سودانايل:
2024-09-30@11:19:33 GMT

على حافة الغابة البدائية: الحلقة (16)

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

على حافة الغابة البدائية: الحلقة (16)
تجارب وملاحظات طبيب الماني في أفريقيا الإستوائية
كتبها: آلبرت شفايتزر
نقلها من الإنجليزية د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الأزهري – السودان

• ديباجة
تعرفنا على كثير من الجوانب المظلمة في الحقبة التي تكالب فيها الإستعمار الأوربي على أفريقيا. وقد توالت الأحداث الجسام من تهجير وقهر وقتل، دأب المستعمر الأبيض على ممارستها، ليفرض سيطرته على إنسان أفريقيا ومقدراته وموارده التي نهبت - ردحاً من الزمن - ليعمّر بها العالم الأوربي، بينما يرزح الأفريقي صاحب كل ذاك الخير في فقر لا يدانيه فقر.

ومازالت أفريقيا تعاني من استنزاف مواردها بطرق شتى، وما زال بنوها يعانون من الأمرّين: استغلال المستعمر المباشر وتغول بعض أبنائها المتسلطين على إهانة شعوبهم وسرقة مقدراتهم – بواسطة حفنة من الحكام الفاسدين. لقد خرج الاستعمار من الباب الأمامي ليتسلل مرة أخرى من الباب الخلفي.
كانت سيرة الاستعمار طوال وجوده في أفريقيا، ليست بالسيرة العطرة، غير أنه قد تخللت هذه السيرة غير المحبوبة، بعض الفضاءات المضيئة من أفراد بيض، آثروا أن يغلّبوا الجانب الانساني في علاقتهم بالانسان الأسود، بطرق عديدة، كالخدمات الطبية التي قدمها الطبيب والفيلسوف الألماني (آلبرت شيفايتزر) وزوجه، للانسان الأفريقي في الجابون الحالية، إذ قاموا ببناء مستشفى لخدمة السكان المحليين، هذا المجهود أهّله للترشيح والفوز بجائزة (نوبل) تقديراً لهذا العمل الإنساني الكبير.

هذه الصفحات هي ترجمة لمذكراته التي صدرت في كتاب باسم:
(On the Edge of the Primeval Forest)

**********************************

عادة ما تأخذ المسافة البالغة مئتا ميل (350 كيلومتراً) من لامبارين إلى رأس لوبيز في مثل هذا الطوف من أخشاب الأوكومي والماهوغاني أربعة عشر يوماً. ويقل معدل التقدم السريع إلى حد ما عند النهاية، لأن من على بعد حوالي خمسين ميلًا من فم النهر تبدأ تدفقات المد والجزر في التأثير على النهر. ولهذا السبب، لا يمكن شرب ماء النهر بعد الآن، ونظراً لعدم وجود ينابيع قريبة، يعبء القارب المروط بالطوف في الوقت المناسب بالمياه العذبة. ومن الآن فصاعداً، لا يمكن التقدم إلا مع جريان المد، وعندما يبدأ جريان الطفح الشلالي، يتم ربط الطوف بالضفة بحبل أسود بسمك يعادل ذراع الإنسان، حتى لا يتم سحبه مرة أخرى بعكس اتجاه التيار.

*****************************************

· [ملاحظة جانبية: في خليج رأس لوبيز

الخطوة التالية هي إدخال الطوف في تيار جانبي ضيق ومتعرج يبلغ طوله حوالي عشرين ميلًا، يصب في البحر عبر الساحل الجنوبي لخليج رأس لوبيز. فإذا انجرف الطوف إلى أي من الفروع الأخرى التي تخرج من منتصف الخليج، فإنه سيفقد، لأن التيار القوي للأنهار، يتم سده بواسطة المد، الذي يتدفق بسرعة خمسة أميال في الساعة، وسيحمل الطوف مباشرةً إلى البحر. ومع ذلك، ومن خلال الفرع الجنوبي، يخرج الطوف إلى قطعة من الماء الضحل تمتد على طول الساحل، ويمكن دفعه باستخدام عصي طويلة إلى رأس لوبيز. وهنا مرة أخرى، إذا ابتعد الطوف ببضعة ياردات كثيرة عن الشاطئ بحيث لا يمكن لعصي الدفع ملامسة القاع، فإنه لن يعد من الممكن توجيهه وسيتم جره إلى البحر.

