شوقية عروق منصور سأل شاعرنا محمود درويش ” ماذا تُسمى الجزيرة إذا جف البحر؟ ” بصراحة لم أجد الجواب، فالجزيرة ستبقى جزيرة مهما جفت المياه، ولكن عندما رأيت ذلك الياباني الذي أنفق 2 مليون دولار لكي يتحول إلى كلب ويعتبر تحوله إلى كلب هو تحقيق حلم كان يراوده منذ زمن، والآن تحقق حلمه وأصبح يخرج إلى الحدائق والطرقات بحرية حيث يقوم الجميع بالطبطبة عليه ولمس شعره والتحديق بأطرافه ومشيته – قلت الجنون فنون – .
ولا نعرف السر وراء إصرار هذا الشاب الياباني الذي تخلى عن كونه
الانسان القوي الخارق الذي احتل الأرض والسماء ويفرض نفوذه على الضعفاء ويحاول الهيمنة على كل شيء في هذا الوجود ، لكي يتحول إلى كلب ولكن الذي نعرفه يجوز أنه قد سئم حياة الانسان وأراد أن يعيش حياة الكلاب، فحياة الكلاب أفضل في هذا الزمن . وإذا أرادنا أن ننظر إلى العالم من فوق ، ونتأمل ما يجري عليه من أحداث دامية واقتتال وحروب وخراب ودمار ومعاناة وشقاء الانسان قد نغفر لهذا للشاب الياباني هروبه من جنة الانسان ونقول أنه على حق، لأن الكرة الأرضية دخلت إلى مستشفى الامراض العقلية ولم يعد العلاج بأقراص الإنسانية والدينية ينفع الأرواح التي أصبحت تائهة في وديان ومستنقعات وصحاري المصالح والمناصب والجشع المادي والقوى التي تريد السيطرة وسرقة ما تبقى من إنسانية الانسان . قديماً كنت معجبة بأدب المهجر خاصة أدب وأدباء الرابطة القلمية ، من شعر ونثر وقصص وكان الكتاب والشعراء جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضي وغيرهم قد شكلوا في داخلي مساحات من النور والقيمة والفضيلة والرقة والجمال الإنساني ، حيث كانت كلماتهم تخترق دمي و عظامي وتفتت ما يتبقى من الانانية وحب الذات وتقوم بصهري في نار الإنسانية . ولكن بعد سنوات حين بدأت تأخذنا زلازل السياسة ورياح القهر الاجتماعي وصواعق القادة والزعماء الذين يمتلكون الخطابات النارية ويعبثون بالسلاح كأنه من العاب الكراهية والسيطرة النفوذ ، أصبحت أشعر أن كلمات وعبارات هؤلاء الكُتاب والأدباء والشعراء وغيرهم مثل العصافير الخشبية في الساعات التي كانت تفتح فيخرج العصفور ويقول ” كوكو” دون إحساس ومشاعر . بعيداً عن العالم الذي يتوارث القسوة والياباني الذي فرح واحتفل لأنه تحول إلى كلب ، قريباً منا هنا مجتمعنا الذي يرقص يومياً على ازيز الرصاص وينصب المشانق لمجتمع يطوي جسده في حقائب الاحتلال والخوف واللجوء والتشتت . لن أكتب عن الاقتتال في مخيم ” عين الحلوة ” في لبنان ، ولن أكتب عن عارنا في الانقسام الفلسطيني الذي تحول إلى مأساة تضاف إلى مآسي الشعب الفلسطيني وعلى قضيته التي أصبحت مثل قصة ” ابريق الزيت ” ولا على الاتفاقيات والمفاوضات التي تدخل سنة بعد إلى أجواء الكرنفالات وقد احترفت الثرثرة واتقان الوعود التي سئم منها الشعب الفلسطيني . ولكن سأكتب عن أزقة قرانا ومدنا الفلسطينية عام 1948 التي سُلبت أراضيها والآن تُسلب أروح أولادها ، اليوم وأمام ” كورس” الوزراء والمسؤولين والقادة في الحكومة الإسرائيلية يعلنون أنهم لا يستطيعون السيطرة والقبض على رجال الاجرام الذين يطلقون الرصاص علناً دون خوف حتى وصل عدد القتلى الى 136- حتى هذه اللحظة – قتيل منذ بداية العام 2023 ، و أصبح المواطن الفلسطيني يعيش بين الرصاصة والرصاصة، لا يعرف من أي جهة تأتي وفي أي ساعة وفي أي مكان . من يصدق أن الحكومة الإسرائيلية لا تعرف من يطلق الرصاص، يرفع اصبعه … !! كلنا نعرف أن الحكومة تعرف دبة النملة في المجتمع العربي، وتعرف كل الزوايا والخبايا ، ولكن بما أن شعبنا مرصود للمذابح فلماذا لا تشجع وتطلق أصابع من يريد أن يصبح فارساً وقائداً في مجموعة تنشر الرعب والخوف وتوقف مسيرة الحياة . لم نكن ندري أن جرحنا نحن البقية الباقية في الوطن 48 سيخط بأصابع ملعونة وأننا سنتحول من قضايا الصراع حول وجودنا وتشبثنا بالأرض والحفاظ على مقدساتنا وعلى جذورنا ورفضنا لسلب أرضنا ورفع شأن أولادنا والتحدي بالعلم والعمل رافضين مقولة ” بن غوريون ” سيكون العرب حطابين وسقاة ماء ، تقلص شعارنا إلى ” بدنا نعيش ” هل اختصرنا الشهداء والأسرى في السجون و500 قرية اختفت عن وجه الأرض وتحول سكانها إلى لاجئين في العالم وفي الداخل الفلسطيني إلى مقولة يتيمة ، بائسة ” بدنا نعيش ” ، لا نريد أن يسيطر الرصاص الأعمى على حياتنا وأصبح ” العيش ” هدفنا .. لا يهم كيف ..؟؟!! المهم أن نبقى نتنفس الهواء . ذلك الياباني الذي أصر أن يتحول إلى ” كلب ” لو جاء الى مجتمعنا ورأى الدماء والاحزان واليتم اليومي لأصر أن يتحول إلى قط يخرمش ويضع أظافره في عيون رئيس الوزراء والوزراء ، هؤلاء الذين يرددون لا نستطيع معرفة عصابات الاجرام في الوسط العربي، سيقول لهم القط ” يكفي كذباً وخداعاً ” . بصراحة وجدت أن الياباني أشجع و أصدق واحد على الكرة الأرضية .. اختصر الطريق واعترف بأنه ” كلب ” ولكن نحن غداً ماذا سنكون في ظل هذه الحكومات والأنظمة السياسية . فلسطين
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
یتحول إلى
إلى کلب
إقرأ أيضاً:
نواي إسماعيل: تواصلنا مع الفاعلين في القوات لإثناء قائد التمرد ولكن محاولاتنا باءت بالفشل
قال العضو السابق بالمجلس الاستشاري لقائد الدعم السريع نواي إسماعيل: تواصلنا مع الفاعلين في القوات لإثناء قائد التمرد ولكن محاولاتنا باءت بالفشل وظهورنا بعد عام ونصف ليس انتهازيه ولا قفز من مركب غارق وإنما ترتيبات إدارية وأمنية.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب