ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحليلات البيانات الضخمة.. قفزة نوعية في تمكين قطاع توزيع الطاقة
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
يشكّل دمج تحليلات البيانات الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي نقطة تحوّل كبيرة، حيث يقدّم حلولاً تحويلية تسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية والحدّ من البصمة البيئية وتمكين اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات. وبكل بساطة، يمتلك هذا المزيج بين التكنولوجيا المتطورة والخبرة في الصناعة؛ القدرة على تحويل كيفية إنتاج الطاقة وتوزيعها واستهلاكها، ما يمهّد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.
ويعدّ تعزيز الكفاءة التشغيلية من أهمّ الفوائد التي توفّرها تحليلات البيانات الضخمة في قطاع توزيع الطاقة، حيث تتيح خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتقدمة وقدرات معالجة البيانات، مراقبة وتحليل كميات هائلة من البيانات المتولدة في الوقت الفعلي عبر سلسلة القيمة للمرافق، حيث يمكن فحص كل جانب من جوانب منظومة الطاقة بدقّة، بدءاً من مرافق الإنتاج وشبكات التوزيع إلى أنماط استهلاك المستخدم النهائي، وتحسينه لتعزيز كفاءته.
فعلى سبيل المثال، يمكن للصيانة التنبؤية المدعومة بتحليلات البيانات الضخمة أن تحول إدارة الأصول في قطاع المرافق، من خلال تحليل تاريخ بيانات الأداء. ومن ناحية أخرى، بمجرد تحديد الأنماط والشذوذات التي تشير إلى أعطال محتملة في المعدّات، يقوم الذكاء الاصطناعي التوليدي باستكمال النهج الاستباقي من خلال التحليل والتخطيط المحسّنين، ما يسمح لشركات توزيع الطاقة بجدولة أنشطة الصيانة بشكل استراتيجي، وبالتالي تقليص وقت التوقف عن العمل، وزيادة عمر الأصول إلى أقصى حدّ ممكن.
كما تسهم تحليلات البيانات الضخمة في تحسين سلاسل التوريد وتعزيز الكفاءة التشغيلية لشركات المرافق بشكل كبير، حيث يمكن لقدرات النمذجة التنبؤية من الذكاء الاصطناعي التوليدي التنبؤ باتجاهات الطلب، وتحسين مستويات المخزون، وتبسيط العمليات اللوجستية، ما يسهم في تقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين الاستجابة لتقلبات السوق، وتعزيز القدرة التنافسية الشاملة.
ورغم أن الكفاءة التشغيلية أمر بالغ الأهمية، إلّا أنّ الحدّ من البصمة البيئية يعدّ ضرورة قصوى؛ وهي مسألة أصبحت أكثر إلحاحاً وأهمية في قطاع الطاقة. وتوفر تحليلات البيانات الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي أدوات قويّة لتحقيق أهداف الاستدامة مع الحفاظ على الأداء التشغيلي الفعّال.
ويمكن أن تكون التحليلات التنبؤية للبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي حاسمة في جهود الحفاظ على الطاقة والحدّ من الانبعاثات، حيث تتمتع خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي دائمة التعلّم، بالقدرة على تحديد العمليات الأكثر استهلاكاً للطاقة، واكتشاف مواقع الضعف في الكفاءة، وتقديم التوصيات بآليات العمل التي من شأنها تقليل الهدر وخفض البصمة الكربونية. وهذا النهج القائم على البيانات يسهم في الحفاظ على البيئة ويتماشى أيضاً مع المتطلبات التنظيمية وتوقعات المجتمع لممارسات الأعمال المستدامة.
وفي الواقع، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي، عبر تحليل البيانات من مصادر الطاقة المتجددة، مثل محطّات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تحسين أنماط توليد الطاقة بشكل فعّال بناءً على تنبّؤات الطقس وتوقعات الطلب وظروف الشبكة. وبشكل أكثر تحديداً، يمكنه تحليل توقّعات الطقس في الوقت الفعلي للتنبؤ بكثافة ضوء الشمس وسرعة الرياح وغيرها من عوامل الطقس ذات الصلة، ما يساعد في تحسين تشغيل الألواح الشمسية وتوربينات الهواء من خلال ضبط زواياها وسرعاتها وإنتاجها وفقاً لذلك. وعلى سبيل المثال، إذا كان من المتوقع أن يكون اليوم غائماً؛ يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي توقّع انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية والتعويض عن ذلك عبر ضبط مصادر الطاقة الأخرى أو أنظمة التخزين.
