يشكّل دمج تحليلات البيانات الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي نقطة تحوّل كبيرة، حيث يقدّم حلولاً تحويلية تسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية والحدّ من البصمة البيئية وتمكين اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات. وبكل بساطة، يمتلك هذا المزيج بين التكنولوجيا المتطورة والخبرة في الصناعة؛ القدرة على تحويل كيفية إنتاج الطاقة وتوزيعها واستهلاكها، ما يمهّد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.

توماس براموتيدهام، الرئيس التنفيذي لشركة "بريسايت" أخبار ذات صلة «الذكاء الاصطناعي والتنبؤ الأمني».. جلسة حوارية في أبوظبي «تريندز» يحذر من تلوث «الذكاء الاصطناعي»

ويعدّ تعزيز الكفاءة التشغيلية من أهمّ الفوائد التي توفّرها تحليلات البيانات الضخمة في قطاع توزيع الطاقة، حيث تتيح خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي المتقدمة وقدرات معالجة البيانات، مراقبة وتحليل كميات هائلة من البيانات المتولدة في الوقت الفعلي عبر سلسلة القيمة للمرافق، حيث يمكن فحص كل جانب من جوانب منظومة الطاقة بدقّة، بدءاً من مرافق الإنتاج وشبكات التوزيع إلى أنماط استهلاك المستخدم النهائي، وتحسينه لتعزيز كفاءته.
فعلى سبيل المثال، يمكن للصيانة التنبؤية المدعومة بتحليلات البيانات الضخمة أن تحول إدارة الأصول في قطاع المرافق، من خلال تحليل تاريخ بيانات الأداء. ومن ناحية أخرى، بمجرد تحديد الأنماط والشذوذات التي تشير إلى أعطال محتملة في المعدّات، يقوم الذكاء الاصطناعي التوليدي باستكمال النهج الاستباقي من خلال التحليل والتخطيط المحسّنين، ما يسمح لشركات توزيع الطاقة بجدولة أنشطة الصيانة بشكل استراتيجي، وبالتالي تقليص وقت التوقف عن العمل، وزيادة عمر الأصول إلى أقصى حدّ ممكن.
كما تسهم تحليلات البيانات الضخمة في تحسين سلاسل التوريد وتعزيز الكفاءة التشغيلية لشركات المرافق بشكل كبير، حيث يمكن لقدرات النمذجة التنبؤية من الذكاء الاصطناعي التوليدي التنبؤ باتجاهات الطلب، وتحسين مستويات المخزون، وتبسيط العمليات اللوجستية، ما يسهم في تقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين الاستجابة لتقلبات السوق، وتعزيز القدرة التنافسية الشاملة.
ورغم أن الكفاءة التشغيلية أمر بالغ الأهمية، إلّا أنّ الحدّ من البصمة البيئية يعدّ ضرورة قصوى؛ وهي مسألة أصبحت أكثر إلحاحاً وأهمية في قطاع الطاقة. وتوفر تحليلات البيانات الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي أدوات قويّة لتحقيق أهداف الاستدامة مع الحفاظ على الأداء التشغيلي الفعّال.
ويمكن أن تكون التحليلات التنبؤية للبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي حاسمة في جهود الحفاظ على الطاقة والحدّ من الانبعاثات، حيث تتمتع خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي دائمة التعلّم، بالقدرة على تحديد العمليات الأكثر استهلاكاً للطاقة، واكتشاف مواقع الضعف في الكفاءة، وتقديم التوصيات بآليات العمل التي من شأنها تقليل الهدر وخفض البصمة الكربونية. وهذا النهج القائم على البيانات يسهم في الحفاظ على البيئة ويتماشى أيضاً مع المتطلبات التنظيمية وتوقعات المجتمع لممارسات الأعمال المستدامة.
وفي الواقع، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي، عبر تحليل البيانات من مصادر الطاقة المتجددة، مثل محطّات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تحسين أنماط توليد الطاقة بشكل فعّال بناءً على تنبّؤات الطقس وتوقعات الطلب وظروف الشبكة. وبشكل أكثر تحديداً، يمكنه تحليل توقّعات الطقس في الوقت الفعلي للتنبؤ بكثافة ضوء الشمس وسرعة الرياح وغيرها من عوامل الطقس ذات الصلة، ما يساعد في تحسين تشغيل الألواح الشمسية وتوربينات الهواء من خلال ضبط زواياها وسرعاتها وإنتاجها وفقاً لذلك. وعلى سبيل المثال، إذا كان من المتوقع أن يكون اليوم غائماً؛ يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي توقّع انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية والتعويض عن ذلك عبر ضبط مصادر الطاقة الأخرى أو أنظمة التخزين.
إن قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على مراقبة ظروف الشبكة باستمرار، مثل مستويات الجهد الكهربائي، وتوزيع الأحمال واكتشاف الأعطال واستقرار الشبكة، يمكن أن توجه التعديل الديناميكي لتوليد الطاقة المتجددة للحفاظ على السلامة وتجنب التحميل الزائد أو انقطاع التيار الكهربائي. فمثلاً، إذا شهد جزء من الشبكة طلباً مرتفعاً أو زيادة مفاجئة في الحمل، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي رفع إنتاج الطاقة المتجددة، أو إعادة توجيه الطاقة الفائضة إلى أنظمة التخزين، ما يسهم في تقليص وقت التوقف عن العمل، وتحسين مرونة الشبكة، وتعزيز رضا العملاء بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لخوارزميات التعلم الآلي في الذكاء الاصطناعي التوليدي تحليل أنماط الاستهلاك، والتنبؤ بفترة الذروة في الطلب، وبالتالي ضبط إنتاج الطاقة وتوزيعها وفقاً لذلك، حيث تسهل تحليلات البيانات الضخمة دمج مصادر الطاقة الموزعة وتقنيات الشبكة الذكية.
وفي نهاية المطاف، نحن نقدم لعملائنا حلولاً تساعدهم على اتخاذ قرارات أكثر استنارة، حيث تتيح خوارزميات التعلم الآلي من الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصاً لتحليل سلوك المستهلكين وتفضيلاتهم وملاحظاتهم لتخصيص خدمات الطاقة وتحسين نماذج التسعير وتعزيز المشاركة الشاملة. كما يرسّخ نهجنا الذي يركز على العملاء، ولاءهم، ويدفع نمو الإيرادات ويجعل من شركات الطاقة شركاء موثوقين في الانتقال إلى مستقبل مستدام للطاقة.
إن دمج تحليلات البيانات الضخمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل تحولاً كبيراً في قطاع توزيع الطاقة، ما يفتح فرصاً غير مسبوقة للكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية واتخاذ القرارات القائمة على البيانات.
كما أنّ دمج قوة الخوارزميات المتقدمة والنمذجة التنبؤية وتحليلات البيانات المستمرة في الوقت الفعلي، ضمن العمليات اليومية، سيمكّن شركات الطاقة من معالجة التحدّيات المعقدة، والاستفادة من الفرص الناشئة، وقيادة المسيرة نحو تعزيز نظام طاقة أكثر نظافة ومرونة، وضمان مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة للأجيال القادمة.

