ياسر عرمان

الأرض- الفساد- العطالة- الجريمة- انقطاع التيار الكهربائي وسوء الخدمات-القبلية- الهوية- الفقر- الاقتصاد الأبيض…!

كل حركة تحرر وطني معلقة من عرقوبها وتاريخها!

إذا تمتعت بقلب سليم لا بد أن تحب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وإذا تمتعت بعقل سليم لا بد أن تهتم به)

هذه المقالة مهداة إلى الديسمبريات والديسمبريين في مسيرة البحث عن أفريقيا!

من أديس أبابا وأوجاع السودان إلى جوهانسبيرج وأوجاع المؤتمر الأفريقي:

كان الأسبوع الماضي في أديس أبابا حافلاً بالموضوعات وبالشخوص، وبالمقاربات والمفارقات في قضايا الوطن ماضيه وحاضره المليء بالأوجاع! وأسئلة المستقبل، استمعت وناقشت العديدين في هموم السودان ما قد كان وما سيكون والحرب التي ستطول والفلول الذين أدخلونا جحر ضب خرب، ومن الضعف والهوان الماثل، ومن دماء الضحايا والقتلى والجرحى، من استباحة حرمات الناس والوطن وقتل النفوس البريئة، وأطراف الحرب يتفاخرون في القتل والانتهاكات وهدم البنيان، إنهم يتبارون في أيهما أجود في سحق الأنفس، وكلهم والغون وغارقون في الدماء من يستخدم الأرض والمشاة، ومن يمطر القتل من السماء والجريمة واحدة.

وقالت امرأة تخاف الله والوطن في تسجيل مشاهد وأظنها من شرق دارفور أن ثمن (الدجاجة) اليوم (٥٠٠) جنيه، ومن الصعب العثور على النقود وعلى الدجاجة، ولكن قتل النفس التي حرمها الله أرخص من دجاجة وأرخص من شربة ماء! وتسألت المرأة المجبولة على الفطرة السليمة عن ما أصابنا، وإلى أين نحن مساقون، ويا حزننا المزروع في قلب القرى والمدن ويا لدماء المدنيين المسفوحة عند كل حي وطريق، ويا للتباري في قتلهم واغتصابهم لبناء مستقبل وضاء لهم كما يدعون!!!

ولكن من الضعف والهوان ستنبت القوة ولكل ليل نهار، فقد رأى الإمام المهدي في ضعف السودانيين وهوانهم قوة، وذات مرة وفي مدينة واو كان جون قرنق خارجاً من حامية قرنتي مع صديقه جورج هلال، قال قرنق لجورج: أن نميري يتلاعب باتفاق أديس أبابا، وإن غضب الجنوبيون يجب أن يتجه إلى بنك النضال، وأن يصرف الشيك من أجل سودان جديد، أوفى قرنق بوعده، وأمضى حياته مناضلاً وشهيداً رغم أن السودان الجديد لم يتحقق بعد!

التلاعب بإنسان السودان وأرضه وعرضه جديد قديم من إرث الترك والإنجليز، ولكن عزيمة من حلموا بوطن جديد لن تموت، بل ستخرج بلاداً كم أرداها المخلصون والمخلصات على مر الأجيال، وإلى (ست النفور)

“أنت ساكن في فؤادنا، ونذكرك في كل ليلة

وانت روحنا، وانت زادنا وأنت دنيانا الجميلة “.

ولنذهب إلى بروتوريا وجوهانسبيرج

المؤتمر الوطني الأفريقي:

تأسس المؤتمر الوطني الأفريقي في عام (١٩١٢) وعقد (٥٥) مؤتمراً عاماً، وتعاقب على رئاسته (١٣) رئيساً، وكل ذلك يدل على الديمقراطية الداخلية في أفضل وأصعب الأوقات- صعوداً وهبوطاً وتكمن أهمية هذا الحركة في أنها حركة القضايا العالمية-التحرر والتنوع والديمقراطية والمواطنة بلا تمييز وأسئلة الطبقة والقومية وقضايا الأرض والعدالة والتنمية والمصالحة وهو من أهم حركات التحرر الوطني الأفريقي، ناضل ضد الفصل العنصري من أجل بناء مجتمع لا عنصري يقبل التنوع، وفي الممارسة العملية ضمت قيادته السود والبيض والملونين والهنود والآسيويين الذين بنوا جميعاً منظمة كفاحية ذات أهداف مشتركة، وقد تمكن من بناء كتلة تاريخيّة ضمت النقابات والمنظمات الديمقراطية والشيوعين والمجتمع المدني، وأعطى النساء نسبة ٥٠٪ ؜ في قيادته، وحاز (٢) من رؤسائه على جائزة نوبل للسلام هما الزعيم ألبرت لاتولي والمناضل العالمي من أجل الحرية نلسون مانديلا، ولطالما تتبعت تجربته، وكتبت عنها مراراً، وقبل ما يقارب ال (٣٠) عاماً، وفي العدد الوحيد من مجلة (مسارات جديدة) التي أصدرناها في الحركة الشعبية، كتبت مقالاً بعنوان (تأملات في المسألة السودانية من وحي جنوب أفريقيا) حول بناء الكتلة التاريخية.

كريس هاني ذو الوجه الجميل والعيون المتألقة صوب الجماهير، اعتذر عن يكون نائباً لمانديلا بعد أن حصل على ثاني الأصوات في المؤتمر العام، وكان المنصب الثاني يؤهله ليكون رئيساً لجنوب أفريقيا بعد مانديلا، كان كريس يقرأ من فقه الجماهير، وتفرغ للعمل السياسي وسط الفقراء، وقال ممازحاً رفاقه: إذا خرجنا في مظاهرات ضد حكومتكم اختاروا لنا مسيل دموع أخف وطأة، اغتيل كريس قبل أن يشرق فجر جنوب أفريقيا، وظل أيقونة في منعرجات الحياة وموضوعات الجماهير. حينما أغوت السلطة عدداً ليس بالقليل من قيادات المؤتمر الوطني الأفريقي، ولم يتمكنوا من حل قضايا كبرى على رأسها إعادة توزيع الأرض التي يحتكرها البيض، ولم يعالجها الاتفاق الذي وقعه مانديلا، ولم يقم المؤتمر الأفريقي بمكافحة الفساد والجريمة بالشكل المطلوب، وتفشت العطالة التي بلغت نسبة ٣٢٪؜ في أوساط الشباب، ويقال إنها في الواقع أكثر من ذلك، وفشلت حكومة المؤتمر الوطني الأفريقي في معالجة قضايا الخدمات المهمة، وعلى رأسها الكهرباء، وتراجع وخسر الانتخابات الأخيرة لمصلحة رئيسه السابق جاكوب زوما في كوازولو ناتال، وتصاعدت القبلية التي وظفها رئيسه السابق جاكوب زوما في تعبئة القومين الزولو وغيرهم، وكوازولو منطقة هامة ذات تاريخ معقد، وظهرت تعقيدات في قضايا الهوية، وفي مسيرة بناء الأمة (أمة ألوان الطيف) ولم تعالج قضايا ملايين الفقراء الذين أرهقهم نظام الفصل العنصري، وما زال البيض يسيطرون على الاقتصاد، وقد حصل حزبهم التحالف الديمقراطي على المكانة الثانية بنسبة ٢١.٨٪؜ ويطالب بالليبرالية الاقتصادية ومزيد من خصخصة الاقتصاد، وقد حصل جاكوب زوما وحزبه المنشق من المؤتمر الوطني الأفريقي على نسبة ١٤.٩٪؜ وجاء في المرتبة الثالثة، واحتل المكانة الرابعة (جبهة المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية) بقيادة جوليوس معلما رئيس اتحاد الشباب السابق للمؤتمر الوطني الأفريقي، والذي انشق منه، ويطالب بتأميم البنوك والمناجم وإعادة توزيع الأرض لمصلحة السود والقضاء على هيمنة البيض على اقتصاد جنوب أفريقيا فوراً، بينما يدعو المؤتمر الوطني الأفريقي إلى استخدام سياسات تدريجية، حتى لا تنهار جنوب أفريقيا، أو تدخل في حرب أهلية. وبخسارته لأغلبيته بعد ٣٠ عاماً من الحكم يواجه موقفاً دقيقاً في الحفاظ على برنامجه وتقديم التنازلات اللازمة لإبرام ائتلاف مع أي من الأحزاب الثلاث ذات البرامج المتعارضة مع برنامجه وتحبس جنوب أفريقيا أنفاسها والدستور يدعو إلى تكوين الحكومة الجديدة خلال ١٤ يوماً من إعلان الانتخابات.