إن قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على مراقبة ظروف الشبكة باستمرار، مثل مستويات الجهد الكهربائي، وتوزيع الأحمال واكتشاف الأعطال واستقرار الشبكة، يمكن أن توجه التعديل الديناميكي لتوليد الطاقة المتجددة للحفاظ على السلامة وتجنب التحميل الزائد أو انقطاع التيار الكهربائي. فمثلاً، إذا شهد جزء من الشبكة طلباً مرتفعاً أو زيادة مفاجئة في الحمل، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي رفع إنتاج الطاقة المتجددة، أو إعادة توجيه الطاقة الفائضة إلى أنظمة التخزين، ما يسهم في تقليص وقت التوقف عن العمل، وتحسين مرونة الشبكة، وتعزيز رضا العملاء بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لخوارزميات التعلم الآلي في الذكاء الاصطناعي التوليدي تحليل أنماط الاستهلاك، والتنبؤ بفترة الذروة في الطلب، وبالتالي ضبط إنتاج الطاقة وتوزيعها وفقاً لذلك، حيث تسهل تحليلات البيانات الضخمة دمج مصادر الطاقة الموزعة وتقنيات الشبكة الذكية.
وفي نهاية المطاف، نحن نقدم لعملائنا حلولاً تساعدهم على اتخاذ قرارات أكثر استنارة، حيث تتيح خوارزميات التعلم الآلي من الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصاً لتحليل سلوك المستهلكين وتفضيلاتهم وملاحظاتهم لتخصيص خدمات الطاقة وتحسين نماذج التسعير وتعزيز المشاركة الشاملة. كما يرسّخ نهجنا الذي يركز على العملاء، ولاءهم، ويدفع نمو الإيرادات ويجعل من شركات الطاقة شركاء موثوقين في الانتقال إلى مستقبل مستدام للطاقة.
إن دمج تحليلات البيانات الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل تحولاً كبيراً في قطاع توزيع الطاقة، ما يفتح فرصاً غير مسبوقة للكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية واتخاذ القرارات القائمة على البيانات.
كما أنّ دمج قوة الخوارزميات المتقدمة والنمذجة التنبؤية وتحليلات البيانات المستمرة في الوقت الفعلي، ضمن العمليات اليومية، سيمكّن شركات الطاقة من معالجة التحدّيات المعقدة، والاستفادة من الفرص الناشئة، وقيادة المسيرة نحو تعزيز نظام طاقة أكثر نظافة ومرونة، وضمان مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة للأجيال القادمة.
مادة إعلانية
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الطاقة الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی التولیدی الکفاءة التشغیلیة توزیع الطاقة إنتاج الطاقة فی قطاع
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في تحليل الصور الطبية
برز الذكاء الاصطناعي، منذ ظهوره، كأداة فعّالة لتحليل الصور الطبية. وبفضل التطورات في مجال الحوسبة ومجموعات البيانات الطبية الضخمة التي يُمكن للذكاء الاصطناعي التعلّم منها، فقد أثبت جدواه في قراءة وتحليل الأنماط في صور الأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي المحوسب، مما يُمكّن الأطباء من اتخاذ قرارات أفضل وأسرع، لا سيما في علاج وتشخيص الأمراض الخطيرة كالسرطان. في بعض الحالات، تُقدّم أدوات الذكاء الاصطناعي هذه مزايا تفوق حتى نظيراتها البشرية.
يقول أونور أسان، الأستاذ المشارك في معهد ستيفنز للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، والذي يركز بحثه على التفاعل بين الإنسان والحاسوب في الرعاية الصحية "تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي معالجة آلاف الصور بسرعة وتقديم تنبؤات أسرع بكثير من المُراجعين البشريين. وعلى عكس البشر، لا يتعب الذكاء الاصطناعي ولا يفقد تركيزه بمرور الوقت".
مع ذلك، ينظر العديد من الأطباء إلى الذكاء الاصطناعي بشيء من عدم الثقة، ويرجع ذلك في الغالب إلى عدم معرفتهم بكيفية وصوله إلى قراراته، وهي مشكلة تُعرف باسم "مشكلة الصندوق الأسود".
يقول أسان "عندما لا يعرف الأطباء كيف تُولّد أنظمة الذكاء الاصطناعي تنبؤاتها، تقلّ ثقتهم بها. لذا، أردنا معرفة ما إذا كان تقديم شروحات إضافية يُفيد الأطباء، وكيف تؤثر درجات التفسير المختلفة للذكاء الاصطناعي على دقة التشخيص، وكذلك على الثقة في النظام".
