منظمات وسكان وأطباء: قصف اسرائيل جنوب لبنان بالفوسفور الأبيض يعرض المدنيين للخطر
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
بيروت - في مطلع العام الحالي، كان السبعيني محمد حمود داخل منزله مع زوجته في قريته الحدودية في جنوب لبنان، عندما أغارت اسرائيل في مكان قريب، لكن هذا القصف كان مختلفاً عمّا اعتاد عليه الرجل خلال الأشهر الماضية.
في حديث عبر الهاتف، روى حمود لوكالة فرانس برس من قريته حولا، ما حدث في ذلك اليوم. وقال الرجل "اشتعلت النيران أمام المنزل.
وأضاف "لم نكن نعرف أنه فوسفور...اعتقدنا أنه قصف عادي لكن عندما جاء الإسعاف، قالوا إنه فوسفور ونقلونا إلى المستشفى".
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر في قطاع غزة، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف بشكل شبه يومي.
ويتهم لبنان اسرائيل باستخدام مادة الفوسفور الأبيض المثيرة للجدل في هجمات على جنوب البلاد وتقول السلطات اللبنانية إنها تسبّبت بأضرار للبيئة والمدنيين.
وتستخدم ذخائر الفوسفور الأبيض وهي مادة قابلة للاشتعال عند التماس مع الأكسجين، بهدف تشكيل ستائر دخانية وإضاءة أرض المعركة.
لكن هذه الذخيرة المتعددة الاستخدامات قد تستعمل كذلك كسلاح حارق قادر على أن يسبب حروقاً قاتلة للمدنيّين، وفشلاً في الجهاز التنفسي والأعضاء، وأحياناً الموت.
وبحسب تقرير صدر الأربعاء عن منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن "استخدام الفسفور الأبيض من قبل إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرض المدنيين لخطر جسيم ويساهم في تهجيرهم".
وقالت المنظمة إنها تحققت "من استخدام القوات الإسرائيلية ذخائر الفسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، خمس منها استُخدمت فيها الذخائر المتفجرة جوا بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة".
وتُظهر صور لوكالة فرانس برس التُقطت في 10 مناسبات منفصلة على الأقل بين تشرين الأول/أكتوبر ونيسان/أبريل أعمدة دخان غريبة ومتفرّعة، تشبه الأخطبوط، يتماشى مظهرها مع ما قد يصدر عن استخدام الفوسفور الأبيض.
والتقطت تلك الصور في ما لا يقل عن ثمانية مواقع مختلفة على طول الحدود، وفي الكثير من المرات، في مواقع قريبة من المنازل أحياناً.
وفي تشرين الأول/أكتوبر، قال الجيش الاسرائيلي في بيان إن إجراءاته تملي بعدم استخدام قذائف الفوسفور الأبيض "في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مع وجود استثناءات معينة".
وأضاف أن "هذا يتوافق مع متطلبات القانون الدولي ويتجاوزها" وأن الجيش "لا يستخدم هذه القذائف لأغراض الاستهداف أو إشعال النار".
"اختناق"
ذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية في 28 كانون الثاني/يناير أن "قذائف فوسفورية سقطت بين المنازل" في ساحة بلدة حولا، بعد استهداف من "مدفعية العدو".
وتحدّثت الوكالة الوطنية مرّات عدة عن قصف بذخائر الفوسفور في جنوب لبنان، بما في ذلك في الأيام الأخيرة، مما تسبب في بعض الأحيان باندلاع حرائق.
وقال حمود إنه وزوجته نقلا إلى مستشفى في بلدة ميس الجبل القريبة عقب الهجوم في 28 كانون الثاني/يناير، حيث تلقيا العلاج وأعطيا الأكسجين.
وأفاد مصدر من مستشفى ميس الجبل وكالة فرانس برس بأنّ مؤسسته استقبلت يوم 28 كانون الثاني/يناير أربعة مدنيين، بينهم امرأتان، نقلوا إلى العناية الفائقة نتيجة لتعرضهم "للاختناق وضيق تنفس شديد من الفوسفور الأبيض". ومن بين المصابين، رجل في السبعينات من عمره وامرأة في الستينات.
وسجّلت من جهتها وزارة الصحة اللبنانية في جداولها 173 شخصاً كمصابين بتعرض "كيميائي...ناتج عن الفوسفور الأبيض"، بدون أن تحدّد ما إن كانوا مدنيين أو مقاتلين.
وقال أطباء من ثلاثة مستشفيات إضافية في جنوب لبنان لوكالة فرانس برس إن مؤسساتهم عالجت مصابين بأعراض تنفسية ناجمة عن التعرض للفوسفور الأبيض.
وأكّد محقق الأسلحة في فريق الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية براين كاستنر لوكالة فرانس برس أن "استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة يمكن أن يصنّف كهجمات عشوائية، وهو ما يعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي".
وأضاف "إذا أصيب أو قُتل مدنيون، قد يشكّل ذلك جريمة حرب".
ورصد عناصر من قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أيضًا الفوسفور الأبيض داخل مقراتهم، وفق ما قال مسؤول في الأمم المتحدة لوكالة فرانس برس، طالباً عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول التحدث إلى وسائل الإعلام.
مخاوف بيئية وزراعية
ومنذ بدء التصعيد بين حزب الله واسرائيل، قُتل أكثر من 450 شخصاً في لبنان، بينهم 88 مدنياً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات حزب الله ومصادر رسمية لبنانية.
وأعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 14 عسكريا و11 مدنيا.
كانت منظمة العفو الدولية قالت في وقت سابق في 2023 إن "الجيش الإسرائيلي أطلق قذائف مدفعية تحتوي على الفوسفور الأبيض" خلال قصف على "طول حدود لبنان الجنوبية" بين 10 و16 تشرين الأول/أكتوبر.
وطالبت المنظمة "بالتحقيق في هجوم على بلدة الضهيرة في 16 تشرين الأول/أكتوبر باعتباره جريمة حرب، لأنه لم يميّز بين المدنيين والعسكريين، وأدى إلى إصابة ما لا يقل عن تسعة مدنيين".
وأعرب البيت الأبيض في كانون الأول/ديسمبر عن قلقه إزاء تقارير تفيد باستخدام اسرائيل لفوسفور أبيض زوّدتها به الولايات المتحدة، بهجماتٍ في لبنان.
في تشرين الأول/أكتوبر، قدّم لبنان شكوى بحقّ اسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي على خلفية استخدامها للفوسفور الأبيض "أثناء عملياتها العسكرية داخل الحدود اللبنانية" بما "يعرض للخطر حياة عدد كبير من المدنيين الأبرياء، ويؤدي إلى تدهور بيئي واسع النطاق خاصة مع الممارسات الاسرائيلية القائمة على حرق الأحراج والغابات اللبنانية".
وأثار استخدام الفوسفور الأبيض القلق بين المزارعين في جنوب لبنان الذين شاهدوا أراضيهم تحترق، فيما يخشى آخرون من تلوث في التربة والمحاصيل.
وتلفت الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان تمارا الزين إلى أن هناك القليل من المعلومات حول كيفية تأثير الفوسفور الأبيض على التربة.
ويعتزم المجلس أخذ عينات واسعة لتقييم أي تلوّث محتمل للتربة، لكن، وفق الزين، فهم "بانتظار وقف إطلاق النار لإرسال الفريق، لنقوم بهذا التقييم".
وقال المدير المعاون لمركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت أنطوان كلاب في بيروت إن "النقص في البيانات" يتسبب بحالة ذعر، وأن بعض المزارعين كانوا "يهرعون لإجراء فحص للعينات".
وأضاف أنه "من المهم أن نقوم بأخذ العينات في أسرع وقت ممكن" لفهم ما إذا كان قصف الفوسفور الأبيض يشكل "خطراً عاماً على الصحة العامة، والأمن الغذائي، والنظام البيئي نفسه".
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: تشرین الأول أکتوبر لوکالة فرانس برس الفوسفور الأبیض فی جنوب لبنان فی لبنان
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض: بايدن وماكرون ناقشا تأمين اتفاق لوقف النار في لبنان
ناقش الرئيس الأمريكي جون بايدن، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، في مكالمة هاتفية كيفية ضمان تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان يسمح لسكان جانبي الخط الأزرق بالعودة إلى منازلهم.
وقال البيت الأبيض في بيان قصير إن "الرئيسيين فحصا موضوعات عالمية وثنائية".
وأورد بيان أن الرئيسين "عرضا تطور الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط، وخصوصاً الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان، يتيح للسكان على جانبي الخط الأزرق (بين لبنان وإسرائيل) العودة الى منازلهم بكل أمان".
En direct - Guerre au Proche-Orient : Joe Biden et Emmanuel Macron ont discuté des efforts en vue d'un cessez-le-feu au Liban https://t.co/kJKW98d9Sl
— CNEWS (@CNEWS) November 22, 2024وقال البيان: "ناقشا أحداث أوكرانيا والشرق الأوسط لتوحيد الجهود لتحقيق وقف إطلاق نار في أوكرانيا والسماح لسكان جانبي الخط الأزرق بالعودة بشكل آمن إلى بيوتهم".
كما بحث الرئيس الأمريكي مع نظيره الفرنسي الصراع في أوكرانيا.
وتعهد بايدن وماكرون أيضاً بـ"البقاء في حالة تشاور وثيق مباشرة عن طريق فريقيهما المعنيين بالأمن القومي".
ولم يذكر البيان مزيداً من التفاصيل.
Today I spoke with President Macron of France on a number of global and bilateral matters — ranging from developments in Ukraine to our work to secure a ceasefire deal in Lebanon that will allow residents to return home. pic.twitter.com/PZydZHZQLQ
— President Biden (@POTUS) November 22, 2024وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد نقلت الجمعة، عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين وآخرين من دول المنطقة قولهم إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني بدأت تتشكل.
وكشفت الصحيفة أن الاتفاق المطروح يتضمن الدعوة لهدنة 60 يوماً تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وينسحب مقاتلو "حزب الله" إلى شمال نهر الليطاني.