يمن مونيتور/قسم الأخبار

في سبتمبر (أيلول) من عام 1859، أوقف عاملان في مركزي تبادل الرسائل البرقيّة، أي “تليغراف”، الآلتين اللتين يعملان عليهما، وبينهما مسافة مئة ميل (161 كيلومتراً) بانتظار انتهاء فترة من نشاط كهرومغناطسي خارج عن المألوف. وفي الساعتين التاليتين، دُهِشَ العاملان بأنهما استطاعا مواصلة محادثتهما مع الاكتفاء، بشكل حصري، باستعمال التيار الكهربائي الذي وصل إليهما من الفضاء أتياً من بقعة شمسية تبعد عن الأرض 150 مليون كيلومتراً.

حدث ذلك الأمر في خضم العاصفة الشمسية الأعتى في التاريخ الموثَّق عن تلك الظاهرة. وقد مكَّن ذلك التيار من إجراء الاتصال الأول تاريخياً باستعمال طاقة شمسية، وكذلك ثَبُتَ أن قوته وصلت إلى حد إصابة بعض مشغلي مراكز التلغرافات بصدمات كهربائية. وتصاعد الشرر من أقطاب بعض معدات التلغراف، بل أن النار اندلعت في عدد منها. ولاحقاً، سُميت تلك الحوادث “الأسبوع الذي لمست فيه الشمس الأرض”.

في تسمية رسمية، عُرِفَتْ تلك الحوادث نفسها بـ”حادثة كارينغتون” التي تسببت بها مجموعة من الشفق الشمسي أمكن رؤيتها في السماء ممتدة من الشمال وصولاً إلى الجنوب عند المكسيك. وتبدَّى كل منها على هيئة تدفق كثيف لكتل من إكليل الشمس، اخترقت الحقل المغناطيسي للأرض. ولم تُشاهد مثل تلك الظاهرة من تمدد أضواء الشمال إلى الجنوب، إلا بعد 165 سنة، حينما هبَّتْ عاصفة جيومغناطيسية من الفئة الخامسة، وأضاءت السماء عبر منطقتي “سينالوا” و”شيهواهوا” المكسيكيتين في العاشر من مايو 2024. [يشير مصطلح العاصفة الجيومغناطيسية إلى حدوث اضطراب ضخم في الحقل المغناطيسي للأرض بالترافق مع حدوث انتقال ضخم في الطاقة من عاصفة شمسية كبرى إلى المجال الفضائي المحيط مباشرة الأرض. وتعتبر ظاهرة أنوار الشمال التي تشاهد قرب القطب الشمالي للأرض، جزءاً من الحوادث التي تصاحب العواصف الجيومغناطيسية].

في هذه المرة، لم يكن ثمة مراكز للتلغراف كي يُثار الاضطراب فيها. وفي المقابل، إن الإشعاعات التي انبعثت من منطقة نشطة في الشمس تُعرف باسم “أي آر 13664″AR 13664 بلغت من الشدة الفائقة إلى حد التسبب بمشكلات على الأرض. إذ أُجبرت طائرات الخطوط الجوية للإمارات وقطر على تغيير مساراتها بغية تجنّب العواصف الجيومغناطيسية الأسوأ عند قطبي الأرض. وبالترافق مع ذلك، عانى مزارعون في كندا وأجزاء من الولايات المتحدة، خللاً في معداتهم عقب انقطاع اتصالها بنظام التوجيه العالمي “جي بي أس” GPS.

في حال حدوث أي عاصفة أشد عتواً من تلك المسجلة في العاشر من مايو الماضي، فإنها لن تكتفي بالتأثير في الرحلات والأقمار الاصطناعية المخصصة لأنظمة التوجيه على الأرض. إذ سيشمل تأثيرها شبكات كهربائية أساسية بأكملها. وقد تؤثر في الاتصالات ومجموعة من البنى التحتية الحساسة، ما يُحدث فوضى على مستويات تفوق ما حدث في “حادثة كارينغتون”. وقد تبدو مثل تلك العاصفة الشمسية من النوع الذي يحدث مرّة كل بضعة أجيال، إلا أن الفترة الحالية من النشاط الشمسي لم تصل إلى نهايتها حتى الآن. ومع عودة النشاط إلى البقعة الشمسية “أي آر 13697″ AR 13697 هذا الأسبوع، يُحذِّر بعض خبراء الطقس الفضائي، من إمكانية قدوم مزيد من العواصف الشمسية إلينا، تكون أعتى مما حدث في مايو المنصرم.

