سامي الجميّل: نقبل بالحوار مقابل ضمانات بدورات انتخابية مفتوحة
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
حذر رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل في مداخلة تلفزيونية من أن مغامرة حزب الله في جنوب لبنان وفتح ما يسمّى بجبهة الإلهاء أو جبهة المساندة قد يكلف لبنان غاليًا جدًا "، معربًا عن أسفه لأن الحزب" مستمر بالمغامرة ويلعب بتوازنات جديدة ويراهن على أن الحرب لن تتوسّع". وقال: "نحن نقول منذ اليوم الأول إن الطرفين أي إسرائيل وحزب الله لا يريدان التصعيد في جنوب لبنان ولكن عندما يحاول الفريقان خوض هذه المغامرة بشكل أن يلعبا بالنار، فأي خطأ بالتقدير قد يجرّ إلى حرب مفتوحة قد تحرق لبنان بكامله".
وقال رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل في حديث إلى" الأنباء " الكويتية إن "حزب الله لا يزال متمسكا بترشيح رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية"، مؤكداً ان "حزب الكتائب لن يسير في تسوية مماثلة لتلك التي حصلت في 2016". وعن لقائه لودريان، قال: "ان المبعوث الفرنسي حاول الدفع باتجاه الحلحلة في الملف الرئاسي، وهو تفهم طلبنا ضمانات لتلبية دعوة الرئيس نبيه بري إلى حوار او لقاء تشاوري. وأبدى تخوفه من ان يؤدي عدم انتخاب رئيس للجمهورية إلى مزيد من التوتر، وحصول اضطرابات أمنية في البلاد". ودعا الجميع إلى "تقديم تسهيلات". واضاف: "تتركز النقاشات اليوم حول المشاورات والحوار الممهد للاستحقاق وفتح الطريق لإنجازه. وفي ذلك هروب من الموضوع الأساسي، وهو ان يبدي حزب الله الاستعداد للقبول بالمرشح الوسطي، والوسطي غير الخيار الثالث (كرر العبارة مرتين)، وهو ليس أي شخص عادي. والسؤال: هل هذه الفكرة مقبولة عند الحزب؟ وما يبدو واضحا للجميع ان الحزب رافض لأي خيارات وسطية، ومصر على ترشيح فرنجية حصريا، وهو أبلغ موقفه إلى لودريان وقبله إلى اللجنة الخماسية. وأكثر من ذلك، لا يمهد الحزب لسحب فرنجية من السباق الرئاسي، وكذلك لم يتخذ الأخير خطوة في هذا السياق".
واشار الجميّل الى "وجود طريقتين للانتخاب: اما التوافق على اسم مرشح، او ترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها بفوز أحد المرشحين بنيله غالبية الأصوات النيابية في دورة اقتراع ثانية او ثالثة او أكثر. وما المانع من دورات مكثفة؟ فالعماد ميشال عون انتخب رئيسا بعد دورة رابعة (لم ينل أكثرية الثلثين في دورة الاقتراع الأولى، ولم يكن عدد أوراق الاقتراع مطابقا لعدد النواب في دورتي الاقتراع الثانية والثالثة)".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
تعقيب على مذكرات محمد سيد أحمد الحسن
بقلم عبد الله رزق ابو سيمازه
على مشارف المائة (حيث ولد حوالي عام ١٩٣٠)، توفي السيد محمد سيد أحمد الحسن، بعد حياة عمرها بالكدح، وبالكفاح والنضال، كناشط وفاعل إيجابي في وسطه الاجتماعي والسياسي، كما تعكس ذلك مذكراته التي أعدها وحررها، ابنه المهندس عادل سيد أحمد، تحت عنوان: (في سياق الأحداث: مذكرات محمد سيد أحمد الحسن)، والتي يمكن النظر إليها، أيضا، كأمثولة في البر بالوالدين.
ورغم تقدمه في السن، فقد حافظ الراوي، وهو يملي مذكراته، على ذاكرة متقدة، مكنته من استعادة تفاصيل ما عاشه او عايشه من الوقائع والأحداث المهمة، والاسماء والتواريخ، بكثير من الدقة.
تعكس المذكرات، من ناحية، الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، لمنطقة حيوية من مناطق الخرطوم، هي منطقة الديوم، جنوب السكة حديد، وتوثق، من ناحية أخرى، مساهمة صاحب السيرة، محمد سيد أحمد الحسن، في تلك الحياة، بكل تنوعها وعنفوانها. وقد اؤتي محمد سيد أحمد، وهو الذي لم يتلق تعليما نظاميا كافيا ومتقدما، حظا كبيرا من الكاريزما وقوة الارادة، والمهارات و الجدارات القيادية التي اهلته لأن يكون في الطليعة دائما : رئيسا لفرع الحزب الشيوعي بالمنطقة منذ أن انتمي للحزب، وسكرتيرا للمديرية، ورئيسا للنادي و للجمعية التعاونية والخيرية، وقائدا نقابيا بارزا، ومن قبل، شغل موقع مرشد لجماعة الاخوان المسلمين... (لحسن الحظ، فان الجماعة، على عهد مؤسسها، حينذاك، على طالب الله، لم تكن حزبا سياسيا، وإنما كانت مجرد جمعية دينية تحض على مكارم الأخلاق.)
