الجزيرة:
2025-04-17@10:52:04 GMT

إسرائيل تخسر الحرب وتواجه مأزقًا إستراتيجيًا

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

إسرائيل تخسر الحرب وتواجه مأزقًا إستراتيجيًا

صوّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم على رفح على أنّه المهمة الأخيرة التي تفصل إسرائيل عن إعلان النصر في حربها على غزة. علاوة على أن غالبية الإسرائيليين فقدوا ثقتهم بإدارة نتنياهو، ولم يعودوا يُصدّقون ما يقوله عن الحرب. إذ إنه مع دخول شهرها الثامن والعجز العسكري الإسرائيلي المتواصل في تحقيق أهدافها، وآثارها الكبيرة على إسرائيل وعلاقاتها بالعالم، وعودة الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، يَظهر بوضوح أن إسرائيل لا تخسر الحرب فحسب، بل صنعت لنفسها مأزقًا إستراتيجيًا كبيرًا يصعب الخروج منه.

وإذا كان هجوم رفح مُصممًا كما – يدّعي نتنياهو – للقضاء على الكتائب العسكرية الأربع المتبقية لحركة حماس في قطاع غزة، فإن الواقع على الأرض يُخالف ذلك. لا تزال المقاومة الفلسطينية قادرةً على مواصلة القتال بقوَّة وإلحاق الألم بالجيش الإسرائيلي، حتى في مناطق سبق أن أعلنت إسرائيل السيطرة عليها، والقضاء على وجود المقاومة فيها.

على عكس الأشهر الماضية، عندما كانت إسرائيل تتعمّد القتل والتدمير الهائل على نطاق واسع كوسيلة لتحقيق نصر سريع، فإن الهجوم على رفح مُصمم بدرجة رئيسية كوسيلة للضّغط على حماس من أجل انتزاع صفقة تُساعد نتنياهو على الادّعاء بأنه استطاع تحقيق أهداف الحرب، والانصراف بعد ذلك إلى توظيف الصفقة في معركته الداخلية للخروج من هذه الحرب بأقلّ ضرر عليه.

مع ذلك، يُظهر المقترح الإسرائيلي الجديد لإبرام صفقة شاملة مع حماس، والذي أعلنه الرئيس الأميركي  جو بايدن وليس نتنياهو، حجمَ المأزق الإستراتيجي الكبير الذي تواجهه إسرائيل أوّلًا، ونتنياهو ثانيًا.

عندما قرَّر نتنياهو إطلاق الحرب، كان هدفه القضاءَ على حركة حماس، وإعادة ترميم الردع الإسرائيلي، واستعادة قدرة إسرائيل على مواصلة إدارة الصراع بالطريقة التي فعلتها قبل هذه الحرب. لكن النتائج العكسية التي حصدتها ضاعفت من آثار الضربة الكبيرة التي تلقتها في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

فمن جانب، استطاعت حركة حماس إظهار أن القضية الفلسطينية لا تزال  قادرة على التعبير عن نفسها بقوة، وفي عكس مسار الصراع، وإجبار العالم على الاعتراف بأنّ الحل، الذي يمنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة بالحصول على دولة والتخلص من الاحتلال، هو وحده من يجلب السلام. ومن جانب آخر، أفسدت الحرب مساعي إسرائيل لتعزيز اندماجها في المنطقة، وسمّمت علاقاتها مع الغرب، وأظهرت واقعها كدولة متمرّدة على القانون الدولي والإنساني.

يكمن جانب رئيسي من أسباب المأزق الإستراتيجي الإسرائيلي في صمود المقاومة الفلسطينية، الذي حوّل مهمّة نتنياهو من حرب لإخراج غزة من معادلة الصراع إلى حرب تعجز إسرائيل عن الخروج منها بنصر واضح. ولم يعد أمام نتنياهو سوى خيارين للخروج من هذا المأزق.

الخياران هما: إما مواصلة القتال لأشهر إضافية أخرى، وربما لسنوات من أجل تحقيق الأهداف المُعلنة وغير المُعلنة، وهذا ما لم يعد مُمكنًا بأي حال. أو التخلّي عن هذه الأهداف والتفاوض مع حماس على إنهاء الحرب، مقابل استعادة الرهائن الإسرائيليين، والانسحاب من قطاع غزة.

