جريدة الرؤية العمانية:
2024-06-28@02:54:33 GMT

رسائل إلى رئيس الوحدة (6)

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

رسائل إلى رئيس الوحدة (6)

 

تسامح مع أخطاء موظفيك

 

د. صالح الفهدي

 

الخطأُ أمرٌ مسلَّم به في طبيعةِ البشر، وكلُّ رئيسٍ لا يُسلِّم بالخطأ من موظفيه، هو باحثٌ عن الكمالِ والمثال، هو نفسه لا يسلم من الخطأ فكيف به لا يجوِّزهُ على غيره؟ وكيف به لا يقبله من الآخرين؟ بعض رؤساء الوحدات لا يتسامحون مع الأخطاء التي قد تحدث من أفضل الكفاءات في الوحدة، فيستبعدونهم عن المواقع التي هُم عليه، ويقصونهم عن مناصبهم، وقد يضحِّون بمستقبل الوحدة عبر إحلالِ من هم أقلُّ كفاءةً منهم مكانهم، وهُنا يُعالجُ الرئيس الخطأ بعدَّةِ أخطاءٍ منها:

أولًا: يبثُّ ثقافة الخوف من التجربة في الوحدة بين أفرادها حتى لا يرتكبوا الخطأ فيلاقوا مصير من تم إقصاؤهم بأيِّ حالٍ من الأحوال، وبالتالي تفقد الوحدة أحد ركائز التقدُّم فيها وهو عامل الإِبداعِ والإبتكار والتجديد.

ثانيًا: يُضحِّي رئيس الوحدة بتهوِّر قراراته الناجمة عن عدم التسامح مع الخطأ بمستقبل الوحدة وذلك بوضعِ كفاءاتٍ لا توازي كفاءات الأفراد الذين لم يتسامح مع أخطاؤهم، وهُنا فإِنَّ الوحدة ستدفع أثمانًا باهضةً إذا ما قورنت بثمن الخطأ الذي ارتكبه من أقصاهم عن مناصبهم.

ثالثًا: إنَّ عدم التسامح مع الخطأ يعني أن الرئيس لا يعي بشرية الفعل الإنساني الذي تتسم طبيعته بالصواب والخطأ، فهو يتعامل معه كآلة لا يجب أن ترتكبَ خطًا، وهنا فإنَّ الرئيس يتعارضُ مع المنطق الإنساني الذي يجوِّزُ الصواب والخطأ للإنسان، ويراهُ طبيعيًّا.

ولنا حين نوسِّع النظر في ارتكاب الأخطاء نجدُ أنَّ الله سبحانه وتعالى وهو خالقُ الإِنسان، يفتحُ الباب واسعًا للمسرفين من عباده، أي الذين تجاوزا حدودًا عاليةً من العصيان وارتكبوا الأخطاء، فقال: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الزمر: 53)، والنبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، وهو المُدرك لطبيعة الإنسان وميلهِ وانحرافه عن جادَّةِ الصواب يقول: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" (رواهُ مُسلم).

فكيف يأتي من الناس من لا يتسامح مع الخطأ، ومن هذا الذي يخطأ؟ معلومٌ أنَّ من يعمل يخطأ، وهذا أمرٌ طبيعي، ولذلك لا يجب مجازاة من يعمل بسبب خطأه، بل تفهُّم الخطأ إِن لم يكن متعمدًا، وهو كذلك في الغالب، حتى وإن بدا في الظاهر كذلك، لكنَّه اجتهاد، والإجتهادُ في الإسلام حتى إن صادف الخطأ لم يُحرم من الأجر! لماذا؟ لأنَّ الإِسلام يفترضُ حُسن النيَّة في العمل كأساس، وليس سوء الظن، وعلى ذلك فإنَّ أصحاب الكفاءات لا يجب أن يعاقبوا لخطأٍ قد وقعَ منهم، فتسقط كل مسيرتهم المهنية في لحظةٍ قصيرةٍ فَقَدَ فيها رئيس الوحدة السيطرة على أعصابه، وانفلتَ من عقلهِ الضَّابط على انفعالاته، وهذا ما يحدثُ في بعض الوحدات، وهُنا أذكر رئيس وحدةٍ استدعى أحد أفضل الكفاءات الذين استثمرت فيهم الوحدة ودفعت لذلك الأموال الطائلة، ولأن الرئيس طائش العقل، فقد طلب منه الاستقالة، وكانت رسالة الاستقالة في جيب ذلك الموظف الذي عرضها على الفور وانتهت القصَّة، وأفقد هذا الرئيس وحدته ب أحد أهم الكفاءات فيها سبب تعجِّله وتهوُّره.

مثلَ هذا الرئيس يجب أن يُحاسب لأنَّه أضاع أموال الدولة التي استثمرت في كفاءات لتشكِّل إِضافةً قيِّمةً لوحدتها وبالتالي لموطنها، لكنَّه فرَّط فيها بسبب استبداد سُلطته، وكان أحرى به أن يقدِّم المصلحة العُليا التي توازنُ في قراراتها، وتعدلُ في نظرتها.

على أنَّ هناك من الرؤساء من لا تجرُّهم انفعالاتهم إلى فقدان أفضل الكفاءات، وأذكرُ هنا أن رئيس وحدةٍ حين وَقَعَ موظفه الذي انتقلَ من وحدتهِ إلى وحدةٍ أُخرى، وارتكبَ فيها خطًا كاد أن يُنهي حياته المهنية، لم يتخلَّ عنهُ بل انطلق إلى رئيسه الجديد ليتشفَّعَ له ويُنقذهُ مما وقعَ فيه من الخطأ، ويطلب إعادته إلى وحدته السابقة وهكذا تم الأمر، فعيَّنهُ في وظيفةٍ تليقُ بقدراتهِ، ولم يهمله لخطأٍ وقع منه، أو يتخَلَّ عنه لأنه انتقلَ عنه!

إنَّ التسامحَ مع الخطأ الذي ينتجُ عن غير قصدٍ في إطارِ العمل، يختلفُ عن ذلك الخطأ الناتج عن سبقِ نيَّةٍ وترصُّد؛ فالأوَّلُ مشروعٌ مأجورٌ، والثاني مذمومٌ ومعاقبٌ عليه، كأن يختلسَ أموالًا أؤتمنَ عليها، أو يضيِّع أمانةً، أو يخونَ عهدًا، أو يزيِّف تواقيعًا، أو يتكسَّب من وراءِ وظيفته أو نحو ذلك، وعلى هذا المعنى هو قصدنا؛ أن يكون التسامح مع الخطأ فيما لا تدخلُ فيه قصدية التعمُّدِ، والإِضرارِ، بل ذلك الخطأُ الناتجِ عن حُسنِ نيَّةٍ لأداءِ العملِ، وتوفَّرت فيه دلائلُ الاجتهاد.

هذا النوعُ من التسامح مع الخطأ يشيعُ الأريحية والاطمئنان في الوحدة للعمل، ويدفع الأفراد فيها للإجتهاد من أجل التجديد والتحديث والتطوير، ويرفعُ من الدافع المعنوي في أنفسهم، مُدركين بأنهم إن اجتهدوا فأخطأوا فإِنهم غير مُلامينَ على اجتهاداتهم وإنما محفَّزين ومكافَئين، وهذا سرٌّ من أسرار القيادةِ الحكيمةِ للوحدات لا يُدركهُ إلا الحكيمون من الرؤساء.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إزالة فورية على مساحة 100 متر بقرية أولاد نجم القبلية

تمكنت الوحدة المحلية لمركز ومدينة نجع حمادى، شمال محافظة قنا،  برئاسة أشرف أنور رئيس المدينة، من تنفيذ حملة لإزالة التعديات بالبناء بدون ترخيص، والمخالف على الأراضي الزراعية، وأملاك الدولة، حيث تم تنفذ إزالة بناء مخالف بزمام قروى اولاد نجم القبلية.   

جاء ذلك بحضور البدرى عبد الغنى رئيس مجلس قروى اولاد نجم القبلية، تم تنفيذ الازالة الفورية، مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمةحيال المخالفين.   

