المهندس سليم البطاينه يُحكى أن والي (خرسان) الجراح بن عبدالله كتب إلى الخليفة الاموي )عمر بن عبد العزيز) رسالة قال فيها : أهل خرسان قوم ساء رعيتهم، ولا يصلحهم إلا السيف والسوط ! فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي بذلك، فكتب إليه الخليفة الاموي عمر؛ أما بعد لقد بلغني كتابك تذكر فيه أن أهل خرسان قد ساءت رعيتهم، وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط! فقد كذبت بل يصلحهم العدل والحق أبسط ذلك فيهم.

ان الحق في حرية التعبير والرأي والحصول على الخبر والمعلومة لا يتنافى والحق في الحياة الخاصة للأفراد والمسؤولين، فهناك توازن بين الحقوق والحريات، ومن حق المواطنين حصولهم على المعلومة وانتقادهم ومحاسبتهم الشخصيات العامة التي تدير شؤونهم، لكن بشرط دون اللجوء الى التشهير بهم ! فهنالك فرقٌ بين النقد والتجريح. فلا يُعرّض احد لتدخل في حياته الخاصة او أسرته او لقاءاته، أو لحملات على شرفه وسمعته. فالاختلاف في الرأي والمواقف قضية حسمها العالم منذ زمن بعيد، والقصة تكمن في طريقة النقد التي يجب ان تطال الموضوع وليس الشخوص، والازمة كل الازمة ان لا يعرف الناس الى اين يتجهون واين يقفون؟ للأسف ما زال التصور الكلي بين الدولة ومن يعارضها هو التقاطع في كافة المسارات، واجتزاء النص أو الاقتباس خارج السياق أو الانتقائية كلها مترادفات لجريمة واحدة! فهناك وجوه استمرأت التضليل لا تقبل النقد ولا الرأي الاخر، بحيث اصبحت صورة التناقض الفاعل اليوم هي صورة واقع يعج بالكثير من الاسئلة: فكل تضاد وتناقض هو اختلاف بالضرورة، ولكن ليس كل اختلاف بالضرورة تناقض وتضاد. من المؤكد انه قانون معيب لا يليق بالاردن الذي كان اول دولة في المنطقة شهدت تحولاً ديموقراطياً، وأيّة قراءة سريعة لقانون الجرائم الالكترونية تُظهر عودة العقلية الاستبدادية (والذي هو سلوك يعبر عن فكر استبدادي مغلف بغلاف قانون يهدف الى اذلال الناس، والغاية منه محاصرة الكلمة وتشكيل جبال من الخوف والقلق لدى الناس، وتسليط السيف على رقاب كل من ينتقد ممارسات الحكومة على أخطائها). الاصرار على قانون الجرائم الالكترونية يُظهر درجة الخوف والرعب لدى المسؤولين لما يحتويه من فقرات خطيرة تنطوي على إجراءات مرعبة تسلب حرية الرأي والتعبير، وتمنح الحكومة صلاحيات لإصدار عقوبات ضد مواطنيها وفق مزاجها، فقد تم حشو القانون بألاعيب لَفضية وقانونية فضفاضة وبمفردات لا يمكن ان تكون بهذه الطريقة من التضييق على المواطن وحريته. القانون في فلسفته البسيطة أُبتكر لتنظيم الحياة وحماية حقوق الناس، لكن عندما يصبح القانون عدواً للناس يجب محاربته، فكافة الدساتير ليست بما تمنع او تحجب، بل بما تمنح من حقوق وتُرسي من أمان، فكلما تماهت معاني الحرية والعدالة والمساواة انعكس ذلك إيجابياً على نصوص القوانين التي تتحكم في حركة المجتمع والعوامل الدافعة لتطوره. برأيي لا منطق لما يحدث! ولا يمكن لعاقل أن يستوعب ما يحدث! حتى بزمن الاحكام العرفية لم يكن هناك تضييق مقنن لهذا المستوى، والواضح أن القانون