 

 

مادة إعلانية

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الطاقة الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی التولیدی الکفاءة التشغیلیة توزیع الطاقة إنتاج الطاقة فی قطاع

إقرأ أيضاً:

كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد العالم تحولًا جذريًا في شكل بيئة العمل خلال السنوات الأخيرة، لا سيما بعد جائحة كورونا التي دفعت العديد من المؤسسات لتبني نمط العمل عن بُعد.

 ومع هذا التغيير، أصبح من الضروري الاستعانة بأدوات تقنية تدعم استمرارية الأداء، وكان الذكاء الاصطناعي من أبرز هذه الأدوات.

الذكاء الاصطناعي، بمفهومه الواسع، هو استخدام تقنيات تتيح للأنظمة فهم البيانات والتعلم منها، بل واتخاذ قرارات تشبه تلك التي يتخذها الإنسان، ولكن بكفاءة وسرعة أعلى. وقد أوجد هذا المجال مساحات واسعة للاستفادة، خصوصًا لمن يعملون من منازلهم.

نمو الذكاء الاصطناعي في عام 2023

في عام 2023، لم يكن الذكاء الاصطناعي مجرد توجه مستقبلي، بل أصبح واقعًا محوريًا في قطاعات متعددة. من تطوير المنتجات إلى تحليل البيانات، كان الاعتماد عليه في تزايد مطرد.

 وقد سعت الشركات إلى دمج هذه التكنولوجيا في عملياتها لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف.

كما شهد المجال نفسه تطورات هائلة في البحث والتطوير، مما أتاح الفرصة لابتكار أدوات جديدة وتوسيع التطبيقات القائمة. 

وبالتزامن، ارتفعت الحاجة إلى الكفاءات البشرية المتخصصة في هذا المجال، وبدأت الشركات في تخصيص برامج تدريب لموظفيها لتأهيلهم للتعامل مع هذه التقنية المتقدمة.

كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي في العمل عن بُعد؟

مع توسع نطاق العمل من المنزل، بدأت العديد من الشركات في دمج أدوات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب العمل اليومي. إليك بعض أبرز المجالات التي يتم فيها توظيف هذه التقنية لتعزيز الكفاءة:
1. المساعدات الذكية
الأنظمة مثل Siri وGoogle Assistant أصبحت أدوات مساعدة للموظفين عن بعد، حيث تساهم في تنظيم المهام اليومية، جدولة الاجتماعات، وتذكيرهم بالمواعيد، مما يسهل إدارة الوقت ويزيد من الإنتاجية.
2. أنظمة الدردشة التفاعلية
برمجيات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أصبحت بديلًا فعالًا للدعم الفني وخدمة العملاء، حيث يمكنها الرد الفوري على الاستفسارات دون الحاجة لتدخل بشري دائم.
3. تحليل البيانات
مع الكم الهائل من البيانات التي تُنتج يوميًا، تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا جوهريًا في استخراج المعلومات المهمة منها، سواء لتحسين الأداء الداخلي أو فهم سلوك العملاء.
4. تعزيز الأمن الرقمي
العمل عن بُعد يرافقه دائمًا مخاطر أمنية، وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في رصد أي نشاط غير طبيعي والتنبيه بشأنه بشكل لحظي، مما يساهم في الوقاية من الهجمات الإلكترونية.
5. إدارة المشروعات
أدوات الذكاء الاصطناعي تساعد في تتبع تقدم المهام، تحليل أسباب التأخير، وتقديم اقتراحات لتحسين سير العمل، مما يدعم مديري المشاريع في اتخاذ قرارات دقيقة.
6. الترجمة اللحظية
في بيئات العمل التي تجمع أفرادًا من دول وثقافات مختلفة، توفر أدوات الترجمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وسيلة فعالة لكسر حاجز اللغة وتعزيز التواصل بين الزملاء.
7. التخصيص والتطوير المهني
يمكن لهذه الأنظمة اقتراح محتوى تدريبي أو مهام تتناسب مع احتياجات كل موظف بناءً على تحليل أدائه واهتماماته، مما يعزز تجربته المهنية بشكل عام.

المستقبل الرقمي للعمل

من الواضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية إضافية، بل أصبح عنصرًا أساسيًا في بيئة العمل الحديثة، خاصة في سياق العمل عن بُعد. 

وبينما يستمر التطور في هذا المجال، ستزداد أهمية دمج هذه التقنيات في العمليات اليومية لضمان الاستمرارية، الأمان، والتفوق في الأداء.

مقالات مشابهة

  • ابتكارات وتطبيقات نوعية خلال أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي
  • لطافتك تكلف الذكاء الاصطناعي الملايين!
  • جهاز ذكي يساعد المكفوفين على التنقل باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • “دبي للمستقبل” تجدد شراكتها مع “أنتلر” لدعم ريادة الأعمال في قطاع الذكاء الاصطناعي بالمنطقة
  • كيف تعمل من المنزل باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
  • حين يرى الذكاء الاصطناعي ما لا يراه الطبيب.. قفزة في تشخيص قصر النظر
  • يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
  • 130 بحثاً علمياً في المؤتمر العلمي العاشر لـ«نوعية طنطا» حول الذكاء الاصطناعي ومستقبل التعليم النوعي
  • مراكز البيانات بالصين.. سباق رقمي في مواجهة تحديات المناخ
  • هل يمكن أن يطوّر الذكاءُ الاصطناعي خوارزمياته بمعزل عن البشر؟