بالتعاون مع طالبة الدكتوراه أوليا رضائيان والأستاذ المساعد ألب أرسلان إمراه بايراك في جامعة ليهاي في ولاية بنسيلفانيا الأميركية، أجرى أسان دراسة شملت 28 طبيبًا متخصصًا في الأورام والأشعة، استخدموا الذكاء الاصطناعي لتحليل صور سرطان الثدي. كما زُوّد الأطباء بمستويات مختلفة من الشروح لتقييمات أداة الذكاء الاصطناعي. في النهاية، أجاب المشاركون على سلسلة من الأسئلة المصممة لقياس ثقتهم في التقييم الذي يُولّده الذكاء الاصطناعي ومدى صعوبة المهمة.
وجد الفريق أن الذكاء الاصطناعي حسّن دقة التشخيص لدى الأطباء مقارنةً بالمجموعة الضابطة، ولكن كانت هناك بعض الملاحظات المهمة.
اقرأ أيضا... مؤسسات تستخدم الذكاء الاصطناعي لأعمال معقدة ومتعددة الخطوات
كشفت الدراسة أن تقديم شروحات أكثر تفصيلًا لا يُؤدي بالضرورة إلى زيادة الثقة.
أخبار ذات صلةيقول أسان "وجدنا أن زيادة التفسير لا تعني بالضرورة زيادة الثقة". ذلك لأن وضع تفسيرات إضافية أو أكثر تعقيدًا يتطلب من الأطباء معالجة معلومات إضافية، مما يستنزف وقتهم وتركيزهم بعيدًا عن تحليل الصور. وعندما تكون التفسيرات أكثر تفصيلًا، يستغرق الأطباء وقتًا أطول لاتخاذ القرارات، مما يقلل من أدائهم العام.
يوضح أسان "معالجة المزيد من المعلومات تزيد من العبء المعرفي على الأطباء، وتزيد أيضًا من احتمال ارتكابهم للأخطاء، وربما إلحاق الضرر بالمريض. لا نريد زيادة العبء المعرفي على المستخدمين بإضافة المزيد من المهام".
كما وجدت أبحاث أسان أنه في بعض الحالات، يثق الأطباء بالذكاء الاصطناعي ثقةً مفرطة، مما قد يؤدي إلى إغفال معلومات حيوية في الصور، وبالتالي إلحاق الضرر بالمريض.
ويضيف أسان "إذا لم يُصمم نظام الذكاء الاصطناعي جيدًا، وارتكب بعض الأخطاء بينما يثق به المستخدمون ثقةً كبيرة، فقد يطور بعض الأطباء ثقةً عمياء، معتقدين أن كل ما يقترحه الذكاء الاصطناعي صحيح، ولا يدققون في النتائج بما فيه الكفاية".
قدّم الفريق نتائجه في دراستين حديثتين: الأولى بعنوان "تأثير تفسيرات الذكاء الاصطناعي على ثقة الأطباء ودقة التشخيص في سرطان الثدي"، والثانية بعنوان "قابلية التفسير وثقة الذكاء الاصطناعي في أنظمة دعم القرار السريري: تأثيراتها على الثقة والأداء التشخيصي والعبء المعرفي في رعاية سرطان الثدي".
يعتقد أسان أن الذكاء الاصطناعي سيظل مساعدًا قيّمًا للأطباء في تفسير الصور الطبية، ولكن يجب تصميم هذه الأنظمة بعناية.
ويقول "تشير نتائجنا إلى ضرورة توخي المصممين الحذر عند دمج التفسيرات في أنظمة الذكاء الاصطناعي"، حتى لا يصبح استخدامها معقدا. ويضيف أن التدريب المناسب سيكون ضروريًا للمستخدمين، إذ ستظل الرقابة البشرية لازمة.
وأكد "ينبغي أن يتلقى الأطباء، الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، تدريبًا يركز على تفسير مخرجات الذكاء الاصطناعي وليس مجرد الوثوق بها".
ويشير أسان إلى أنه في نهاية المطاف، يجب تحقيق توازن جيد بين سهولة استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي وفائدتها.
ويؤكد الباحث "يُشير البحث إلى وجود معيارين أساسيين لاستخدام أي شكل من أشكال التكنولوجيا، وهما: الفائدة المتوقعة وسهولة الاستخدام المتوقعة. فإذا اعتقد الأطباء أن هذه الأداة مفيدة في أداء عملهم، وسهلة الاستخدام، فسوف يستخدمونها".
مصطفى أوفى (أبوظبي)