نابع من عقلية استبدادية يراد منها تكبيل المواطن، وخطوة خطيرة في قمع الصوت الحر! وهذا استغفال وإلتفاف على الحقائق، ويُذكّرني بقانون المطبوعات والنشر الذي وضعته الحكومة في لحظة غياب البرلمان سنة 1997 الذي أدى حينها الى إغلاق 16 صحيفة اسبوعية في يوم واحد! وعشرات المطبوعات الدورية. بعد انتقاد وزارة الخارجية الامريكية لمخرجات قانون الجرائم الالكترونية في الاردن حذرت مؤسسة Sky Line الدوليه ومقرها السويد، ومعهد انواع الديمقراطيه V-Dem المستقل للابحاث ومقره جامعة Universty Of Gothenburg بالسويد من إقرار قانون كهذا يستهدف تكميم الافواه وقمع الحريات الانسانية العامة وتغييب المساءلة والمحاسبة. رغم ان المادة 15 في الدستور الاردني تُشير وتدعم حرية الرأي والتعبير، لكن يبدو ان المسافات تتسع بين المبدأ الدستوري والقوانين المنفذة له! وكأن القانون جاء يهدم باليد اليسرى ما بناه الدستور باليد اليمنى. إنها حالة غير مسبوقة من التيه وضعف العقل تنعدم فيها أي محاولة ولو مجرد تدوير الزوايا التي من الممكن ان تؤدي الى لغة مشتركة بين الدولة والمواطن، فحالنا اليوم أصبح مثل شخصين يتكلمان لغتين مختلفتين تماماً! وكل لغة تشكل طريقة تفكيرها ومنطقها الخاص، وما لنا الا ان نجد مترجماً شاطراً يوفّق بيننا! أو يتعلم أحد منا لغة الآخر. لقد تعب السؤال من السؤال، والسؤال الاخير: ما الفائدة ان يكون القضاء عادلاً بينما تكون القوانين ظالمة لا تستهدف الحق والعدل؟ وكم من الدول حكمتها القبضة الامنية وغابت فيها الحريات وأنتُهك فيها الدستور فعانت من الفوضى وعدم الاستقرار؟ وبالمقابل كم هي عدد الدول التي احترمت دساتيرها وفهمت الاستقرار على حقيقته؟ يقول الشاعر والفيلسوف الامريكي صاحب كتاب الحياة في الغابة Henry  David Thoreau 1817-1862 الانسان الحر في اي مجتمع عليه واجب كسر القوانين الظالمة، والحياة الطليقة في ظل حكومة ظالمة هي السجن لمن ينشد العدل، وان القوانين التي تلجم الافواه تحطم نفسها بنفسها. نائب اردني سابق

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الصوت التفضيلي يُعيد الإشكاليّة السابقة بشأن قانون الانتخاب

كتبت ابتسام شديد في" الديار": الحديث عن  الانتخابات  النيابية ملازم بقوة لاستحقاق البلديات لوجود ترابط بين الاستحقاقين، اذ تعتبر القوى السياسية ان الانتخابات البلدية تشكل جسر عبور لها للانتخابات النيابية. فقد عاد القانون الانتخابي الى الواجهة، مع ظهور توجه جدي لدى أكثر من فريق  لتغيير القانون الحالي او اجراء تعديل عليه، فرئيس الحكومة نواف سلام ميال لاجراء تصحيح على القانون، لمواكبة عملية الاصلاح واحقاق العدالة بالتمثيل، ورئيس مجلس النواب نبيه بري من الفريق المؤيد لاعتماد قانون جديد على شكل لبنان دائرة انتخابية واحدة مع النسبية وإلغاء  القيد الطائفي، إلا ان خوض غمار التغيير بإدارك الطرفين ليس عملا سهلا، ويمكن ان يؤدي الى صدام مع القوى المسيحية المؤيدة لبقاء القانون الحالي، الذي استعادت فيه مقاعد مسيحية كان من المستحيل الوصول إليها سابقا.
