دين بين الأعلى عالميا واحتياطي أجنبي تاريخي.. ما وراء معضلة الاقتصاد المصري؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
بين احتياطي نقدي هو "الأكبر" في تاريخ البلاد، وديون بين "الأعلى" على مستوى العالم، معضلة تواجه اقتصاد مصر، فهل يوجد تضارب بين الأمرين؟ وما تأثير "الديون المرتفعة" على الأزمة الاقتصادية المستمرة؟
ارتفاع الاحتياطي النقدي والدين العامالثلاثاء، قالت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة، إن مصر انضمت إلى الدول التي لديها "أكبر قدر من الدين العام".
وفي 9 مايو 2024، كشفت بيانات من البنك المركزي المصري أن الدين الخارجي للبلاد ارتفع 3.5 مليار دولار في الشهور الثلاثة المنتهية في ديسمبر 2023.
وارتفع إجمالي الدين الخارجي إلى 168 مليار دولار من 164.5 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2023، ومن 162.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2022.
وقال البنك المركزي إن 82.5 بالمئة من الدين الخارجي "دين طويل الأجل"، بما يعادل 43 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم ذلك، أعلن البنك المركزي، الثلاثاء، ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 46.125 مليار دولار في مايو، مقابل 41.057 مليار دولار بنهاية أبريل 2024.
هل هناك "تضارب"؟يشير الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، إلى "عدم وجود تضارب" بين ارتفاع الدين العام لمصر وبين زيادة احتياطي النقدي الأجنبي.
وعندما يرتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي بالتزامن مع ارتفاع الدين العام فهذا دليل على "قوة الاقتصاد وقدرته على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وثقة المستثمرين فيه ولذلك فهم يكتتبون فيما يصدره من أسهم وسندات"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويؤكد عبد المطلب أن هناك بعض المدارس الاقتصادية التي "ترى في ذلك دليل قوة للاقتصاد المصري".
لكن مدارس أخرى تقول إن غالبية احتياطي مصر من النقد الأجنبي هي "ديون" فمن الوارد عند أول مشكلة "خروج الأموال الساخنة وانهيار الاحتياطي"، حسبما يوضح الخبير الاقتصادي.
ما أسباب زيادة احتياطي النقد الأجنبي؟في مارس اتخذ البنك المركزي المصري قرارا بتحرير سعر صرف الجنيه ليفقد ثلث قيمته أمام الدولار الأميركي، وتبع ذلك اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم القرض الأخير من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.
كما قررت دولة الإمارات أيضا ضخ "35 مليار دولار استثمارات مباشرة"، بموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والإماراتية بهدف "تنمية 170,8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة" على البحر المتوسط بشمال غرب البلاد.، كما أمنت مصر قروضا من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
ولذلك، يؤكد الباحث بالاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، أن تدفقات مالية مليارية دخلت مصر خلال الفترة الماضية، ما تسبب في زيادة احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.
ودخلت مصر أموال من صفقات استثمارية كبرى بالإضافة للشرائح المنتظرة من صندوق النقد الدولي واستثمارات من دول الخليج، وبعضها دخل للبنك المركزي، ما تسبب في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ومن جانبه، يوضح عبد المطلب أن ارتفاع قيمة احتياطي النقد الأجنبي لمصر "أمر متوقع" بعد الإعلان عن صفقة رأس الحكمة، ودخول مصر تدفقات مالية تقترب من 35 مليار دولار، ذهب جزء منها للبنك المركزي.
ووجود احتياطي كبير من النقد الأجنبي يتجاوز 45 مليار دولار، كان أحد توصيات صندوق النقد الدولي حتى تتمكن مصر من "القفز على أزمتها، وتأمين واردات البلاد وتوفير السلع الأساسية للمواطن لمدة 7 أشهر على الأقل"، حسب الخبير الاقتصادي.
ويشدد عبد المطلب على أن أهم النقاط التي يقيم من خلالها صندوق النقد الدولي اقتصاد البلاد هو "القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين".