وعند النظر إلى الأهداف الثلاثة الرئيسية المُتمثلة بالقضاء على حماس، واستعادة الرهائن ومنع أن تُشكل غزة تهديدًا لأمن إسرائيل في المستقبل، يظهر أنها مُصممة بشكل عام لإخراج غزة من معادلة الصراع عبر احتلالها وتهجير سكانها، وإعادة نشر المستوطنات فيها. وهذه كانت في الواقع الأجندة الحقيقية للحرب.

وحتى في الوقت الذي يتعرّض نتنياهو لضغوط من الداخل، ومن الولايات المتحدة للقبول بتصور واقعي لليوم التالي لنهاية الحرب، فإن مثل هذا التصور لم يعد مُصممًا لإدارة انتصار إسرائيل في غزة، وإنما لإدارة فشلها ولإيجاد مخرج لها من المأزق الإستراتيجي.

إن الأضرار الكبيرة التي لحقت بإسرائيل لم يعد بالإمكان إصلاحها ولا حتى الحد منها. والأبعاد الأكثر أهمية في المأزق لا تقتصر على العجز العسكري في تحقيق أهداف الحرب، بل تشمل ثلاثة آثار إستراتيجية، أولها، انهيار مفهوم الردع، الذي صمّمته إسرائيل لعقود طويلة لتجنّب حرب بهذا الحجم، وهذا الارتداد الإقليميّ والدوليّ لها.

فكرة أن إسرائيل ستكون قادرة في المستقبل على ردع هجمات أخرى على غرار هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، أو خوض حرب كبيرة بكفاءة عسكرية عالية أصبحت مثار شك كبير. ويتمثل الأثر الثاني بتغذية الحرب للاستقطاب العنيف داخل إسرائيل حول نظرة الإسرائيليين إلى مستقبلها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وهذا الاستقطاب سيزيد من مُعضلة إسرائيل في تشكيل حكم قابل للاستقرار لفترة طويلة.

أما الأثر الثالث، فيتمثل بإعادة إحياء القضية الفلسطينية وفرض معالجة الصراع كأولوية على السياسات الإقليمية والدولية. ويظهر هذا الأثر كأخطر التهديدات التي تواجه اليمين الإسرائيلي بعد هذه الحرب.

إن فكرة أن إسرائيل قادرة على الاندماج في محيطها الإقليمي بدون معالجة الصراع، لم تعد واقعية بأي حال بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وقد لا يكون السلوك، الذي تنتهجه الولايات المتحدة الآن نحو إعادة تبنّي خيار حل الدولتين، مُستدامًا؛ لأن إدارة بايدن أوشكت على نهايتها، وقد لا يبقى الديمقراطيون في السلطة.

لكنّ الحاجة الأميركية إلى حل هذا الصراع ستبقى قائمة بمعزل عن الرئيس الذي سيدخل البيت الأبيض بعد نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل؛ لأنه السبيل الوحيد الذي يُمكن أن يُحول إسرائيل إلى دولة طبيعية في هذه المنطقة، ويُساعد الولايات المتحدة على تخفيف ارتباطها بالشرق الأوسط.

على الرغم من أن نتنياهو يُكابر في الاعتراف بحقيقة أن إسرائيل تخسر الحرب، ويُظهر أن عزيمته لم تتراجع، لكنّه لم يعد بمقدوره المُضي قدمًا فيها وتجاهل الآثار الإستراتيجية الكبيرة لها. وكل يوم يمضي على هذه الحرب التي لا يُمكن لإسرائيل تحقيق نصر فيه، لن يعمل سوى على تعميق مأزقها الإستراتيجي في حقبة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ويجلب لها المزيد من التكاليف الباهظة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول أن إسرائیل هذه الحرب لم یعد

إقرأ أيضاً:

انضموا إلى «التمرد الصامت».. الكوماندوز البحري الإسرائيلي يطالب نتنياهو بوقف الحرب على غزة

في تطور لافت يعكس حجم التوترات الداخلية، تشهد قوات الاحتلال الإسرائيلي موجة من الاحتجاجات والتمردات بين صفوف جنود الاحتياط وضباط داخل الجيش، اعتراضًا على استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي خلفت حتى الآن آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.

