الجزء ٢/١
بقلم د. محمد حمد مفرح
يعد معلم الأجيال الاستاذ محمد رشوان مثالا حيا للمبدع الشامل كونه يعتبر متعدد المواهب، مسكون بالابداع، عاشق للأدب الشعبي، بجانب مهنته كمعلم و مترجم. و ليس أدل على ذلك من سيرته الباذخة التي تشهد على هذا التفرد المتجلي. ذلك انه درس علم الاجتماع في جامعة القاهرة فرع الخرطوم كما حصل على شهادة المهارة في اللغة الانجليزية من جامعة متشجان.
الجدير بالاشارة ان أستاذنا الجليل سبق و ان عمل معلما بليبيا لسنوات.
علاوة على ذلك فقد عمل صحفيا في صحيفة (الرأي العام) و حصل على القيد الصحفي، و اخر وظيفة له بهذه الصحيفة كانت (رئيس قسم الترجمة).
و نظرا لأنه ولد و نشا و ترعرع في دار حمر بكردفان، و تحديداً بمدينة غبيش، فقد كان لهذه المنطقة القدح المعلى في تشكيل وعيه الباكر و صياغة وجدانه و الهامه. و تتجلى بصمات البيئة بينة فيه من خلال صور شتى. فكما قال، ذات مرة، انه اذا ذكر البطيخ و الذي تشتهر المنطقة بانتاجه الوفير، فانه يذكر كل المسميات المحلية التي ترتبط به مثل الكرباب و السبلي و التكتك و تبجن الحب و الاب و ام دم و ام دميمرقو و ام ظماطه و ام شوشو و خلافها.
و إذا ما اجتر أحاجي الطفولة فانه، و كما قال، يذكر ( بلبص ضويلا و فرح العويلا .....و بيري "بئري" طويلة و ماها(ماؤها ) مر).
لذا فقد عشق الأدب الشعبي بدار حمر و بالذات الشعر الشعبي الحمري الذي جادت به قرائح عدد مقدر من الشعراء و الشاعرات المحليات هناك، فحفظ الكثير منه في ارشيفه الخاص حتى غدا مرجعا في العديد من ضروبه. فما ان أكمل دراسته الثانوية بمدرسة الخرطوم التجارية حتى كتب، قبل ظهور نتيجة الشهادة، مقالا ضافيا بعنوان ( الفخر و المدح في الادب الشعبي بدار حمر). كان ذلك في العام ١٩٦٢م و سلم المقال بنفسه للاستاذ قيلي احمد عمر رئيس تحرير صحيفة (الثورة)، حيث تم نشره في نصف صفحة.
و من نماذج الشعر الشعبي بدار حمر و التي يحفل بها ارشيف أستاذنا الجليل القصيدة التالية:
يا بعيشيم الحريقة تعال نكروك
بطبق هجليج ونبق عيشة قديم لأبوك
لحقني ضعن تومتي أم حاجبا مشبوكَ
أم ديدا عضي ما عصرا نركوك
يا طاقة الحدربي أم نساجا
ما مفلوت خيطا كروري
و إبرتا عين الحوت
إني يا هنوت يا ميرم البنوت
زولا جالسك ما نضنا
ياكل قوت
يركب في قعوده ومن جماعتا
يفوت
يصايد في خلا لامن يمسكا الموت
و كذلك الابيات الشعرية التالية:
كان وقفت معاهن
كيف المفتش بار
زايدنا رتبتين و التالتة هلال
وكان جلست معاهن
كيف أبو أم كلتوم مع النضار
يبرم في أشنابا و للبزاق تفال
حديثا كان قصر بتما بالفرار
إتا يا ود المدير
و يا بخاري سيد الدار
جيبو للضايفة ٥٥ قلوص
من ألبل الجزار
و ٥٥ سديس من عيال الضان
لأم نفسا زعفران
من مصر البعيدة جايبنا
بالأقدار
و ربع الورقية ريال
البنات كلهن تكاكي
عيل إتي توب بوال
و هناك أيضا نماذج شعرية أخرى مضمنة في ارشيف أستاذنا محمد رشوان، منها، على سبيل المثال لا الحصر:
البرق البسوق عبادي بسمة سنك
أنا جنيت و
أسباب جني طلعت منك
و كذلك؛
من قامت صغيرة
ما كاششت جيرانها
و ما سوت غلط
قالو تب أخوانها
و ايضا:
حشينا الزرع أكلتا البودة
طقينا الهشاب
خدر طلق لعوده
كما كتب أستاذنا الشعر معبرا من خلاله عن العديد من المواقف و المناسبات و الأحداث التي صادفته في مسيرة حياته و انفعل بها. كيف لا و قد كان لتلك المنطقة الملهمة و عبقرية المكان دورا في رهافة حسه و اتقاد شاعريته التي صقلها بعلمه و تجاربه الثرة. لذا فقد كان للبيئة هناك صدى في أشعاره تمظهر من خلال عدة مناسبات و مواقف و وقائع. و كما يقولون فان الشاعر ابن بيئته، لها انعكاس في نفسه حيث يغترف من معينها ما يتسق مع موضوعات شعره و اغراضه المختلفة.
mohammedhamad11960@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
وزير الري: قضية المياه مسألة أمن قومي ومستقبل الأجيال لتحقيق التنمية المستدامة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد وزير الموارد المائية والري، الدكتور هاني سويلم، أن قضية المياه تعد مسألة أمن قومي، حيث تعتبر المياه هي الحياة وأساسا لمستقبل الأجيال المقبلة لتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف وزير الري في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط على هامش مشاركته في المنتدى الحضري العالمي في نسخته الثانية عشرة التي تستضيفها القاهرة، أن الجميع مسؤول عن الحفاظ على مواردنا المائية، مؤكدًا أن الدولة تبذل جهودا كبيرة في هذا الشأن، حيث يتم العمل على إعادة استخدام المياه، وإطلاق الحملات الرامية للحفاظ على المياه من التلوث وعدم إهدارها.
وتابع، أنه من هذا المنطلق، فقد أطلقت وزارة الموارد المائية والري حملة (على القد) التي تهدف لتوعية المواطنين بتحديات المياه الناتجة عن محدودية الموارد المائية والزيادة السكانية والتغيرات المناخية وترشيد استخدام المياه والحفاظ عليها من التلوث"، منوهًا إلى أن الحملة تشهد مشاركة العديد من الوزارات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني على مستوى الجمهورية.
وقال وزير الموارد المائية والري، إن مصر تمتلك القدرة على تنظيم كافة المؤتمرات والفعاليات الدولية، لافتًا أن هذا المنتدى يأتي عقب استضافة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 27)، حيث تم تنظيم نسخة مختلفة عن سابقاتها بشهادة الجميع، مشددًا على أن الحكومة المصرية تشارك بمختلف قطاعاتها في النسخة الحالية من المنتدى، حيث يتم عرض التجارب المصرية الناجحة في مجال الاستدامة أمام كافة دول العالم المشاركة في الحدث.
وأوضح الوزير، أن من أهم المشروعات التي يتم استعراضها خلال تلك النسخة من المنتدى الحضري العالمي هو (حياة كريمة) التي تقوم الحكومة بمشاركة تجربتها التنموية على كافة دول العالم، منوهًا إلى أن المبادرة قادرة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ورحب سويلم بكافة المشاركين في المنتدى من مختلف دول العالم على أرض مصر، معربا عن استعداد الحكومة المصرية لتشارك كافة خبراتها المعرفية مع دول العالم المختلفة.