لم يكد المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يغادر العاصمة اللبنانية بيروت، مخلّفًا وراءه "خيبة" سبّبها سقوط الرهانات المضخّمة على الزيارة التي أرجئت خمسة أشهر لضمان نجاحها، فبدت "نسخة أسوأ" من الزيارات الخمس السابقة، ولا سيما أنّها لم تحقّق أيّ خرق، لكنها أيضًا لم تضع عمليًا أيّ أفكار جديدة على طاولة النقاش، حتى بدأ الحديث عن "مبادرة جديدة" يقودها هذه المرّة "الحزب التقدمي الاشتراكي".


 
فمن موقعه "الوسطي" الذي حافظ عليه بصورة أو بأخرى، أعلن "الحزب التقدمي الاشتراكي" عن جولة سيقوم بها على جميع الأفرقاء، من دون استثناء، في محاولة لإحداث "خرق" طال انتظاره، مستندًا بذلك إلى علاقاته الجيّدة مع المعسكرين الأساسيّين، سواء ذلك المحسوب على "حزب الله"، والمؤيد لترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية للرئاسة، أو ذلك المحسوب على المعارضة، التي تصنّف "الاشتراكي" جزءًا منها، للمفارقة.
 
وإذا كان هناك من اعتبر أنّ مبادرة "الاشتراكي" الجديدة جاءت بطلب من لودريان نفسه، بعدما أدرك أنّ صفحة مبادرة "الاعتدال" التي استند إليها حراك "سفراء الخماسية" قد طويت عمليًا، وربما بالتنسيق مع القطريين أيضًا، في ضوء زيارة النائب السابق وليد جنبلاط الأخيرة إلى الدوحة، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لمبادرة "الاشتراكي" أن تنجح فعلاً حيث "أخفق" الآخرون؟ وهل تمتلك مقوّمات مثل هذا النجاح؟
 
أهمية دور "الاشتراكي"
 
قد لا تكون مبادرة "الحزب التقدمي الاشتراكي" في الإطار العام، كما في خطوطها العريقة، مختلفة عن سائر المبادرات التي طُرِحت في "البازار الرئاسي" على مدى الأشهر الماضي، فهي تكاد تتقاطع معها على العناوين نفسها، القائمة على الحوار أو التشاور كمقدّمة لإنجاز الاستحقاق، وتستنسخ بالتالي الأفكار نفسها التي حضرت في مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الأولى، ومن ثمّ مبادرة "الاعتدال"، وبينهما حراك "الخماسية" بكلّ محطّاته.
 
لكنّ أهمية هذه المبادرة بحسب ما يقول العارفون، تكمن في طبيعة الجهة التي تقودها، أي "الحزب التقدمي الاشتراكي" الساعي ربما لاستعادة دور "بيضة القبان" الذي أتقنه في مراحل سابقة، ولا سيما أنّه نجح في ذروة الأزمة، في الحفاظ على علاقات جيدة مع مختلف الفرقاء، من المعارضة التي تقاطع معها في صندوق الاقتراع في العديد من جلسات الانتخاب، إلى معسكر "حزب الله" الذي يبدو التفاهم معه في أحسن أحواله، في هذه المرحلة.
 
ولا تقتصر أهمية المبادرة بهذا المعنى، على شبكة العلاقات التي يتمتع بها "الاشتراكي" في الداخل، وقربه من جميع الأطراف وصولاً إلى قدرته المحتملة على "المَوْنة" عليهم، ولكنها تصل إلى علاقاته الخارجية أيضًا، علمًا أنّ توقيت إطلاق هذه المبادرة يبدو معبّرًا، وهي التي تأتي بعد زيارتي الرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط إلى كلّ من فرنسا وباريس، حيث ناقش مع المسؤولين في الدولتين أهمية التفاهم والحوار في المقام الأول.
 
أي حظوظ لمبادرة "الاشتراكي"؟
 
قبل الحديث عن حظوظ المبادرة التي يطرحها "الاشتراكي"، وما يميّزها عن غيرها، يحرص المحسوبون على "الحزب التقدمي الاشتراكي" أو الدائرون في فلكه، على التأكيد أنّ هذه المبادرة لا "تحصر نفسها" في ملف رئاسة الجمهورية، على أهميته، بل تضع في صلب عناوينها واهتماماتها ملفات أخرى، تتطلّب بدورها تفاهمًا بين اللبنانيين، من بينها الوضع الآخذ بالتفاقم في الجنوب، إضافة إلى الوضع الاقتصادي، واتفاق الطائف، وغيرها من الأمور.
 
من هنا، فإنّ هذه المبادرة تأتي بحسب ما يقول العارفون لتلمّح إلى مبدأ "السلة المتكاملة" التي سبق أن طرحتها جهات محلية وخارجية في السابق، بمن فيهم الفرنسيّون، من دون أن تجد صداها، علمًا أنّ هناك من يراهن على أن يكون "الاشتراكي" قادرًا أكثر من غيره على تقريب وجهات النظر بين المعسكرين، وتحديدًا من خلال دعوة كلّ طرف إلى التراجع ولو خطوة إلى الخلف، استنادًا إلى العناوين الكبرى التي يتحرّك على أساسها.
 
لكن، على أهمية هذه الرهانات، لا يبدو التفاؤل كبيرًا بأن يستطيع "الاشتراكي" فعلاً أن يجرّ الأطراف إلى طاولة الحوار أو التشاور، باعتبار أن لا مؤشّرات توحي بأيّ مرونة أو ليونة لدى الطرفين المعنيّين، فأوساط المعارضة التي تؤكد انفتاحها على مبادرة "الشريك"، تصرّ على "شرط" التخلي عن فرنجية قبل الجلوس على الطاولة، وهو شرط يرفضه الأخير ولو جاءه من الحلفاء، وهو رفض كفيل باستبعاده للعارفين بأدبيّات "حزب الله".
 
في النتيجة، قد لا يشكّ أحد في "حسن النوايا" الذي يدفع "الاشتراكي" إلى إطلاق مبادرة جديدة يمكن أن تشكّل "نافذة أمل" في البازار الرئاسي، سواء كانت بطلب فرنسي ودفع قطري، أو من دونهما. لكنّ الخوف يبقى أن تنضمّ هذه المبادرة إلى سابقاتها، فتتحوّل إلى مجرّد "فرصة" لتقطيع الوقت، ريثما تتغيّر معطيات من هنا، أو تنضج ظروف من هناك، في ظلّ ثبات "ترابط الساحات" ولو جاهر الجميع بـ"فصل" الرئاسة عن كل ما يجري في المنطقة! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

«اقتصادي» يطلق مبادرة «المواطن المصري يستحق حياة أفضل»

قال الدكتور شادي المنزلاوي، الخبير الاقتصادي، إنه في إطار سعي الدولة المستمر لتحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز مستوى الخدمات العامة تبرز خطوة جديدة تهدف إلى إحداث تحول ملحوظ في قطاع النقل والمواصلات في مصر عبر مبادرة يوضحها، حيث تعكس التزام الدولة بتوفير حلول فعالة تسهم في تسهيل التنقل اليومي وتلبية احتياجات المواطنين بطرق مبتكرة ومستدامة.

وأضاف «المنزلاوي»، أنه يطرح أمام صانعي القرار والمواطنين مبادرة اقتصادية استراتيجية تحت عنوان «المواطن المصري يستحق حياة أفضل»، التي تُتيح لجميع من يمتلكون سيارات قديمة موديلها يزيد عن 20 عامًا استبدالها بسيارات جديدة من موديلات 2011 إلى 2020 «موديل يسبق السنة الحالية بخمس سنوات»، معفاة بالكامل من الرسوم الجمركية، موضحًا أن الهدف الرئيس من هذه المبادرة هو رفع العناء عن المواطن المصري الذي يواجه تحديات مالية ونفسية كبيرة بسبب امتلاكه لسيارات قديمة منتهية الصلاحية يضطر لاستخدامها وتحمل عناؤها لضيق ذات اليد، ناهيك عن تعرضه لمواقف صعبة كثيرة من خلال الأعطال المفاجئة في مناطق الازدحام مع حرارة أو برودة الجو وتعطيل حركة السير وعبء نقلها إلى أماكن الصيانة وتكاليفها، وتسعى المبادرة أن تكون امتدادًا لمبادرة «حياة كريمة».

وأوضح أن هذه المبادرة توفر السيارة المناسبة للمواطنين كي يحظون بالحياة الكريمة التي تهدف إليها الدولة من خلال توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحقيق حياة كريمة، مناشدًا بالتوجيه لتبني المبادرة لما فيه من توفير حياة كريمة لمواطنيه ورفع العناء عنهم وعن الدولة من خلال توفير سيارات للمواطنين تُحسن من مستوى معيشتهم وتحد من عرقلة حركة المرور على الطرق والكباري، حيث أن السيارات القديمة نتيجة تقادمها تُعتبر من أهم أسباب الحوادث المرورية وتباطؤ حركة السير وهو ما يُشكل عبئًا إضافيًا على المواطن والدولة على حد سواء.

ولفت إلى أنه من خلال السماح للمواطنين الذين يمتلكون سيارات قديمة باستيراد سيارات جديدة من موديلات حديثة تُعفى تمامًا من الرسوم الجمركية ما عدا رسوم التسجيل، فإننا نحقق فوائد عدة، أولها أنه سيتم تقليل الأعطال في الشوارع بما يُحسن من انسيابية حركة المرور ويُقلل من الحوادث، وثانيها أن هذه المبادرة ستُسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين بشكل ملموس من خلال توفير وسائل نقل أكثر أمانًا وكفاءة، مؤكدًا أن المبادرة تُقدم فرصة كبيرة للمواطنين غير القادرين على تملك سيارة صالحة للاستخدام ومتهالكة أو سيارات تتطلب تكاليف صيانة باهظة من تملك سيارات بتكلفة مقدور عليها وعلى أن تكون فترة المبادرة لمدة عام من تاريخ صدورها وصالحة لمدة ثلاث سنوات تسمح للمواطن من توفيق أموره المادية.

ونوه بأنه تم وضع مجموعة من الضوابط والاشتراطات لضمان أن هذه المبادرة تذهب إلى أصحابها المستحقين، ولا تُستخدم كوسيلة للمتاجرة أو الاستفادة غير المشروعة، ويُشترط أن تكون السيارة الجديدة للاستخدام الشخصي والأقارب من الدرجة الأولى فقط، ولا يجوز بيع السيارة أو تحويل ملكيتها إلا بعد مرور 10 سنوات من تاريخ أول تسجيل لها، كما أن هناك عقوبات صارمة تضمن أن من يُخالف هذه القوانين قد يتعرض لمصادرة السيارة بحكم قضائي، بما يُعزز من نزاهة المبادرة ويمنع الاتجار بها، موضحًا أن هذه المبادرة ليست فقط فائدة للمواطنين، بل هي أيضًا خطوة استراتيجية نحو تعزيز الاقتصاد الوطني، فمن خلال تشجيع المواطنين على استيراد سيارات جديدة، وفي الوقت نفسه تعمل الدولة حاليًا على دعم قطاع صناعة السيارات من خلال الطلب المحلي، مما سيُعزز من قوة الاقتصاد الوطني، كما أن المبادرة تُسهم في تحسين مستوى الأمان البيئي.

وأشار إلى أن مبادرة «المواطن المصري يستحق حياة أفضل» كخطوة جادة نحو تحقيق تحسينات حقيقية في حياة المواطن المصري، فمن خلال إتاحة الفرصة أمام الأفراد لتحديث سياراتهم ستتحقق فوائد كبيرة على صعيد الأمن المروري وتخفيف الأعباء المالية، وتحسين جودة الحياة.

اقرأ أيضاًوزير الخارجية في لقائه بأعضاء السلك الدبلوماسي: يجب التفاعل مع أولويات المواطن المصري

متحدث الحكومة: تصريح «المواطن المصري الأكثر استهلاكًا للسكر عالميًّا» كان بهدف التوعية الصحية

برلماني يطالب الحكومة بخطة عاجلة لرفع المعاناة عن المواطن المصري

مقالات مشابهة

  • «قلبي اطمأن» يطلق مبادرة «الحصالات الفخارية»
  • «الثقافة والسياحة» تطلق مبادرة هريس رمضان بواحة العين
  • اللافي يعلن عن مبادرة سياسية جديدة بشأن الانتخابات
  • يوم مبادرة السعودية الخضراء.. وعيٌ ينمو ومستقبل يزدهر
  • بنك مصر يشارك في مبادرة «كرتونة الخير» بـ 100 ألف كرتونة غذائية خلال شهر رمضان
  • المنشاوي.. "القارئ الباكي" الذي نجا من محاولة اغتيال بالسم
  • «اقتصادي» يطلق مبادرة «المواطن المصري يستحق حياة أفضل»
  • معهد أبحاث صهيوني : الإجراءات التي اتخذها التحالف الدولي لم تنجح في ردع اليمنيين
  • حصاد "شرقيتنا خضراء".. 550 ألف شجرة و3,6 مليون زهرة في 18 حيًا
  • نوعية جامعة أسيوط تحتفي بالمشاركين في قوافلها الفنية ضمن مبادرة «داية جديدة لبناء الإنسان»