وفي هذه الأميال العشرة الأخيرة، غالباً ما تنشب معركة شديدة بين الطاقم وعناصر الطبيعة الأخرى. فإذا اشتد نسيم البر، فلا شيء يمكن فعله. وإذا لوحظ موقع الطوف في رأس لوبيز، فانهم سيحاولون إرسال قارب إليه مع مرساة وكابل، وقد ينقذونه إذا لم تكن الأمواج قوية بما يكفي لتحطيمه. ولكن إذا حدث ذلك، فإن هناك شيئاً واحداً فقط يجب على الطاقم القيام به، إذا لم يكونوا يرغبون في أن يفقدوا هم انفسهم أيضاً، وهو ترك الطوف، ويركبون القارب - وفي اللحظة المناسبة. لأنه بمجرد خروجه إلى فم الخليج، لا يمكن لقارب صغير أن يعود إلى رأس لوبيز ضد جريان المد والتيار النهري الدوري. فالسفن المسطحة التي لا تحتوي على أعمدة توجيه والتي تستخدم في النهر غير مفيدة في مواجهة الأمواج.

وبهذه الطريقة فقد أكثر من طوف واحد، واختفى أكثر من طاقم واحد في الأمواج. لقد وجد أحد مرضاي البيض نفسه ذات مرة على إحدى هذه الطوافات سيئة الحظ، فقد تم دفعهم إلى البحر بعد الغروب بواسطة نسيم من الدرجة التي تعتبر مفاجئة تماماً، وكانت قوة الأمواج تجعل من المحال التفكير في الهروب في قارب الكانو. وقد بدأ الطوف يتفكك عندما جاء قارب طويل مزود بمحرك للإنقاذ عندما لاحظ شخص كان حينها على الشاطئ الفانوس الذي كان يلوّح به الرجال اليائسون لطلب النجدة . تم إرسال قارب بخاري لانقاذهم، كان من حسن الحظ مشتغلاً،وسعى في ملاحقة نقطة الضوء المتحرك.
عندما يصل الطوف بسلام إلى رأس لوبيز، يتم تفكيكه إلى أجزاء وتذهب الكتل الخشبية إلى "الرصيف". في الجزء الأكثر حماية في الخليج، تربط صفين من كتل الأشجار معاً لتشكيل سلسلة مزدوجة. يتم ذلك عن طريق ضرب مسامير حديدية في الكتل الخشبية تنتهي في حلقات من خلالها تمر أسلاك حديدية قوية. تقوم هذه السلسلة المزدوجة من الكتل الخشبية بمنع المياه الهادئة من حركة البحر، وخلف هذا "الحاجز"، أو الطوف، تطفو الكتل الخشبية بقدر المكان المتاح.

يتم ربط الكتل الخشبية معاً بأسلاك حديدية أخرى تمر من خلال حلقات حديدية،ويقوم حارس كل ساعتين أو ثلاث ساعات بالدورة لرؤية ما إذا كان الطوف بحالة جيدة، وما إذا كانت الحلقات لا تزال متماسكة، وما إذا كان التآكل المستمر في الحلقات والانحناء المتكرر مع حركة الماء قد جعل الأسلاك الحديدية متآكلة وغير آمنة. ولكن غالباً ما تكون أقصى درجات التدبير والرعاية عديمة الفائدة، إذ ربما ينقطع حبل من الطوف خلال الليل دون أن يلاحظه أحد، وعندما يأتي صاحب الاخشاب في الصباح لفحصها، فإنها تكون قد انطلقت إلى عرض البحر، ولن تعود أبدًا.

قبل بضعة أشهر، فقدت شركة إنجليزية بهذه الطريقة، في ليلة واحدة، أخشاباً تُقدر قيمتها بحوالي 1600 جنيه إسترليني (40،000 فرنك). ولكن إذا حدث إعصار، فلا يمكن السيطرة على أي شيء. إذ تتحرك الجذوع الضخمة في الرصيف كما لو كانت دلافين سحرية، وأخيراً تقفز بأناقة فوق الطوف إلى الماء الحر في تلك المساحات المترامية الأطراف.

***********************************

· ملاحظة جانبية: التحميل. الأنواع الرئيسية للخشب

وبالتالي، فكل يوم يمر على وجود الطوف في الخليج يجلب مخاطر إضافية، وبحذر يُنتظر السفينة التي ستأخذ الأخشاب بعيدًا. وما أن تصل السفينة حتى تجر القوارب الطوف تلو الأخر إلى جانبها في البر، حيث يتم تحضير تلك الأخشاب التي سيتم شحنها أولاً بتمرير أسلاك حديدية من خلال خط من الحلقات في كل طرف. يقف السود على الطوف المتقلب، ويخرجون الحلقتين من الجذع الذي سيتم شحنه بعد ذلك، بحيث تطفو بحرية من الطوف، وبعد ذلك يضعون حولها السلسلة التي سيتم رفعها بها على متن السفينة. يحتاج هذا العمل إلى قدر هائل من المهارات، لأنه إذا حدث ان وقع عامل في الماء من على سطح الجذع المبلل الزلق المتدحرج، فمن المحتمل أن تتلف أرجله بين ثلاثة أو أثنين من هذه الكتل المتوازنة من الخشب التي تتلاطم باستمرار بعضها ببعض.

يمكنني من الشرفة بواسطة المنظار، مشاهدة بعض السود يقومون بهذا العمل، الذي يصعب عليهم القيام به بسبب النسيم الرائع الذي أستمتع به الآن، وأعلم أنه إذا جاء إعصار، أو حتى نسيم قوي جداً، فإن الأطواف التي تتمدد على جانب السفينة ستضيع بالتأكيد.

إن الخسائر في الأخشاب - في المسافة بين الأماكن التي يتم قطعها فيها ونجاح رفعها على متن السفينة - هائلة، وتعد البحيرات القريبة من مصب نهر أوجوي مقابر حقيقية للأخشاب. فمئات ومئات من جذوع الأشجار العملاقة تبرز من الوحل هناك، والغالبية منها هي أشجار لم تنقل في الوقت المناسب و تترك هناك لتتعفن، حتى إذا جاء فيضان أكبر من المعتاد سيعيدها مرة أخرى إلى النهر. وعندما تصل إلى الخليج، ستحملها الرياح والمد والجزر إلى البحيرات، حيث لن تخرج أبداً. في هذه اللحظة بالذات، أستطيع أن احسب، بمساعدة المنظار، حوالي أربعين جذعاً تتأرجح في الخليج، لتظل لعبة في يد المد والجزر والرياح حتى تجد قبراً إما في البحيرات أو في المحيط.

وبمجرد أن يتم تسليم الطوف بأمان، يسرع الطاقم للعودة إلى النهر، إما في زورقهم أو في باخرة، لكي لا يتضوروا جوعاً في كيب لوبيز، حيث تأتي جميع المؤن الطازجة الى المدينة المينائية من الداخل من على بعد حوالي 125 ميلًا من النهر، نظراً لأن لا شيء من هذا القبيل يمكن زراعته في رمال الساحل أو مستنقعات مصب النهر. وعندما يعودون إلى منازلهم، ويتم دفع مستحقاتهم من قبل مشتري الأخشاب، يشترون كميات من التبغ والبراندي وجميع أنواع البضائع من متجره. ثم يعودون إلى قراهم كرجال أغنياء وفقاً للمفاهيم المحلية، ولكن في غضون أسابيع قليلة، أو حتى في وقت أقل من ذلك تكون كل الأموال قد تبددت من أيديهم، ثم يبدأون بالبحث عن مكان جديد لبدء عملهم الشاق مرة أخرى.
تزداد صادرات الأخشاب من كيب لوبيز باضطراد؛ تبلغ في الوقت الحالي (1914) حوالي 150,000 طن سنوياً. الأنواع الرئيسية المتداولة هي الماهوغاني، الذي يسميه السكان المحليون "أومبيغا"، والأوكومي (Aucoumea klaineana)، المعروف باسم الماهوغاني الكاذب. والنوع الأخير أكثر ليونة من الماهوغاني الحقيقي، ويستخدم غالباً في صنع صناديق السيجار، ولكنه يستخدم أيضاً في صناعة الأثاث، وله مستقبل واعد. والعديد من أنواعه أجمل تقريباً من الماهوغاني الحقيقي.

إذا تُركت الأخشاب في الماء لفترة طويلة، فإنها تتعرض لهجوم من الرخويات المثقبة، وهي teredo navalis (بالفرنسية taret). هذه المخلوقات الدودية الصغيرة،في الواقع نوع من بلح البحر، تأكل الخشب لتشق طريقها مباشرة إلى مركز الجذع. لهذا السبب، يجب ان تقلب الأخشاب التي تنتظر السفينة وقتاً طويلًا على الشاطئ من آن لآخر، ويتم استغلال هذه الفرصة عادةً لقطع خشب النسغ ( الطبقة الخارجية من الجذع) بحيث يصبح الجذع عارضة مربعة.

