عربي21:
2025-02-23@20:15:42 GMT

مصطلح الصهيونازية في خطاب أسامة حمدان

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

أصرّ أسامة حمدان في مؤتمره الصحفيّ الأخير على هذا المصطلح وكرّره ما يزيد عن عشر مرات، ومن المعروف كم هو مفوّه ودقيق وبارع في اختيار الكلمات المناسبة وتوظيفها في خدمة ما يحويه مؤتمره من رسائل محليّة وإقليميّة ودوليّة، فبالإضافة إلى أنّ الخطاب يعدّ على أعلى مستوى في المطبخ السياسي، فقد اختير له هذا الرجل الذي يعدّ من أعلى درجات القيادة كفاءة ومهارة وإتقانا لتصدير الخطاب الناجح والمميّز.

ِ

هذا الجمع بين الصهيونية والنازيّة في كلمة واحدة يحفر عميقا في العقل الواعي واللاواعي ويربط صورة معروفة خاصة للعالم الغربي للنازيّة التي مارست العنصرية بأبشع صورها وترجمت هذه العنصرية بممارسات متوحّشة من القتل والحرق والتدمير، ففي الأمر استدعاء لهذه الصورة من دفاتر التاريخ لترتبط بقوّة مع مجموعة بشرية معاصرة تمارس تلك الممارسات العنصريّة المتوحّشة، هذا الربط يُغني عن كثير من الشرح والتدليل ويُحكم الربط ليوصل رسالة قويّة يحرّك من خلالها كل المخزون والموروث؛ من بشاعة وصور مقيتة ويسقطها على هذا الذي يسير على خطاه ويمارس ذات الممارسات الإجراميّة الفظيعة.

وتكمن البراعة في اختيار هذا المصطلح؛ في أنّ هذا الذي يمارس هذه المجازر والجرائم في القتل وحرب الإبادة الجماعية على الفلسطينيين كان ضحية لذاك الذي يشاركه اليوم ويرتبط معه في وصف واحد ومصطلح واحد، فكيف تنقلب الضحية وتتقمّص دور الجلاد وهو ذات الجلاد الذي مارس عليها ذات الجريمة التي يمارسها اليوم على الشعب الفلسطيني؟ كان من الأولى لمن وقع عليهم الظلم أن يكون أبعد ما يكون عنه، إلا أننا وجدناهم قد مارسوا الظلم نفسه، فكيف تسلّلت النازيّة إلى الصهيونية بهذا الشكل المريع؟

هناك ما يثبت وفق دراسات محكّمة علاقة الصهيونية مع النازيّة وأنها قد شاركت في ذبح اليهود، إذ كانت الصهيونية كحركة سياسية نشأت من أجل إقامة وطن قومي لليهود حسب ما عرف في الظاهر، رغم أنّ الذي ثبت وأكده هذا التعاون الغربي بدءا من بريطانيا وانتهاء بالولايات المتحدة الامريكيّة، وبدعم من كل الدول الأوروبية الاستعمارية، أن هناك إرادة سياسية تشكّلت لإنشاء دولة وظيفية لخدمة مصالح هذه الدول فاستعدّت الحركة الصهيونية للقيام بهذا الدور، فكان لا بدّ من تهجير واسع لليهود حتى يقيموا كيانهم، وسلكت لذلك الطريقة الميكافيلية التي على أساسها أجازت الدول الاستعمارية لنفسها أن تقتل وتدمّر وترتكب المجازر، إذ أن على هذا المبدأ: "الغاية تبرّر الوسيلة"، سحقت شعوبا وقتلت آلاف بل ملايين البشر، لذلك تعاونت الحركة الصهيونية مع النازية من أجل الوصول إلى هذا الهدف وهو دفع اليهود للهجرة إلى أرض السمن والعسل فلسطين وترك ما كانت عليه من نعيم في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية.

الحركة الصهيونية امتطت صهوة اليهود والديانة اليهودية من أجل الوصول إلى أهدافها الاستعماريّة، وممّا سهّل عليها هذه المهمّة أنّ المظهر الذي تمظهرت به ينسجم مع هوى كثير من المتديّنين اليهود ويدغدغ عواطف يمكن إيقاظها بسهولة إذا وجدت من يضرب على وترها بشكل صحيح، وهذا ما أتقنته الحركة الصهيونية بجدارة، فهي حركة وصولية خبيثة تعرف كيف تحرّك دواخل هؤلاء المتدينين الساذجين سياسيّا، ومن استعصى منهم استخدمت معه التوحّش وكان لا مانع لديها في ألمانيا من أن تتعاون مع النازيّة للوصول إلى هذه الأهداف والغايات الصهيونية.

