بولندا: فاغنر تحاول زعزعة استقرار الجناح الشرقي لحلف الأطلسي وبدءنا بنقل قوات يزيد قوامها عن ألف جندي بالقرب من الحدود
تاريخ النشر: 3rd, August 2023 GMT
وارسو ـ (رويترز) – قال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي اليوم الخميس إنه يتم تحريك مقاتلين من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة بالقرب من الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي لزعزعة استقرار التحالف العسكري. وبدأ عدد غير محدد من مقاتلي فاغنر تدريبا مع جيش روسيا البيضاء مما دفع بولندا للبدء في نقل قوات يزيد قوامها عن ألف جندي بالقرب من الحدود.
ووجهت بولندا اتهاما لروسيا البيضاء يوم الثلاثاء بانتهاك مجالها الجوي بطائرات هليكوبتر عسكرية. وقال مورافيتسكي بعد لقائه بالرئيس الليتواني جيتانس نوسيدا في شرق بولندا “علينا أن ندرك أن الخطوات الاستفزازية ستزيد”. وأضاف “مجموعة فاغنر خطيرة للغاية ويتم نقلهم إلى الجناح الشرقي لزعزعة استقراره”. وجرى اللقاء في سوالكي جاب، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة لكنها مهمة من الناحية الاستراتيجية في بولندا وتقع بين روسيا البيضاء وجيب كالينينغراد الروسي. وقال نوسيدا إن عدد مقاتلي فاغنر في روسيا البيضاء ربما يزيد عن 4000. وأضاف “يجب ألا نتحدث فقط عن الإجراءات على مستوى كل دولة ولكن أيضا… ما الذي يتعين فعله إذا أصبح هذا الوضع أكثر تعقيدا، بما في ذلك إغلاق الحدود مع روسيا البيضاء”. ومضى قائلا “يجب أن يتم هذا بطريقة منسقة بين بولندا وليتوانيا ولاتفيا”. وسمحت روسيا البيضاء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام أراضيها كنقطة انطلاق لغزو أوكرانيا، لكنها لم تشارك بقواتها في الحرب.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية في الـ48.. وحرب غزة
في قلب الأراضي المحتلة عام 1948، نشأت الحركة الإسلامية كامتداد طبيعي لصحوة دينية ووطنية بين فلسطينيي الداخل، حاولت أن تُعيد صياغة الهوية الفلسطينية في ظل واقع المواطنة القسرية داخل دولة الاحتلال.
تبلورت هذه الحركة بداية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، متأثرة بخطاب جماعة الإخوان المسلمين، لكنها سرعان ما طورت نهجها الخاص تحت قيادة الشيخ عبد الله نمر درويش، خاصة من خلال الجمع بين الدعوة الدينية والعمل الاجتماعي والخيري.
كان عام 1996 لحظة الانقسام الكبير داخل الحركة، فانشطرت إلى جناحين، حدث هذا على وقع اصطدام الحركة بالإجابة عن سؤال: هل تُشارك في الكنيست الإسرائيلي أم لا؟:
• الجناح الجنوبي (البراغماتي): اختار دخول الكنيست والعمل من داخل النظام الإسرائيلي، وركّز على المطالب المدنية والميزانيات وتحسين الخدمات للعرب، على رأسه اليوم منصور عباس.
• الجناح الشمالي (المبادئي): تمسّك برفض المشاركة في مؤسسات دولة الاحتلال، واعتمد خطابا يربط بين النضال الوطني والهوية الإسلامية، خاصة في ملف القدس والمسجد الأقصى، وكان من أبرز رموزه الشيخ رائد صلاح.
بقي هذا الانقسام يُعمّق التباين في الرؤى والأدوار، إلى أن قامت حكومة الاحتلال بحظر الجناح الشمالي عام 2015، واعتبرته "منظمة غير قانونية"، مما جرد هذا التيار من قدرته التنظيمية والإعلامية.
اليوم، ومع تصاعد الجرائم في غزة وتفجر الاستيطان في الضفة، يُعاد طرح السؤال نفسه بشكل أكثر إلحاحا: أين تقف هذه الحركة الآن؟لكن الأهم: ماذا يفكر الشباب؟ وماذا يريدون أن يصنعوا؟
الحركة الإسلامية بين مبادئية مخنوقة وواقعية مراوغة
أمام مشهد الدم والتهجير في غزة والضفة، تظهر مفارقة صارخة في مواقف الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر.
• الجناح الشمالي ما يزال، رغم الحظر، محافظا على خطابه المناهض للاحتلال، ويُدين بوضوح الجرائم، لكنه فاقد للفاعلية بسبب التضييق والملاحقة الأمنية وربما بسبب ضعف الإرادة والقدرة على التحدي.
