بين احتياطي نقدي هو "الأكبر" في تاريخ البلاد، وديون بين "الأعلى" على مستوى العالم، معضلة تواجه اقتصاد مصر، فهل يوجد تضارب بين الأمرين؟ وما تأثير "الديون المرتفعة" على الأزمة الاقتصادية المستمرة؟

ارتفاع الاحتياطي النقدي والدين العام

الثلاثاء، قالت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة، إن مصر انضمت إلى الدول التي لديها "أكبر قدر من الدين العام".

وفي 9 مايو 2024، كشفت بيانات من البنك المركزي المصري أن الدين الخارجي للبلاد ارتفع 3.5 مليار دولار في الشهور الثلاثة المنتهية في ديسمبر 2023.

وارتفع إجمالي الدين الخارجي إلى 168 مليار دولار من 164.5 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2023، ومن 162.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2022.

وقال البنك المركزي إن 82.5 بالمئة من الدين الخارجي "دين طويل الأجل"، بما يعادل 43 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

ورغم ذلك، أعلن البنك المركزي، الثلاثاء، ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 46.125 مليار دولار في مايو، مقابل 41.057 مليار دولار بنهاية أبريل 2024.

هل هناك "تضارب"؟

يشير الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، إلى "عدم وجود تضارب" بين ارتفاع الدين العام لمصر وبين زيادة احتياطي النقدي الأجنبي.

وعندما يرتفع الاحتياطي النقدي الأجنبي بالتزامن مع ارتفاع الدين العام فهذا دليل على "قوة الاقتصاد وقدرته على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وثقة المستثمرين فيه ولذلك فهم يكتتبون فيما يصدره من أسهم وسندات"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويؤكد عبد المطلب أن هناك بعض المدارس الاقتصادية التي "ترى في ذلك دليل قوة للاقتصاد المصري".

لكن مدارس أخرى تقول إن غالبية احتياطي مصر من النقد الأجنبي هي "ديون" فمن الوارد عند أول مشكلة "خروج الأموال الساخنة وانهيار الاحتياطي"، حسبما يوضح الخبير الاقتصادي.

ما أسباب زيادة احتياطي النقد الأجنبي؟

في مارس اتخذ البنك المركزي المصري قرارا بتحرير سعر صرف الجنيه ليفقد ثلث قيمته أمام الدولار الأميركي، وتبع ذلك اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي لزيادة حجم القرض الأخير من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار.

كما قررت دولة الإمارات أيضا ضخ "35 مليار دولار استثمارات مباشرة"، بموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والإماراتية بهدف "تنمية 170,8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة" على البحر المتوسط بشمال غرب البلاد.، كما أمنت مصر قروضا من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.

ولذلك، يؤكد الباحث بالاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، أن تدفقات مالية مليارية دخلت مصر خلال الفترة الماضية، ما تسبب في زيادة احتياطي النقد الأجنبي للبلاد.

ودخلت مصر أموال من صفقات استثمارية كبرى بالإضافة للشرائح المنتظرة من صندوق النقد الدولي واستثمارات من دول الخليج، وبعضها دخل للبنك المركزي، ما تسبب في زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ومن جانبه، يوضح عبد المطلب أن ارتفاع قيمة احتياطي النقد الأجنبي لمصر "أمر متوقع" بعد الإعلان عن صفقة رأس الحكمة، ودخول مصر تدفقات مالية تقترب من 35 مليار دولار، ذهب جزء منها للبنك المركزي.

ووجود احتياطي كبير من النقد الأجنبي يتجاوز 45 مليار دولار، كان أحد توصيات صندوق النقد الدولي حتى تتمكن مصر من "القفز على أزمتها، وتأمين واردات البلاد وتوفير السلع الأساسية للمواطن لمدة 7 أشهر على الأقل"، حسب الخبير الاقتصادي.