ولكن بالإضافة إلى الأوكومي والماهوجني، هناك العديد من أنواع الأخشاب القيمة الأخرى في نهر أوجوي. سأذكر منها خشب الورد (ekewasengo أو bois de rose) وخشب المرجان (bois de corail)، وكلاهما ذو لون أحمر جميل، وخشب الحديد، الذي هو صلب لدرجة أن هناك تروساً تُستخدم في المنشرة في نغومو مصنوعة منه. كما ينمو هنا أيضاً نوع من الخشب الذي يبدو عند صقله، مثل حرير الmoiré الأبيض.
ومع ذلك، فإن أفضل أنواع الأخشاب لا تُصدَّر لأنها لم تُعرف بعد في الأسواق الأوروبية، وبالتالي ليست مطلوبة. وعندما تُعرف هذه الأخشاب وتصبح مرغوبة، ستصبح تجارة الأخشاب في أوجوي أكثر أهمية مما هي عليه اليوم.

يعتبر السيد هاوج، أحد المبشرين في نغومو، أفضل خبير في الأخشاب في أوجوي، ولديه مجموعة قيمة من عينات كل نوع منها. لم أتمكن في البداية من فهم سبب اهتمام الجميع هنا، حتى الأشخاص الذين ليس لهم علاقة بتجارة الأخشاب، بأنواع الخشب المختلفة. ومع مرور الوقت، وبفضل التفاعل المستمر مع تجار الأخشاب، صرت أنا نفسي، كما تقول زوجتي، مهووساً بالأخشاب.

aahmedgumaa@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مرة أخرى من خلال لا یمکن

إقرأ أيضاً:

المجاعة تنهش السودان.. الملايين على حافة الموت والمساعدات الدولية متعثرة

يعاني أكثر من نصف سكان السودان الذي يبلغ تعداده 50 مليون نسمة من الجوع الشديد، وتشير التقديرات إلى أن المئات يموتون من الجوع والأمراض المرتبطة به كل يوم.

ولا تصل المساعدات الدولية المنقذة للحياة، مثل زيت الطهي والملح والحبوب والعدس وغير ذلك، إلى ملايين هم في أمس الحاجة إليها. ومن بين هؤلاء راعوس فليج، وهي أم لتسعة أطفال تبلغ من العمر 39 عاما.

وتعيش راعوس في مخيم مترامي الأطراف للنازحين في منطقة بُرام بولاية جنوب كردفان، حيث نزحت فرارا من القتال الذي أشعله اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ومنذ حطت الرحال في المخيم قبل تسعة أشهر، لم تصل مساعدات الأمم المتحدة الغذائية إلا مرة واحدة، في مايو/ أيار.

وقالت إن حصة أسرتها نفدت في غضون عشرة أيام. ويقع المخيم، الذي يقطنه ما يقدر بنحو 50 ألف شخص، في منطقة يديرها متمردون محليون يسيطرون على نحو نصف الولاية. ويقول مسؤولون في مجال الإغاثة إن الجيش السوداني لا يسمح بوصول معظم المساعدات إلى المنطقة لأنه يمنع عبورها من مناطق سيطرته.


لذلك، بعد فجر كل يوم، تقطع راعوس وغيرها من نساء المخيم اللاتي تظهر عليهن علامات الهزال رحلة تستغرق ساعتين إلى أحراش قريبة لجمع أوراق الشجر. وفي إحدى المرات، تناول عدد منهن الأوراق الجافة لسد جوعهن. وعند العودة إلى المخيم، طهت النساء الأوراق مع بذور التمر الهندي لتخفيف مرارة طعمها.

وبالنسبة لراعوس وآلاف أخريات في المخيم، فهذه العصيدة هي الوجبة الأساسية. ولكنها لا تكفي لسد الرمق. ويقول الأطباء في المخيم إن بعضهن مات جوعا. وكانت والدة راعوس واحدة منهن.

وقالت "جئت إلى هنا ولم أجد شيئا أتناوله. هناك أيام لا أعرف فيها ما إذا كنت على قيد الحياة أم ميتة".

وهناك نظام عالمي متطور لمراقبة الجوع في الأماكن المعرضة للخطر ومعالجته. ويتألف هذا النظام من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية غير حكومية والدول الغربية المانحة وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وتوفر هذه الجهات الخبرة الفنية لتحديد مناطق الجوع وتقدم مليارات الدولارات من التمويل كل عام لإطعام المحتاجين.

والسودان مثال صارخ لما يحدث عندما تتعطل المرحلة الأخيرة الحاسمة في هذا النظام المتشابك، وهي تسليم الغذاء إلى الجوعى. ويكشف هذا عن فرضية هشة يقوم عليها النظام وهي أن الحكومات في البلدان التي تعاني من المجاعة سوف ترحب بالمساعدات.

