من البحث عن المُتعة الرّخيصة للوفاة تسمّما.. ما تفاصيل الماحيا المسمومة في المغرب؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
"توفيّ ابني بتناوله هذا السم "الماحيا" (شراب مُسكر مغشوش)، عُمره 18، كان مُقبلا على امتحانات الباكالوريا"، تقول إحدى الأمّهات، وهي غارقة في بكائها، الممزوج بالصدمة من خروج ابنها المتوفّي عن طوعها، وخوضه غمار الإدمان الرخيص، حيث تقول إنها لم تكن أبدا على معرفة بالأمر، وكانت دوما تُحذّره من أصدقاء السوء.
ويقول أب آخر، وهو يُلقي اللوم على السُلطات والجهات المعنية: "كل شئ يُباع من سموم، يتم أمام مرأى ومسمع الجميع، لماذا تركتم الأمور تصل إلى هذا السوء، وضحيّتم بأبناء الشعب"، مُردفا أن ابنه الذي يأتي مرّة في السنة إلى المغرب، خاض بدوره غمار تجربة شُرب "الماحيا" ليتوفّى، تاركا خلفه زوجته وابنه الصغير.
81 حالة إصابة.. وما يزيد
في أول حصيلة رسمية لفاجعة التسمم بـ"الماحيا" التي هزّت جماعة سيدي علال التازي (غرب المغرب)، بداية الأسبوع الجاري، كشفت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، صباح اليوم الأربعاء، أنه تم "تسجيل 8 أشخاص، 7 منهم تم تسجيل وفاتهم على مستوى المركز الاستشفائي الإقليمي الإدريسي بالقنيطرة، فيما تم تسجيل حالة وفاة أخرى على مستوى مستشفى الزبير سكيرج بسوق الأربعاء الغرب، جرّاء مضاعفات تسمم وخيمة بمادة "الميثانول".
وأبرز بلاغ الوزارة، الذي توصّلت "عربي21" بنسخة منه، أن "حالات إصابات بالتسمم بلغت 114 شخصا على مستوى جماعة سيدي علال التازي، التابعة ترابيا لإقليم القنيطرة، وتم تأكيدها مخبريا من طرف المركز المغربي لمحاربة التسمم ولليقظة الدوائية بالرباط".
وأشار إلى أن "81 حالة إصابة أخرى توجد تحت الرعاية الطبية عبر مختلف المراكز الاستشفائية التابعة للجهة، ويتعلق الأمر بـ28 حالة بالمركز الاستشفائي الإقليمي الإدريسي بالقنيطرة، من بينها 3 حالات توجد بمصلحة الإنعاش، فيما تم تسجيل مغادرة 38 شخص المستشفى بعد تحسن حالتهم".
"تتواجد 40 حالة بالمركز الجهوي مولاي يوسف بالرباط، منها حالتان تمت إحالتها على مصلحة الإنعاش، بمركز تصفية الدم بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، نتيجة مضاعفات تناول هذه المادة، فيما تخضع 20 حالة لتصفية الدم بذات المؤسسة الإستشفائية" يوضّح البلاغ نفسه، وذلك "ما بين الساعة السادسة مساء من يوم الإثنين 3 يونيو إلى حدود الساعة الثامنة صباحا من يوم الأربعاء 04 يونيو 2024".
ماذا حدث؟
ضحايا كُثر، بين مصدوم وغير مُستوعب، وأصوات الصُراخ والبُكاء، باتت جُزء من جنبات مستشفى الإدريسي الإقليمي، في مدينة القنيطرة (غرب المغرب)، ومستشفى مولاي عبد الله، بالرباط، الذي نُقلت إليه الحالات الحرجة والخطيرة.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Hespress - هسبريس (@hespress)
وتعود تفاصيل ما باتت توصف بـ"الفاجعة"، وفق شهود تحدّثوا لـ"عربي21" أنه مساء السبت المنصرم، تناول عدد كبير من شباب منطقة سيدي علال التازي (غرب المغرب)، ما يُطلق عليه اسم "الماحيا"، بحثا عن الاستمتاع، قبل أن تنقلب حياتهم رأسا على عقب.
وتوفّي على الفور 3 أشخاص منهم، فيما نقل العشرات نحو المستشفى، بعد آلام مُتفاوتة، صعبة، على مستوى الأمعاء والمعدة.
