الصدري، وهذا مخالف للأعراف والقوانين".
وشدد على أن "الصراع قوي جدا بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، وأن الأيام المقبلة ستثبت كيف ستكون نتائج الاجتماع الأخير على أرض الواقع من خلال القرارات التي تصدر عنهما لاحقا".
"خطوة ممتازة"
وفي المقابل، قال الخبير القانوني علي التميمي، إن "الاتفاق الذي حصل تحت خيمة مجلس القضاء الأعلى بين المحكمتين الاتحادية والتمييز، ينسجم مع الدستور العراقي، حيث أن مجلس القضاء هو السلطة الأولى في البلد والخيمة التي تكون تحتها مكونات السلطة القضائية".
وأوضح التميمي لـ"عربي21" أن "مجلس القضاء الأعلى بموجب المادة 89 من الدستور، تنضم تحت خيمته محكمتي التمييز والاتحادية والادعاء العام والإشراف القضائي وبقية المحاكم، هذا من ناحية القرار الداخلي، وبالتالي الاتفاق يكون في مسألة الاجتهادات التي لم يرد فيها نص دستوري"".
وأعرب عن اعتقاده بأن "قرار مجلس القضاء سيؤسس لهيئة تنسيق بين الجهات القضائية، وربما يؤدي إلى تشريع قانون خاص، وذلك بتقديم مقترح من مجلس القضاء إلى مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، أو يضاف إلى قانون المحكمة الاتحادية إذا جرى تشريعه في البرلمان".
ورأى التميمي أن "ما ذهب إليه مجلس القضاء الأعلى، يُعدّ حلا ممتازا، خصوصا أن النصوص الدستورية في العراق عائمة وفيها عوارض، وتحتاج إلى تفسيرات".
ونفى الخبير القانوني أن "ما حصل ليس له علاقة بقرارات المحكمة الاتحادية التي اتخذتها مؤخرات وتتعلق بالقضايا السياسية، لأنها تعمل وفق قانونها المقر في البرلمان عام 2005، وطبقا لمواد الدستور 92، 93، 94، وكذلك محكمة التمييز تعمل وفق قوانين خاصة بها، بالتالي هذا الاتفاق لا يعني التدخل في شؤون المحكمتين".
وتابع: "الاتفاق يتحدث عن الأمور التي لا يوجد فيها نصوص دستورية، وهذه تتعلق بالأمور الطارئة التي تفتح باب الاجتهاد، وهذا الأمر يشير إلى الاستثناء وليس بالعموم".
وأردف التميمي، قائلا: "كل أعمال المحاكم العراقية منظمة بنصوص قانونية، لكن توجد وقائع ليست فيها نصوص، وهنا يحصل الاجتماع بين المحاكم تحت خيمة مجلس القضاء الأعلى، إلا أنه ليس معلوما كيف تتم عملية الاجتماع هل تشكّل هيئة خاصة بذلك أم ماذا؟".
ونوه الخبير القانوني إلى أنه "قرارات المحكمة الاتحادية السابقة لا يمكن التراجع عنها فهي باتة وفق المادة 94 من الدستور، وتسمى في القانون حجية الأحكام وفق المادتين 105 و106 من قانون الإثبات، ولا يمكن الرجوع إليها والتعديل فيها قطعا".
وتشير المواد (92، 93، 94) من الدستور العراقي، إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا"، هيئة قضائية مستقلة ماليا وإداريا، ويسن قانونها بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب. وتختص في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور. وقراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراقية المحكمة الاتحادية القضاء الدستور العراق الدستور القضاء المحكمة الاتحادية أزمة قانونية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قرارات المحکمة الاتحادیة مجلس القضاء الأعلى محکمة التمییز
إقرأ أيضاً:
نقيب المحامين: لا تهاون مع مخالفي قرارات النقابة وسننشر قائمة بأسمائهم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد عبدالحليم علام نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، على تمسّك النقابة العامة بموقفها الرافض لفرض الرسوم القضائية الجديدة بمحاكم الاستئناف تحت ما يُسمى بـ"مقابل خدمات مميكنة"، مشددًا على أن هذه الرسوم جرى فرضها بشكل جَبري يخالف أحكام الدستور والقانون، وأن النقابة لن تتهاون في مواجهتها بكل الوسائل القانونية والنقابية المتاحة حتى العدول عنها.
توريد الرسوم إلى خزائن محاكم الاستئناف ومأمورياتهاوقال علام في تصريحات صحفية، إن الإجراءات التصعيدية مستمرة بلا تراجع، وقد تم إعداد مذكرة موثقة بأسماء من خالفوا قرارات التصعيد بالامتناع عن توريد الرسوم إلى خزائن محاكم الاستئناف ومأمورياتها، خلال الأيام المحددة للاحتجاج (15 و16 و17 إبريل الجاري)، مضيفا: "كذلك مستمرون في رصد أي مخالفة، وسنتخذ ضد المخالفين كل الإجراءات القانونية والتأديبية دون استثناء".
فتح تحقيق رسمي مع كل نقيب فرعيوأوضح نقيب المحامين، أن مجلس النقابة العامة بصدد فتح تحقيق رسمي مع كل نقيب فرعي أو عضو مجلس فرعي ثبت تقصيره في تنفيذ قرارات النقابة أو عمله على عرقلة تنفيذها، مؤكدًا أنه سيتم إعلان قائمة بأسماء هؤلاء على أعضاء الجمعية العمومية، إلى جانب أسماء المحامين غير الملتزمين، في خطوة تهدف إلى المكاشفة الكاملة ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
وكشف عن بحث قرار بوقف كافة الخدمات النقابية عن المحامين الذين لم يلتزموا بتنفيذ القرارات المشار إليها.
وأصدر النقيب أمس الثلاثاء، قرار بتكليف نُقباء وأعضاء مجالس النقابات الفرعية بمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس النقابة العامة للمحامين، استنادًا إلى الاجتماع المشترك مع مجالس النقابات الفرعية، ومنها عدم توريد أي رسوم إلى خزائن محاكم الاستئناف خلال أيام 15 و16 و17 من شهر إبريل الجاري، وذلك كخطوة احتجاجية سعيًا لتحقيق مطلب المحامين العادل، بالعدول عن فرض الرسوم التي فُرضت جبرًا وبالمخالفة لأحكام الدستور والقانون.