أصوات من الداخل

عدد من الجنود رفضوا المشاركة في العمليات العسكرية أو العودة إلى الخدمة الاحتياطية، معتبرين أن الحرب «لا أخلاقية» وتؤدي إلى مزيد من التدمير والمعاناة الإنسانية دون تحقيق أهداف واضحة، والبعض وصف ما يجري بأنه حرب بلا نهاية تُستنزف فيها الموارد وتُفاقم العزلة الدولية لإسرائيل.

تمرد صامت

في تقارير مسربة لوسائل إعلام عبرية، أشار ضباط إلى وجود ما يُعرف بـ «التمرد الصامت» حيث لا يلتزم عدد من جنود الاحتياط بالاستدعاءات العسكرية، في وقت يتحدث فيه محللون عن تراجع في الروح المعنوية وتزايد التساؤلات حول جدوى العمليات.

احتجاجات عائلات الجنود

بجانب العسكريين، خرجت عائلات جنود إسرائيليين في مظاهرات داخل تل أبيب ومدن أخرى، رافعين لافتات تطالب بإنهاء الحرب وعودة أبنائهم من الجبهة. بعض الأهالي عبّروا عن رفضهم للسياسات الحكومية التي وصفوها بـ «العبثية» والتي تدفع بأبنائهم إلى محرقة عسكرية لا مبرر لها.

ضغط دولي متزايد

وهذه الاحتجاجات تأتي في ظل تصاعد الضغوط الدولية على الاحتلال الإسرائيلي، وتكثيف الدعوات لوقف إطلاق النار، خاصة بعد التقارير الأممية التي تتحدث عن كارثة إنسانية في غزة.

الانقسام الداخلي يتعمق

ويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تعكس شرخًا داخليًا آخذًا بالاتساع داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة بين من يدعمون الحرب لأسباب أمنية ومن يرون فيها مجازر بحق المدنيين الأبرياء.

قوة الكوماندوز البحري ووحدة السايبر

أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن فئات جديدة من قوة الكوماندوز البحري ووحدة السايبر في الاحتياط انضمت للاحتجاج للمطالبة باستعادة الأسرى ووقف الحرب على غزة.

جنود الاحتياط في سلاح الجو

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن أكثر من 200 من الجنود والمحاربين القدامى بسلاح البحرية قدموا عريضة جديدة، تدعو لإعادة المخطوفين ولو مقابل وقف الحرب.

الاحتياط والمدنيين

وخلال الـ48 ساعة الأخيرة، انضم آلاف الإسرائيليين العسكريين في الاحتياط والمدنيين من قطاعات مختلفة إلى الرسالة التي وقعها المئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو من بينهم طيارون، ودعت إلى وقف الحرب لإعادة الأسرى.

العمليات الخاصة

وانضم المئات من جنود العمليات الخاصة إلى الرسالة التي وقعها المئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو من بينهم طيارون، ودعت إلى وقف الحرب لإعادة الأسرى.

اقرأ أيضاً«تمرد عسكري» في إسرائيل.. لماذا تعصف الفوضى والتفكك بجيش الاحتلال؟!

إعلام عبري: محاولة لاحتواء تمرد جنود احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي

جنود الاحتلال يتمردون على الحرب ويطالبون بصفقة

مقالات مشابهة

  • ناشطة إسرائيلية: على حكومة نتنياهو أن تجيب عن 4 أسئلة
  • شقيق الأسير الإسرائيلي “أفيناتان أور”: نتنياهو يملك قرار الصفقة والحل هو تنفيذها ووقف الحرب
  • نتنياهو يهدد بالقضاء على حماس من شمال غزة.. نقاتل من أجل وجودنا
  • رسالة تحذير من عناصر في الكوماندوز الإسرائيلي إلى نتنياهو
  • انضموا إلى «التمرد الصامت».. الكوماندوز البحري الإسرائيلي يطالب نتنياهو بوقف الحرب على غزة
  • موقع واللا: مئات من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي يطالبون نتنياهو بوقف الحرب
  • عاجل | موقع واللا: مئات من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي يطالبون نتنياهو بوقف الحرب وإعادة المخطوفين
  • إسرائيل تعلن توسيع «المنطقة العازلة» في غزة
  • إسرائيل بين الانقسام والتجهيز لما بعد نتنياهو
  • تصاعد الاحتجاج ضد حرب غزة يربك الجيش الإسرائيلي ويضغط على حكومة نتنياهو