سودانايل:
2025-01-26@06:41:47 GMT

معادلات السياسة بين الثورة و الحرب

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
الواقع التاريخي و الاجتماعي للبشرية يقول أن أعلى درجات العنف في المجتمعات هي الحروب و ليست الثورة، و الأخيرة يمكن أن تتحول إلي حرب، و تخلق واقعا مغايرا تماما للذي كان قبل الثورة، في الأجندة و المطالب و حتى في الشعارات، و الحرب مادامت تمثل أعلى درجات العنف في المجتمع لا تتوقف لكي تتحول إلي ثورة، فالذين يعتقدون أن الحرب المستمرة في السودان سوف تتحول إلي ثورة لكي تحقق لهم الشعارات التي يبشرون بها، هذا الاعتقاد يعتبر محاولة لخلق وهم سياسي وسط قلة محدودة، و هذا الاعتقاد لا مكان له وسط الطليعة الاجتماعية التي تملك "الوعي و إدارة الصراع" لأنهم يعلمون أن الحرب سوف ينتج عنها عنصرين مهمين في مسيرة العمل السياسي " العنصر الأول سوف تخلق أجندة جديدة مغايرة تماما للتي كانت سائدة قبل الحرب.

. و الثاني سوف تبرز قيادات جديدة لها دعم اجتماعي تكتسبه من خلال دورها في الحرب" هذه المتغيرات إذا لم تراعيها القوى السياسية لن تستطيع أن تحجز لها مكانا في المسرح السياسي بعد الحرب..
أن المنتصر في الحروب هو الذي سوف يكتب التاريخ بعدها، و هو الذي سوف يضع أجندة مستقبل البلاد، و يكشف عن القوى التي كانت سببا فيها، و هو سوف يصبح صاحب الكلمة العليا بسبب التحولات التي حدثت في المجتمع تأييدا له و حملت معه السلاح، و قاتلت معه كتفا بكتف، و هذا ليس إحباط للناس لكنه الواقع، فأهم عامل في السياسة معرفة المتغيرات في الواقع و دراسته، و يجب معرفة المكنزمات المحركة له، فالسياسي يجب أن لا يقفز على الواقع، و يضع افتراضات من الخيال، بل لابد من تشريح الواقع حتى يعرف كيف يتعامل معه حاضرا و مستقبلا.. هناك بعض القوى السياسة و النخب الذين يبشرون أنهم سوف يسيرون في خط الثورة و عدم الانحراف عنه، هذا التعهد كان يجب أن يكون بعد انتصار الثورة و يجعلونه مشروعهم السياسي، لكن بعد فشل هذه النخبة عن انجاز شعارات الثورة لا تعد وعودهم صالحة لصناعة المستقبل.. هي محاولة لتبرئة الذمة من الذي حدث، و لكنهم على قناعة أن عجلة التاريخ لا تعود للوراء مرة أخرى..
كما ذكرت تكرار في المقالات أن " الشعار" لا يصبح بديلا عن الفكرة، فالأفكار هي التي تغير الواقع، و إذا أحسنت النخب السياسية التعامل معها، و أجادوا إدارتها.. و دائما تجهض الأفكار؛ إذا كانت القيادات التي تتولى تنفيذها ذات قدرات متواضعة، و قليلة التجربة في الإدارة و الخبرة السياسية، و أيضا تعاملت معها بإنتهازية، أي يخاطبون الناس بأنهم يريدون تنفيذها، و هم يخططون لتنفيذ مصالح أخرى أقل منها شأنا.. فإذا كانت النخب السياسية تحترم الشعب يجب عليهم أحترام خياراته.. و الحرب الدائرة الآن فرضتها تناقضات السياسة، و عدم التعامل معها بعقلانية.. خاصة أن الرهان حتى اليوم عند أغلبية القيادات السياسية ليس رهانها على الشعب، و مايزال رهانها على الخارج بأن يصبح لها رافعة للسلطة.. و السؤال هل الخارج سوف يصبح هو القوى التي سوف تشكل توازن القوى في المجتمع؟ إذا كانت هناك إمكانية لفعل ذلك؛ كانت نجحت في فيتنام و أفغانستان و العراق و لم تفر أمريكا تاركة أدواتها تواجه مصيرها في تلك الدول، الشعب وحده هو الذي سوف يشكل توازن القوى في المجتمع، و يضغط لفرض أجندته، و الآن تغيرت المعادلة السياسية، و الذي يريد الثور يجب عليه أن يبدأ التحضير لها لكي تنجح من خلال أجيال جديدة لم تحضر الحرب، و لا سلبيات مرحلة الفترة الانتقالية...
فالواقع السياسي يفرض على النخب السياسية قراءة تاريخ الثورة و الانتفاضة في السودان، و لماذا كان التباعد بينهما دائما و يتم تنفيذها بقيادات جديدة؟ عندما تفشل القيادات السياسية في انجاز شعارات الثورة يصيب الإحباط قيادات الثورة و خاصة الشباب، و يصعب أن تقنعهم أن يثوروا مرة أخرى، و يقدموا ذات التضحيات، و لكي تعود ذات القيادات التي عجزت عن تحقيق الشعارات. لذلك تنتظر المجتمعات حتى تأتي أجيال جديدة لكي تتولى زمام الأمر.. و التاريخ يقول قد حدث التجديد في قيادات ثورة أكتوبر و في انتفاضة إبريل و في ثورة ديسمبر.. و أيضا أنظر إلي الفارق الزمني بين كل واحدة و أخرى بسبب الحاجة لتجديد الأجيال.. فالذين يعتقدون أنهم يريدون إعادة العجلة للوراء لكي يبدأون عندما توقفوا هم يطاردون السراب. لكن يستطيعوا أن يغيروا اجندتهم حتى تتماشى مع متغيرات الواقع، حتى يستطيعوا أن يخلقوا منافذ جديدة للحوار بأجندة جديدة..
أن الحرب هي أعلى مراحل النزاعات في المجتمعات، و هي المناط بها أن تخلق واقعا جديدا مغايرا للذي أدى إلي الحرب، و أن الحرب صنعت تحالفات جديدة في المجتمع، و أجندة و قيادات جديدة، و هؤلاء هم الذين سوف يضعون أجندة الحوار في المجتمع، و ليس هناك قوى تستطيع أن تبعدهم إذا كانت خارجية أو داخلية.. القيادات التي سوف تفرزها الحرب هؤلاء الذين يصنعون السودان الجديد.. أما المجتمع الدولي و الدول الأخرى أن كانت أمريكا و الغرب و بعض دول الإقليم الذين يتدخلون في شأن السودان الداخلي، هؤلاء يريدون الطمأنة على مصالحها حتى يستطيعوا تغيير مواقفهم.. و أقول؛ ليس بعد الحرب ثورة كما يعتقد بعض الذين لا يقرأون التاريخ.. فالذي يفرض شروطه لوقف الحرب على الأخر هو الذي سوف يشكل مستقبل السودان.. نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المجتمع أن الحرب إذا کانت

إقرأ أيضاً:

اللهيبي: سر نجاح تكتل السامرائي يعود لاعتماده السياسة الإنتاجية

بغداد اليوم - بغداد

أكد عضو مجلس محافظة ديالى فادي اللهيبي اليوم السبت (25 كانون الثاني 2025)، أن سر نجاح تكتل السامرائي اعتماده "السياسة الإنتاجية".

وقال اللهيبي في حديث لـ"بغداد اليوم" إن "تحالف العزم تيار وطني يشكل رقماً صعباً في المشهد العراقي، وحقق إنجازاً مهماً في الانتخابات النيابية، وكذلك انتخابات مجالس المحافظات سواء في ديالى أو باقي المحافظات، وبالتالي هناك تفاعل شعبي مع ما يطرحه هذا التحالف برئاسة مثنى السامرائي رئيس تكتل السامرائي".

