الثورة نت:
2025-03-16@23:04:14 GMT

الكيان الصهيوني يواجه مأزقاً لا فكاك منه

تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT

 

 

يختلف الكيان الصهيوني الذي نراه اليوم اختلافاً تاماً عما اعتدناه من قبل، يكفي أن نتذكر حاله قبل «طوفان الأقصى»، وأن نقارنه بما أصبح عليه اليوم كي ندرك هذه الحقيقة بوضوح.
قبل «طوفان» الأقصى، كانت تصرفات هذا الكيان تعكس قدراً هائلاً من الثقة بالنفس وصل في كثير من الأحيان إلى حد الصلف والغرور والاستهانة التامة بآمال الشعب الفلسطيني وطموحاته، أما اليوم، فيلاحظ أن تصرفاته بدأت تتسم بقدر كبير من الحيرة والارتباك والتخبط وضياع البوصلة، بل إنه يبدو اليوم فاقداً تماماً للثقة بنفسه وبقدرته على الصمود والبقاء في وجه التحديات غير المسبوقة التي بات عليه أن يتصدى لها.


في 22 أيلول 2023م، ألقى بنيامين نتنياهو كلمة أمام الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي يده خريطة متعددة الألوان لمنطقة الشرق الأوسط.
وقد لفت نظر المراقبين وقتها خلو هذه الخريطة من أي ذكر أو إشارة إلى كلمة فلسطين، وتمدد الكيان الصهيوني فوق مساحة شملت الضفة الغربية وقطاع غزة معاً، وإشارات نتنياهو المتكررة إلى تزايد عدد الدول العربية التي تقيم علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني، وما قد يفتحه ذلك من آفاق بالنسبة إلى السلام والازدهار في منطقة الشرق الأوسط التي بات الكيان الصهيوني مؤهلًا وجاهزًا لتبوؤ موقع القيادة فيها من الآن فصاعداً.
ولأنه كان على دراية تامة بالجهود التي تبذلها إدارة بايدن لإقناع المملكة العربية السعودية بالالتحاق بقطار التطبيع، فقد تولدت لدى نتنياهو –آنذاك- قناعة تامة بأن الكيان الصهيوني بات في وضع يسمح له بقطف ثمرتين كبرتين في آن واحد: تصفية القضية الفلسطينية وتطبيع العلاقات مع العالم العربي والإسلامي.. فجأة، وبلا سابق إنذار، هبت الرياح بما لا تشتهي سفن الكيان الصهيوني.
في صباح 7 أكتوبر 2023م، شنت حركة حماس، بالتعاون مع بقية فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة، هجوماً عسكرياً مباغتاً على القواعد والمستوطنات الواقعة في المناطق المتاخمة لقطاع غزة، تمكنت خلاله من اجتياح مساحة واسعة من الأرض المحتلة قبل 1948م، وذلك لأول مرة في تاريخ الصراع، وقتل ما لا يقل عن 1200 جندي ومستوطن وأسر ما يقارب 250 آخرين، ما مكنها من تحقيق إنجازين كبيرين: الأول إسقاط أسطورة «الجيش» الذي لا يقهر، وخصوصاً بعدما نجحت في إلحاق هزيمة ساحقة به في معركة خاطفة، والثاني: تأكيد تصميم الشعب الفلسطيني على رفض سياسة الأمر الواقع، حتى لو اضطر إلى الوقوف وحيداً في المعركة، وإثبات أنه قادر بمفرده على تخطيط وتنفيذ عمليات عسكرية كبرى في مواجهة الكيان الصهيوني، بصرف النظر عن الخلل القائم في موازين القوى بين الطرفين، وبالتالي على خداع أجهزة الأمن الصهيونية التي طبقت شهرتها الآفاق.
حين استفاق من هول الصدمة، ساد لدى الكيان الصهيوني تصور مفاده أن ما وقع كان حدثاً استثنائياً ينبغي العمل على ألا يتكرر أبداً، وأنه نجم عن إهمال جسيم يتطلب الكشف عن ملابساته وملاحقة المتسببين فيه عبر تحقيقات تُجرى في الوقت المناسب، كما بدا في الوقت نفسه على يقين بامتلاكه كل الإمكانات والقدرات التي تتيح له سحق وتصفية كل فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة واقتلاعها من الجذور.
