«ودارت الأيام»، عمل مسرحى يناقش قضية نسوية ومجتمعية ونفسية لامرأة فى منتصف العمر وأفكار متصارعة داخلها وبكل ما مرت به من تجارب إنسانية فى محاولة البحث عن نفسها من جديد، يتحدث العرض عن استيقاظ امرأة فى منتصف العمر على حقيقة مرة، عقب وفاة زوجها، وتكتشف حال استخراج إعلام الوراثة أنه متزوج من امرأة أخرى منذ عشر سنوات، ولديه طفل، ويبدأ العرض وهى تلقى ملابسه فى مقدمة المسرح؛ فى دلالة على التخلص منه وينتهى بمديح المحبة والأمل فى المستقبل، حكاية الزوجة التى تعانى من قسوة زوجها وعدم الاهتمام والخيانة، ربما تبدو حكاية عادية ومكررة وخاصة فى كتابات النساء، ولكن حين تتحول إلى حياة وشخصيات من لحم ودم على خشبة المسرح، لا بد أن تختلف وتتسع الرؤية لتصبح قضية عامة، وتقريباً هذه الحبكة الرئيسية لمونودراما «ودارت الأيام» التى كتبتها الكاتبة أمل فوزى، بطولة الفنانة وفاء حكيم وأخرجها فادى فوكيه وصمم سينوجرافيا العرض.

وتستعيد الزوجة المصدومة أصداء الأيام الخوالى مع الزوج الذى تأكّد غدره وثبتت خيانته بعد وفاته، بعدما ظهرت أنانيته وقسوته وفظاظته فى حياته، وعلى أنغام أغنيات أم كلثوم العاطفية المؤثرة، ومقاطع متناثرة من كلماتها الدالة (ودارت الأيام، وصفوا إلى الصبر، كنت باخلصلك فى حبى بكل قلبى.. وأنت بتخون الوداد من كل قلبك، الله محبة، الخ)، وفق السياقات الدرامية، تسترجع الزوجة مشاهد ولقطات مأساوية كثيرة مبعثرة من حياتها الزوجية التعيسة، تشهد على جبروت الزوج وطغيانه، وتعنته فى سائر تعاملاته معها.

وتمتد هذه الإساءات الواقعة على الزوجة من زوجها لتشكل سائر تفاصيل علاقتهما المشتركة معاً، إلى جانب أخطائه وسقطاته وتصرفاته السيئة فى ما يخص معاملة أبنائهما، ولا تجد الزوجة سوى مرآتها لتشكو إليها همومها، وتعيد النظر فيها إلى حقيقة ذاتها، أملاً فى التخلص من الماضى الكئيب، وقراءة غدٍ أفضل.وتوسع المسرحية مجال تقصيها إحباطات المرأة وإخفاقاتها، بالغوص فى أعماقها، وكشف معاناتها الداخلية، والتقاط المسكوت عنه من جروحها الروحية ونزيفها الوجدانى، وتتّبع الآهات الحبيسة فى صدرها وضميرها، منذ أن تولد وتنشأ طفلة صغيرة مسلوبة الإرادة فى بيت أبويها، إلى آخر لحظات حياتها المنزوعة النكهة والمذاق، وكأنّها ليست حياة «بيقولوا إنى لسه عايشة».

وأدت الفنانة وفاء الحكيم، دور المرأة ضحية الزوج والمجتمع، بما تمتلك من الخبرة تؤهلها للانتقال بين الحالات والشخصيات المتعددة موضوع المونودراما، لتجسد مراحل ومحطات عديدة، رغم أن المخرج وضع صوت الزوج مسجلاً يتردد فى فضاء المسرح سواء أكانت المرأة تخاطبه من خلال الملابس أو الظل جسدت حالة المرأة الضحية وهى سعيدة، غاضبة، حتى وهى تطرح فكرة الخيانة الزوجية، وهى تفقد حلمها فى أن تكون عازفة بيانو، وهى فى غرفة العمليات مع الهلاوس والأحلام، وتعاملت مع الأغراض الدلالية التى ازدحم بها فضاء الحكاية ببراعة تدل على موهبتها وخبرتها الكبيرة، ولكن أحادية الرؤية التى تمحورت حول المرأة فقط دون الاشتباك مع الواقع حد من أداء وفاء الحكيم الذى جاء فى إيقاع ثابت طيلة زمن العرض لم يتغير بين المواقف المتباينة.

وقالت الكاتبة أمل فوزى لـ«الوفد» إن النص المسرحى «ودارت الأيام» ظل فى درج مكتبها لمدة 13 عاماً، وهو أول نص مسرحى لها، وكان لديها حلم أن الفنانة الكبيرة سميحة أيوب هى التى تقوم بالبطولة للنص.

الكاتبة أمل فوزى 

وأوضحت أنها عرضت النص المسرحى «ودارت الأيام» على الفنانة سميحة أيوب، وبالفعل النص نال إعجابها، والفنانة تحمست للنص المسرحى، لكنها انشغلت فى عملها الفنى، وهى الأخرى سافرت خارج مصر لفترة طويلة. واستكملت حديثها، أنها بعد سنوات من السفر وأثناء ترتيب مكتبتها، وجدت النص المسرحى، والتى ظلت تقرأ فيه، مؤكدة أن الفنانة سميحة أيوب شجعتها وطلبت منها كتابة النص مرة ثانية، وبالفعل كتبته من جديدة بخبرة 13 سنة.

وتابعت أنها بعد كتابة النص المسرحى من جديد عرضته على الفنانة التى تحمست له، وقالت إن النص يجب أن يخرج للنور وقامت بعرضه على الأستاذ شادى، ودخل لجنة وبدأت رحلة انطلاق النص المسرحى «ودارت الأيام» للنور.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ودارت الايام سميحة أيوب ودارت الأیام

إقرأ أيضاً:

الزن

طال العهد على قراءتي لقصة كتبها الدكتور يوسف إدريس القاص المصري المعروف. خلاصتها من ذاكرتي عن مواطن متزوج وله ثلاثة أو أربعة من البنين والبنات. وكان راتبه عشرين جنيها مصريا.

وكان راتبا لا بأس به قبل ستين أو سبعين سنة. لكنه لا يكفي أسرة من ستة أفراد. فكان هو وزوجته يكافحان للوصول إلى نهاية الشهر لاستلام الراتب الجديد. وهذا جعل الزوجة عصبية فكانت لا تفتر عن الخصام والزن منذ مجيء الزوج من العمل حتى وقت النوم. وذات يوم خرج الزوج إلى عمله وهي نائمة ووضع على السرير ورقة عشرة جنيهات وكتب عليها :إلى زوجتي الحبيبة. فلما استيقظت الزوجة فوجئت بهذا المبلغ الضخم ودمعت عيناها وندمت على أنها كانت دائما “تزن” زوجها الحبيب على أدني شيء. لكنها بعد تفكير ،شكت في كيفية حصول الزوج على هذا المبلغ. وعندما وصلت لهذه الفكرة تأزمت وصاحت وقالت بصوت عال: من أين لك هذا المبلغ يابن الإيه. أكيد عندك مصدر دخل خبأته عني. ولما جاء الزوج ،وجد البيت كله كأنما ضربته كهرباء والزوجة تصيح: عشرة جنيهات كاملة من أين جئت بها؟ أنت تخفي عني المال وأنا تعبانة معك. ومع عيالك ثم تحول الصياح إلى بكاء. كيف تخفي عني ثروتك هيا أخبرني. فطلب الزوج منها الهدوء ثم أقسم لها أن العشرة جنيهات ما هي إلا من الراتب. وليس هناك أي دخل إضافي. ففوجئت الزوجة واندهشت وعادت لها عاطفتها ورقتها وقضت اليوم كله وهي هادئة وأحيانا تدندن. ولما أصبح الصباح وتوجه الزوج للعمل وجد في جيبه عشرة جنيهات ومعها ورقة صغيرة تقول: إلى زوجي الحبيب خذ هذه الجنيهات العشرة لكي نعيش عليها في بقية الشهر.

التركيز في القصة القصيرة هذه على ظاهرة الزن في البيوت. فيضطر المزنون عليه إلى اتخاذ قرار لم يكن ليتخذه لولا زن أحد طرفيْ عقد الزواج. لكن الكاتب نفسه لم يتحمل قيام جائزة نوبل بمنح نجيب محفوظ الجائزة في مجال الأدب. فقد ثارت ثائرة يوسف إدريس على لجنة الجائزة الدولية هذه، فهاجمها في أكثر من مقابلة وأخذ “يزن” على أنها منظمة منحازة وأنها منحت الجائزة لمحفوظ بدهلزة من الصهيونية العالمية نظرا لأن محفوظ أيد مبادرة كامب ديفيد إلخ إلخ. وقد كان بالإمكان التعايش مع هذه المسألة بروح رياضية دون تشنُّج أو توتُّر.

وقد رأيت إحصائية مفجعة حول الطلاق في المملكة، فقلت لعلّ علينا أن نفتّش عن الزن، أفلا يمكن أن تسود الأريحية في التعامل بين الأزواج الشباب والشابات؟ نتحدث كثيراً هذه الأيام عن الروح الرياضية، أوليس من الأولى أن نلجأ لها لنمنع تشتُّت العائلات؟

مقالات مشابهة

  • الصورة الشعريّة الحديثة
  • في اليوم العالمي لمكافحة الإدمان.. تحديات صحية ومسئولية حكومية مجتمعية
  • سامح حسين «عامل قلق» على مسرح البالون وسط إقبال جماهيري
  • برامج تدريبية مجتمعية ضمن فعاليات "صيف نجران 2024"
  • برامج تدريبية مجتمعية ضمن فعاليات "صيف نجران ٢٠٢٤"
  • مركز الابداع يعرض العرض المسرحى قليل البخت بالاسكندرية
  • «ميرال» تُنظِّم مبادرة مجتمعية لإعادة التدوير
  • الزن
  • "العقوبات البديلة" تغادر البرلمان على أمل المساعدة في تقليص الاكتظاظ في السجون
  • العتبات ودلالاتها في مجموعة «الطريق إلى بيت أمي»