جريدة زمان التركية:
2025-04-29@21:34:36 GMT

طريق العودة

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

بقلم: ماهر المهدي

القاهرة (زمان التركية)_ قال السائق في هدوء وفي صراحة ووضوح ردًّا على سؤال لراكب ثقيل الظل أراد إحراجه وجعله مادة تسلية أمام سائر ركاب لسيارة الأجرة التي ركبنا فيها أنا للتو وصديق لي في ذلك الوقت في الطريق من عمان الى دمشق: نعم كنت منذ فترة استغل الركاب فأطالبهم بأجرة أكبر مما ينبغي عليهم سداده وهم لا يشعرون.

وقد فعلت ذلك عدة مرات يا رجل في الحقيقة، ولكني لاحظت أنني أتعرض لحادث أثناء أو بعد كل رحلة أتقاضى فيها أجرة أكبر من اللازم من زبائني. واضطررت -عقب كل حادث- إلى إصلاح سيارتي مقابل مبالغ أكبر بكثير مما أقتضيته ظلمًا من الركاب فخفت على نفسي وعلى سيارتي التي اتعيش منها وتراجعت عن استغفال الناس وعن أكل أموالهم بالباطل. كثير من الشخصيات والأشخاص الذين خضعت لهم الأرض يومًا ما ظنوا – في لحظة ما – أنهم يستطيعون فعل كل شيء كما يحلوا لهم ثم مواصلة الطريق إلى حيث يريدون دون ازعاج، ولكنهم انتهوا وشهدت حياة كل واحد مهم نهاية أسوأ من كل سوء وغدًا العالم لا يذكرهم -بعد كثير من السنين والعقود- إلا بما لا يتمنى أحد لنفسه من الذكريات.

ولكن ما زال هناك في العالم من يحب أن يأتي من التصرفات ومن القرارات ما شاء بمعزل عن سوابق التاريخ وعن آراء الناصحين ولو مهم كانت النتيجة أو هكذا يبدو الأمر. فقد لا يوجد من الناس من يستطيع أن يبيح لنفسه التفوه بمثل هذا التوجه -إلا بينه وبين نفسه وبينه وبين أصدقائه الذين يشاركونه آراءه- لأن ما يعلق برقاب الناس من المسؤوليات اكبر من كل تجاهل وأعظم من كل ميول شخصية أنانية بحتة. حتى بعد مرور عقود وقرون على وفاة بعض الطغاة ما زال الباحثون والأبحاث يكشفون عن أهوال وجرائم مما لا يحمد لصاحبه ولا يشكر. والباحثون يسجلون ويتسألون عن كثير من التفاصيل الجديدة التي تثير مزيدًا من الظلام ومزيدًا من الشكوك حول حجم وتعداد المآسي والمظالم التي ارتكبها الطغاة الراحلون هم وأعوانهم من الأشرار.

من المؤكد أن الوقوع في خطأ -أو حتى في أخطاء كثيرة- لا يحول دون إمكانية الرجوع إلى جادة الطريق وإلى صحيح الاختيار. فالعودة إلى طريق الرشاد لهو انجاز كبير وانتصار حقيقي يضاف إلى انتصارات المنتصرين العظام، اذ ما أصعب الانتصار على النفس. ولا يقع في أحلك المواقف الا المنكرون المستعلون، وقد خاب من استعلى. فالاستعلاء لا يقتل إلا صاحبه ومن يحبهم ويحبونه قبل كل شخص وقبل كل شيء . والاستعلاء هو الحالة التي قد تفسر صورًا كثيرة حول العالم الآن ، وليس القانون ولا السياسة.

Tags: أجرةسائق

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: أجرة سائق

إقرأ أيضاً:

أنا ساكن صالحة.. بعرف كثير من الشهداء الذين تم تصفيتهم بواسطة الجنجويد

من أحاجي الشهداء ( ١٧٥٩٩ ):
○ كتب: أ. الطيب ساعد
□□ أنا ساكن صالحة.
□ بعرف كثير من الشهداء الذين تم تصفيتهم بواسطة الجنجويد.
□ الشباب ديل لو كنت من سكان صالحة بتقابلهم دائماً في المقابر يذهبوا بدري مقابر الشيخ يوسف او جبل طورية لتجهيز القبر عند الوفيات.
□ ولو اتكسرت ماسورة موية بتلقاهم يساهروا الليل كله في الحفر.
□ ولو وقع عمود كهرباء تلقاهم محرزين الشارع وعاملين دورية حتى يتجنب المارة الاسلاك العارية.
□ وفي موسم الامطار تلقاهم شغالين تصريف في الشوارع.
□ ولو في حادث حركة أو اي حالة إسعاف اول من يحمل المصابين للمستشفى ويتواصلوا مع بعض لتحضير الدم؛ وحصل كثير اهل المريض او المصاب لا يعرف الدم الجاري في عروقه الاتبرع به اسمه منو.
□ اولاد موظفين واولاد كادحين واولاد فقراء اغنياء لا رابط قبلي يهمهم ولا جهوي يعنيهم ولا حزب ولا سياسة.
□ وايام ازمات الخبز تلقاهم يساهروا الليالي لتنظيم الصفوف، لو عربيتك بطلت يدفروها ليك ويجيبوا ليك مكنيكي.
□ وايام السرقات يحرسوا الحي، وايام الثورة حاضرين بوعي عالي.
□ الشباب ديل ماقاعدين يقعدوا في لساتك الشوارع ومابتسكعوا..
□ في ايام الحرب الأولى شاهدتهم سايقين درداقة شايلين فيها إمرأة كبيرة في السن أسرتها مالاقين عربية وماشين بيها من سوق صالحة إلى آخر محطة مسافة اربعة كيلو تقريبا.
□ اولادنا فقد كبير ربنا يرحمهم ويغفر لهم ويسكنهم الفردوس الأعلى ويصبر امهاتهم وابهاتهم.
#من_أحاجي_الحرب

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • أنا ساكن صالحة.. بعرف كثير من الشهداء الذين تم تصفيتهم بواسطة الجنجويد
  • ضبط مراهق تحرش بطالبة في طريق العودة لمنزلها
  • إيهاب أمين: تتويج مصر بخمس ميداليات في كأس العالم دليل أن الجمباز على الطريق الصحيح
  • ما أكبر التحديات التي تواجه الممثل؟.. ريهام عبد الغفور تروي تجربتها
  • السودان يشهد أكبر «أزمة نزوح» في العالم
  • محمد شريف: لم أوقع لأي ناد وأتمنى العودة للأهلي
  • حاكم كاليفورنيا يعلن الولاية رابع أكبر اقتصاد في العالم.. تجاوزت اليابان
  • العراق ثالث أكبر مستورد للدجاج البرازيلي في العالم العربي
  • تركية تقود أكبر طائرة في العالم