ويمكن القول أيضا إن هناك ثلاثية متوحّشة قد اجتمعت في ثوب واحد: الصليبية والنازية والصهيونية، ولصعوبة نحت مصطلح واحد من هذه الثلاثة كان من الممكن اعتبار النازيّة من أعلى تجليّات الصليبية رغم بعض الفوارق، فنأتي بها لتجمع مع الصهيونية في حالة واحدة متماثلة، تحمل ذات المنهجية في القتل والتدمير وسحق الآخر فكان هذا المصطلح: "الصهيونازية" هو الذي يعبّر تعبيرا صادقا ويعطي الإيحاءات المطلوبة بشكل أكثر دقّة وشمولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصهيونية الفلسطينيين النازية فلسطين الصهيونية النازية مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرکة الصهیونیة النازی ة

إقرأ أيضاً:

جلسة نقاشية تتناول تحديات الناقد الثقافي.. وأسئلة المستقبل

أقيمت مساء الأربعاء في النادي الثقافي جلسة نقدية بعنوان "تحديات الناقد الثقافي: التوصيف والتشخيص وأسئلة المستقبل"، وهي الفعالية الأولى التي يقيمها "مختبر النقد"، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على قضايا النقد الثقافي ومستقبله في ظل التحولات الفكرية والإبداعية المعاصرة.

ناقشت الجلسة أبرز الإشكاليات التي تواجه الناقد الثقافي، ودوره في تشكيل الوعي النقدي وتحليل الظواهر الثقافية. قدم فيها كلٌّ من الدكتور حميد الحجري، والدكتور محمد الشحات، وأدار الجلسة الكاتب هلال البادي، لتُعرض فيها عدد من المحاور التي نوقشت من عدة جوانب ترتكز على فكرة استشراف مستقبل النقد في العالم العربي.

وجاءت ورقة الدكتور حميد الحجري لتحمل عنوان: "النقد الثقافي واستحقاق المنهج"، قال فيها: "يمثل النقد الثقافي إضافة مهمة إلى ميدان النقد الأدبي في الساحتين الغربية والعربية، ذلك أنه يتعامل مع الأدب باعتباره ظاهرة اجتماعية معقدة تنطوي على أنساق ثقافية مضمرة تستوجب الكشف والتفكيك، بما يسهم في تحرير العقل البشري مما يرسف فيه من أغلال فكرية واعية ولا واعية، رسّختها السلطة الجمعية من جهة، وموازين القوى الاجتماعية من جهة أخرى".

وأضاف الحجري في حديثه: "وبقدر الأهمية التي يتمتع بها النقد الثقافي، ثمة مزالق كثيرة تتربص بالنقاد الثقافيين، زلت بها أقدام بعضهم، وحامت حولها أقدام البعض الآخر، في مقدمتها: الانفعال ومجافاة الموضوعية، والانحيازات المسبقة، والمبالغة، والتعميمات المخلّة".

واستطرد الدكتور حميد في ورقته فقال: "يمثل الاستحقاق المنهجي التحدّي الأكبر والأخطر الذي يواجه النقد الثقافي باعتباره منهجًا من مناهج النقد الأدبي، فمتى تخطّى النقاد الثقافيون هذه العقبة، وتمكنوا من إخضاع فرضياتهم لمعايير البحث العلمي الرصين، فإنهم عندئذ سيرفدون المكتبة العربية بدراسات نوعية تسهم في تفكيك الأنساق الثقافية اللاواعية".

وقدم الدكتور محمد الشحات ورقته التي قال فيها: "ليس النقد الثقافي خطابًا في الكراهية، ولا خطابًا في التربص، ولا القبض على اللصوص، النقد حسب تصوري عبر سنوات من الاشتغال، خطاب في المساءلة، بمعنى أنه خطاب معرفي، مؤسَّس على منهجيات وتصورات نظرية وتراكمات متتابعة، هي في الأصل أفكار نظرية مستلّة من منظومة العلوم الإنسانية. لكن ما يميز النقد عن علم التاريخ وعلم الاجتماع أو دراسات الآثار هو أن النقد يتعامل مع نصوص أدبية، أما باقي العلوم فتتعامل مع نصوص شفهية كلامية أو آثار أو أيقونات أو لوحات تشكيلية أو أفلام سينمائية. النقد مادته هي النص".