طرح التعديل على الصوت التفضيلي، كما تقول مصادر سياسية، ليس عبثيا، فتغيير او تعديل القانون يحتاج الى عام كامل. فقانون الانتخابات الحالي  كان أقر عام ٢٠١٧ وحصل تعديل عليه قبل ستة أشهر، وبالتالي فان بري استعجل الطرح مبكرا لاستشراف المواقف حياله، وهذا ما حصل حيث تبين ان لا إجماع سياسي على تغيير القانون الحالي، بوجود معارضة مسيحية للسير بصوتين تفضيليين، مقابل مطالبة بدأت تتظهر معالمها  لإجراء تعديلات فقط.
لن يوافق الفريق المسيحي على تغيير القانون  الحالي وتعديل الصوت التفضيلي، فقانون الـ٢٠١٧ حرره من تحالفات في الدوائر المختلطة،  فاستطاعت "القوات" ان تحقق تسونامي مسيحيا، والمؤكد ان  حصة  ثنائي "امل " وحزب الله  ثابتة في اي قانون، لانه يمتلك العصب الشيعي الذي زادت حدته بعد الحرب الأخيرة، وهو في استحقاق ٢٠٢٦ يخوض معركة الحفاظ على مقاعده النيابية ومنع اي اختراق لحاضنته الشعبية، وهو يعلم جيدا ان هناك معركة سياسية تنتظره في الداخل تتعلق بنزع سلاحه . مواضيع ذات صلة قانون الانتخاب إلى الواجهة والصوتان التفضيليان أبرز التعديلات المتوقعة Lebanon 24 قانون الانتخاب إلى الواجهة والصوتان التفضيليان أبرز التعديلات المتوقعة 19/03/2025 05:39:32 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 قانون الانتخابات محور المعركة المقبلة والاتجاه لصوتين تفضيليين Lebanon 24 قانون الانتخابات محور المعركة المقبلة والاتجاه لصوتين تفضيليين 19/03/2025 05:39:32 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 إشكالية الاحزاب في الانتخابات البلدية: التمويل أولا Lebanon 24 إشكالية الاحزاب في الانتخابات البلدية: التمويل أولا 19/03/2025 05:39:32 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 النائب غسان سكاف من جلسة الثقة: لتعديل قانون الانتخاب الحالي ويضمن صحة التمثيل Lebanon 24 النائب غسان سكاف من جلسة الثقة: لتعديل قانون الانتخاب الحالي ويضمن صحة التمثيل 19/03/2025 05:39:32 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً وزيرة خارجية المانيا في بيروت غدا برسالة حازمة: القرار 1701 وتنفيذ الالتزامات Lebanon 24 وزيرة خارجية المانيا في بيروت غدا برسالة حازمة: القرار 1701 وتنفيذ الالتزامات 23:02 | 2025-03-18 18/03/2025 11:02:00 Lebanon 24 Lebanon 24 التعيينات الادارية رهن التوافق الضغوط والتجاذب مستمر بشأن حاكم" المركزي" Lebanon 24 التعيينات الادارية رهن التوافق الضغوط والتجاذب مستمر بشأن حاكم" المركزي" 23:03 | 2025-03-18 18/03/2025 11:03:00 Lebanon 24 Lebanon 24 وفد نيابي زار قطر: لانخراط أكبر في الساحة اللبنانية ودعم المكوّن السنّي Lebanon 24 وفد نيابي زار قطر: لانخراط أكبر في الساحة اللبنانية ودعم المكوّن السنّي 23:28 | 2025-03-18 18/03/2025 11:28:00 Lebanon 24 Lebanon 24 مخاوف من عودة التحركات الشعبية الى الشارع Lebanon 24 مخاوف من عودة التحركات الشعبية الى الشارع 23:22 | 2025-03-18 18/03/2025 11:22:00 Lebanon 24 Lebanon 24 همس وزاري عن تأجيل تقني للانتخابات البلدية و"الداخلية" ترد: الموضوع غير وارد لدينا Lebanon 24 همس وزاري عن تأجيل تقني للانتخابات البلدية و"الداخلية" ترد: الموضوع غير وارد لدينا 23:12 | 2025-03-18 18/03/2025 11:12:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة أحمد العوضي يتزوج من جديد.. وهذه عروسته Lebanon 24 أحمد العوضي يتزوج من جديد.. وهذه عروسته 00:00 | 2025-03-18 18/03/2025 12:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 توقيف شاحنات في طرابلس.. وهذا ما تبين بعد تفتيش حمولتها Lebanon 24 توقيف شاحنات في طرابلس.. وهذا ما تبين بعد تفتيش حمولتها 00:34 | 2025-03-18 18/03/2025 12:34:27 Lebanon 24 Lebanon 24 دانييلا رحمة ستُصبح أماً.. قريبا! Lebanon 24 دانييلا رحمة ستُصبح أماً.. قريبا! 05:46 | 2025-03-18 18/03/2025 05:46:10 Lebanon 24 Lebanon 24 في منزله... وفاة أحد أبرز الفنانين (صورة) Lebanon 24 في منزله... وفاة أحد أبرز الفنانين (صورة) 11:03 | 2025-03-18 18/03/2025 11:03:21 Lebanon 24 Lebanon 24 لهذه الاسباب.. وزارة الإعلام الكويتية تُلغي حفل هيفاء وهبي في الكويت Lebanon 24 لهذه الاسباب.. وزارة الإعلام الكويتية تُلغي حفل هيفاء وهبي في الكويت 01:50 | 2025-03-18 18/03/2025 01:50:14 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 23:02 | 2025-03-18 وزيرة خارجية المانيا في بيروت غدا برسالة حازمة: القرار 1701 وتنفيذ الالتزامات 23:03 | 2025-03-18 التعيينات الادارية رهن التوافق الضغوط والتجاذب مستمر بشأن حاكم" المركزي" 23:28 | 2025-03-18 وفد نيابي زار قطر: لانخراط أكبر في الساحة اللبنانية ودعم المكوّن السنّي 23:22 | 2025-03-18 مخاوف من عودة التحركات الشعبية الى الشارع 23:12 | 2025-03-18 همس وزاري عن تأجيل تقني للانتخابات البلدية و"الداخلية" ترد: الموضوع غير وارد لدينا 23:04 | 2025-03-18 ملف سد المسيلحة أمام القضاء مجددا والتحقيق في صرف 44 مليون دولار فيديو فنّانة تتكلم عن تعرضها للتنمر (فيديو) Lebanon 24 فنّانة تتكلم عن تعرضها للتنمر (فيديو) 04:42 | 2025-03-16 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. تشوّه بسبب "ستاربكس" فحصل على هذا التعويض الكبير Lebanon 24 بالفيديو.. تشوّه بسبب "ستاربكس" فحصل على هذا التعويض الكبير 02:31 | 2025-03-16 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 عاصفة ورياح وأعاصير ضخمة تضرب أميركا.. قتلى ودمار (فيديو) Lebanon 24 عاصفة ورياح وأعاصير ضخمة تضرب أميركا.. قتلى ودمار (فيديو) 00:27 | 2025-03-16 19/03/2025 05:39:32 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • مجلس الوزراء يوافق على تعديل بعض بنود قانون الرياضة
  • في القانون الجديد.. للعامل حق إنهاء العقد إذا أخل صاحب العمل بالتزاماته.. تفاصيل
  • الصوت التفضيلي يُعيد الإشكاليّة السابقة بشأن قانون الانتخاب
  • اللواء أحمد الملقب والد المقدم محمد: نحن في دولة القانون
  • مشروع قانون للتأمين يمنع شراء الكروكات ويسد الثغرات
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • مجلة أمريكية: قضية محمود خليل تؤكد على معركة ترامب الخاسرة ضد حرية التعبير
  • 4 حالات يعاقب عليها مشروع قانون العمل الجديد.. احذرها
  • ما هي أشهر عبارات التهنئة بعيد الفطر التي يتبادلها الناس؟
  • المغرب يضع مشروع قانون إطار جديد لحماية حقوق الأطفال