وأوضح أشرف أنور رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة نجع حمادى، أن المخالفة عبارة عن بناء سور بالطوب الابيض ومونة الاسمنت على مساحة 100 متر تقريبا، وبارتفاع واحد متر تقريبا، ويعتبر تعدى بالبناء المخالف للقانون، بالبقيلى بزمام الوحدة المحلية لقرية اولاد نجم القبلية وتمت الإزالة حتى سطح الارض.   

يأتي ذلك في اطار تنفيذ توجيهات اللواء أشرف الداودى، محافظ قنا، بضرورة المتابعة الميدانية لحالات البناء المخالف على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة، والبناء بدون ترخيص والعمل على رصد المخالفات وإتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين.

ونجحت المحلية لمركز ومدينة نجع حمادى برئاسة أشرف أنور رئيس المدينة، تنفيذ حملات إزالة التعديات بالبناء بدون ترخيص، والمخالف على الأراضي الزراعية، وأملاك الدولة، حيث تم تنفذ إزالة بناء مخالفا للقانون بزمام قروى الحلفاية.  

 جاء ذلك بحضور حسام مبارك رئيس مجلس قروى الحلفاية تمت الازالة حتى سطح الارض و تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.  

وأوضح أشرف أنور رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة نجع حمادى أنه تم رصد عدد ثلاث حالات بناء مخالف على اراضى املاك الدولة وهم عبارة عن تنفيذ عدد ٢ إزالة فورية على أرض أملاك دولة  وعدد ١ إزالة فورية على أرض زراعيةأملاك الدولة .

 المخالفة الاولى بقرية الحلفاية بحري عبارة عن مبنى بالطوب الأبيض ومونة الأسمنت بارتفاع ٣ تقريبا على مساحة ٣ قيراط تقريبا. 

  والمخالفة الثانية بقرية الحلفاية بحري عبارة عن مبنى بالطوب الأبيض ومونة الأسمنت على مساحة ٢ قيراط تقريبا بارتفاع ١ م تقريبا أرض زراعية املاك دولة .  

والمخالفة الثالثة بمنطقة كوم شافع عبارة عن سور بالطوب الأبيض ومونة الأسمنت بطول ٢٠ م تقريبا الازالة عبارة عن اسوار بالطوب الابيض البلوك ومونة الاسمنت على مساحة قيراط تقريبا، ويعتبر تعدى بالبناء المخالف للقانون، بزمام الوحدة المحلية لقرية الحلفاية وتمت الازالة حتى سطح الارض.

   مشيراً أنه لا تهاون ضد أي تعديات بالبناء المخالف للقانون وسيتم تنفيذ القانون بكل حسم ضد المخالفين، مشدداً على رؤوساء الوحدات القروية التابعة للمدينة بالمتابعة المستمرة على مدار ٢٤ ساعة لأي حالة تعدي، وإتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المخالفين والمتعديين، وفرض هيبة الدولة.

مقالات مشابهة

  • خالد بن محمد بن زايد: تطوير الكفاءات الوطنية الشابة أكاديمياً ومهنياً
  • محافظ بني سويف يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيه
  • من هو لويس آرسي رئيس بوليفيا؟.. حليف «موراليس» ينجو من محاولة انقلاب
  • خالد بن محمد بن زايد يؤكد أهمية تطوير الكفاءات الوطنية الشابة لمواكبة متطلبات سوق العمل
  • هل يزعج الفراغ الرئاسي حارة حريك؟
  • البسطاوي يدخل على خط الهجوم الذي تعرضت له المؤثرة هند المهريد
  • رفع 126 طن ناتج تطهير الترع بقرية هو بنجع حمادي
  • إزالة فورية على مساحة 100 متر بقرية أولاد نجم القبلية
  • أحمد طه: الوحدة الجديدة إضافة مهمة للقطاع الصحي
  • فيديو | «القاضي الرحيم»: الإمارات أكثر أماناً من أمريكا وأحببت الحياة فيها