وأضاف الشحات: "لم يعد النقد الأدبي نقدًا قيميًا، ليس الآن فقط وإنما منذ الستينيات. سؤال القيمة غُيّب، لكن تغييب سؤال القيمة في المناهج النصية لم يكن تغييبا قسريًا، بل جاء بحكم ردة فعل على التيارات السابقة، وعلى المنهج الاجتماعي تحديدًا، والتاريخي وأحيانًا النفسي".

وقال: "أنا لا أتصور وجود حركة أدبية في بلد من البلدان دون نقد. خطاب النقد لا يقوم به ولا يمارسه الأكاديميون وحدهم، بل يمارسه كل من يملك أدوات معرفية، لكن في عالمنا العربي لا يُمنح النقد ولا يُمارس إلا في الأكاديميات، والمشكلة أن من يمارسون النقد في الأكاديميات بعضهم يتعطل أو يتوقف عند إنتاج رسالة علمية، لذا لا بد للنقد أن يخرج إلى النطاق الأوسع".

وتطرق الناقدون في الجلسة إلى الحديث عن التحدّيات التي تحول بين الناقد وبين بروز صوته في خطاب النقد العالمي الذي تهيمن عليه أكاديميات غربية منذ سنوات ليست بالقليلة، وقُسّمت التحديات إلى صنفين كبيرين: الأول يواجه المثقف العام، مثل مشكلة العولمة وتنميط الثقافة الإنسانية وغياب الحريّات وأزمة التعليم ومشكلات البيئة. والثاني يواجه الناقد المتخصِّص، مثل تحدّي المنهجية، والمرجعية، وتحدّي الهوية، والجندرية، وتحدّي الأجناسية.

كما ناقش المتحدثون ضرورة نقل الخطاب النقدي من مستوى تحليل النصوص (أي تحليل الجزئيات تحليلًا مجهريًّا دقيقًا)، سواء في تمظهراتها البنيوية أو الأسلوبية أو الثيماتية، إلى تأويل الخطابات والأنساق (أي تركيب الكُلّيّات تركيبًا رؤيويًّا وفلسفيًّا)، ومن تحليل جماليات الأبنية وبلاغتها وشعريّتها إلى تحليل الأنساق وتفكيكها أو نقضها وتعرية مضمراتها، التي هي مضمرات الثقافة المؤثِّرة في تشكّل النصوص.

ومن خلال حديث المشاركين في الجلسة، فُتحت أبواب الحوار لعدد من التساؤلات المتعلقة بالنقد في الوطن العربي، أبرزها: هل يستطيع الناقد العربي استئنافَ مشروع التنوير العربي الجديد؟ هل يمكن أن يُقدّم النقّاد العرب الجدد في السنوات العشر أو العشرين المقبلة ما يجعلهم امتدادًا أصيلًا لمشروعات فكرية عربية تدافع عن وجود الإنسان العربي في القرن الواحد والعشرين؟ وما صورة الناقد بعد عشرين أو خمسين عامًا؟ وما طبيعة التحدّيات التي سيواجهها الناقد أو النظرية ذاتها؟

تجدر الإشارة إلى أن النادي الثقافي يسعى من خلال فعالياته الثقافية والفكرية والنقدية إلى إبراز دور المثقف العماني في الساحة العربية، وما يقدمه من تعزيز للحوار والفكر العربي، وإسهامه في الحراك الثقافي.

مقالات مشابهة

  • تراجع ترامب عن خطاب التهجير.. ما الذي حدث؟
  • حصيلة الإبادة الصهيونية في غزة ترتفع إلى 48,329 شهيدًا
  • الاتحاد الوطني: الموقف العربي الموحد هو السبيل لإفشال كافة المخططات الصهيونية
  • العلمانيون والإسلاميون والدوران في الحلقة الإستعمارية المفرغة كأداة لتفتيت الأمة
  • ما هو المخفي خلف عودة “اليهود السوريين” لسورية بعد سُقوط الأسد وكيف بارك نظام الشرع عودتهم؟
  • كاريكاتير أسامة حجاج
  • جلسة نقاشية تتناول تحديات الناقد الثقافي.. وأسئلة المستقبل
  • ليبيا تنفي المزاعم الصهيونية بشأن محاولات ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا
  • الاتحاد: يجب أن تلتف الدول العربية حول موقف واحد لدعم إقامة الدولة الفلسطينية
  • استشاري : سن اليأس مصطلح خاطئ ويفضل استبداله بـ سن الحكمة .. فيديو