تخيل لو كان بإمكانك شحن جهاز الحاسوب المحمول أو الهاتف الخاص بك في دقيقة واحدة، أو إذا كان من الممكن شحن السيارة الكهربائية بالكامل في 10 دقائق.

وعلى الرغم من أن هذا ليس ممكنا بعد، فإن الدراسة الجديدة التي أجراها فريق من علماء جامعة كاليفورنيا في بولدر ونُشرت في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس"، يمكن أن تؤدي إلى مثل هذه التطورات.

فقد اكتشف باحثو هذه الدراسة بقيادة أستاذ مساعد الهندسة الكيميائية أنكور غوبتا؛ كيف تتحرك الجسيمات المشحونة الصغيرة التي تُسمى "أيونات"، داخل شبكة معقدة من المسام الصغيرة، وهو الاختراق الذي يمكن أن يؤدي إلى تطوير المكثفات الفائقة لتكون أكثر كفاءة من الوضع الحالي في تخزين الطاقة.

وتتمتع المكثفات الفائقة -وهي أجهزة تخزين الطاقة التي تعتمد على تراكم الأيونات في مسامها- بأوقات شحن سريعة وعمر أطول مقارنة بالبطاريات، لكنها لم تصل بعد إلى معدل الدقيقة الواحدة الذي يأمل الباحثون أن يساعد اكتشافهم في تحقيقه.

دراسة علمية ستساعد في تطوير تقنيات تخزين الطاقات المتجددة (شركة وارتسيلا) ماذا يعني هذا الاختراق؟

ولتقريب هذا الاختراق المهم، يمكن التفكير في تخزين الطاقة كمتجر كبير يستقبل المتسوقين (الأيونات) لاستلام مشترياتهم (الشحن)، والخروج بسرعة.

وبينما لا تستطيع المتاجر التقليدية (البطاريات) التعامل إلا مع عدد محدود من المتسوقين في وقت واحد، مما يؤدي إلى بطء طوابير الخروج (بطء أوقات الشحن)، فإن المكثفات الفائقة تشبه متجرا أكثر تطورا مصمما لتسريع هذه العملية.

ومع ذلك، فحتى هذه المتاجر المطورة لا تزال تواجه تحديا، حيث يمكن أن يتسبب تخطيط الممرات (المسام) في حدوث اختناقات مرورية (حركة أيونية غير فعالة)، مما يؤدي إلى إبطاء العملية.

واكتشف الباحثون بقيادة غوبتا، كيف يتحرك المتسوقون عبر متاهة معقدة من الممرات المترابطة، ووجدوا أن الطريقة التي يتنقل بها المتسوقون في التقاطعات (تقاطعات المسام) لم تكن مفهومة تماما من قبل، حيث نظرت الدراسات السابقة فقط إلى المتسوقين (الأيونات)  الذين يتحركون في خطوط مستقيمة عبر ممرات واحدة.

وعوضا عن التحرك بشكل عشوائي، سيقود الاكتشاف الجديد إلى تمكين المتسوقين الآن من اتباع خطة طريق جديدة ومحسنة تقلل من الاختناقات المرورية وتسرع حركتهم عبر المتجر، ويعدل هذا الفهم الجديد القواعد التقليدية لـ"قانون كيرشوف" التي استُخدمت أكثر من قرن لوصف كيفية تدفق التيار في الدوائر، لأن الأيونات (المتسوقين) لا تتحرك بالطريقة نفسها التي تتحرك بها، وفق قانون كيرشوف.

تعديل "قانون كيرشوف"

وقانون كيرشوف يصف تدفق التيار في الدوائر الكهربائية منذ وضَعه الفيزيائي الألماني جوستاف كيرشوف عام 1845، وهو عنصر أساسي في دروس العلوم لطلاب المدارس الثانوية.

ولفهمه، فكِّر في تقاطع مزدحم حيث تلتقي طرقا متعددة، ويشبه القانون القول بأن عدد السيارات التي تدخل التقاطع يجب أن يساوي عدد السيارات التي تغادر التقاطع، أي أن مجموع فرق الجهد عبر كل مكون في أي مسار يساوي صفرا.

وإذا كان القانون صالحا مع السيارات (الأيونات) التي تتحرك على الطرق المستقيمة، فإنه لا يعمل بشكل مثالي مع الدراجات  التي تتحرك عبر سوق مزدحمة فيه العديد من التقاطعات، وكان على الباحثين تحديث قواعد المرور لتأخذ في الاعتبار الحركات المختلفة للدراجات في مثل هذه البيئة المعقدة.

ويقول غوبتا في بيان أصدرته جامعة كاليفورنيا: "قبل الدراسة، وُصفت الحركات الأيونية فقط في الأدبيات في مسام واحد مستقيم، ومن خلال هذه الدراسة يمكن محاكاة حركة الأيونات في شبكة معقدة من آلاف المسام المترابطة والتنبؤ بها في بضع دقائق، وهذه هي قفزة العمل، فقد وجدنا الحلقة المفقودة التي ستساعدنا على تطوير المكثفات الفائقة".

