أستاذ قانون دولي: تهديد الكونجرس للجنائية الدولية جريمة دولية وانتهاك صارخ للقانون
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
ندد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بإقرار مجلس النواب الأمريكي لمشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، ردًا على مساعيها لإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، مشددا علي ان ذلك يمثل تدخلًا سافرًا في استقلالية القضاء الدولي وتهديدًا غير مقبول لجهود تحقيق العدالة.
وفي هذا الصدد اعتبر مهران أن هذه الخطوة الأمريكية تمثل انتهاكًا صارخًا لالتزامات الولايات المتحدة وفقًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي العرفي، والتي تقضي بعدم التدخل في الإجراءات القانونية للمحاكم الدولية وعدم عرقلة التحقيقات الجنائية الدولية.
وأكد الدكتور مهران أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي صادقت عليه 123 دولة، يُجرّم في مادته الـ70 أفعال التهديد أو الترهيب أو الانتقام من المحكمة أو مسؤوليها أو الشهود بسبب أدائهم لمهامهم، ما يجعل أي محاولات لابتزاز المحكمة أو منع تعاون الدول معها، بمثابة جرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة ذاتها.
كما أوضح الخبير الدولي أن إصدار مذكرات توقيف دولية بحق قادة الاحتلال الإسرائيلي، يأتي في إطار ممارسة المحكمة لولايتها القضائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد انضمام دولة فلسطين للنظام الأساسي، ويعكس مدى خطورة الانتهاكات الجسيمة والممنهجة للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين.
وشدد الدكتور مهران على أن اي محاولات لعرقلة إجراءات المحكمة أو الضغط عليها للتراجع عن ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، إنما تشكل تهديدًا خطيرًا لمبادئ العدالة الدولية وسيادة القانون، وتكريسًا لسياسة الكيل بمكيالين التي تطبق المعايير على الدول الضعيفة وتستثني منها الأقوياء والمنتصرين.
كما أشار مهران إلي أن إقدام الكونجرس على هذه الخطوة، يقوض مصداقية الولايات المتحدة ويفضح ازدواجية معاييرها، فهي من ناحية تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، ومن ناحية أخرى تحمي حلفاءها من المساءلة عن الجرائم الدولية البشعة، بما يغذي الشعور بالإحباط وانعدام الثقة بالعدالة الجنائية الدولية.
ولفت أستاذ القانون الدولي إلى العديد من الاتفاقيات والقرارات الدولية، من بينها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، والتي تلزم الدول بتنفيذ المعاهدات بحسن نية وتحظر التذرع بالقانون الداخلي للتنصل من الالتزامات الدولية، فضلًا عن القرار 1593 الصادر عن مجلس الأمن عام 2005 والذي اكد علي اهمية تعاون الدول الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية والامتناع عن أي أعمال تحول دون أدائها لمهامها.
وحذر الدكتور مهران من أن نجاح مشروع القانون الأمريكي وتطبيقه عمليًّا، قد يشجع دولًا أخرى على حذو واشنطن في ابتزاز المحكمة الجنائية لحماية مسؤوليها من الملاحقة، وهو ما ينذر بتآكل مبدأ سيادة القانون وسقوط هيبة القضاء الدولي، وصولًا لانهيار النظام القانوني الدولي برمته والعودة للفوضى، مطالبا المجتمع الدولي بـالتصدي بحزم لأي محاولات تستهدف شل حركة المحكمة وإضعاف قدرتها على محاسبة كبار المجرمين مهما علت مكانتهم، وأن تظل ولايتها القضائية بمنأى عن أي تدخلات أو ضغوط سياسية أو مصلحية ضيقة.
وفي سياق متصل أشار الدكتور مهران إلى الهجوم الأخير الذي استهدف السفارة الأمريكية في بيروت، معتبرًا إياه نتاجًا طبيعيًا لاستمرار الحرب علي غزة والتدخل الأمريكي المنحاز في المنطقة، والذي حذر منه مرارًا كونه يغذي مشاعر الكراهية والاستياء ضد السياسات الأمريكية، ويهدد بتوسيع رقعة الصراع وانتقاله خارج حدود فلسطين، بما يعرض المصالح الأمريكية ذاتها للخطر.
كما أضاف أستاذ القانون أن نهج واشنطن القائم على ازدواجية المعايير والانحياز الأعمى لإسرائيل حتى في مواجهة أبشع الجرائم الموثقة بحق الفلسطينيين، وسعيها الحثيث لتقويض آليات المحاسبة الدولية، قد يقود لتصاعد ردود الفعل الغاضبة ضدها في العالمين العربي والإسلامي، وصولًا لزعزعة استقرار المنطقة بأسرها، وهو ما يتعين على صناع القرار في البيت الأبيض إعادة حساباتهم بشأنه.
هذا وشدد مهران على التأكيد بأن التمسك بسيادة القانون ومبادئ حقوق الإنسان فوق كل اعتبار وإنه هو السبيل الوحيد لبناء عالم أكثر عدلًا وإنسانية، مشيرًا إلى أن أي محاولات للتستر على الجرائم الخطيرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين وحرمانهم من العدالة، ستفشل لا محاله وإن طال الزمن لأن الحقيقة والعدالة فوق إرادة الجميع، ولا يجب أن تخضع لتوازنات القوى.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الولايات المتحدة فلسطين بنيامين نتنياهو التحقيقات قانون دولي مطالب محاكم انعدام الثقة تخصص اسرائيلي أستاذ قانون محاسبة مجلس النواب جمعيتي انتهاكات الأمم المتحدة مشروع قانون رئيس الوزراء قوات الاحتلال محمد محمود أستاذ قانون دولي النواب الأمريكى المحكمة الجنائية جرائم حرب الجنائیة الدولیة الدکتور مهران
إقرأ أيضاً:
أستاذ علاقات دولية: الهجرة غير الشرعية تهدد أمن الحدود الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال جي دويج دافيس، أستاذ العلاقات الدولية، إن ملف الهجرة غير الشرعية يمثل مشكلة سياسية كبرى تواجه الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي تعهد بالعمل مع المسؤولين التنفيذيين لوضع حلول لهذه القضية.
وأوضح دافيس، خلال مداخلة ببرنامج "مطروح للنقاش"، وتقدمه الإعلامية مارينا المصري، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن المشكلة الأساسية تكمن في الحدود غير المؤمنة بين الولايات المتحدة والمكسيك، والتي تتطلب استثمارات ضخمة لحمايتها، مضيفًا: "لا يمكن لدولة ذات قوة وسلطة عظيمتين أن تترك حدودها عرضة للاختراق، لأن ذلك يشكل تهديدًا كبيرًا".
وشدد على أن الهجرة غير الشرعية هي التحدي الأكبر، مشيرًا إلى أن هؤلاء الأشخاص يدخلون البلاد دون وثائق قانونية أو موافقة حكومية، ما يؤدي في بعض الحالات إلى تورطهم في أنشطة إجرامية، مؤكدًا أن الحل يكمن في منع الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة الشرعية التي تسهم في الاقتصاد الأمريكي.
وقال: "الاقتصاد بحاجة إلى المهاجرين، خاصة العاملين في قطاع الصحة والقطاعات الأخرى التي تسهم في النمو الاقتصادي، لكننا بحاجة إلى التأكد من أن من يدخلون البلاد ينسجمون مع النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في أمريكا".
وختم دافيس حديثه بالتأكيد على أهمية تحقيق التوازن بين حماية الحدود والسماح للمهاجرين القانونيين بالمساهمة في تحقيق مصلحة أمريكا وأمنها.