وفي بعض الأحيان، في السودان وأماكن أخرى، تمنع الحكومات والأطراف المتحاربة مقدمي المساعدات الأساسيين، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي وهو الذراع الرئيسية للأمم المتحدة للإغاثة الغذائية، من توصيل الطعام للجوعى. وفي بعض الأحيان تكون هذه المنظمات عاجزة أو خائفة من التحرك ضد هذا المنع.


في آب/ أغسطس، ذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو آلية رائدة لمراقبة الجوع في العالم، أن الحرب في السودان والقيود المفروضة على تسليم المساعدات تسببت في مجاعة في مكان واحد على الأقل، في ولاية شمال دارفور، وأن مناطق أخرى من البلاد قد تعاني من المجاعة.

وأعلن التصنيف في وقت سابق أن تسعة ملايين شخص، أي ما يقرب من خمس سكان السودان، يعيشون في حالة طوارئ غذائية أو أسوأ، وهذا يعني أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ الأرواح.

وكانت هذه هي المرة الرابعة فقط التي يصدر فيها التصنيف تقريرا عن حدوث مجاعة منذ إنشائه قبل 20 عاما. لكن رغم التحذيرات الشديدة التي أطلقها هذا العام، فإن الغالبية العظمى من السودانيين الذين يحتاجون بشدة إلى مساعدات غذائية لا يحصلون عليها.

وهناك عقبة رئيسية تتمثل في أن الجهة الرئيسية للمساعدات، وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، لن توزع المساعدات دون موافقة الحكومة السودانية المدعومة من الجيش، والتي تعترف بها الأمم المتحدة.

وقال كريستوس كريستو رئيس منظمة أطباء بلا حدود، التي تعمل في دارفور، إن أجزاء من السودان أصبحت بلا أي مساعدات إنسانية وإن الأمم المتحدة "في سبات".


ارتفاع عدد الوفيات
في هذه الأثناء يموت الناس. وجد تحليل أجرته رويترز لصور الأقمار الصناعية أن المقابر في دارفور تتوسع بسرعة مع تفشي المجاعة والأمراض المصاحبة لها.

وقال وزير الشؤون الأفريقية البريطاني راي كولينز للبرلمان هذا الشهر إن أكثر من 100 شخص يموتون يوميا بسبب الجوع.

ويجري توزيع المساعدات على نطاق أوسع بكثير في المناطق التي يسيطر عليها الجيش. لكن موظفين في مجال الإغاثة يقولون إن الجيش لا يريد أن تقع المواد الغذائية في يد القوات المعادية في المناطق التي لا يهيمن عليها ويستخدم تكتيكات التجويع ضد المدنيين لزعزعة استقرار هذه المناطق.

وتمنع الحكومة المدعومة من الجيش، والتي تتخذ من بورتسودان مقرا لها، تسليم المساعدات من خلال رفض أو تأخير تصاريح السفر والموافقات، مما يجعل من الصعب الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها طرف مناوئ.

وفي محاضر اجتماعات داخلية اطلعت عليها رويترز، ذكر منسقو لوجستيات تابعون للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية على مدى أربعة أشهر متتالية من مايو أيار إلى أغسطس آب، أن السلطات السودانية ترفض إصدار تصاريح سفر لقوافل المساعدات إلى أماكن في جنوب كردفان ودارفور.

وقال عشرات من موظفي الإغاثة لرويترز إن تردد الأمم المتحدة في مواجهة حكومة السودان بشأن حجب المساعدات جعلها أسيرة لقرارات الحكومة.


وقالت ماتيلد فو مديرة المناصرة لدى المجلس النرويجي للاجئين في السودان "الأمم المتحدة مترددة جدا وتنقصها الشجاعة في كشف العرقلة المتعمدة لوصول المساعدات في هذا البلد".

وأشار أربعة مسؤولين في الأمم المتحدة، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إلى أنهم يخشون إذا تحدوا الجيش، أن يتم طرد عمال الإغاثة والوكالات الإنسانية من السودان. ويستشهدون بعام 2009، عندما طرد الرئيس السابق عمر البشير 13 منظمة إغاثة غير حكومية بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وقال إيري كانيكو المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن منظمات الإغاثة "تواجه تحديات خطيرة" في الوصول إلى المحتاجين في السودان. وتشمل هذه التحديات الوضع الأمني الهش وحواجز الطرق والنهب والسلب و"القيود المختلفة التي فرضها طرفا الصراع على حركة الإمدادات الإنسانية والأفراد".

وقال برنامج الأغذية العالمي إنه ساعد 4.9 مليون شخص هذا العام في جميع أنحاء السودان. وهذا يعادل شخصا واحدا فقط من كل خمسة من بين 25 مليون شخص يعانون الجوع الشديد. ولم يذكر البرنامج عدد المرات التي تلقى فيها هؤلاء المساعدات أو مقدار ما حصل عليه كل شخص.

وأظهرت تغطية رويترز أن الطرف الآخر في الصراع، قوات الدعم السريع، تستخدم أيضا الغذاء سلاحا. ويخوض الجانبان، الحليفان سابقا، حربا منذ 17 شهرا للسيطرة على البلاد.

ونهبت قوات الدعم السريع مراكز المساعدات ومنعت وكالات الإغاثة من الوصول إلى المناطق المعرضة لخطر المجاعة، ومنها مخيمات النازحين في دارفور ومناطق في ولاية جنوب كردفان. كما نفذت قوات الدعم حملة تطهير عرقي بحق قبيلة المساليت في دارفور، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من ديارهم وخلق ظروفا أدت إلى مجاعة.


كسر الجمود
يدعو البعض في الأمم المتحدة واشنطن وحلفاءها إلى بذل مزيد من الجهود لكسر الجمود. ومن بين هؤلاء جاستن برادي، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان. ويقول إنه يتعين على الدول المانحة الرئيسية، وفي المقام الأول الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، التواصل مباشرة مع الحكومة السودانية في بورتسودان. وبعد استيلاء الجيش على السلطة في انقلاب عام 2021، قطعت الولايات المتحدة المساعدات الاقتصادية عن السودان. ويتم توجيه التمويل الغربي للمساعدات الغذائية من خلال الأمم المتحدة بالأساس.

وقال برادي "الحكومات المانحة هي التي تملك أوراق ضغط... تُركنا بمفردنا" لنتعامل مع السلطات السودانية.

وذكر توم بيرييلو المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان أن الجيش وقوات الدعم السريع يتحملان مسؤولية أزمة الغذاء في البلاد. وأضاف لرويترز "هذه المجاعة لم تحدث بسبب كارثة طبيعية أو جفاف... سببها رجال، وهم نفس الرجال الذين يمكنهم اختيار إنهاء هذه الحرب وضمان الوصول دون عوائق إلى كل ركن في السودان".


ولم ترد الحكومة السودانية المدعومة من الجيش وقوات الدعم السريع على أسئلة تتعلق بهذا التقرير. وتبادل الطرفان المتحاربان الاتهامات بالمسؤولية عن تأخير تسليم المساعدات. وقال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) هذا الأسبوع إنهما ملتزمان بتسهيل تدفق المساعدات.

وقد يأتي عائق آخر من داخل برنامج الأغذية العالمي نفسه. فقد هزت البرنامج مزاعم فساد تشوب عملياته بالسودان، وهو ما يخشى مسؤولون في مجال الإغاثة ودبلوماسيون من أن يؤثر على تدفقات المساعدات. وكشفت رويترز في أواخر أغسطس آب أن البرنامج يحقق مع اثنين من كبار مسؤوليه في السودان في مزاعم بالاحتيال وإخفاء معلومات عن المانحين حول دور الجيش في عرقلة المساعدات.

كما تأتي الفوضى في السودان في وقت يواجه فيه نظام مكافحة المجاعة العالمي أحد أصعب اختباراته منذ سنوات. وتشير تقديرات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن 168 مليون شخص في 42 دولة يعانون من أزمة غذائية أو أسوأ، وهذا يعني أنهم يعيشون في مناطق حيث يعاني ما بين 10 بالمئة وأكثر من 30 بالمئة من السكان من سوء التغذية الحاد. ومثل السودان، هناك كثير من المناطق التي تعاني من أسوأ درجات الجوع وهي أيضا مناطق صراع، ومنها ميانمار وأفغانستان وجنوب السودان وهايتي ونيجيريا وغزة. والحرب تزيد من صعوبة تدخل المجتمع الدولي.

وزار فريق من رويترز في يونيو حزيران ويوليو تموز أجزاء من ولاية جنوب كردفان التي تديرها الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، وهي جماعة متمردة تقاتل الجيش منذ سنوات. وسافر الصحفيون إلى المدن ومخيمات النازحين التي لم يتلق كثير منها مساعدات غذائية منذ أشهر. ووسعت الحركة الشعبية كثيرا مساحة الأراضي التي تسيطر عليها في جنوب كردفان منذ بداية الحرب.