ويضيف أن "الجاذبية الأساسية للمكثفات الفائقة تكمن في سرعتها، ونتائج بحثنا ستمكننا من أن نجعل شحنها وإطلاق الطاقة أسرع، وذلك من خلال حركة الأيونات الأكثر كفاءة".

ويعد هذا الاختراق مهما ليس فقط لتخزين الطاقة في المركبات والأجهزة الإلكترونية، ولكن أيضا لشبكات الطاقة، حيث يتطلب الطلب المتقلب على الطاقة تخزينا فعالا لتجنب الهدر خلال فترات انخفاض الطلب، ولضمان العرض السريع أثناء ارتفاع الطلب، كما يوضح غوبتا.

فهم تحرك "الأيونات" داخل شبكة معقدة من المسام الصغيرة اختراق مهم سيُحدث ثورة في شحن الأجهزة والسيارات (أوتو جايد إنديا) مزايا متعددة وأسئلة عالقة

ووفق الفهم الجديد الذي قدمه غوبتا وفريقه، يرى الباحث في الهندسة الكيميائية بجامعة جنوب الوادي المصرية خالد رضوان في حديث هاتفي مع الجزيرة نت، أن  الفهم المحسّن لحركة الأيونات في المواد المسامية يمكن أن يؤدي إلى تطوير المكثفات الفائقة التي تُشحن بشكل أسرع بكثير من البطاريات الحالية، وهو ما من شأنه أن يحدث ثورة في شحن الأجهزة الإلكترونية والمركبات الكهربائية.

كما أن حركة الأيونات الأكثر كفاءة تعني إهدار طاقة أقل أثناء عمليات الشحن والتفريغ، وهذا يمكن أن يعزز الكفاءة الإجمالية لأجهزة تخزين الطاقة، مما يجعلها أكثر صداقة للبيئة وفعالية من حيث التكلفة، كما يوضح رضوان.

ويضيف أنه "بينما تتمتع المكثفات الفائقة عموما بعمر أطول مقارنة بالبطاريات لأنها تعتمد على حركة الأيونات الفيزيائية بدلا من التفاعلات الكيميائية، فإن تعزيز الكفاءة في حركة الأيونات يمكن أن يؤدي إلى إطالة عمرها التشغيلي".

وإذا كان التطبيق الأسهل والمباشر للفهم الجديد يمكن أن يعود على شحن الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية، فإن رضوان يشير إلى أن المكثفات الفائقة المحسنة التي ستنتج عن هذا الفهم، يمكن أن تساعد على تحقيق استقرار شبكات الطاقة من خلال تخزين الطاقة وإطلاقها بكفاءة حسب الحاجة، ويساعد ذلك في إدارة التقلبات في العرض والطلب على الطاقة، وتقليل النفايات، كما يمكن أن يفيد في مجالات مختلفة مثل تخزين الطاقة المتجددة (مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح)، حيث يُعد تخزين الطاقة وتفريغها السريع أمرا بالغ الأهمية.

ولكن حماس رضوان لهذا الإنجاز لم يمنعه من الإشارة إلى أسئلة عالقة يجب على الباحثين الإجابة عليها لتحويل الفهم الجديد الذي قدمه الباحثون إلى منتج تطبيقي، حيث يجب معرفة "ما هي التحديات التي قد تنشأ في تصنيع المكثفات الفائقة على نطاق صناعي؟".

كما يجب الإجابة أيضا على سؤال عن "فعالية التكلفة التي ستتم بها مقارنة المكثفات الفائقة الجديدة بالتقنيات الحالية، وهل ستتفوق الفوائد على الزيادة المحتملة في تكاليف الإنتاج؟ ".

وويختم رضوان بسؤال: "كيف تعمل المواد المستخدمة في هذه المكثفات الفائقة الجديدة على مدى فترات طويلة، وهل هي متينة وموثوقة مثل المواد الحالية المستخدمة في البطاريات والمكثفات؟".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات تخزین الطاقة معقدة من یؤدی إلى یمکن أن

إقرأ أيضاً:

أدوات اختراق متطورة تهدّد القطاع المالي وتحوّل منتديات الهاكرز لسوق نشطة للبرمجيات الخبيثة

يشهد الأمن السيبراني تحولًا جذريًا مع تبني مجرمي الإنترنت لأساليب أكثر تطورًا للتغلب على إجراءات الحماية التقليدية، خاصة تلك التي تستهدف المؤسسات المالية.

فقد كشفت دراسة تحليلية موسعة شملت 46 منتدى من منتديات الويب العميق، وأكثر من 26 ألف منشور ونقاش بين مجرمي الإنترنت، عن اتجاهات خطيرة في التهديدات السيبرانية التي طالت قطاع الخدمات المالية خلال عام 2024.

