أثارت اتهامات وزير العدل لخبراء قضائيين قاموا بتقييم متر واحد في مدينة سيدي بنور، ب200 مليون سنتيم للمتر، جدلا كبيرا وسط هيئة الخبراء وفي قطاع العدالة. فهل فعلا هناك خبرة قدرة كلفة متر واحد في مدينة صغيرة هي سيدي بنور ب200 مليون، وما حقيقة هذه الخبرة وما تفاصيل هذا الملف؟ اليوم24″  حصلت على معطيات توضح حقائق هذا الملف.

الوزير وهبي كان يتحدث في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب،   قبل أسبوع، خلال مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية، حين أثار النقاش حول الخبرة القضائية، منتقدا الطريقة التي تتم بها الخبرة، حيث قدم مثالا بخبير في مدينة سيدي بنور حدد قيمة عقار بـ200 مليون للمتر مربع  وتساءل « هل هناك عقار في سيدي بنور بـ200 مليون للمتر المربع؟ ومضى مستغربا « حتى  في  طوكيو ومانهاتن لا يوجد هذا السعر » بل اتهم الخبراء بالتسبب في اتساخ القضاء، مضيفا  « هناك من يقول إن القضاء متسخ ولكنه متسخ بخبرات متسخة   معتبرا أن عمل الخبراء يطرح إشكالا كبيرا في العملية القضائية ». هذه الاتهامات الثقيلة أثارت استغراب النواب الحاضرين في اللجنة، فهل هناك أرض تصل قيمتها 200 مليون للمتر، أليس في ذلك « مبالغة وتزوير للحقيقة »، يتساءل مصدر « اليوم24 ».

حسب معطيات حصلت عليها « اليوم24″، فإن الملف يتعلق بعقار مساحته حوالي 600 متر كان في ملك شخص في مدينة سيدي بنور. يقع العقار وسط المدينة في موقع تجاري، بين تقاطع شارعي محمد الخامس والجيش الملكي. قام صاحب العقار بتقسيمه إلى 3 قطع، باع اثنين منها، الأول لشخص قصد بناء منزل، والثاني باعه للبنك المغربي للتجارة الخارجية، قصد فتح وكالة بنكية، والقطعة الثالثة احتفظ بها لنفسه. وقع هذا قبل سنوات في حوالي سنة 2000.

قام البنك ببناء مبنى من طابق أرضي وطابق أول (انظر الصورة)، وافتتح وكالة بنكية، وشرع في استغلالها. لكن صاحب الملك الأصلي، الذي احتفظ بعقار مجاور للوكالة البنكية، اشتكى من أن المقاول الذي بنى لفائدة البنك اقتطع 4 أمتار مربعة من رسمه العقاري، وهي مساحة طولها حوالي 10 أمتار  وعرضها 40 سنتيم.

تبدو هذه المساحة صغيرة وغير ذات أهمية، وكان يمكن تسوية وضعيتها حبيا بين الطرفين، لكنها ستتحول إلى معركة قضائية تطلبت خبرات عديدة، وصرف أموال وجلسات استمرت لسنوات وتعاقب على تقييم الأمتار الأربعة المتنازع عليها، فضلا عن الأضرار 7 خبراء قضائيين.. كيف ذلك؟

لجأ صاحب العقار إلى رفع دعوى قضائية ضد البنك المغربي للتجارة الخارجية، للمطالبة بالتعويض، عن الضرر الذي لحقه بسبب استحواذ البنك على 4 أمتار، لكن المحكمة الابتدائية في سيدي بنور رفضت طلبه فلجأ إلى استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف في الجديدة.

وهنا قررت المحكمة تعيين خبير ليقوم أولا، بتحديد المساحة التي استغلها البنك بدون حق، فأنجز الخبير خبرة تفيد بأن المساحة التي تم الاستحواذ عليها هي 4 أمتار. وبعد ذلك  قررت المحكمة تعيين خبير آخر لتحديد قيمة التعويض، فكان رأي الخبير هو أن التعويض المستحق هو 9 ملايين سنتيم مقابل 4 متر مربع، أي على أساس ما يزيد عن 20 ألف درهم للمتر المربع، لكن الملف لم يبت فيه مع استمرار النزاع.

وخلال مسار الدعوى في المحكمة قرر صاحب العقار بناء الأرض التي في ملكيته، فشيد  عليها عمارة  واجهتها زجاجية، (أنظر الصورة)، تتكون من سفلي وخمسة طوابق: أربع طوابق عبارة عن مكاتب معدة للبيع، ولها مصعد خاص، والطابق الخامس عبارة عن مقهى ومطعم، بمصعد خاص أيضا، وحين انتهى صاحب المشروع من البناء، ذهب للحصول على رخصة السكن، فووجه برفض طلبه، بدعوى أن هناك مشكلة في تداخل الرسوم العقارية.

فالرسم الذي تقدم به يتداخل مع الرسم الذي بنى عليه البنك. وهنا قررت المحكمة اللجوء إلى خبير آخر فقدر قيمة التعويض بعد بناء العمارة ب 19 مليون سنتيم.

وحسب مصدر « اليوم24″ فإن هذا الأخير أخذ بعين الاعتبار ليس فقط قيمة العقار إنما الضرر الذي تسبب فيه توقف المشروع لمدة سنتين، بعد بناء العمار، بسبب عدم حصوله على رخصة السكن لتداخل الرسمين العقاريين.

ومع ذلك لم تحسم المحكمة بناء على هذه الخبرة، وبقي الملف  في ردهات المحكمة إلى أن تقرر تعيين خبير آخر قدر حجم التعويض ب160 مليون سنتيم، وذلك بعد مرور 4 سنوات على بناء المشروع المتوقف أخذا بعين الاعتبار الأضرار. لكن المحكمة قدرت بأن التعويض كبير، فقررت تعيين خبيرين محاسبين آخرين، فقررا معا رفض رفض إنجاز الخبرة.

وبعد مرور 8 سنوات على بناء المشروع قررت المحكمة تعيين خبير آخر، حيث أمرته ب »تحديد المساحة المستولى عليها وإمكانية إفراغ الطرف المعتدي أو عدمه،  وتحديد الأضرار التي لحقت بالمتضرر جراء فقدانه المساحة المستولى عليها، وتقييمها تقييما يلائم الأهمية التجارية والاقتصادية لموقع المشروع ». وحسب معطيات « اليوم24″،  فان هذا الخبير الأخير قدر مبلغ التعويض في 460 مليون سنتيم  وجاءت الخبرة بعد مرور 10 سنوات على إنشاء المشروع المتوقف. لكن هذه الخبرة رفضتها المحكمة أيضا لضخامة المبلغ. وحسب معطيات هذا الملف فإن هذا التعويض أخذ بعين الاعتبار الضرر الناتج عن مدة توقف المشروع لحوالي 10 سنوات   إضافة إلى مبلغ 20 ألف درهم للمتر المربع.

لكن المحكمة رفضت أيضا هذه الخبرة لأنها باهضة، وقررت  تعيين 3 خبراء آخرين، ليشتغلو جميعا  في هذا الملف، حيث  وضعوا الخبرة بعد مرور سنتين على الخبرة التي سبقتها، وجاء مبلغ التعويض الإجمالي المقدر أكبر وحدد في ب800 مليون سنتيم، ومن هنا جاء تصريح وزير العدل الذي تحدث عن 200 مليون سنتيم للمتر المربع. وحسب معطيات اليوم24 » فإن المبلغ يتضمن الأضرار الناجمة عن توقف المشروع لسنوات وليس قيمة الأمتار الأربعة فقط.

وبناء على هذه الخبرة الأخيرة،  أصدرت محكمة الاستئناف حكما بتعويض  المتضرر بما قدرته 500 مليون سنتيم،  بناء على سلطتها التقديرية، وذلك بعد تعاقب 7 خبراء على هذا الملف منذ أكثر من 10 سنوات، بسبب خلاف على قطعة بسيطة كان ممكنا تسويتها حبيا.