ويشدد عبد المطلب على أن أهم النقاط التي يقيم من خلالها صندوق النقد الدولي اقتصاد البلاد هو "القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين".

ووصول احتياطي النقد الأجنبي لما يزيد عن 46 مليار دولار وهو "أكثر من المستوى الذي حدده صندوق النقد الدولي"، يعد "إنجازا" في نظر الحكومة المصرية، وفق عبد المطلب.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن 23 بالمئة من احتياطي النقد الأجنبي لمصر هو "أرصدة من الذهب" بما يعادل 9.6 مليار دولار في "شكل سبائك ذهبية".

ولذلك فارتفاع قيمة الذهب خلال الأشهر الماضية قد رفع قيمة الأرصدة الذهبية بحوالي مليار دولار، حسبما يؤكد عبد المطلب.

ويوضح أن هناك "5 مليارات دولار حقيقية" ارتفعت في رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري".

لماذا ازداد الدين العام لمصر؟

تمر مصر بأزمة اقتصادية شديدة من جراء نقص النقد الأجنبي، وتواجه تبعات جيوسياسية لنزاعين مفتوحين على حدودها وهي الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان إلى الجنوب.

مع عدد سكان يبلغ 106 ملايين نسمة، فإن مصر هي البلد العربي "الأكبر ديموغرافيا"، بينما تشير تقديرات إلى أن نحو 60 بالمئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه.

ولدى مصر فاتورة ضخمة لخدمة الدين، ورفعت ديونها الخارجية لأربعة أمثالها منذ 2015 للمساعدة في تمويل إنشاء عاصمة جديدة وبنية تحتية وشراء أسلحة ودعم العملة.

ولذلك، يؤكد عبد المطلب أن "السياسة التي انتهجتها الحكومة المصرية منذ عام 2015، هي السبب وراء ارتفاع الدين العام للبلاد حتى يومنا هذا".

ووقتها كان القائمون على الملفات الاقتصادية يرون أن "قدرة أي اقتصاد على تحقيق قدر أكبر من الاستدانة يعني زيادة الثقة العالمية في هذا الاقتصاد، وذلك بالحصول على قروض مباشرة أو من خلال الأسهم والسندات التي يصدرها في البورصات المحلية أو العالمية"، حسبما يوضح الخبير الاقتصادي.

ويشير عبد المطلب إلى أن "هذه الرؤية استمرت منذ عام 2015 وحتى عام 2021"، عندما بدأت تظهر "مشاكل هذه السياسة بخروج جزء كبير من الأموال الساخنة".

ورغم كل الظروف فمصر "ما زال لديها نفس النظرة"، ومفادها أن "قدرة الاقتصاد المصري على الحصول على قروض دليل على القوة الاقتصادية"، حسب الخبير الاقتصادي.

ولذلك فرغم تدفقات أرصدة رأس الحكمة "ما زال هناك طرح لأسهم وسندات مقومة بالعملات الأجنبية في البورصات العالمية"، وفق عبد المطلب.

أما الديب فيتحدث عن برنامج الإصلاح الاقتصادي وبناء عاصمة إدارية جديدة وإنشاء مشروعات تنموية عملاقة والتي كان بعضها عبر "قروض من جهات كثيرة"، ما جعل الدين العام يزداد بشكل كبير.

ويشير الباحث بالاقتصاد السياسي إلى أن مصر تعاني من محيط إقليمي متوتر وتوترات جيوسياسية في ليبيا والسودان والبحر الأحمر، ما أثر على السياحة والاستثمار وعائدات قناة السويس التي تدر عائدا بالعملة الصعبة على البلاد.

والدين المرتفع "مشكلة" لكن يمكن للحكومة المصرية التعامل معها، لأنها ديون "مقسطة ومجدولة"، وفق الديب.

ويوضح أن الحكومة المصرية "التزمت بجدول السداد للدائنين، ولم تتخلف عن الدفع، وستظل ملتزمة خلال الفترة المقبلة".

هل توجد حلول؟

"الدين في حدود الأمان" لأن مصر ملتزمة بسداد ديونها ولديها خطط "لهيكلة الدين العام"، لعدم الدخول في "معضلة التعثر"، وفق الديب.

ويشير الباحث بالاقتصاد السياسي إلى أن الحكومة المصرية تعول على اكتشافات الغاز والنفط وتصديره وتحول مصر لمركز إقليمي مهم للطاقة، لسداد تلك الالتزامات الخارجية.

وفي الوقت نفسه فإن مصر تتحول من "الدعم العيني إلى النقدي"، للتخفيف عن كاهل الموازنة وبالتالي توفير سيولة لسداد ديونها، حسبما يوضح الديب.

وفي حال "عقد صفقة" في قطاع غزة بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، مقترحا من 3 مراحل لإنهاء الحرب، سيسود الهدوء بمنطقة الشرق الأوسط، وتعود قناة السويس إلى مستوياتها الطبيعية لتحقيق 10.4 مليار دولار سنويا، ما يعطي فرصة للحكومة المصرية لسداد التزاماتها الدولية، وفق الباحث بالاقتصاد السياسي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: احتیاطی النقدی الأجنبی احتیاطی النقد الأجنبی صندوق النقد الدولی الخبیر الاقتصادی الاحتیاطی النقدی الحکومة المصریة ملیار دولار فی البنک المرکزی الدین العام عبد المطلب بالمئة من إلى أن

إقرأ أيضاً:

لحظات مثيرة في سوق الذهب.. غرام الذهب يصل إلى أعلى مستوى تاريخي

واصل سعر غرام الذهب ارتفاعه، ليصل إلى مستوى قياسي جديد عند 3.106 ليرات، وهو الرقم الذي تم تسجيله الأسبوع الماضي.

بدأ سعر غرام الذهب الأسبوع الجديد بارتفاع، حيث افتتح اليوم عند 3.095 ليرة وتجاوز حاجز 3.100 ليرة، مسجلًا 3.106 ليرات ليختبر بذلك المستوى القياسي الذي بلغه في الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضا

الامن التركي يعتقل عدو اللاجئين أوميت أوزداغ…

الإثنين 20 يناير 2025

أسعار الذهب الحالية
حتى الساعة 13:00، سجل سعر غرام الذهب 3.094 ليرة، وسعر ربع الليرة الذهبية 5.069 ليرة، بينما بلغ سعر الليرة الذهبية الكاملة 20.846 ليرة. أما سعر الأونصة عالميًا فقد بلغ 2.706 دولار.

مستويات الدعم والمقاومة في سعر أونصة الذهب
أوضح المحللون أنه مع غياب البيانات الاقتصادية المهمة في الداخل والخارج خلال بقية اليوم، فإن المستوى 2.750 دولار يشكل مقاومة لسعر أونصة الذهب، بينما يُعدّ المستوى 2.700 دولار نقطة دعم مهمة.

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية: ضبط وقائع اتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 4.6 مليار جنيه
  • ضبط صاحب محل مفروشات بتهمة الاتجار في النقد الأجنبي
  • 1.4 تريليون دولار قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي
  • الهلال الأحمر المصري: اصطفاف شاحنات المساعدات في معبر رفح مشهد تاريخي
  • باكستان: وافقنا على شروط قرض جديد بمليار دولار
  • القبض على متهم بغسيل 100 مليون جنيه من الاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي
  • يتخطى 67 مليار دولار.. تفاؤل دولي بمستقبل ‏الاحتياطي الأجنبي لمصر ‏
  • لحظات مثيرة في سوق الذهب.. غرام الذهب يصل إلى أعلى مستوى تاريخي
  • مصر.. توقعات بنمو الاقتصاد 4% بفضل إصلاحات صندوق النقد
  • نظر محاكمة عامل متهم بالاتجار في النقد الأجنبي