أسعد سالم في الآونة الاخيرة أصبحنا نستمع بشكل يومي عن الذكاء الاصطناعي وعن التكهنات المستقبلية المتعلقة به سواء من الناحية السلبية ام الايجابية ولابد انه تبادر الى اذهاننا العديد من الاسئلة ومن أبرزها ما هو الذكاء الاصطناعي ؟ ومتى ظهر ؟ وهل حقاً سوف يعمل على ابادة البشر؟ وهل سوف يأخذ مكاننا في العمل؟ والى اي مدى سوف يصل تطوره ؟ وكيف سوف يكون شكله المستقبلي؟ والعديد من الاسئلة الاخرى .
ظهر مصطلح الذكاء الاصطناعي لأول مرة في العام 1956 اثناء عقد ورشة عمل في حرم كلية دارتموث/امريكا والتي تحدثت عن صنع اّله قادرة على التفكير كالإنسان واجريت العديد من الابحاث المتعلقة بهذا الخصوص ولكن تأخر نمو هذه الثورة وتوقف في بعض الاحيان نتيجة الندرة في الاستثمارات وكذلك محدودية الموارد الحاسوبية لتنفيذيه ، ومع تطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وانتاج أجهزة بموارد عالية المستوى تجدد الامل وأعيدت الحياة للعمل والاستثمار في انتاج وتطوير الذكاء الاصطناعي. عرف بعض الباحثين والمختصين الذكاء الاصطناعي على انه سلوك وخصائي تتسم فيها الالة والأجهزة تجعلها بمستوى عالي تحاكي القدرات الذهنية للبشر وتحاكي انماط عملها ، وهناك من عرفها بصيغة اخرى مثلا عالم الحاسوب جون مكارثي في العام 1956 “علم وهندسة صنع الآلات الذكية”. لقد شهد التطور البشري العديد من الثورات الحضارية التي ادت الى تغيرات في السلوكيات البشرية وتطورها مع تطور هذه الثورات منها البدء في تشكل ثقافة جمع الثمار واستكشاف النباتات المحيطة بالتجمعات السكانية ثم تطورت الى الصيد ومن ثم تطورت البشرية للبدء في علم الوجود القائم على تعريف الاشياء وتصنيفها ومن ثم تطورت واصبحت البشرية تسعى نحو المعرفة والعلوم ومن ثم الثورة الصناعية ومن ثم ثورة التكنولوجيا والاتصالات واليوم نشهد ولادة ثورة حضارة جديدة “الذكاء الاصطناعي” ، فالمتأمل للحقب الحضارية التي مرت بها البشرية يجد بان كل حقبة تولد نتيجة نضوج الحقبة التي سبقتها ، ومع كل ولادة لأي حقبة جديدة يكون هناك المتضرر كما يكون المنتفع منها فمثلاً عند صناعة السيارات وانتشارها فقد الكثير من صانعي عربات الخيل ومربوا الخيول وظائفهم نظراً لتوفر الوسيلة البديلة ولكن صناعة السيارات استحدث العديد من الوظائف الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل مثل ورشات صيانة المركبات حيث تم في حينها تناقل العديد من الاشاعات حول السيارات ومنها ” بأنها عربات يجرها الجن” وكان يتم ترويجها بقصد من قبل من يخشى على اندثار مهنته وخسارته لمصدر رزقه ومنهم من كان يتناقلها كون الية عملها مجهول بالنسبة له ، وما نشهده من تخوفات واشاعات في وقتنا الحالي حول ثورة الذكاء الاصطناعي هو مشابه لما شهدته الثورة الصناعية عند صناعة السيارات حيث أخذ البعض في ترويج ومناقشة التخوفات من تطور هذه التقنية فمنهم من طرح احتمالية القضاء على البشر من قبل الاّلة نظراً لان الاّلة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تحاكي في قراراتها ذهن الانسان ومنهم من استطرد في ذلك حول التنافسية المستقبلية واحتمالية وقوع حروب ونزاعات بين الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والبشر حول مصادر الطاقة كونها بالنسبة للروبوتات بمثابة الاوكسجين للإنسان ، فكل تلك تكهنات ناتجة عن عدم وضوح الرؤيا الى شكل الذكاء الاصطناعي بالمستقبل والى اي مدى سوف يصل التعلم الالي وربما من طرح هذه التساؤلات تغيب عن ذهنه بأن تطوره الآلات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي سوف تكون محدودة بالعديد من العوامل الاخرى على سبيل المثال لا الحصر حجم الذاكرة التي سوف يمتلكها الروبت هل هي قادرة على تخزين كل البيانات التي يتم تخزينها في دماغ البشر ؟ ان ما نشهده اليوم من تطور متسارع للذكاء الاصطناعي هو ولادة لحقبة حضارية جديدة ناتجة عن نضوج ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسوف تؤثر بشكل ملحوظ في جميع القطاعات المختلفة مما يؤثر ذلك على سلوكيات البشر وانماط الحياة المختلفة لهم وربما سوف تؤثر على بعض قدراتهم الجسمية وربما على طرق التفكير واتخاذ القرار ، وهذا ما شهدناه في الحقب السابقة وكيف تطورت البشرية معها فمثلا سلوكيات البشرية في حقبة جمع الثمار كانت مختلفة عندما بدأوا في عمليات الصيد وهو ما تطلب منهم ان يكونوا ذو لياقة عالية اثناء مطاردة الفريسة كون الادوات المستخدمة بسيطة واصبح تفكيرهم في التخفي ومباغتة الفريسة ونصب الكمائن لها وهذا من احد الدلائل التي تشير الى تغير البشر وتطورهم مع كل حقبة جديدة. بعيداً عن الشكل المستقبلي للذكاء الاصطناعي والفوائد والمضار التي تنجم عنه لا بدنا لنا من طرح العديد من الاسئلة ومنها : ماهي الثورة الجديدة التي سوف تولد بعد نضوج ثورة الذكاء الاصطناعي؟ كيف سوف يكون شكلها؟ هل سوف تحتاج لوقت طويل لولادتها ام انه بسبب قدرات خوارزميات التعلم الالي والذكاء الاصطناعي على التعلم السريع واتخاذ القرار سوف تحتاج الى وقت قصير؟ متخصص في أمن المعلومات
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الذکاء الاصطناعی
العدید من
إقرأ أيضاً:
%92 من الطلاب يستخدمونه.. الذكاء الاصطناعي يهدد جوهر التعليم الجامعي
أثار تقرير حديث يحذر الجامعات البريطانية من ضرورة "اختبار إجهاد" التقييمات في ظل استخدام 92% من الطلاب للذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعاً حول مستقبل التعليم الجامعي ودور الذكاء الاصطناعي فيه.
يشير البروفيسور أندرو موران من جامعة لندن متروبوليتان إلى أن الجامعات، التي كانت تعتبر لقرون مخازن للمعرفة والحقيقة، بدأت تفقد هذا الدور عندما تراجعت قيمة الخبراء وضعف التفكير النقدي واستقطب الخطاب العام بشكل متزايد.
ندرة المعرفة وتحديات المصادر التقليديةفي هذا العالم، يتم رفض المصادر التقليدية للمعرفة بشكل متزايد، الكتب والمقالات الصحفية ووسائل الإعلام القديمة تواجه تحديات من خلال التطورات في عرض المعلومات واسترجاعها، وعلى رأسها التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، وأدى ذلك إلى "ندرة المعرفة"، على حد تعبير موران.
قوائم القراءة المنسقة، التي يقضي الأكاديميون وقتًا في البحث عنها وتسليط الضوء على المفكرين والكتابات الرئيسية، غالبًا ما يتم تجاهلها من قبل الطلاب لصالح بحث جوجل.
وإذا لم يعجب الطالب ما يقرأ، يمكنه ببساطة التمرير إلى اليسار، ويمكن للخوارزميات بعد ذلك إرسال الطلاب في اتجاهات غير متوقعة، غالبًا ما تحولهم عن الصرامة الأكاديمية إلى موارد غير أكاديمية.

سباق الذكاء الاصطناعي.. كيف يعيد التقطير رسم ملامح المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا؟

Alexa+.. قفزة نوعية في الذكاء الاصطناعي.. أبرز ميزات المساعد الذكي الجديد من أمازون

«DeepSeek» تُشعل سباق الذكاء الاصطناعي.. هامش ربح 545% يهز الأسواق وسهم NVIDIA ينهار

«جروك 3».. الذكاء الاصطناعي غير المقيد بين وعود الشفافية ومخاوف الأمان |تفاصيل

الذكاء الاصطناعي .. سيرجي برين: تسريع وتيرة التطوير نحو AGI
هل المعرفة سلعة استهلاكية؟يؤكد موران أهمية توفير مواد التعلم للطلاب على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لكنه يتساءل: "هل تصبح المعرفة سلعة استهلاكية أخرى؟" فهي متاحة بلمسة زر عبر الإنترنت، ويتم توصيلها بشكل فعال إلى بابك، وهناك العديد من المنافذ للاختيار من بينها.
قد تكون هناك كمية، ولكن ليس بالضرورة جودة: الذكاء الاصطناعي هو السلعة الاستهلاكية المطلقة.
يثير هذا الأمر تساؤلات جوهرية حول ليس فقط ما نعنيه بالمعرفة، ولكن أيضًا ما سيكون دور التعليم والأكاديميين في المستقبل.
ويقول موران: "أستطيع أن أقدر فوائد الذكاء الاصطناعي في العلوم أو الاقتصاد أو الرياضيات، حيث الحقائق غالبًا ما تكون غير قابلة للشك، ولكن ماذا عن العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث الكثير قابل للطعن؟"
ويحذر من أننا نفقد أرضية بسرعة أمام تغييرات مجتمعية عميقة يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن تصورها على الجامعات إذا لم نستجب بسرعة.
التفكير النقدي في مواجهة الذكاء الاصطناعيمن جهته، يعبر محاضر جامعي في العلوم الإنسانية عن عدم استغرابه من الزيادة الهائلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يتم الترويج له بقوة من قبل شركات التكنولوجيا باعتباره سلعة موفرة للوقت، والخطاب السياسي الأوسع يعزز هذا الرأي دون التشكيك في قيود الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.
بينما قد يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا في العديد من السياقات الأكاديمية - في كتابة التقارير الأساسية وإجراء البحوث الأولية على سبيل المثال - فإن استخدامه من قبل الطلاب لكتابة المقالات يشير إلى التقليل من قيمة موضوعات العلوم الإنسانية وسوء فهم ما يتيحه الكتابة الأصلية في تخصصات مثل التاريخ والأدب والفلسفة: التفكير النقدي.
ويستشهد المحاضر بقول الروائي العظيم إي إم فورستر: "كيف يمكنني أن أعرف ما أفكر فيه حتى أرى ما أقول؟" كان يقصد أن الكتابة هي شكل متطور من أشكال التفكير، وأن تعلم الكتابة بشكل جيد، والشعور بالمرء وهو يشق طريقه عبر تطوير فكرة أو حجة، هو جوهر الكتابة.
عندما نطلب من الذكاء الاصطناعي كتابة مقال، فإننا لا نقوم ببساطة بالاستعانة بمصادر خارجية للعمل، بل نستعين بمصادر خارجية لتفكيرنا وتطويره، مما سيجعلنا بمرور الوقت أكثر ارتباكًا وأقل ذكاءً.
في عصر تكنولوجي نيوليبرالي نهتم فيه غالبًا بالمنتج بدلاً من العملية التي تم من خلالها صنعه، ليس من المستغرب أن يتم تجاهل القيمة الحقيقية للكتابة.
فيما يأخذ الطلاب ببساطة إشاراتهم من عالم يفقد الاتصال بالقيمة التي لا يمكن تعويضها للإبداع البشري والتفكير النقدي.