ووفق مصادر مُتفرّقة لـ"عربي21" فإن عدد الوفيات بمستشفى الإدريسي الإقليمي، قد بلغت، صباح الثلاثاء، 15 حالة، وذلك في ظل تزايد حدّة الخوف من ارتفاع العدد، خلال الساعات القليلة القادمة، حيث لا تزال حالات خطيرة، ولا تزال حالات جديدة تتوافد على المستشفى.
معلومات مُتضاربة.. وخفايا صادمة
وسط تضارب المعلومات، خلال اليومين الماضيين، حيث وزارة الصحّة المغربية لم تُصدر البلاغ إلا صباح اليوم الأربعاء، قالت عدد من المصادر المتفرّقة إن "إجمالي الإصابات قد وصل إلى 87"، فيما قالت أخرى إن "نفس أصابع الاتهام تتوجّه إلى شركة بالمنطقة تنتج المحلول السّام الذي تسبّب في هذه الفاجعة، مبرزين أن بيعه في مناطق أخرى أدّى إلى فقدان البصر لعدد لا يُستهان به من الضحايا".
وكانت السلطات المحلية، قد أوضحت، في وقت سابق أن الأبحاث والتحريات التي باشرتها مصالح الدرك الملكي أسفرت عن تحديد هويّة المشتبه فيهم المتورطين في هذه القضية، إذ تم توقيف شخصين، يبلغان من العمر حوالي 41 و21 سنة، وضعا بدورهما تحت المراقبة الطبية بالمستشفى الإقليمي، بالقنيطرة.
وفي انتظار تطورات حالتهما الصحّية، سيتم إخضاعهما لإجراءات البحث القضائي، للاشتباه في تورطهما في صناعة وبيع مواد مضرة بالصحة العامة "الماحيا"، والتسبّب في وفاة مستهلكيها.
حين تُكتب لك حياة جديدة
بكلمات غير مُترابطة، وصدمة لا تُفارق نظراته، يروي مروان (اسم مُستعار)، نجاته من الموت مسموما، بالقول: "البارحة ليلا مع الأصدقاء، شربت قليلا فقط من الماحيا/ ماء الحياة، قبل أن أغادرهم، وأستيقظ بعدها على وجعي".
ويُتابع: "أرجوكم ابتعدوا عن كل ما له علاقة بالإدمان، إنه دمار للصحة وللحياة"، قبل أن يعود للتعبير عن تعبه، وألمه، وفاجعة قلبه من وفاة أصدقائه، وعدد من معارفه.
مروان، واحد من الضحايا، النّاجين، من حادثة "الماحيا المسمومة" (نوع من الشرّاب المخدّر المغشوش)، ممّن استطاع التعبير قليلا، أمّا الباقي، فهم بين مُفارق للحياة، وبين غائب عن الوعي، داخل مستشفى الإدريسي الإقليمي في مدينة القنيطرة.
استنكار واسع
تتبّعا لما يروج على منصّات التواصل الاجتماعي، رصدت "عربي21" جُملة من الصور التي تبرز هذه "المادّة الكحولية" التي لا تصلح للاستهلاك، ورغم ذلك يتم الترويج لها، داخل المناطق الفقيرة، خاصة في صفوف المراهقين، باسم "الماحيا" وتحت تسويق بكونها "تجعل العقل يرتاح من صعوبات الحياة".
وفي السياق نفسه، استنكر عدد من رواد منصات التواصل، ما وصفوه بـ"سماح الجهات المسؤولة ترويج البائعين لمثل هذه المواد المسمومة" مُطالبين بالتدخّل العاجل، لتخليص المجتمع من هؤلاء "المُجرمين" وتحقيق العدالة في حقّهم.