وتحدثت رويترز أيضا مع أكثر من 30 من مسؤولي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة والدبلوماسيين والعاملين في المنظمات غير الحكومية، وبعضهم في ولاية جنوب كردفان، واطلعت على السجلات الطبية لعشرات الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم بسوء التغذية الحاد في الولاية.


"قتلها الجوع"
قبل الحرب، بلغ عدد سكان جنوب كردفان نحو مليوني نسمة. وتزايدت الحاجة إلى المساعدات الخارجية مع تدفق نحو 700 ألف نازح إلى المخيمات والمدن في مناطق خاضعة لسيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال منذ اندلاع الحرب.

وكانت مخزونات الغذاء في الولاية منخفضة بالفعل قبل الحرب. والجراد الذي التهم المحاصيل فاقم مشكلة ضعف الحصاد عام 2023. وزادت الحرب وتدفق اللاجئين الأمور سوءا.

وفي المناطق التي زارتها رويترز، كان الجوع والمرض في كل مكان. وفي مخيم بمحلية أم دورين في ولاية جنوب كردفان يقطنه نحو 50 ألف شخص، كان الأطفال يموتون من سوء التغذية والإسهال على مدى العام الماضي، حسبما قال عبد العزيز عثمان وهو زعيم محلي بالمنطقة.

ويرى العاملون في مجال التغذية في مركز علاجي بالمخيم 50 حالة شهريا من الأطفال والأمهات الذين يعانون من سوء التغذية. وقبل الحرب، كان الفريق الطبي يعالج ما بين خمس إلى عشر حالات من سوء التغذية شهريا في المنطقة بأكملها.


وفي مخيم في بلدة بُرام، وقف أطفال صغار، ببطون منتفخة وأذرع نحيلة، خارج أكواخ مصنوعة من العصي والبلاستيك والأقمشة نهبا للمطر والأفاعى والعقارب.

ووصلت راعوس فليج، المرأة التي تصنع العصيدة من أوراق الشجر، إلى المخيم قادمة من كادقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، في ديسمبر كانون الأول مع والدتها وستة من أطفالها. وتركت وراءها ثلاثة من أطفالها مع زوجها، وهو جندي في الجيش السوداني. وقطعوا رحلة خطيرة سيرا على الأقدام عبر جبال النوبة، وهي منطقة تقطنها مجموعة مختلطة من الجماعات العرقية.

وتنتمي راعوس إلى قبائل النوبة التي تشكل قاعدة الدعم الرئيسية للحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال. وتقول راعوس التي نشأت في كادقلي إنها شهدت قصفا جويا متكررا من القوات الحكومية.

ففي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حين كانت فتة صغيرة، ألقت طائرات مقاتلة براميل متفجرة على منزلها. وتوفي سبعة من أفراد عائلتها، منهم والدها وشقيقان. وتتذكر أنها دُفنت تحت الأنقاض. ونجت والدتها.

وقالت وهي تحمل زجاجة بلاستيكية مملوءة بالماء وتسكبها على الأرض "الدم بيسيل زي ده".

بعد 13 عاما، قُتل أقارب زوجها وشقيقان آخران في غارة جوية أخرى شنتها القوات الحكومية. وتوفي شقيق ثالث في المستشفى بعد أن فقد اثنين من أطرافه في الهجوم. ومرة أخرى، نجت هي ووالدتها.

وبعد وصولهم إلى بُرام، شعرت الأم بالضعف يدب في أوصالها. ولم تجد ما تقتات به، فأعطتها راعوس بعض الماء مع البذور لتشربه. لكن ذلك أصابها بإسهال. وقالت راعوس إن الأطباء في عيادة قريبة قالوا إن والدتها تعاني من الجفاف والجوع.

في مساء الخامس من يناير كانون الثاني، تحسست راعوس صدر والدتها للتأكد من أنها ما زالت تتنفس. لكنها كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة. وبعد أن نجت من أكثر من ضربة جوية على مدى سنوات، "قتلها الجوع"، على حد قول راعوس.


منع الوصول
تواجه منظمات الأمم المتحدة عقبات كؤود في عملها بجنوب كردفان. وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إنها لا تقوم بأي عمليات في مناطق الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال.