ووصول احتياطي النقد الأجنبي لما يزيد عن 46 مليار دولار وهو "أكثر من المستوى الذي حدده صندوق النقد الدولي"، يعد "إنجازا" في نظر الحكومة المصرية، وفق عبد المطلب.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن 23 بالمئة من احتياطي النقد الأجنبي لمصر هو "أرصدة من الذهب" بما يعادل 9.6 مليار دولار في "شكل سبائك ذهبية".
ولذلك فارتفاع قيمة الذهب خلال الأشهر الماضية قد رفع قيمة الأرصدة الذهبية بحوالي مليار دولار، حسبما يؤكد عبد المطلب.
ويوضح أن هناك "5 مليارات دولار حقيقية" ارتفعت في رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري".
لماذا ازداد الدين العام لمصر؟تمر مصر بأزمة اقتصادية شديدة من جراء نقص النقد الأجنبي، وتواجه تبعات جيوسياسية لنزاعين مفتوحين على حدودها وهي الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان إلى الجنوب.
مع عدد سكان يبلغ 106 ملايين نسمة، فإن مصر هي البلد العربي "الأكبر ديموغرافيا"، بينما تشير تقديرات إلى أن نحو 60 بالمئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه.
ولدى مصر فاتورة ضخمة لخدمة الدين، ورفعت ديونها الخارجية لأربعة أمثالها منذ 2015 للمساعدة في تمويل إنشاء عاصمة جديدة وبنية تحتية وشراء أسلحة ودعم العملة.
ولذلك، يؤكد عبد المطلب أن "السياسة التي انتهجتها الحكومة المصرية منذ عام 2015، هي السبب وراء ارتفاع الدين العام للبلاد حتى يومنا هذا".
ووقتها كان القائمون على الملفات الاقتصادية يرون أن "قدرة أي اقتصاد على تحقيق قدر أكبر من الاستدانة يعني زيادة الثقة العالمية في هذا الاقتصاد، وذلك بالحصول على قروض مباشرة أو من خلال الأسهم والسندات التي يصدرها في البورصات المحلية أو العالمية"، حسبما يوضح الخبير الاقتصادي.
ويشير عبد المطلب إلى أن "هذه الرؤية استمرت منذ عام 2015 وحتى عام 2021"، عندما بدأت تظهر "مشاكل هذه السياسة بخروج جزء كبير من الأموال الساخنة".
ورغم كل الظروف فمصر "ما زال لديها نفس النظرة"، ومفادها أن "قدرة الاقتصاد المصري على الحصول على قروض دليل على القوة الاقتصادية"، حسب الخبير الاقتصادي.
ولذلك فرغم تدفقات أرصدة رأس الحكمة "ما زال هناك طرح لأسهم وسندات مقومة بالعملات الأجنبية في البورصات العالمية"، وفق عبد المطلب.
أما الديب فيتحدث عن برنامج الإصلاح الاقتصادي وبناء عاصمة إدارية جديدة وإنشاء مشروعات تنموية عملاقة والتي كان بعضها عبر "قروض من جهات كثيرة"، ما جعل الدين العام يزداد بشكل كبير.
ويشير الباحث بالاقتصاد السياسي إلى أن مصر تعاني من محيط إقليمي متوتر وتوترات جيوسياسية في ليبيا والسودان والبحر الأحمر، ما أثر على السياحة والاستثمار وعائدات قناة السويس التي تدر عائدا بالعملة الصعبة على البلاد.
والدين المرتفع "مشكلة" لكن يمكن للحكومة المصرية التعامل معها، لأنها ديون "مقسطة ومجدولة"، وفق الديب.
ويوضح أن الحكومة المصرية "التزمت بجدول السداد للدائنين، ولم تتخلف عن الدفع، وستظل ملتزمة خلال الفترة المقبلة".
هل توجد حلول؟"الدين في حدود الأمان" لأن مصر ملتزمة بسداد ديونها ولديها خطط "لهيكلة الدين العام"، لعدم الدخول في "معضلة التعثر"، وفق الديب.