شكل نشاط محمد سيد أحمد ضمن الحزب الشيوعي، في المنطقة، جانبا كبيرا من المذكرات، والتي غلب عليها طابع القصص والحكايات القصيرة والنوادر، حيث يتجلى التاريخ، الذي يصنعه الناس العاديون، وهم يمارسون حياتهم العادية، دون جلبة او ضوضاء، او كثير ادعاء، فيما اختار لها المحرر، المهندس عادل سيد أحمد، قالب الانترفيو (Interview)، بدلا من السرد، كشكل فني، ربما لم يكن معهودا، في كتابة المذكرات.
لكن صاحب المذكرات لم يكن مجرد كادر سياسي في حزب ثوري. فهو، مثل مالكولم إكس، ثقف نفسه بنفسه، عبر اطلاع واسع، ليبرهن بأن القراءة المثابرة، تعين في تغيير الفرد، وبما تفتحه أمامه من آفاق للمعرفة غير نهائية، تمكنه من المساهمة على نحو فعال في تغيير مجتمعه. فالراوي، ومنذ ان غادر مسقط رأسه في المقل، في أقصى شمال البلاد، قاصدا الخرطوم، وهو صبي يحمل في دواخله مشروع رجل عصامي، قد توفر على عقلية متفتحة، وطاقة ديناميكية، يسرت له النجاح باستمرار في سوق العمل، بالذات، الميدان الحيوي للنشاط الفاعلية. فهو لم يكتف بالعمل في شركة شل، لكنه ارتاد ميادين أخرى للعمل، انعكس في ترقي وضعه الاجتماعي، حتى ان بعض زملائه في الحزب استنكف التعامل معه بحجة انه أصبح برجوازيا، ويعيش في مستوى حياتي مترف: البيت الفخم المزود بالثلاجة والتلفزيون بجانب السيارة.. الخ
ولان محمد سيد أحمد، صاحب السيرة، قد شغل، من جهة، والي حد كبير بحياة الفكر، على حد تعبير إتش دي لورانس، وحياة الكدح وبالكفاح، والنضال، في جبهاته المتعددة: فرع الحزب، النقابة، الجمعية التعاونية، النادي.. الخ، من الجهة الأخرى، فقد غابت من مذكراته ملامح الحياة الثقافية والفنية والرياضية لمنطقة الديوم، والتي كانت عاصمة لفن الغناء، خاصة، موازية لأم درمان.
غير بعيد من هذا السياق، َوردت، عرضا، الإشارة لبيت العزابة، دون تفصيل. وبيت العزابة، والذي قد يكون وكرا حزبيا، تنعقد فيه الاجتماعات، وتخرج منه المنشورات، ويختفي فيه الملاحقون والمطاردون من قبل الأجهزة الأمنية. فهو ظاهرة او كينونة اجتماعية - ثقافية - سياسية شديدة الاثارة. وقد اشتهرت بيوت العزابة، في المدن الكبيرة خاصة، باحتضانها القعدات، التي يؤمها سياسيون وأدباء ومغنون، وجمعت، بجانب شريحة الأفندية، فسيفساء من أبناء الطبقة الوسطى، حيث وفرت لهم إطارا لممارسة حيواتهم السرية. بجانب ذلك كانت مختبرا لكثير من ناشئة الفنانين لإنضاج تجاربهم وتلمس خطاهم على طريق الفن..
وعلى الرغم مما توفر لصاحب المذكرات من قدرات وخبرات ومعرفة ووعي، إلا أن القارئ قد يلاحظ انه، كناشط سياسي، كان ينقصه الطموح. فلم يتطلع لان يكون عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الشفيع احمد الشيخ، مثلا. ولم ينخرط بقوة في الصراع الداخلي، لترجيح كفة اي من طرفي الصراع، أثر الخلاف الذي أحدثه الموقف من انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩، وما ترتب عليه من صراعات وانقسام في الحزب. وقد انتهى به هذا الاستنكاف الصراع، والذي ربما كان منطلقه رؤية مثالية للحزب وللشيوعية، موغلة في الرومانسية الثورية، الي أن يرى في الانقسام نهاية الحزب، ومبرر، من ثم، لاعتزاله العمل العام.
خلت المذكرات، بشكل لافت للنظر، من تعليق صاحب المذكرات على فوز السكرتير العام للحزب الشيوعي، محمد ابراهيم نقد، في دائرة الديوم وحي الزهور، في انتخابات عام ١٩٨٦، والذي قد يري فيه محصلة تراكمية لجهوده ونضالات مع زملائه من الشيوعيين، وتتويجا لتلك الجهود والنضالات الممتدة.
عبد الله رزق ابو سيمازه
القاهرة - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥م.
amsidahmed@outlook.com