الحكم الذي حازه صاحب العقار أصبح نهائيا وقطعيا، وربما باشر صاحبه إجراءات التنفيذ ضد البنك المغربي للتجارة الخارجية،  لكن الملف لم ينته هنا فقد لجأ البنك المغربي للتجارة الخارجية لوضع شكاية لدى النيابة العامة ضد الخبراء السبعة ولازالت التحقيقات في هذه القضية الجديدة جارية.

كلمات دلالية سيدي بنور عبد اللطيف وهبي وزير العدل

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: سيدي بنور عبد اللطيف وهبي وزير العدل قررت المحکمة ملیون سنتیم صاحب العقار وزیر العدل تعیین خبیر هذه الخبرة سیدی بنور هذا الملف بعد مرور خبیر آخر فی مدینة

إقرأ أيضاً:

9 اتفاقيات بين مصر وفرنسا بقيمة 262.3 مليون يورو في مجالات عدة| وعمال مصر: خطوات إيجابية وملموسة

بمناسبة الزيارة الرسمية رفيعة المستوى لرئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، إلى مصر، تم توقيع 9 اتفاقيات بين الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) والحكومة المصرية، بحضور الوزراء كامل الوزير، خالد عبد الغفار، رانيا المشاط، بالإضافة إلى عدد من الوزراء الفرنسيين.

 الاتفاقيات الموقعة بين البلدين

وتبلغ قيمة المشروعات التي تم الاتفاق عليها 262.3 مليون يورو، من قروض ومنح، وهي تعكس عمق وتنوع الشراكة الثنائية المنظمة والطويلة الأمد بين مصر وفرنسا، وتتنوع الاتفاقيات والعقود الموقعة بين البلدين، عبر الوكالة الفرنسية للتنمية، لتشمل ثلاثة قطاعات رئيسية ذات أولوية: النقل، المياه والطاقة.

وفي هذا الصدد، يقول  مجدي البدوي، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، إن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي تجسد عمق الروابط التاريخية والاستراتيجية المتينة بين مصر وفرنسا، وتعكس التوافق الكبير في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، مؤكدا على الأهمية القصوى لهذا التقارب المتزايد.

وأضاف البدوي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن العلاقات المصرية الفرنسية شهدت خطوات إيجابية وملموسة خلال الزيارة الأخيرة، مما يعود بالنفع على كلا البلدين، ونوه إلى أن هذا التقارب تجاوز الإطار السياسي ليشمل آفاقا واعدة للشراكة الاقتصادية المثمرة.

وثمن البدوي إعلان الرئيس ماكرون عن دعم فرنسا لأجندة مصر 2030 وتكثيف التعاون المالي لتنفيذ المشروعات الاستراتيجية، وأوضح أن هذا الدعم يعكس ثقة فرنسا في إمكانات مصر وقدرتها على تحقيق التنمية المستدامة، ويؤكد قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة وأن فرنسا تعتبر أول مستثمر أوروبي في مصر خارج قطاعي النفط والغاز. 

سر زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لخان الخليلي في مصر«مسافرون»: جولات ماكرون السياحية داخل مصر تمهد لموسم سياحي غير مسبوق

واختتم: "علاوة على ذلك، فإن دعم فرنسا لحوار مصر مع صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية لتنفيذ الإصلاحات ينم عن فهم عميق للتحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر واستعداد للمساهمة في تجاوزها".

دعم مئات الآلاف من العمال

وفي مجال النقل، تم توقيع اتفاقية لربط الميناء الجاف العاشر من رمضان، حيث سيعمل هذا المشروع على ربط الميناء الجاف والمناطق الصناعية في روبيكي، العاشر من رمضان، وبلبيس بالموانئ البحرية الرئيسية في مصر.

 يهدف المشروع إلى تبسيط الخدمات اللوجستية للتصدير، وتعزيز سلاسل القيمة الصناعية، وتقليل ازدحام الطرق، وتعزيز التحول نحو النقل السككي. يشارك البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في تمويل هذا المشروع، الذي سيدعم النشاط الاقتصادي لمئات الآلاف من العمال في المناطق الصناعية المتصلة.

أما في مجال المياه والصرف الصحي، تم توقيع اتفاقية لتوسيع محطة جبل الأصفر لمعالجة مياه الصرف الصحي، وهو التوسع الذي سيضيف قدرة معالجة تصل إلى مليون متر مكعب في اليوم، مما يساهم في خدمة 5.5 مليون شخص إضافي. 