ويقول مسؤولو مساعدات في الأمم المتحدة إن من الصعب توصيل المساعدات الغذائية والطبية إلى مناطق الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال في الولاية. وقال برنامج الأغذية العالمي إن نحو 135 ألف شخص في هذه المناطق تلقوا مساعدات حتى الآن هذا العام. ووصف البرنامج هذه المساعدات بأنها "حصة تكفي ثلاثة أشهر". وقالت وحدة مراقبة الأمن الغذائي، وهي منظمة غير حكومية تعمل في المنطقة، إن نحو 1.3 مليون في المنطقة يعانون من الجوع الشديد.

ودعا جمعة إدريس، المدير الإقليمي لذراع المساعدات الإنسانية في الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، الأمم المتحدة إلى كسر الحصار الذي يفرضه الجيش. وقال إدريس "الحكومة تستخدم الغذاء سلاح حرب... ويجب على وكالات الأمم المتحدة ألا تسمح بهذا. الناس يتضورون جوعا".


وفي عاصمة الولاية، كادقلي التي كانت تعيش فيها راعوس، هناك تعقيدات إضافية تتمثل في الاضطرار إلى التعامل مع ثلاثة أطراف متحاربة. يسيطر كل طرف على قسم مختلف من الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى المدينة. لكن قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها أغلقت الطريق إلى حد كبير، وفقا لمسؤولين كبيرين في الأمم المتحدة.

ومع تناقص الإمدادات في المدينة، أصبحت المواد الغذائية القليلة المتاحة للبيع، وهي أساسيات مثل زيت الطهي والذرة، باهظة الثمن ولا يستطيع السكان شراءها، وفقا لعدد من السكان الذين فروا من المدينة. واضطر التجار إلى دفع أتاوات لقطاع الطرق لنقل المنتجات إلى كادقلي، وهذا أدى إلى ارتفاع الأسعار. والمال شحيح، ولا عمل، والحرب دمرت النظام المصرفي في السودان.

ويقول بعض سكان كادقلي إن الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال هي المسؤولة أيضا عن شح الغذاء. ويواجه التجار الذين يحاولون الوصول إلى المدينة صعوبة في المرور عبر حواجز الطرق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال. وتقول الحركة إنها سيطرت على جزء من الطريق لحماية أهل النوبة من الجيش وقوات الدعم السريع.

ويُظهِر سجل شحنات أصدره برنامج الأغذية العالمي أن آخر مرة وصلت فيها مساعدات غذائية إلى كادقلي كانت في أكتوبر تشرين الأول 2023. وفي يونيو حزيران من هذا العام، حاولت الأمم المتحدة مرة أخرى إرسال قافلة إلى المدينة. لكنها عادت أدراجها في غمرة القتال.

وقال برادي، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان "كان الوضع محفوفا بالمخاطر، وكان من الممكن أن نفقد معداتنا وربما بعض الموظفين... سحبنا البعثة إلى بورتسودان. إنه وضع محبط جدا لنا".

ومواجهة الحكومة بشأن عرقلتها للمساعدات الغذائية قد تنطوي على مخاطر.


في العام الماضي، أعلن البرهان أن فولكر بيرتس، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان، شخص غير مرغوب فيه في البلاد. واتهم البرهان بيرتس بالتحيز، دون تقديم أدلة. واستقال بيرتس من منصبه لاحقا.

وقال بيرتس لرويترز إن السلطات السودانية أزعجها أشارته إليها باعتبارها "طرفا متحاربا" وليس حكومة شرعية. وأضاف بيرتس موضحا سبب استقالته أنه حين يُمنع دبلوماسي من دخول دولة أو "يقول طرف ما إنه لا يريد العمل معك" يصبح من الصعب القيام بالمهمة.

مقالات مشابهة

  • الأمن في العراق: هل نحن على حافة صراع جديد؟
  • غرفة الأخشاب والأثاث: منتدى الأعمال المصري الفرنسي فرصة لتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • غرفة الأخشاب: منتدى الأعمال المصري الفرنسي فرصة لتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • برنامج الأغذية العالمي: لبنان على حافة الانهيار
  • تأجيل العرض الخاص لفيلم Game World
  • حزب الله وإسرائيل.. تصعيد عسكري واغتيالات تعيد المنطقة إلى حافة الحرب
  • لا تراجع عن حافة الهاوية.. ما الخطوة التالية لحزب الله وإسرائيل بعد مقتل حسن نصرالله؟
  • طلبة الطب بطنجة مستاؤون من إجبارهم على قطع أربعة كيلومترات بشكل يومي وسط الغابة
  • حتى مع انباء موته .. نصر الله يضع المنطقة على حافة سيناريوهات خطيرة
  • المجاعة تنهش السودان.. الملايين على حافة الموت والمساعدات الدولية متعثرة