إلى ذلك، أعادت الفاجعة، التي لا تزال تفاصيلها تجري على أرض الواقع، بين حالات وفاة، وحالات تسمّم، وذُعر للأهالي، وتحرّيات عن المتسبّبين فيها، للواجهة، مُطالبة المواطنين بضرورة تشديد المراقبة على كافة "المعامل السرّية" التي يتم فيها صُنع ما يُفسد الحياة، وكذا باعة هذه المواد المُسكّرة التي لا تصلح للاستهلاك، خاصة في قلب المناطق التي يكثر فيها الفقر والبطالة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المغرب سيدي علال التازي غرب المغرب القنيطرة الماحيا المسمومة المغرب القنيطرة الماحيا المسمومة سيدي علال التازي غرب المغرب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على مستوى
إقرأ أيضاً:
المفوضة الأوروبية: مصر شريك لا غنى عنه في حل النزاعات والاستقرار الإقليمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، المفوضة المسؤولة عن ملف البحر المتوسط، دوبرافكا سويتسا، التي أكدت التزام الاتحاد الأوروبي بدعم مصر في هذه المرحلة الحاسمة، مشددة على دورها المحوري كحجر زاوية للاستقرار والأمن والتعاون الاقتصادي في المنطقة.
كما استعرضت رؤيتها بشأن وثيقة ميثاق البحر المتوسط الجديد.
وخلال زيارتها، التقت المفوضة الأوروبية ، رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبد العاطي، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رانيا المشاط.
كما وقّعت مع الحكومة المصرية اتفاقًا على قرض بقيمة 90 مليون يورو لدعم مشروع "صمود مصر الغذائي"، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي.
وأكدت المفوضة سويتسا على العلاقات القوية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، مشيرةً إلى تنفيذ الشراكة الاستراتيجية في مجالات عدة، منها التعاون الاقتصادي والتجاري، والاستثمار، والطاقة، والتكنولوجيا النظيفة، والتكيف المناخي، والأمن، وتنظيم الهجرة.
كما شددت على أن القيم المشتركة والاهتمامات الاستراتيجية تشكل أساس هذا التعاون.
وناقشت المفوضة الأوروبية جهود مصر لتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية بالتنسيق مع حزمة المساعدة المالية الكلية المقدمة من الاتحاد الأوروبي، وأكدت استمرار العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، لا سيما في مجالات التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة.
وأشارت إلى أن الإصلاحات الاقتصادية في مصر تمهّد الطريق لاستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو حتى عام 2027 ضمن الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة، مما يسهم في دعم الاقتصاد المصري وتنشيط الاستثمارات في القطاعين العام والخاص.
كما أكدت المفوضة الأوروبية على الدور المصري المحوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بغزة وسوريا والشرق الأوسط، إضافةً إلى تعزيز التعاون مع دول الخليج.
وشددت على أن مصر تلعب دورًا أساسيًا في الوساطة لحل النزاعات والاستجابة للأزمات، مما يجعلها شريكًا لا غنى عنه للاتحاد الأوروبي.
وفي إطار صياغة ميثاق البحر المتوسط الجديد، استمعت سويتسا إلى وجهات النظر المصرية لضمان أن يكون الميثاق قادرًا على تقديم فوائد مستدامة للمنطقة.
وتأتي هذه الزيارة ضمن سلسلة مشاورات رفيعة المستوى تجريها المفوضة الأوروبية لإعداد الوثيقة بالتعاون مع شركاء المتوسط والدول الأعضاء، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار ودعم العلاقات الاقتصادية والشعبية.
وفي تعليقها على الزيارة، قالت المفوضة دوبرافكا سويتسا، “سعيدة بزيارة مصر في بداية تولي مهامي، فهي شريك استراتيجي أساسي للاتحاد الأوروبي ولها دور حاسم في استقرار المنطقة، ولقد ارتقت علاقاتنا خلال العام الماضي إلى آفاق جديدة، وسنظل ملتزمين بدعم مصر اقتصاديًا وتعزيز جدول إصلاحاتها الطموح. البحر المتوسط ليس مجرد فضاء جغرافي، بل هو ثقافة وجسر اقتصادي بين القارات الثلاث، ومصر هي قلب هذا الملتقى النابض”.
وأضافت سويتسا، من خلال تعزيز شراكتنا، يمكننا تحويل التحديات إلى فرص تدعم الرخاء والاستقرار لكل من مصر والاتحاد الأوروبي. لقد حققنا إنجازات مهمة، من اتفاقيات استثمارية تاريخية إلى مساعدات مالية تدعم التحديث الاقتصادي، ونتطلع لصياغة رؤية مشتركة مع مصر في إطار ميثاق البحر المتوسط الجديد لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة."