سواليف:
2024-11-27@01:01:08 GMT

طريق التغيير في المؤسسات التعليمية: تحديات وحلول

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

#طريق #التغيير في #المؤسسات_التعليمية: تحديات وحلول

#عبد_البصير_عيد

لا شك في أن جميع المؤسسات التعليمية الخاصة والحكومية، تسعى نحو تطبيق أفضل الممارسات التعليمية، ورفع كفاءة التلاميذ وتطويرهم، رافعين شعارات متعددة على رأسها مواكبة المستقبل و التطور في المجالات التقنية المختلفة و مشاريع الاستدامة والابتكار.

إلا أن هذه الثورة التعليمية تحتاج إلى نظام شامل وكامل يسعى لتحليل وتقييم نقاط القوة ومجالات التحسين، ثم العمل على تطويرها وبلوغ التميز فيها. وسعياً لتحقيق هذا الهدف تظهر هناك تحديات مختلفة من شأنها أن تعيق عملية التطوير والتحسين.

من بين هذه التحديات هي “الرغبة في التغيير”، ليس من السهل أن تفرض نظاماً جديداً بين ليلة وضحاها إن لم يكن الجميع مستعداً، ويملك نفس الرؤية والهدف الذي يسعى إليه القادة في أي مؤسسة تعليمية. فالمواجهة الأولى تأتي بأن نتحدى أنفسنا أولاً! فالتغيير يتطلب محو سنوات من الممارسات الخاطئة وخلق أخرى جديدة. لذلك تبادر بعض المؤسسات إلى إعادة هيكلة شاملة وكاملة، يبنى على أثرها نظام جديد بوجوه جديدة، يتشارك فيها الجميع الهدف والرؤية والرسالة، ضمن خطة عمل متناسقة ومتناغمة.

مقالات ذات صلة تهنئة وتبريك 2024/06/05

وحتى نكون أكثر إيجابية وواقعية، فإن التغيير ممكن حتى في أحلك الظروف، وذلك يحتاج إلى قادة يملكون الوعي والتخطيط الفعال والصبر الكافي لإنشاء خطة عمل متكاملة نحو التغيير الذي تريده المؤسسة التعليمية.

وتأتي عملية التدريب والتطوير المهني في أعلى هرم هذه الخطة، فعدم رغبة العاملين بالتغيير في الغالب يكون سببه قلة الخبرة والشعور بالعجز أو الضعف. ولا بد هنا من توفير دورات تفتح الأمل أمام الجميع ليكونوا أكثر كفاءة وقدرة لمواجهة التحديات المستقبلية.

كما أن قيادة التغيير تحتاج إلى الشمولية ومشاركة الجميع بلا استثناء، فأي عملية إقصاء من شأنها خلق ثغرة تغرق جهوداً مضنية وتعكر الرؤية. فالقائد الناجح يسعى دائماً لوحدة الفريق نحو تحقيق الأهداف المشتركة ضمن رؤية وفلسفة واضحة، ليكون القائد دائماً جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة.

وتعتبر المرونة والتكيف عاملان مهمان يحتاج إليه القادة والعاملون في الميدان على حدٍ سواء. فأي تغيير في الخطة التي تأتي من القائد يجب ألا تواجه بتأفف، بل هي تصحيح للمسار من خلال المحاولة والخطأ. وفي هذه الحالة يكون القائد أحوج ما يكون لوقوف ودعم الفريق له. وبما أن المرونة مطلب مهم، فإن إشراك الجميع في التعديل بناءً على المعطيات الجديدة يخلق جواً من المرونة وسعياً نحو التكيف مع التغيرات. 

ولا بد لهذا التغيير أن يكلل بجو من الإيجابية، فدائماً ما نواجه أفراداً يسيرون عكس التيار، وهنا تكون المسؤولية على الجميع في وقف السلبية وتحويل المكان إلى جو تسوده الإيجابية. وأيضاً؛ على القائد أن يتحلى بالوعي الكافي لتهدئة أي صراع من شأنه أن يعكر المزاج العام، فالإيجابية هي الهدف والمطلب، من أجل دعم عملية تغيير ناجحة.

وختاماً؛ فإن المشاركة الفاعلة وتذليل العقبات وتعزيز روح الفريق الواحد، وفتح أبواب التواصل المستمر والحوارات البناءة وتقبل الحلول المبتكرة والشعور بالمسؤولية؛ كلها تؤدي دوراً محورياً في مسيرة تغيير ناجحة ومستدامة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: التغيير المؤسسات التعليمية

إقرأ أيضاً:

إيران في سوريا.. خفايا ومستقبل التغيير الديمغرافي الهادئ

منذ انخراطها في الحرب السورية لحماية النظام السوري من السقوط دخلت الاستراتيجية التي اتبعتها إيران في البلاد بعدة محطات كان أبرزها و"أخطرها"، حسب خبراء ومراقبين، تلك المتعلقة بعمليات "التغيير الديمغرافي" التي أحدثتها وشاركت بها مع ميليشياتها ووكلائها في عدة مدن وقرى وبلدات.

من بين تلك المدن تدمر التي تعرضت لضربة إسرائيلية كبيرة، الأسبوع الماضي، والقصير الواقعة بحمص في وسط البلاد والمحاذية للحدود مع لبنان، فضلا عن دير الزور المحافظة التي طالما تردد اسمها من منطلق ما فعلته وتفعله إيران هناك، إضافة إلى محيط مدينتي حلب ودمشق.

وتشير تقديرات تقريبية إلى أن عدد سكان تدمر بلغ في عام 2011 نحو 110 آلاف نسمة، لكن اليوم لم يتبق منهم سوى بعض العائلات "التي تعد على الأصابع"، كما يقول الشاب، أحمد المعمو، المقيم في إسطنبول، مضيفا لموقع "الحرة"، وهو من أهالي المدينة: "الفئة الأكبر التي تعيش في مدينتي الآن من ميليشيات إيران وعوائل العناصر والقادة".

قتل إثر الضربة الأخيرة على (عروس الصحراء) و"مدينة الملكة زنوبيا"، كما تعرف منذ عقود، عناصر من ميليشيا "فاطميون" و"زينبيون" ومن ميليشيات عراقية أخرى كـ"حركة النجباء"، وهؤلاء كانوا جلبوا عوائلهم إلى تدمر، بحسب الشاب السوري، وحولوا المدينة بالتدريج إلى "مستوطنة خاصة بهم"، على حد تعبيره.

لا تختلف حالة تدمر عن القصير التي سيطر عليها "حزب الله" اللبناني في عام 2013، ولم يسمح النظام السوري والأخير لسكانها بالعودة حتى الآن. ورغم وجود بعض "الاستثناءات" على صعيد عودة بعض العوائل يدفع أفرادها الآن ثمن "الصراع بين عدوين"، وفق تعبير الشاب عبد الله، الذي يقطن مع عائلته في شمال غرب سوريا.

يقيم حاليا في القصير ما بين 2000-5000 شخص، من أصل سكانها الـ60 ألفا بحسب الإحصاء الرسمي الصادر عن حكومة نظام الأسد في عام 2011.

ويقول عبد الله لموقع "الحرة": "تخيل أن مدينة كاملة ببضع سكان (في إشارة للقصير)، الغالبية ممن هم في الشتات يشاهدون ما يحصل فيها من بعيد وعلى شاشات التلفاز، الحسرة مضاعفة، لكنها أشد عندما يتعلق الأمر بحزب الله، وما فعله مع إيران هناك طوال سنوات".

وبعد أن انحرفت دفة الصراع بالتدريج لصالح نظام الأسد (عقب عام 2014) وثقت عدة تقارير محلية وغربية عمليات "تغيير ديمغرافي" قادتها إيران بهدوء، مع ميليشياتها ووكلائها في عدة مناطق سورية.