انتعاش سوق برمجيات سرقة البيانات

أبرزت نتائج البحث تنامي اقتصاد خفي قائم على برمجيات سرقة المعلومات (Infostealers)، حيث تم رصد ما بين 3 إلى 4 إشارات يوميًا على كل منتدى حول أدوات “سرقة المعلومات كخدمة” (Infostealer-as-a-Service)، وهي أدوات تُباع للمخترقين على شكل خدمات جاهزة للاستخدام.

أظهر تحليل المحتوى وجود انقسام واضح في هذا النظام الإجرامي، حيث يستهدف مطورو البرمجيات كلًا من المهاجمين الأفراد والمجموعات الاحترافية المرتبطة بجهات تهديد متقدمة (APT groups)، مقدمين لهم واجهات استخدام محسنة، ودعمًا فنيًا، ووحدات مخصصة لسرقة بيانات الدخول الخاصة بالشركات.

هجوم سيبراني ضخم يستهدف منصة X.. وإيلون ماسك يكشف التفاصيلأدوات مصممة خصيصًا لاختراق المؤسسات

رصد باحثو شركة Radware تطورًا خطيرًا في كيفية تسويق هذه البرمجيات، إذ بات مطورو أدوات السرقة يوفرون إصدارات مخصصة تستهدف الحسابات المؤسسية تحديدًا.

على سبيل المثال، يقدم برنامج Mystic Stealer خاصية استخراج كلمات المرور من برنامج Outlook، وهو تطبيق يستخدم على نطاق واسع داخل المؤسسات، مما يدل على استهداف مباشر للبنية التحتية الرقمية للمؤسسات المالية.

الأخطر من ذلك هو أن هذه الأدوات أصبحت في متناول أي شخص يمتلك قدرًا بسيطًا من المعرفة التقنية، ما يعني أن تنفيذ هجمات سيبرانية معقدة لم يعد حكرًا على المحترفين فقط.

لامركزية الجريمة الإلكترونية تعيق الملاحقة

تشير الدراسة إلى أن لامركزية الجريمة الإلكترونية وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تسهل المنتديات الإجرامية فصلًا تامًا بين مطوري أدوات الهجوم ومنفذيها، مما يعقد عملية التتبع ويجعل تدخل جهات إنفاذ القانون أكثر صعوبة.

صعود بوتات الـOTP عبر تيليجرام

أحد أخطر التطورات التي شهدها عام 2024 هو انتشار خدمات "بوتات OTP" عبر تطبيق Telegram، وهي أدوات تتيح للمهاجمين تنفيذ هجمات الهندسة الاجتماعية بشكل آلي وذكي.

تبدأ هذه الهجمات باستخدام تقنيات Credential Stuffing، التي تعتمد على بيانات دخول مسربة مسبقًا. 

وإذا تطلب الحساب المستهدف مصادقة ثنائية (2FA)، يتم تفعيل البوتات لإرسال رسائل صوتية أو نصية مزيفة، غالبًا ما تكون باستخدام أصوات مولدة بالذكاء الاصطناعي، لإقناع الضحية بالكشف عن رمز التحقق.

بمجرد حصول المهاجمين على رمز OTP، يقومون بتغيير كلمة المرور ورقم الهاتف المرتبط بالحساب، مما يؤدي إلى إقصاء الضحية بالكامل.

بحسب الإعلانات على المنتديات، هناك حاليًا أكثر من 38 خدمة بوت OTP متاحة، بأسعار تتراوح بين 10 و50 دولارًا للهجوم الواحد، مع ارتفاع نسبته 31% في عدد الإشارات إلى هذه الأدوات ما بين عامي 2023 و2024.

تحوّل جذري في استراتيجيات الدفاع السيبراني

يمثل هذا التصعيد في أدوات وأساليب الهجوم تحولًا استراتيجيًا يتطلب من المؤسسات المالية إعادة النظر في منظوماتها الأمنية، والانتقال من الدفاع التقليدي إلى أساليب استخباراتية استباقية تعتمد على مراقبة التهديدات في منصات الديب ويب والدارك ويب.

مقالات مشابهة

  • حكم تجسس الزوج على هاتف زوجته المحمول.. داعية إسلامية توضح
  • 18 مشاركا في بطولة اختراق الضاحية بالبريمي
  • أدوات اختراق متطورة تهدّد القطاع المالي وتحوّل منتديات الهاكرز لسوق نشطة للبرمجيات الخبيثة
  • تحت إشراف وزارة الطاقة، الشركة السعودية للكهرباء تطلق المرحلة الثانية من نظام تخزين الطاقة بالبطاريات
  • 18 مشاركا في بطولة اختراق الضاحية لطلبة البريمي
  • قوات الدعم السريع، من الذي أنشأ الوحش حقًا؟ لا هذا ولا ذاك، بل هو اختراق استخباراتي مكتمل الأركان
  • رغم المبيعات الفائقة للعبة inZOI .. استياء جماهيري لهذا السبب .. فما القصة؟
  • دقيقة من وقتك..
  • كل ما تريد معرفته عن منظومة الهواتف المستوردة
  • تفسير التعزية والعزاء في المنام للعزباء والمتزوجة