ويشير الباحث بالاقتصاد السياسي إلى أن الحكومة المصرية تعول على اكتشافات الغاز والنفط وتصديره وتحول مصر لمركز إقليمي مهم للطاقة، لسداد تلك الالتزامات الخارجية.
وفي الوقت نفسه فإن مصر تتحول من "الدعم العيني إلى النقدي"، للتخفيف عن كاهل الموازنة وبالتالي توفير سيولة لسداد ديونها، حسبما يوضح الديب.
وفي حال "عقد صفقة" في قطاع غزة بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، مقترحا من 3 مراحل لإنهاء الحرب، سيسود الهدوء بمنطقة الشرق الأوسط، وتعود قناة السويس إلى مستوياتها الطبيعية لتحقيق 10.4 مليار دولار سنويا، ما يعطي فرصة للحكومة المصرية لسداد التزاماتها الدولية، وفق الباحث بالاقتصاد السياسي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: احتیاطی النقدی الأجنبی احتیاطی النقد الأجنبی صندوق النقد الدولی الخبیر الاقتصادی الاحتیاطی النقدی الحکومة المصریة ملیار دولار فی البنک المرکزی الدین العام عبد المطلب بالمئة من إلى أن
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد الدولي يوافق على صرف تمويل جديد لمصر بـقيمة 1.3 مليار دولار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكدت وزارتا المالية والبيئة، أنه فى إطار تنفيذ استراتيجية مصر لتغير المناخ 2050، وخطة المساهمات المحددة وطنيًا 2030، وافق صندوق النقد الدولي، على صرف تمويل جديد لمصر تحت صندوق المرونة والاستدامة، بمبلغ ١,٣ مليار دولار، ضمن حزمة الإصلاحات الهيكلية لدعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠ ، والتى تم إعدادها بالاشتراك بين عدد من الوزارات والجهات المعنية بالدولة وبمشاركة البنك المركزى والسفير محمد نصر سفير مصر بفيينا وكبير مفاوضى التمويل ممثلاً عن وزارة الخارجية وبالتنسيق مع وزارات المالية، والتخطيط والتنمية الإقتصادية والتعاون الدولى، والبيئة، والبترول، والكهرباء والطاقة، والموارد المائية والري، ومركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
أوضحت وزارتا المالية والبيئة، أن حزمة الإصلاحات الهيكلية المزمع تنفيذها تشمل ١٠ إصلاحات هيكلية فى ٤ مجالات: «تسريع عملية خفض الكربون في مصر، وتحليل المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ، وتعزيز إدارة البيانات والمخاطر المتعلقة بالمناخ، وبناء القدرة على التكيف، وتعزيز قدرة القطاع المالي على المرونة في مواجهة التغيرات المناخية ودعم التمويل المناخي، وتحديد وقياس والإفصاح عن آثار خطط الاستثمار والبرامج والمشاريع على الأهداف الوطنية لتغير المناخ».
وأشار البيان المشترك، إلى أنه من خلال التعاون بين وزارتي المالية والبيئة والبنك المركزى وبمشاركة كاملة دؤوبة من كافة الوزارات سالفة الذكر، نجحت مصر في الحصول على هذا التمويل لدعم جهودها في تنفيذ التزاماتها ضمن اتفاق باريس لمواجهة تغير المناخ، وذلك في إطار مسارها نحو انتقال أخضر عادل، حيث تم الاتفاق مع الصندوق على عدد من الإصلاحات الهيكلية التى تستطيع مصر تتفيذها ، وأيضًا العمل على تعزيز موقف مصر قبيل انعقاد مؤتمر المناخ القادم (COP30)، وذلك في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة ، ويؤكد هذا الاهتمام أن قضية تغير المناخ تتصدر أولويات أجندة القيادة السياسية، باعتبارها قضية وجودية لضمان استدامة الكوكب، ويعزز دور مصر في التعاون متعدد الأطراف.