وفي حين شملت تلك العمليات إحلال سكان جدد بدل آخرين أصليين وصلت في مسارات أخرى إلى حد تقديم "الإغراءات" لتغيير الفطرة التي كان عليها السكان ونموا عليها، في سلوك "هادئ"، لوحظت أدواته في أكثر من ساحة ومناسبة.

ويجادل خبراء تحدث إليهم موقع "الحرة" بأن "التغيير الديمغرافي" لم يشمل كل المناطق التي سيطرت عليها إيران مع النظام السوري وأنه اقتصر على مواقع "استراتيجية" دون غيرها، لكن آخرين تحدثوا عن "استراتيجية مرسومة أسست وتؤسس لها إيران لبعيد"، كما الحالة التي اتبعتها سابقا في العراق.

وأمام ما تتعرض له إيران من ضغوط في المنطقة، على صعيد ملفاتها الخاصة والشكل العسكري والأمني العام لوكلائها في المنطقة وأبرزهم "حزب الله" تثار تساؤلات عن مآلات ذلك على ما بنته في سوريا بالتحديد، خلال السنوات الماضية.

"3 أشكال للتغيير الديمغرافي"

"التغيير الديمغرافي" يعني إحداث تغيير في بنية السكان، ووفقا للباحث في الشأن الإيراني، عبد الرحمن الحاج، فإن الممارس إيرانيا منه أخذ عدة أشكال في سوريا، أولها "التشييع وتغيير الهوية الدينية"، "بغرض خلق حاضنة موالية لإيران".

ويقول الحاج لموقع "الحرة" إن الشكل الأول الذي أحدثته إيران بدأ قبل اندلاع الثورة السورية في 2011، وحدثت فيه طفرة بعد هذا العام، واعتمد على الاستثمار في الفاقة والحاجة الاقتصادية للسكان، والحاجة للأمن والغذاء والتعليم (الحاجات الضرورية للبقاء)، وخاصة لدى الذين أنهكتهم سنوات الحرب.

كان أبرز أدوات إيران لتحقيق ذلك "الإغاثة" ونشاط المنظمات الإنسانية التابعة لها، والتي أسست لهذا الغرض، بالإضافة إلى المدارس الخاصة، والتطوع في الميليشيات الشيعية بهدف الحماية أو بسبب الإغراء المالي أو بسبب الحماية والخوف من التجنيد الإجباري.

ويوضح الباحث أن الشكل المتعلق بـ"التشييع وتغيير الهوية الدينية" استهدف عشرات الآلاف في أنحاء سوريا، وتركز بشكل رئيسي على الممرات الواصلة بين العراق وسوريا إلى لبنان وحلب ودرعا مرورا بحمص ودمشق، مشيرا إلى أنه "كان تغييرا بطيئا ومكلفا، لكنه أكثر استدامة من غيره".

في أعقاب تثبيت إيران أقدامها في سوريا أمنيا وعسكريا، عبر ميليشيات أجنبية ومحلية، أخذ التغيير الديمغرافي لإيران شكلا ثانيا في سوريا، وقام على وجه التحديد على عملية "تجريف السكان".

وحصل ما سبق في ريف دمشق ومحيط العاصمة، في مدن مثل داريا ودوما ومخيم اليرموك والقصير ومضايا والزبداني وغيرها، بحسب الحاج، ويضيف أن الهدف الإيراني وراء ذلك كان باتجاه "تقليص عدد السكان (غير المرغوب بهم والمقدرة أعدادهم بمئات الآلاف)".

استكمالا لعملية "التجريف" أخذت عمليات "التغيير" خلال السنوات الماضية شكلا جديدا وصل إلى نقطة إحلال سكان جدد، عبر توطينهم أو تجنيسهم أو شراء عقارات تتبع لإيران على نطاق واسع.

وقد جرت عمليات إحلال كثيرة في الوسط التجاري في مدينة دمشق وريفها وحمص وبشكل رئيسي في دير الزور وريفها الجنوبي، وفي أماكن سورية متفرقة أخرى، وفق الباحث السوري.

وفي حين يوضح الحاج أنه من غير المعروف حجم التغيير الذي تم بهذا الشكل، يشير إلى تغييرات معروفة وفق هذا النمط تمت في القصير وريفها والزبداني والقلمون ودمشق القديمة وجوبر وريف دمشق في ببيلا والقرى والبلدات في الغوطة الشرقية والغربية، خصوصا الواقعة على طريق المطار وفي البوكمال وريفها.

"سوريا حالة خاصة"

بناء على ما تظهره خرائط السيطرة في سوريا يتبين أن نفوذ إيران في البلاد يقتصر عسكريا وميليشياتيا على مناطق بعينها، مثل محافظة دير الزور ومحيط مدينة حلب ومحيط العاصمة السورية دمشق وفي حمص وسط البلاد.

ومع ذلك، لا تعكس الخرائط حجم النفوذ والتغلغل المرتبط بعمليات "التغيير الديمغرافي"، والتي تتشعب أدواتها في أكثر من ساحة ومجتمع، ودائما ما تبقى بعيدة عن دائرة الضوء.

ويعتقد الباحث في جامعة ماريلاند، المتابع لنشاطات وكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط، فيليب سميث، أن التغيير الديمغرافي الذي عملت عليه إيران في سوريا "كان عملية بطيئة الحركة، ومقتصرة حاليا على بعض المناطق الاستراتيجية الرئيسية".

ويشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى القصير بريف محافظة حمص، المنطقة التي وقع فيها الهجوم الأول بقيادة "حزب الله" اللبناني، وتحولت فيما بعد وبالتدريج إلى بقعة جغرافية رئيسية لإعادة توطين الشيعة.

رغم أن هذه المنطقة (القصير) يوجد فيها مجتمع كبير مؤيد لحزب الله، إلا أن الأخير بدعم إيران نقل إليها آخرين، بما في ذلك اللبنانيين، بحسب الباحث في جامعة ماريلاند.

وانطبقت الحالة المذكورة أيضا على منطقة السيدة زينب وعلى محيط مدينة حلب.

كانت السيدة زينب موطنا لمجموعة واسعة من الشيعة الاثني عشرية، ولكن الآن تم استكمالها بالشيعة الأفغان الموالين لإيران، وبعضهم تابع لجماعة "فاطميون"، بحسب الباحث سميث.

وكذلك الأمر بالنسبة لمدينة حلب ومحيطها، التي أعيد فيها توطين العديد من عوائل وعناصر الميليشيات، المحلية والأجنبية، أبرزها "فاطميون".

يعتبر الباحث أن "سوريا تشكل حالة خاصة تستند إلى تجارب سابقة شوهدت في لبنان والعراق"، لكنها تختلف من ناحية "التخطيط والتنفيذ الاستراتيجي إلى حد كبير".

ومن جهتها ترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي، أن "التغيير الديموغرافي الوحيد الذي نجحت إيران في تحقيقه جزئيا في سوريا كان من خلال العمليات العسكرية عبر نقل السكان وإخلاء المدن والمناطق الكبيرة من سكانها، ثم ملء هذه المناطق بعناصر ميليشياتهم وعائلاتهم".

منطقة القصير في ريف حمص الجنوبي، التي احتلها حزب الله في ربيع عام 2013، تم تفريغ سكانها وتمركز مقاتلوه هناك، والآن، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، يعيش عشرات الآلاف من الشيعة اللبنانيين هناك.

وتشير الباحثة في حديثها لموقع "الحرة" إلى أمثلة أخرى كذلك، مثل مناطق الزبداني ومضايا في ريف حلب.

"تسليح وترغيب"

في عام 2017 نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا نقلت فيه عن أحد كبار القادة اللبنانيين دون أن تسمه أن "إيران والنظام السوري لا يريدان وجود أي سُنّة بين دمشق وحمص والحدود اللبنانية. وهذا يمثل تحولا تاريخيا في التركيبة السكانية".