ويعد جبل الأصفر واحدا من أكبر محطات معالجة مياه الصرف الصحي في إفريقيا، ويجمع المشروع بين كفاءة الطاقة (استهداف الاكتفاء الذاتي بنسبة 70%)، واستعادة الحمأة، وتقليل 900.000 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، بالإضافة إلى خلق أكثر من 2.000 وظيفة جديدة.

كما تم توقيع اتفاقية لبناء محطة جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي في شرق الإسكندرية، بسعة 300,000 متر مكعب في اليوم، وسيوفر هذا المشروع خدمات الصرف الصحي لـ 1.5 مليون شخص في ثاني أكبر مدينة في مصر.

ويهدف المشروع أيضا إلى تعزيز إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الري، والمساهمة في إزالة التلوث البيئي البحري، وخلق فرص عمل مستدامة، كما سيتضمن النظام معالجة الحمأة إلى طاقة، مما سيسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 30.000 طن سنويا.

وفي مجال الطاقة،  تدعم الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي مشروع تحديث مركز الرقابة الإقليمي في الإسكندرية والساحل الشمالي لتعزيز جودة واستقرار إمدادات الكهرباء لحوالي 9 ملايين شخص، تدعم الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي مشروع تحديث مركز الرقابة الإقليمي في الإسكندرية والساحل الشمالي. 

التعاون بين القطاعين العام والخاص

ويهدف المشروع إلى تقليل الخسائر التقنية بنسبة 10%، وتسريع اكتشاف الأخطاء، وتحسين دمج الطاقات المتجددة في الشبكة الوطنية، بالإضافة إلى تحديث الأنظمة بما يتيح الربط المستقبلي مع الأسواق الأوروبية.

من خلال هذه الاستثمارات في البنية التحتية الاستراتيجية، التي تتماشى مع الأولويات الوطنية، تُسهم هذه المشاريع في تعزيز الثقة بين فرنسا ومصر. كما تساهم في تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في كلا البلدين، مع دعم أوروبي قوي كما يتضح من المشروعين المدعومين من الاتحاد الأوروبي ضمن مبادرة البوابة العالمية.

وفي بيان لها، أكدت الوكالة الفرنسية للتنمية أن هذه المشروعات تعكس الطموح المشترك لتعميق وتعزيز التعاون المالي الفرنسي المصري، وهو ما تم التأكيد عليه خلال الزيارة الثنائية الرفيعة المستوى. ومنذ عام 2006، لعبت الوكالة الفرنسية دورا محوريا في دعم التحولات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في مصر، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية الحكومة المصرية لعام 2030.

«مسافرون»: جولات ماكرون السياحية داخل مصر تمهد لموسم سياحي غير مسبوقماهر نقولا: زيارة ماكرون للعريش رسالة جغرافية إلى إسرائيل وأمريكا

مقالات مشابهة

  • نتنياهو أمام المحكمة بتهم فساد بعد ضيافة مميزة في واشنطن
  • سلامة إلى المحكمة بتهمة اختلاس 44 مليون دولار
  • اتهام حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة باختلاس 44 مليون دولار
  • عاجل …. انقلاب سيارة “بيكوب” بطريق سيدي بنور يُخلّف إصابات متفاوتة الخطورة
  • وسط إنهيار العملة الوطنية.. البنك المركزي يعلن فتح مزاد لبيع 30 مليون دولار
  • 9 اتفاقيات بين مصر وفرنسا بقيمة 262.3 مليون يورو في مجالات عدة| وعمال مصر: خطوات إيجابية وملموسة
  • العدل تستعد لإنشاء أول مدينة إصلاحية نموذجية في العراق
  • عُمان تشارك في تحديث المشروع العربي لمكافحة المخدرات
  • بالأرقام.. عراش يكشف حقيقة الدعم الموجه لاستيراد الأضاحي ويزيل لبس كذبة “13 مليار درهم”
  • دواوير سيدي بنور تطلب حفر الآبار لسد العطش