وأضاف، أن "السامرائي يعتمد سياسة موضوعية مع المشهد العراقي تقترب من هموم ومعاناة المواطنين، وسعيه لإيجاد حلول لها، لذلك طرح مبدأ "المسؤول الميداني"، وهذا ما يحدث حالياً في ديالى وبقية المحافظات من خلال كوننا قريبين من المواطنين وتحقيق ما يطمحون إليه والسعي لحل مشاكلهم في الملفات الخدمية والأمنية وغيرها من الملفات".

وأشار إلى أن "السامرائي نجح في تقديم رؤية سياسية غير تقليدية، بعيداً عن التنظير والنظر بشكل واقعي للمشهد العراقي، من خلال تحديد المشاكل ووضع الحلول لها، وكذلك السعي لرفع الأعباء عن ملف الخدمات والبطالة والفقر من خلال تبني العديد من المبادرات. وبالتالي نحن أمام تكتل سياسي يعتمد الواقعية بدلاً من التنظير، كما يطرح حلولاً عبر ما يراه مناسباً".

وأكد أن "جميع المسؤولين الذين ينتمون لتحالف العزم يُصنفون على أنهم "الميدانيون"، وهذا يعكس سياسة السامرائي وتوجيهاته بضرورة أن يأخذوا زمام الأمور وأن يعملوا عن قرب مع القواعد الشعبية في كل المناطق دون تفرقة، فنحن نتعامل مع الجميع بمساواة ونعمل على تقديم الخدمات قدر الإمكان وفق الصلاحيات المتاحة لدينا".

وكان السامرائي أكد على أن تحالف العزم ملتزم بدعم المناطق المحررة، والعمل على تنفيذ البرامج التي تخدم المواطنين، يأتي ذلك خلال افتتاحه مقر تحالف العزم في مدينة الفلوجة، برفقة عدد من نواب وقيادات التحالف، اليوم السبت (25 كانون الثاني 2025).

وذكر بيان لتحالف العزم تلقته "بغداد اليوم"، انه "وخلال حفل الافتتاح، أعرب السامرائي عن اعتزازه بأبناء الفلوجة، مشيراً إلى أن هذا المقر سيكون محطة لتوحيد الجهود وتقديم الدعم اللازم لأبناء المدينة، بهدف تحقيق تطلعاتهم، مشدداً على "أهمية التواصل المباشر مع أبناء المدينة لإيجاد حلول عملية للمشكلات الخدمية من خلال التواصل مع الجهات الحكومية المختصة".

مقالات مشابهة

  • كانت قاب قوسين أو أدنى من الحرب في ليبيا وفي السودان وفي أثيوبيا.. نشأت الديهي يطالب بمنح الرئيس السيسي جائزة نوبل للسلام
  • اللهيبي: سر نجاح تكتل السامرائي يعود لاعتماده السياسة الإنتاجية
  • فشل استخباراتي كبير.. مشاهد جديدة للسنوار قبل استشهاده تهز الإعلام الإسرائيلي
  • كانت مخبأة في آلة لتدوير الغسيل.. إحباط محاولة تهريب أكثر من 1.48 مليون حبة “كبتاجون” بميناء جدة الإسلامي
  • روسيا تُعلن السيطرة على 9 بلدات أوكرانية جديدة في أسبوع
  • روبيو يبحث مع الناتو أولويات السياسة الخارجية المباشرة لترامب
  • روسيا: الدفاع الجوي تصدى لهجوم بطائرات مسيرة كانت متجهة نحو موسكو
  • وزير الدولة للشؤون الخارجية يلتقي وزير السياسة الزراعية والأغذية الأوكراني
  • ماهي الدلالات السياسية التي تحملها زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان؟
  • حصيلة جديدة لضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة مع استمرار عمليات انتشال الشهداء