وجاء حديث المسؤول على هامش التعليق على العمليات العسكرية التي قادها حزب الله وكيل إيران في المنطقة في عدة مناطق سورية تقع على الحدود مع لبنان. أبرزها القصير ومدن أخرى تتبع لريف دمشق، مثل مضايا والزبداني.

وتحقق الهدف المتعلق بـ"عدم وجود أي سُنّة" أو تقليص نسبتهم بالفعل، وخاصة في مناطق القلمون المحاذية لحدود لبنان، إذ تم تهجير سكانها إلى مناطق الشمال السوري، ولم يسمح لهم بالعودة حتى الآن.

كما أشارت "الغارديان"، آنذاك، إلى أن المزارات الشيعية في داريا ودمشق كانت بمثابة مبرر لوجود حزب الله وغيره من الجماعات الشيعية المدعومة من إيران.

وفي غضون ذلك تم تحصين منطقة السيدة زينب على الجانب الجنوبي من العاصمة من قبل حزب الله وسكنتها عائلات الجماعة المسلحة، الذين انتقلوا للعيش هناك منذ أواخر عام 2012.

كما اشترت طهران أعدادا كبيرة من المنازل بالقرب من مسجد السيدة زينب، ومساحة من الأرض، التي تستخدمها لإنشاء منطقة عازلة أمنية - وهي نموذج مصغر لمشروعها الأكبر، وفق "الغارديان".

هذه الاستراتيجية لم تقتصر على المناطق المذكورة فحسب، بل توسعت خلال السنوات الماضية إلى مناطق أخرى، أبرزها دير الزور الواقعة على حدود العراق، وتنظر إليها إيران كبوابة لطريقها البري.

ويوضح الباحث السوري ومدير شبكة "دير الزور 24"، عمر أبو ليلى، أن أدلة التغيير الديمغرافي الذي أحدثته إيران في سوريا كثيرة هناك، ويقول إن تحقيق ذلك من قبلها شمل جانبين.

الجانب الأول: تسليح الميليشيات الطائفية التابعة لها، وإظهارها على أنها أقوى سلطة في المنطقة، لفرض الضغوط على الناس كي تغير أفكارها.

الجانب الثاني: الترغيب من خلال إرسال رجال دين وعمليات اغتيال ضد وجهاء وشيوخ دين بسبب رفضهم للفكر الشيعي، وهو ما حصل في دير الزور خلال السنوات الماضية.

ويؤكد أبو ليلى لموقع "الحرة" أن التغيير الذي عملت عليه إيران ليس جغرافيا فقط، بل عقائديا، ويتابع: "على مستوى نبع في شرق سوريا فقد حولته إيران إلى مزار، كما غيّرت الفطرة السليمة للسكان، وجلبت أناس من العراق وأسكنتهم مكان السكان الأصليين".

تعتبر مناطق شرق سوريا المحاذية للعراق من أكثر البقع التي تأثرت بالتغيير الديمغرافي الذي قادته إيران، بشكل عملي وليس نظري.

ويضيف أبو ليلى: "استخدمت في ذلك عدة أدوات بيد ميليشياتها المحلية والأجنبية. وقدمت أيضا الإغراءات".

"تشبه داعش بمشروعها"

في مقال تحليلي سابق بـ"معهد واشنطن" تشير الباحثة، علا الرفاعي، إلى أن "الحرس الثوري" الإيراني وقوات الحشد الشعبي تسللت إلى النسيج الاجتماعي للأغلبية من السكان العرب السنة في شرق سوريا، منذ استحواذها على المنطقة.

وتوضح أن هذا المسار جاء "من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية"، مما يساعدهم على فرض علامتهم من الإسلام الشيعي الاثني عشري على الذين يعانون من ضائقة مالية من السكان المحليين.

على سبيل المثال، وبمباركة نظام الأسد تقول الرفاعي إن "المركز الثقافي الإيراني في مدينة دير الزور يجبر طلاب المدارس والجامعات على المشاركة في فعالياته".