في بداية الثمانيات حوالي ١٩٨٠-١٩٨١ وقعت عيناي على عدد من مجلة قضايا السلم والاشتراكية، والتي كانت تصدر من براغ وبها مقالة عظيمة كتبها يوسف دادو، وهو يلخص مذكرات النقابي وابن وطنه الجنوبي أفريقي جون بيفر، وتحدث دادو عن الصلة بين القضايا الطبقية وقضايا القوميات في حياة جون بيفر، وبعد اطلاعي عليها تعلمت شيئاً جديداً عن جنوب أفريقيا وعن قضايا القوميات والاضطهاد القومي كوجه رئيسي لنظام الفصل العنصري، وقفز في ذهني سؤال ومسألة جنوب السودان مضافاً لوثائق سابقة قراءتها عن ما يسمى بمشكلة الجنوب، وبعد خمس سنوات من قراءة تلك المقالة كنت على متن طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية المتجه إلى أديس أبابا محاطاً بأسئلة الحرب في الجنوب وما تعلمناه في وسط حركة الطلبة منذ المرحلة الثانوية عن قضية الجنوب وصورة الجنوبي المبعثرة في رؤى الحركة السياسية، وبدأت تجربة جديدة.

لاحقاً زرت جنوب أفريقيا على نحو دوري، وتعرفت على كثير من الشخصيات التاريخية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وحاورتهم حتى مطلع الفجر، وقد التقيت ثلاث من رؤساء هذه الحركة العظيمة. وهنالك أهمية فائقة للحوار العميق الذي يدور في جنوب أفريقيا حول الإنسان والأرض والانتقال الوطني الديمقراطي وهو لا يخص جنوب أفريقيا وحدها، وما زال المؤتمر الوطني الأفريقي في صعوده وهبوطه ونجاحه وخيباته قبل الانتخابات، وبعدها يشدني نحو أفق بعيد.

الوسومياسر عرمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ياسر عرمان المؤتمر الوطنی الأفریقی جنوب أفریقیا أدیس أبابا من أجل

إقرأ أيضاً:

السياحة: أسوان تستضيف قمة "الاستثمار العربي الأفريقي" في نوفمبر المقبل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شاركت يمنى البحار نائب وزير السياحة والآثار، في المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن قمة "الاستثمار العربي الأفريقي والتعاون الدولي" في دورتها السابعة والعشرين التي ينظمها اتحاد المستثمرات العرب بالتنسيق مع جمعية سيدات الأعمال للتنمية وبالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات.

وستُعقد هذه القمة تحت شعار "روابط اقتصادية.. سياحة.. صناعة.. زراعة.. تنمية شاملة مستدامة"، خلال الفترة من 11 وحتى  15 نوفمبر القادم بمحافظة أسوان، وتحت رعاية مجلس الوزراء المصري وجامعة الدول العربية وعدد من الوزارات والهيئات ومحافظتي أسوان والقاهرة والاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية.

وخلال المؤتمر، ألقت نائب الوزير كلمة استهلتها بنقل تحيات شريف فتحي وزير السياحة والآثار للحضور، معربة عن سعادتها لمشاركتها في هذا المؤتمر، مثمنة على الجهود الدؤوبة التي يبذلها اتحاد المستثمرات العرب برئاسة الدكتورة هدى جلال يسى على مدار سنوات عديدة من أجل تعزيز التعاون العربي لتحقيق التنمية الشاملة، مؤكدة على أن هذه الجهود تعكس أيضًا الدور البارز للمرأة في شعوبنا العربية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

وأشارت إلى أن استراتيجية وزارة السياحة والآثار تشجع على إقامة مثل هذه الأحداث، وذلك لمد جسور التعاون بين الدول والتعرف على فرص الاستثمار المتاحة وتبادل الرؤى حول القضايا الهامة.

كما أعربت يمنى البحار عن تلاقِي رؤى كل من وزارة السياحة والآثار واتحاد المستثمرات العرب فيما يتعلق بأهداف تشجيع الاستثمار، بوصفه المحفز الرئيسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وأيضًا فيما يتعلق بتشجيع حركة السياحة التي تعد واحدة من الروافد الاقتصادية المهمة لأي دولة، كما أن نموها ينعكس بصورة إيجابية على نمو الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء.

وأضافت أنه إيمانًا من الوزارة بالدور الهام الذي يقوم به الاتحاد، ودعمًا لجهوده، واستمرارًا لمسيرة تعاون مشترك تم على مدار سنوات عديدة، فقد قررت وزارة السياحة والآثار ممثلة في الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي وضع قمة الاستثمار العربي الأفريقي والتعاون الدولي في دورتها السابعة والعشرين تحت رعايتها الأدبية.

واختتمت نائب الوزير كلمتها بالإعراب عن أطيب تمنياتها بانعقاد قمة ناجحة تأتي ثمارها المرجوة.

وخلال المؤتمر الصحفي، ألقت الدكتورة هدى يسى كلمة أكدت خلالها على أن التواجد الهائل للحضور يؤكد على دعمهم الكامل للوطن ولكافة الجهود التي يبذلها المجتمع المدني والقطاع الخاص.

كما أشارت إلى أن تضافر الجهود وخاصة من قِبل السفارات المختلفة يؤكد على التعاون الدولي ودعم الفكر الذي تقوده الدولة المصرية بشكل عام واتحاد المستثمرات العرب بشكل خاص، مشيرة إلى النجاح الذي حققته قمة الاستثمار خلال دوراتها السابقة، لافتة إلى أن هذه الدورة تحظى بمشاركة أكثر من 35 دولة على مستوى العالم.

وأوضحت أنه سيتم تنظيم برنامج سياحي للمشاركين في القمة في إطار انعقادها بمحافظة أسوان بما يساهم في الترويج السياحي للمحافظة بصفة خاصة ولمصر بصفة عامة.

وقد افتتحت المؤتمر الدكتورة هدى يسى رئيس اتحاد المستثمرات العرب ورئيس جمعية سيدات الأعمال للتنمية وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، وقد شارك في الحضور اللواء أيمن الشريف السكرتير العام لمحافظة أسوان، واللواء شريف الماوردى رئيس الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات، والدكتور أيمن دياب عميد كلية التكنولوجيا الحيوية بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب (MSA)، والنائب الدكتور طلعت عبد القوي رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، واللواء أشرف حسن سعد الله المدير التنفيذي لجمعية الصناع المصريون، والمهندس علي زين العابدين عضو مجلس إدارة اتحاد المستثمرات العرب.

هذا بالإضافة إلى عدد من سفراء الدول بالقاهرة،  وممثلي الوزارات والهيئات والمحافظات ومجلسي النواب والشيوخ وجمعيات المستثمرين، ومستثمرات ورجال الأعمال، وأعضاء وعضوات اتحاد المستثمرات العرب وجمعية سيدات الأعمال للتنمية.

وتجدر الإشارة إلى أنه من المقرر أن يشارك في قمة "الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي" نخبة رفيعة المستوى من ممثلي الوزارات المعنية بالدول العربية والأفريقية والأجنبية وممثلين عن مجموعة دول البريكس في قطاعات الاستثمار، السياحة، الصناعة، التجارة، والصحة وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والاتحادات العربية النوعية المتخصصة ومجالس الأعمال مما يعتبر فرصة مواتية لتعزيز التعاون في كافة المجالات التنموية والاقتصادية لجميع الدول والكيانات المشاركة بقمة الاستثمار.

مقالات مشابهة

  • رئيس جنوب أفريقيا: لن نبقى مكتوفي الأيدي ونشاهد ما يحدث للشعب الفلسطيني
  • رئيس جنوب أفريقيا: إسرائيل تطبق العقاب الجماعي على شعب غزة ردا على هجمات حماس
  • سيدات السودان لكرة القدم يعسكرن بإثيوبيا استعدادا لأمم أفريقيا
  • السيارات الهندية الأكثر مبيعًا في جنوب أفريقيا
  • عاشا قبل نحو عشرة آلاف عام.. إعادة تكوين أقدم “جينوم بشري” لشخصين في جنوب أفريقيا
  • عماد الدين حسين: الحوار الوطني ليس جهة تشريع أو بديلا عن الحكومة والبرلمان
  • امتعاض مؤسسات السلطة الأمريكية من استباحة السودان علي المسلخ الجنجويدي
  • السياحة: أسوان تستضيف قمة "الاستثمار العربي الأفريقي" في نوفمبر المقبل
  • عمره 10 آلاف عام.. إعادة تكوين أقدم جينوم بشري في جنوب أفريقيا
  • مواجهتان مصيريتان لقطبي الكرة السودانية بدوري أبطال أفريقيا