وحاضراً، تقترب الشمس من نقطة الذروة من دورة نشاطها التي تقدر بإحدى عشر عاماً. ويترافق مع ذلك أن يتبادل قطبا الشمس الشمالي والجنوبي موقعيهما فيما ينقلب تماماً حقلها المغناطيسي. ويُقاس ذلك بالتبدل في عدد البقع الشمسية والمناطق المظلمة المتسمة بأنها نقاط تكثُّف في الحقول المغناطيسية، وتُشاهد على سطح تلك النجمة. (في هذه الأيام، من المستطاع متابعة الدورة الشمسية عبر عدد عمليات البحث على مصطلحات كـ”عاصفة شمسية” التي يسجلها “غوغل تريندز”).

وصلت الشمس إلى نقطة الذروة في دورة نشاطها السابقة، خلال أبريل (نيسان) من عام 2014، فكانت متأخرة قليلاً عمّا توقعته الأرصاد الشمسية أصلاً. بعد ذلك، وصلت الشمس إلى أدنى نقطة في دورة نشاطها، أبكر قليلاً من المتوقع، أثناء ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019. ثم شرع نشاطها في التزايد تدريجاً، مع حدوث ذروة في منتصف مايو الماضي.

وبحسب ما نُقِلَ إلى “اندبندنت” من العالِم المتخصص بالشمس في “جامعة نورث كامبريا”، د. ستيف ياردلي، “يتوقع أن تصل الشمس إلى أعلى نقطة في دورة نشاطها الحالية، في يوليو (تموز) من عام 2025، على رغم أن العلماء لن يعرفوا بوصولها إلى تلك النقطة إلا بعد انتهاء تلك الذروة. وإذا أخذنا في الاعتبار أن النقطة الأدنى في دورة نشاط الشمس، جاءت أبكر من المتوقع، فقد ينطبق الأمر نفسه على زمن الوصول إلى النقطة الأعلى من النشاط. وقد تحدث ظاهرة الشفق الشمسي خلال أي وقت من دورة نشاط الشمس، وكذلك ستكون مظاهرها أكثر تكراراً، وغالباً ما ستكون أشد عتواً خلال فترة الارتفاع الأعلى في نشاط الشمس”.

وتحت قيادة البروفيسور رامي قهوجي من “جامعة برادفورد”، تتعاون مبادرة “مجموعة توقع الطقس الفضائي” Space Weather Prediction Group مع القمر الاصطناعي التابع “مرصد الديناميكيات الشمسية” Solar Dynamics Observatory في وكالة “ناسا” الأميركية، بغية الاشتغال على أحدث الصور التي يلتقطها المركز بهدف التوصل إلى توقعات عن العواصف الشمسية الشديدة القوة.

وبحسب بروفيسور قهوجي، لقد وصلت الشمس بالفعل إلى الذروة في دورة نشاطها الحالية، ما يعني أن الأشهر القليلة المقبلة قد تجلب معها فترة من النشاط المكثف.

ووفق قهوجي، “لقد نجح نظامنا في توقع العواصف الشمسية الأخيرة التي أحدثت ظاهرة أنوار الشمال التي شوهدت في المملكة المتحدة. نحن نعايش الآن فترة يصل فيها نشاط الشمس إلى أعلى نقاطه. وبالأصل، جرى توقع أن تصل الشمس إلى تلك النقطة خلال عام 2025، لكن يبدو أن الشمس وصلت إلى ذروتها أبكر من المتوقع”.

واستكمالاً، توحي التوقعات الأخيرة لـ”مركز توقع طقس الفضاء” في الولايات المتحدة، أن نشاط الشمس سيصل إلى أعلى مستوياته بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول) من العام الجاري. ويترافق ذلك مع ارتفاع عدد البقع الشمسية ليسجل ذروة له تتراوح بين 137 و173 بقعة، ما يفوق بأكثر من 114 بقعة العدد المُسجَّل خلال ذروة النشاط نفسه لعام 2014.

في مايو المنصرم، أعلنت “وكالة الفضاء البريطانية” أن القمر الاصطناعي الأوروبي الأول المخصص لرصد العواصف الشمسية، سيبنى في “ستفناج” ثم يوضع في الخدمة. وسيؤدي ذلك إلى زيادة ملحوظة في قدرتنا على توقع الحوادث المؤثرة جديّاً في طقس الفضاء. وكذلك سيقدم ذلك القمر الاصطناعي نفسه تحذيرات إضافية عن هبوب عواصف شمسية تحمل إمكانية التسبب بالاضطراب على الأرض. وستسبق تلك الإنذارات وصول الرياح الشمسية إلى الأرض بفترة تتراوح بين أربعة إلى خمسة أيام.

وبالتالي، ستمنح الإنذارات المبكرة مهلة زمنية للاستعداد لتلقي صدمة عواصف الشمس. ومن المستطاع فصل عمل الأدوات المعرضة للتأثر بتلك العواصف عن شبكات الكهرباء، أو إعادة الأنواع الجوية منها إلى الأرض. وستتيح تلك المهلة لمشغلي شبكات الكهرباء التثبّت من السيطرة الكافية على التيار الكهربائي، فلا تؤدي التدفقات الإضافية [التي قد تحملها عواصف شمسية كبرى] إلى أن تنوء الشبكات بأحمالها.

وفيما يدور الجزء المسؤول عن النشاطات التي سجلت أخيراً للشمس، كي يواجه الأرض مجدداً، سيصل عدد متزايد من العواصف الشمسية إلى الأرض في زمن قريب. [تدور الشمس حول نفسها بمعدل مرة كل 27 يوماً].

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: العواصف الشمسية العواصف الشمسیة عواصف الشمس نشاط الشمس الشمس إلى من عام

إقرأ أيضاً:

رائد مسلم: سمعت صوت “الآذان” من محطة الفضاء

روسيا – تتميز رحلة جراح العظام شيخ مظفر شكور، أول رائد ماليزي إلى محطة الفضاء الدولية في 10 أكتوبر 2007 بالعديد من الجوانب المثيرة والأبعاد الروحية وخاصة أنها جرت في شهر رمضان المبارك.

بعد أن تم اختياره للرحلة الفضائية، أمضى شيخ مظفر شكور عاما في روسيا يتدرب على مهارات البقاء على قيد الحياة في الظروف القاسية مثل حرائق الغابات والطقس الثلجي شديد البرودة.

تدرب أيضا هذا الطبيب المتخصص في جراحة العظام ورواد آخرين على القفز بالمظلات في منطقة باردة نائية في سيبيريا، وهناك تُرك المتدربون بمفردهم لمدة 3 أيام للتكيف مع مثل هذه الظروف القاسية. في تلك التجربة كانوا يعملون على قطع الأشجار في درجة حرارة 45 تحت الصفر.

عن تجربته المثيرة، يتحدث مظفر شكور الذي انطلق إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة الروسية “سويوز تي إم إي-11″، قائلا: “تم اختياري من بين 11435 شخصا، ليس لأني كنت الأسرع أو الأقوى. ساعدني عقلي على الفوز. لقد نشأت في عائلة مكونة من خمسة أولاد. لطالما كرهت الخسارة وناضلت حتى فزت. كانت عائلتي داعمة للغاية في التحضير لرحلتي إلى الفضاء. فقدت أمي 12 كيلوغراما بينما كنت أتدرب. قال لي والدي ألا أعود حتى أذهب إلى الفضاء. أعتقد أنه يمكن لأي شخص السفر إلى الفضاء، لكن عليك أن تكون متطورا عقليا”.

قبل الانطلاق إلى الفضاء حرص رائد الفضاء الماليزي الأول على معرفة كيفية أداء الصلاة والصيام بالصورة الصحيحة في محطة الفضاء الدولية، واستشارت وكالة الفضاء الماليزية عددا كبيرا من الفقهاء المسلمين في مؤتمر نظم بالخصوص.

هذه الحاجة أملاها تغير اتجاه القبلة في محطة الفضاء الدولية التي تدور على ارتفاع 340 كيلو مترا من سطح الأرض، في كل ثانية، وفي بعض مراحل مدار المحطة، يمكن أن يتحرك اتجاه القبلة حوالي 180 درجة خلال صلاة واحدة.

بهذا الشأن ذكر مظفر شكور في مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول: “يعتمد وقت الصيام والصلاة على مكانك في الفضاء. عندما انطلقت مركبة الفضاء من كازاخستان، أخذنا في الاعتبار التوقيت المحلي في كازاخستان. صليت خمس مرات في اليوم مع مراعاة الوقت في كازاخستان. كان عليك أن تدير وجهك نحو الأرض من أجل الصلاة في اتجاه مكة المكرمة. كانت محطة الفضاء في وضع يمكنك من رؤية الأرض مباشرة”.

من بين الانطباعات اللافتة والمثيرة عن تجربته الفضائية، قال رائد الفضاء الماليزي: “كل من يذهب إلى الفضاء يشعر بالمعجزة. سمعت صوت الآذان في محطة الفضاء، لم يشعر به رواد الفضاء الآخرون، لكن كان بإمكاني سماع ذلك النداء جسديا. لم أكن مندهشا جدا من صوت الأذان، لأن وجود وقوة الله سبحانه وتعالى محسوسة في كل ثانية من إقامتي في الفضاء. كوني في الفضاء، شعرت بأنني قريب جدا من الله. كنا نتحرك بسرعة في الفضاء. أثناء أداء واجباتي الدينية، لم أشعر بالجوع أو العطش أو التعب”.

يضيف هذا الرجل الذي جمع بين الطب والفضاء قائلا: “عندما كنت في الفضاء، شعرت أنني وجدت روحي هناك.. في كل مرة ترى فيها الأرض، تعتريك قشعريرة وتفكر في مدى صغر حجمها. يتوقف قلبك، وتبدأ في تقدير مقدار ما هي جميلة الأرض. تشعر بقوة الخالق. يقتل الناس بعضهم لأسباب معينة. لكن حين تنظر إلى الأرض من الفضاء، فإنك تدرك مدى صغر حجم العالم. نرى ملايين المجرات في الفضاء. وبالتالي، من المهم للغاية حماية عالمنا”.

طبيب العظام وأول رائد فضاء ماليزي الذي عاد إلى الأرض في 21 أكتوبر 2007 على متن مركبة الفضاء الروسية “سويوز تي إم إي -10″، أجرى تجارب علمية، بما في ذلك أبحاث حول تطور الخلايا السرطانية في انعدام الجاذبية وابحاث أخرى حول الميكروبات. علاوة على كل ذلك، كان شيخ مظفر شكور يواظب على أداء الصلاة ويقرأ حوالي 20 صفحة من القرآن يوميا.

رائد الفضاء الماليزي الأول مهتم بتعزيز الدول الإسلامية لجهودها ومشاركتها في الفضاء، واقترح فكرة تأسيس وكالة فضاء إسلامية، وبذل جهودا في هذا السبيل مع رواد فضاء مسلمين آخرين.

خلال زيارة للسعودية استمرت 3 أسابيع، التقى مظفر برائد الفضاء السعودي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز. عن ذلك صرّح قائلا: “كلانا يشترك في نفس الشغف بالفضاء. أعجب الأمير بمشروعي، وكان رده مشجعا للغاية”.

هذا الطبيب الذي زار الفضاء، وصف ما حققه بأنه حُلم تجسد، مشيرا إلى أنه كان يشعر “بالرهبة من الفضاء منذ أن كان عمري عشر سنوات، وكثيرا ما نظرت من النافذة إلى السماء. لطالما أردت الوصول إلى هناك، لقد كان حلم الطفولة الذي تحقق عندما انطلقت من قاعدة الفضاء في كازاخستان”.

المصدر: RT

Previous بريطانيا.. زرع شرائح تحفيز في أدمغة مدمني الكحول والمخدرات للتخلص من الإدمان Related Posts رعب في القطب الجنوبي.. عالم يهدد زميله بالقتل في قاعدة معزولة! منوعات 17 مارس، 2025 واقعة غير مألوفة في قطر.. خروج وسادة هوائية في سيارة بسبب مدفع الإفطار منوعات 17 مارس، 2025 أحدث المقالات رائد مسلم: سمعت صوت “الآذان” من محطة الفضاء بريطانيا.. زرع شرائح تحفيز في أدمغة مدمني الكحول والمخدرات للتخلص من الإدمان العثور على مجوهرات نسائية إسكندنافية بغرب روسيا مركب خفي في إكليل الجبل قد يساعد في مكافحة ألزهايمر ماذا تفعل بذور اليقطين في القلب؟

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • رائد مسلم: سمعت صوت “الآذان” من محطة الفضاء
  • رائدا الفضاء العالقان يبدآن رحلة العودة إلى الأرض
  • مسافر يوثق ومضات البرق والأعاصير التي ضربت أمريكا‬⁩ من نافذة الطائرة .. فيديو
  • بعد سلسلة أعاصير.. أمريكا على موعد مع مجموعة أخرى من العواصف
  • ناسا تنشر صورا مذهلة لكسوف شمسي ليس من الأرض
  • عواصف مدمرة تضرب أمريكا.. مصرع 18 شخصًا وتحذيرات من كارثة جديدة
  • عواصف عاتية في الولايات المتحدة تودي بحياة نحو 20 شخصا
  • مصرع 18 شخصًا بسبب عواصف عنيفة في الولايات المتحدة
  • أمريكا.. مقتل 14 شخصًا وإصابة العشرات في عواصف عنيفة
  • 16 قتيلا.. عواصف وأعاصير مدمرة تجتاح عدة ولايات أمريكية| صور