لماذا تعثرت الولايات المتحدة في فخ العراق؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالًا، للكاتب ديفيد بولانسكي، تحدّث فيه عن كتاب "فخ أخيل" للكاتب ستيف كول، وهو الذي يعتبر أن غزو العراق عام 2003 كان كارثة، وأن الحرب نفسها كانت من صنع وسائل الإعلام بقدر ما كانت من صنع الحكومة؛ إذ ساعدت وسائل الإعلام الكبرى، بدءًا من صحيفة نيويورك تايمز مرورً بأتلانتيك وانتهاء بنيويوركر، في إضفاء الشرعية على الحرب.
وأوضح الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، أن كول، حدّد العديد من الإخفاقات الأمريكية في العراق، من بينها ما وصف بـ"فشل التفاهم"؛ حيث إن الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، لم يستطع قط فهم نوايا الولايات المتحدة.
وتابع أنه على الرغم من دهائه؛ فقد ظل مذعورًا بشكل أساسي من الولايات المتحدة، سواء كان ذلك خلال سنوات التحالف الضمني خلال الثمانينيات أو فترة العداء اللاحقة، مما دفعه إلى الخداع عندما كان من الممكن أن تخدمه الصراحة بشكل أفضل. وقد أدى ذلك إلى نتائج مأساوية في نهاية المطاف عندما شنت الولايات المتحدة غزوها على العراق سعيًا وراء أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة آنذاك.
وأضاف الكاتب أن تركيز كول الرئيسي على العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق يوفر رؤية ثاقبة، إلا أنه يخاطر أيضًا باستبعاد دور النظام العالمي ككل، والذي تمتعت الولايات المتحدة بهيمنة لا مثيل لها عليه في فترة ما بعد الحرب الباردة، خلال السنوات التي سبقت غزو العراق سنة 2003. لذلك؛ في حين أنه من الصحيح أن صدام حسين ضلّل الولايات المتحدة وأخطأ في قراءة نواياها، إلا أنه من الصحيح أكثر أن الولايات المتحدة، بقدراتها والتزاماتها العالمية، اختارت جلب الكثير من الاهتمام والقلق إلى العراق.
وأشار الكاتب إلى أنه منذ نهاية الحرب الباردة؛ أثبت صناع السياسات في الولايات المتحدة أنهم غير قادرين على تحديد المصالح الوطنية وتحديد الأولويات العالمية، وكانت النتيجة أنه لم يكن هناك أي طريقة لتوضيح سبب استحقاق منطقة أو بلد ما اهتمامًا أكبر من أي منطقة أو بلد آخر.
واستمر هذا الغموض الإستراتيجي على أعلى المستويات فيما يتعلق بالأهمية النسبية للشرق الأوسط وأهداف الولايات المتحدة فيه طوال التسعينيات. وبحلول الوقت الذي وقعت فيه أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، كان الاعتماد على المسار وحده قد رفع بالفعل من أهمية العراق بالنسبة للحكومة الأمريكية إلى ما هو أبعد من أي نسبة معقولة. وحلّ الوضوح الزائف محل الأمل الغامض فيما يتعلق بأهدافها.
وأفاد الكاتب أنه لا يمكن أن يُعزى أي من هذا إلى مغامرات صدام الخطيرة أو إلى الديناميكية الدبلوماسية بين البلدين. لذا، فرغم أنه من الصحيح أن كلاً منهما أخطأ في قراءة النوايا الأساسية للآخر، فإن مشكلة الفهم الخاطئ في نهاية المطاف ليست كافية ولا ضرورية لتفسير ما حدث في ربيع عام 2003.
وقال الكاتب إن تفسير "سلسلة الأخطاء" يفسِّر بشكل أفضل حرب الخليج سنة 1991، والتي لم يكن أي من الطرفين راغبًا فيها حقًا. ويقدم كول وصفًا واضحًا لذلك التاريخ أيضًا، والذي، من بين نقاط قوته، يدافع بحق عن السفيرة آنذاك أبريل جلاسبي من اللوم غير العادل الذي تحملته في أعقاب غزو صدام حسين للكويت.
وذكر الكاتب أن الولايات المتحدة فشلت في ردع العراق عن غزو الكويت. لكن بصرف النظر عن حقيقة أن أحدًا تقريبًا، بما في ذلك الزعماء العرب الآخرين، لم يتوقع ذلك؛ فإن النظرة التلسكوبية لكول تجعل العراق عشية قرار صدام حسين بالغزو يبدو أكبر بكثير وأكثر أهمية من وجهة نظر عالمية مما كان عليه في الواقع.
وأشار إلى أنه في آب/ أغسطس 1990، لم يكن قد مضى على مذبحة ميدان السلام السماوي سوى سنة واحدة بالكاد، ولم يكن الاتحاد السوفييتي قد تفكك بعد، وكانت عملية إعادة توحيد ألمانيا لا تزال جارية. وحتى بعد غزو الكويت، لم يكن من البديهي أن تستنتج إدارة بوش (الأولى) أن العملية تستحق ردًا أمريكيًا بهذا الحجم.
وعلى النقيض من ذلك، كان الدافع إلى الحرب خلال فترة الثمانية عشر شهرًا بين هجمات 11 أيلول/ سبتمبر وبداية عملية حرية العراق كبيرًا لدرجة أنه من الصعب تصور واقع مضاد معقول يمكن من خلاله تجنب الحرب.
وفي الواقع، توضح تقارير كول، في بعض النواحي على الرغم من أطروحته الأكبر، أنه لم يكن هناك معيار أدلة معقول من شأنه أن يرضي قادة الولايات المتحدة فيما يتعلق بصحة ادعاءات صدام حسين، وكان هذا صحيحًا بالفعل خلال رئاسة كلينتون، بحسب الكاتب.
وتابع الكاتب قائلًا إنه على الرغم من أن هذه كانت إلى حد ما قصة سوء قراءة النوايا والتحيز التأكيدي، إلا أنها في الأساس قصة حول المعتقدات التي كان صناع السياسة الأمريكيين يؤمنون بها حول العالم، والتي تكثفت جميعها بشكل كبير في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. وعلى وجه التحديد؛ اعتقدوا أن الأنظمة السيئة والقادة السيئين يمثلون المصدر الأكبر للتهديدات الدولية، وأن سياسة الولايات المتحدة يجب أن تركز على استبدال كليهما حسب الحاجة، وأن فوائد القيام بذلك قد تتجاوز التكاليف.
وبيّن الكاتب أنه من خلال التأكيد على الأخطاء الإجرائية بشأن الإخفاقات الأكثر جوهرية في الإستراتيجية والتفكير الجيوسياسي، فإن كول يخفف من قوة انتقاداته في البداية. فهو يتيح لنا أن نرى مدى الشك الذي كانت عليه تحليلات قدرات صدام حسين ونواياه، لكن ليس إلى الدرجة التي جعلها تبدو مقنعة للغاية لكل من صناع القرار في الولايات المتحدة وغالبية الجمهور الأوسع في ذلك الوقت.
وأضاف الكاتب أن كول أجاب بشكل مفيد عن أسئلة "كيف“ و"ماذا" حدث بالنسبة لغزو العراق، بينما يبقى سؤال "لماذا" بدون إجابة. ويسلط كول الضوء بحق على دور كل من المروجين للديمقراطية من المحافظين الجدد (بول وولفويتز) والعسكريين العدوانيين (ديك تشيني، ودونالد رامسفيلد، وآخرين) في قرار الغزو في نهاية المطاف، ولكن حتى هنا تتجاهل روايته مدى شعبية هذا القرار في الواقع، على الأقل في البداية.
ووجد العديد من الأشخاص داخل الحكومة وخارجها أنفسهم يدعمون الغزو على الرغم من قلّة معرفتهم بالمتطلبات الفنية لبرنامج أسلحة الدمار الشامل الفعال أو تحريفات صدام حسين لذلك.
واختتم الكاتب مقاله قائلًا إن معالجة سؤال "لماذا" سوف يتطلب فحصًا أكثر شمولاً للعيوب التي تصيب الكيفية التي ترى بها مؤسسة صنع السياسات، وربما لا تزال ترى من نواحٍ عديدة، العالم ومكانة أمريكا فيه. وبعبارة أخرى، فإن الاعتراف بمدى الجنون، ومدى قلة الحواجز الجيواستراتيجية التي كان عليها لتقييد تلك الدوافع، هو أمر آخر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية العراق صدام حسين صنع السياسات العراق صدام حسين صنع السياسات المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة على الرغم من صدام حسین الکاتب أن أنه من لم یکن
إقرأ أيضاً:
كيم جونج أون يتهم الولايات المتحدة بالعدائية.. ويحذر من حرب نووية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تصاعدت حدة التوتر بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، حيث اتهم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون واشنطن بمحاولة الاستفزاز وتصعيد الأوضاع. وحذر كيم من أن شبه الجزيرة الكورية تواجه خطر حرب نووية غير مسبوق، ودعا إلى تطوير ترسانة بلاده النووية وجاءت تصريحات كيم بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب، مما أثار التكهنات حول إمكانية استئناف الحوار بين البلدين وذلك بحسب وكالة الأنباء المركزية الكورية.
وذكرت الوكالة الرسمية، أن كيم أوضح في خطاب ألقاه خلال معرض عسكري، بعنوان "تطوير الدفاع الوطني - 2024"، في بيونج يانج، أنه حاول اتباع نهج التفاوض مع واشنطن، لكن النتائج أبرزت فقط سياستها "العدوانية والعدائية" ضد كوريا الشمالية.
وأضافت أن الزعيم الكوري الشمالي، دعا إلى تطوير وتحديث ترسانة الأسلحة، وتعهد بمواصلة تطوير القدرات الدفاعية لتعزيز الموقف الاستراتيجي للبلاد.
وتابع: "ذهبنا بالفعل إلى أبعد مدى في المفاوضات مع الولايات المتحدة، وما كان مؤكداً من النتيجة هو السياسة الجائرة والعدائية التي لا تتغير تجاه كوريا الشمالية".
واتهم كيم الآن الولايات المتحدة بتعزيز التحالفات العسكرية، ونشر الأسلحة الاستراتيجية التي تستهدف كوريا الشمالية، وتصعيد الضغط العسكري والاستفزازات إلى "أقصى الحدود".
وأشار إلى أنه "في ضوء هذا الواقع، تدرك كوريا الشمالية كل يوم وكل ساعة أن تحقيق أقوى القدرات العسكرية هو السبيل الوحيد للحفاظ على السلام، وهو يوفر ضماناً قوياً للأمن والتنمية".
وذكر أن بلاده لن تتغاضى أبداً تحت أي ظرف من الظروف عن "انتهاك أمنها"، متعهداً بأنه لن تكون هناك أي مناسبة تتخلى فيها البلاد عن "التوازن العسكري" من تلقاء نفسها.