• أما الجناح الجنوبي، وبعد دخوله الحكومة الإسرائيلية عام 2021، فقد غابت مواقفه الحاسمة، ومال إلى الصمت أو التبرير، ما أفقده شعبيته، خاصة في الأوساط الشبابية.
النتيجة؟ حركة تبدو مشتتة بين جناحٍ مكمّم وجناحٍ مُهادِن، وكلاهما عاجز عن أن يكون تعبيرا صادقا عن النبض الشعبي المتفاعل مع مآسي الشعب الفلسطيني في كل الجغرافيا.
لماذا لا يعرف العرب كثيرا عن "الداخل الفلسطيني"؟
رغم أن شعوب الأمة العربية والإسلامية تعرف عن غزة كل تفصيل، وتتابع أخبار الضفة الغربية منذ عقود، إلا أن الداخل الفلسطيني -أو ما يُعرف بأراضي 48- بقي في الظل، خارج دوائر الاهتمام الشعبي والإعلامي وحتى النضالي في كثير من الأحيان.
هذا الغياب لم يكن صدفة، بل نتيجة لتراكمات متعددة:
فالانخراط القسري لعرب الداخل في منظومة المواطنة الإسرائيلية جعلهم في نظر الكثيرين "خارج معادلة الاحتلال المباشر"، ما حرمهم من الرمزية النضالية الواضحة.
كما أن القبضة الإسرائيلية على فضائهم الإعلامي والاجتماعي حالت دون إيصال صوتهم بحرية إلى العالم العربي، في الوقت الذي كانت فيه ساحات غزة والضفة مرئية، دامية، وصاخبة بالمقاومة والقهر.
يُضاف إلى ذلك أن الأنظمة العربية -تواطؤا أو خوفا- تجنبت دعم الداخل خشية الصدام مع إسرائيل، فتركتهم في فراغ تمثيلي، حتى في الخطاب الإسلامي العابر للحدود، ظل الداخل حاضرا في المناسبات، غائبا عن الاستراتيجية.
والمحصلة أن الوعي العربي تشكّل برواية ناقصة، عزلت الداخل عن قلب القضية، رغم أن فلسطينيي 48 هم من يواجهون يوميا سياسات الأسرلة والتهويد والاستيطان ضمن قلب الدولة العبرية ذاتها.
إن إعادة الاعتبار للداخل الفلسطيني ليست مسألة معرفة فقط، بل مسؤولية وعي ومقاومة، لأن تحرير الرواية مقدمة لتحرير الأرض والإنسان.
الجيل الجديد: بين الحُلم بالخلاص ورفض الترويض
الجيل الفلسطيني الشاب داخل أراضي 48 لم يعد مقتنعا بهذه المعادلة. هؤلاء لا يرون أنفسهم في خطابات الخضوع، ولا ينتظرون منابر قد أُطفئت، بل ينحازون تلقائيا إلى من يقف مع غزة، ومع الأقصى، ومع كل وجه فلسطيني مكلوم.
إنهم يرفضون التعايش المفروض، ويُصغون إلى أنين الخليل، ويرون في الشيخ جراح قضيتهم كما النقب والجليل. لا يثقون بالكنيست، ولا بمن يتحدث عن "تحسين ظروف الحياة" في حضرة الموت، بل ويبحثون عن بديل، صوت، منصة، حركة تشبههم.
ما الجديد الذي يمكن أن يقدمه هذا الجيل؟
• خطاب تحرري إسلامي وطني جامع، يربط الداخل بكامل الجغرافيا الفلسطينية دون انفصام.
• تنظيم غير تقليدي، لا زعامة فيه ولا بيروقراطية، بل قيادة جماعية ولا مركزية.
• منصات مستقلة إعلامية ومجتمعية تعبّر عن الهوية وتقود الفعل.
• توظيف أدوات العصر من وثائقيات وبودكاست وفن بصري لمخاطبة الداخل والعالم.
ما الذي قد يدفعهم للانطلاق؟
• الإحباط من الأحزاب والمؤسسات، التي لم تعد تمثلهم.
• الانتماء الوجداني المتجدد للقضية الكبرى، والتي لم تعد حكرا على الضفة أو غزة، بل تمتد إليهم.
• احتكاكهم بنماذج عالمية لحركات شبابية صنعت التغيير من الهامش.
جيل يبحث عن فعل.. ليس لهذا الجيل ما يخسره، لكنه يرى كل ما يمكن أن يُستعاد، يريد أن يفعل لا أن يُدار، أن يشارك لا أن يُستدرج، جيل يبحث عن أن يكون جزءا من التحرر، لا مجرد متلقٍ للميزانيات أو وعود "العيش المشترك".
ربما لم يُولد بعد التنظيم الذي يُشبه لكنه يلوح في الأفق. وهو، إن قرر أن يتحرك، لن يسير خلف أحد.. بل سيقود الجميع.