وتشير إلى أن "اتحاد شبيبة الثورة" المنبثق عن حزب البعث التابع للنظام أمر في وقت سابق أيضا مديرية التعليم المحلية بقيادة رحلات ميدانية لحضور الاحتفالات الدينية الشيعية، ومحاضرات "الحرس الثوري"، وفعاليات كتابة القصة القصيرة، والمسابقات الرياضية.

هذه المعلومات سبق وأن أكدها سكان لموقع "الحرة"، وأوضح الصحفي، زين العابدين العكيدي، في مارس 2024 أن الإيرانيين "يستهدفون الصغار على نحو أكبر من الكبار في دير الزور والمناطق التي ينتشرون فيها في شرق سوريا".

"يحكون لهم من خلال الجولات التي يقيمها المركز الثقافي عن مناقب قاسم سليماني والإمام علي"، وفق حديث الصحفي المقيم في دير الزور لـ"الحرة".

ويضيف: "يعملون مثل داعش ويحاولون غسل الأدمغة.. يريدون الصغار لا الكبار" ويركزون على مدينة دير الزور بشكل كبير، رغم نشاطات "المركز الثقافي" في مناطق وبلدات أخرى محيطة.

ويعتبر الباحث والصحفي أبو ليلى أن مشروع إيران في سوريا يشبه "المشروع الذي كان عليه تنظيم داعش والإيديولوجيا الخاصة به".

ويقول: "هو مشروع هش. إذا تلقى ضربة قوية سينتهي وإذا تم غض النظر عنه سيتنامى".

هل نجحت إيران؟

جميع أشكال التغيير الديمغرافي الذي قامت به إيران خلال السنوات الماضية في سوريا، وبشكل خاص منذ عام 2017 إلى اليوم "لازال واقعا غير مستقر وقابلا للتغير"، بحسب الباحث في الشأن الإيراني، عبد الرحمن الحاج.

وسيكون للتغييرات الإقليمية الجارية والضاغطة على حزب الله والميليشيات الإيرانية (التابعة للحرس الثوري) أثرا كبيرا في تراجع هذا التغيير الديمغرافي الذي تم على نطاق واسع.

وفي مقابل ما سبق تبرز عقبتين رئيسيتين تواجهان إيران في تغيير ديموغرافيا المجتمع السوري، وهما وفق الحاج: ضآلة وجود الشيعة السوريين (من غير المتشيعين) والنفور الشعبي، بسبب دورهم في مساعدة الأسد في المواجهة الدامية مع الثورة الشعبية ضد حكمه.

ولذلك يعتقد الحاج أن "أية تغييرات في وضع الإيرانيين في سوريا قد تطيح بجميع الجهود التي بذلوها، وأنفقوا عليها خلال سنوات طويلة".

وترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي، أن سياسة طهران في إحداث تغيير داخل المجتمع السوري نفسه "فشلت"، رغم الأموال التي أُنفقت على هذه المهمة.

لا تزال عشائر شرق سوريا سنية وتفخر بذلك، كما أن جنوب دمشق، رغم النفوذ الإيراني الكبير هناك وتمركز ميليشياتها في بلدة السيدة زينب، لا يزال ذو غالبية سنية.

و"الرفض لم يكن فقط من السنة في سوريا، بل حتى داخل مناطق الأغلبية العلوية في محافظة طرطوس، حيث لم يكن هناك استجابة أو قبول لعملية التشييع التي تديرها طهران وحرسها الثوري"، بحسب الخبيرة.

وتضيف أنه وفي ظل التحركات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان، فمن المؤكد أن طهران قلقة من خسارة ورقة أخرى، وهي وجودها العسكري في سوريا، لكن الضامن الأهم لها في الملف السوري هو نظام الأسد نفسه.

ونظرا للنفوذ الإيراني الكبير داخل بنية هذا النظام، وتراجع استقلالية بشار الأسد وعودته إلى طهران في قرارات مصيرية، فإن هذا الواقع قد يكون سببا في أن تكون إيران أكثر مرونة في مسألة سحب ميليشياتها من سوريا طالما أن هناك ضمانات لبقاء الأسد في السلطة وتوفير الحماية الدولية والدعم الإقليمي له ولنظامه.

تعتقد كولوريوتي أن الأسد وفر لإيران مساحة كافية للعمل داخل المجتمع السوري بمختلف أطيافه وطوائفه، وقدم لهم تسهيلات كبيرة في هذا المجال من خلال الحفاظ على الوضع الأمني المنفلت في بعض المناطق ومن خلال الفساد المالي الذي أدى إلى واقع اقتصادي بائس في سوريا.

ويأتي ذلك في ظل المهمة المستمرة لهذا النظام لتفكيك المجتمع السوري، ضمن قرار تم تبنيه حتى قبل الثورة السورية.

"المراقبون للساحة السورية قبل عام 2011 يتذكرون الثورة التي أطلقها الأكراد في شرق سوريا في مدينة القامشلي عام 2004، مطالبين بحقهم في ممارسة أو تعلم لغتهم وحمل الهوية والجنسية السورية، وهي حقوق حُرم منها آلاف من الأكراد السوريين". ورد النظام على هذه الاحتجاجات بتقديمها كصراع بين الأكراد والقبائل العربية، بحسب الخبيرة.

كما اتبع النظام هذه "السياسة الخبيثة" بين دروز السويداء وقبائل درعا.

وتتابع كولوريوتي أن "هذا النهج برز بشكل أكثر وضوحا مع انطلاق الثورة السورية في مارس 2011 عندما قدم هذه الثورة كحركة سنية ضد العلويين والأقليات، مستغلا خوف الأقليات لحماية وتعزيز نظامه داخليا وحتى خارجيا تحت شعار (الأسد هو حامي الأقليات في سوريا)".

سياسة تفكيك نسيج الشعب السوري استمرت على أسس طائفية وقومية وتوسعت مع مرور الوقت، مما فتح الطريق أمام طهران للعمل داخل مجتمع هش منهك أمنيا واقتصاديا.

واختار الإيرانيون المناطق الريفية كهدف لاختراق المجتمع السوري، حيث تركزت منظماتهم الدينية في أرياف دير الزور، البوكمال، الرقة، حلب، حمص، دمشق، وطرطوس.

وكانت التغطية لهذه المنظمات هي الدعم الإنساني من خلال تقديم المساعدات الغذائية والطبية للمحتاجين، واستغلال الحاجة المادية داخل هذه المناطق الفقيرة لتجنيد سكانها في ميليشياتهم التي ترعاها "قوة القدس"، أو من خلال وسائل أكثر وضوحا عبر تقديم رواتب شهرية لأولئك الذين يعتنقون المذهب الشيعي، كما تحدثت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • دراسة علمية تكشف مخاطر السيول على عدن وحلول للتخفيف منها
  • «الشعبية التيار الثوري» تدعو قوى الثورة و التغيير لتقديم تنازلات
  • الشعبية التيار الثوري تدعو قوى الثورة و التغيير لتقديم تنازلات
  • سلوى محمد علي لـ«الوفد»: «سلمى» يعكس الواقع السوري ويعزز الأمل في التغيير
  • ”تحت غطاء التغيير: الحوثيون يرسخون قبضتهم على مؤسسات الدولة”
  • رئيس الطائفة الإنجيلية: المؤسسات الدينية حجر الأساس في عملية بناء الإنسان
  • إيران في سوريا.. خفايا ومستقبل التغيير الديمغرافي الهادئ
  • سيف على رقاب الجميع
  • الجديد يقترح عقوبات وحلول لتقليل الاحتفاظ بالسيولة في المنازل
  • 25 % انبعاثات أقل.. الأحساء تُشجع إعادة التشجير في مبادرة "سوياً نصنع التغيير"