ولأن نتنياهو كان على قناعة تامة بأن إدارة بايدن ستسارع إلى تقديم كل ما يحتاجه من غطاء سياسي ومن دعم عسكري، فقد تصور أن بمقدوره استغلال الحدث كذريعة للتخلص من الشعب الفلسطيني نفسه وإجباره على ترك وطنه نهائياً.
اليوم، وبعد ما يقارب 8 أشهر على بدء عملية «السيوف الحديدية»، أي إعلان الحرب الشاملة على قطاع غزة، يبدو الكيان الصهيوني في وضع لا يحسد عليه على الإطلاق، فقد أصبح هذا الكيان عاجزاً تماماً، ليس عن تحقيق أي من الأهداف التي سعى لتحقيقها من وراء هذه الحرب فحسب، وإنما عن التصدي أيضاً لعوامل التفكك والانهيار التي بدأت تهب عليه من داخله بسبب ما لحقت به من هزائم متتالية على المستويات العسكرية والسياسية والقانونية والأخلاقية.
على الصعيد العسكري، أضافت الفصائل الفلسطينية المسلحة إلى ما تحقق لها من إنجازات في يوم «الطوفان» نفسه إنجازات أخرى لا تقل عنها إبهاراً، بل وربما تفوقها من حيث الأهمية والتداعيات الاستراتيجية، فقد تمكنت هذه الفصائل، ليس من الصمود فحسب أمام آلة الحرب الصهيونية الجهنمية على مدى الأشهر الثمانية المنصرمة، وإنما أيضاً من تكبيد «الجيش» الصهيوني خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
ولتبرير إخفاقاته العسكرية المتتالية، ادعى «الجيش» الصهيوني أنه تمكَّن من تحطيم معظم البنية العسكرية لهذه الفصائل، والتي لم يتبق منها سوى 4 كتائب تتمركز في منطقة رفح، غير أن قرار نتنياهو اجتياح رفح واحتلال محور فيلادلفيا الواقع على الحدود بين مصر وفلسطين لم يساعده على تحقيق أي إنجاز يذكر، فها هي فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة تقاتل ببسالة في كل مكان على امتداد القطاع، بما في ذلك شماله ووسطه، وكان بمقدورها إطلاق صواريخ بعيدة المدى على «تل أبيب» من منصات في رفح لا تبعد سوى أمتار محدودة عن المواقع التي يحتلها «الجيش» الصهيوني الذي بدأ يتحرش بالجيش المصري، في محاولة تبدو مفضوحة للهروب إلى الأمام.
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ صمود فصائل المقاومة الفلسطينية هو الذي سمح بتوسيع نطاق المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني وامتدادها إلى الجبهات اللبنانية واليمنية والعراقية التي قررت القيام بعمليات مساندة فعالة، وبالتالي إحباط استراتيجية الردع التي حاولت الولايات المتحدة فرضها على مختلف الأطراف من خلال وجودها العسكري الكثيف في المنطقة.
وعلى الصعيد السياسي، حققت القضية الفلسطينية عقب «طوفان الأقصى» وبسببه إنجازات هائلة، بعكس ما كان الكيان الصهيوني يأمل، فقد بدأت هذه القضية تتصدر من جديد جدول أعمال النظام الدولي، بعدما كانت قد أوشكت على التصفية، واتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبأغلبية ساحقة بلغت 144 صوتاً ضد 9 أصوات فقط، قراراً يدعو إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة عام 1967م، ويؤكد توافر كل العناصر اللازمة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويحثّ مجلس الأمن على إزالة كل العقبات التي تعترض قبول فلسطين كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
وإذا أضفنا إلى ما تقدم أن عدداً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج، اعترفت مؤخراً بدولة فلسطينية مستقلة، وقرر تبادل التمثيل الدبلوماسي معها، لتبين لنا حجم المكاسب التي حققتها القضية الفلسطينية بسبب الصمود العسكري للمقاومة الفلسطينية المسلحة.
على الصعيدين القانوني والأخلاقي، ساهمت التصرفات الهمجية التي قامت بها حكومة الكيان الصهيوني على مدى الأشهر الثمانية المنصرمة، والتي أدت إلى تدمير قطاع غزة بالكامل وتحويله إلى منطقة غير قابلة للحياة، وإلى استشهاد وإصابة وفقد ما يقارب 150 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، في إسقاط القناع عن الكيان الصهيوني وإعادة التذكير بالطبيعة الاستيطانية والتوسعية والاحتلالية للمشروع الصهيوني نفسه، والتأكيد بالتالي على أن النظام السياسي الذي يتحدث باسمه لا يمكن إلا أن يكون عنصرياً في جوهره، وخصوصاً أنه يقوم بالضرورة على قاعدتي التطهير العرقي والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وقد كشفت الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية وما تضمنته من أوامر موجهة إلى حكومة الكيان الصهيوني بضرورة اتخاذ إجراءات احترازية للحيلولة دون ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني ووقف الأعمال العسكرية التي قررت القيام بها في منطقة رفح، عن شبهة إقدام الكيان الصهيوني على ارتكاب أعمال إبادة جماعية بالفعل.
وكشفت مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باستصدار مذكرة اعتقال لكل من رئيس وزراء الكيان ووزير دفاعه أنهما باتا متهمين رسمياً بالقيام بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ولا شك في أن هذه الأحكام أدت دوراً حاسماً في تعبئة وحشد الرأي العام العالمي لنصرة الشعب الفلسطيني وتقديم كل وسائل الدعم له، وخصوصاً الشرائح الشبابية وطلاب الجامعات.
ليس من المستغرب، في سياق ما تقدم، أن يفقد الكيان الصهيوني توازنه إلى حد كبير، وأن تظهر عليه علامات التفكك والانهيار؛ ففي أعقاب «طوفان الأقصى» مباشرة، بدا هذا الكيان وكأنه يتصرف وفقاً لنمط تقليدي كان يدفعه دوماً إلى التماسك والوحدة إبان الأزمات، بدليل إقدامه على تشكيل حكومة حرب برئاسة نتنياهو على الفور والتفاف الجمهور حول الأهداف التي حددتها للحرب، غير أن ثقة المواطنين بهذه الحكومة وبقدرتها على تحقيق أهداف الحرب راحت تتبدد بمرور الوقت.
تشير دراسة نشرت منذ أيام قليلة إلى أن معهد الأمن القومي الإسرائيلي أجرى 15 استطلاعاً للرأي منذ بداية طوفان الأقصى وحتى منتصف إبريل الماضي، وقد أثبتت جميع هذه الاستطلاعات أن ثقة الجمهور الصهيوني بحكومة نتنياهو وبقدرة جيشه على كسب الحرب أو على تحقيق الأهداف المرجوة من ورائها تتآكل باستمرار.
على سبيل المثال، تشير هذه الاستطلاعات إلى أن 92% من العينة المستطلعة عبروا في بداية الحرب عن ثقتهم التامة بقدرة «الجيش» الصهيوني على كسبها، لكن هذه النسبة راحت تنخفض تدريجياً إلى أن وصلت الآن إلى أقل من 64%، كما تشير إلى أن نسبة الذين ما زالوا يعتقدون أن بمقدور «الجيش» تحقيق أهداف الحرب بالكامل، لا تتجاوز الآن 10% من إجمالي العينة المستطلعة، وأن ثقة الجمهور الإسرائيلي بحكومته انخفضت إلى نحو 20%، وأن الثقة بقدرة «الجيش» الإسرائيلي على تفكيك حركة حماس تراجعت من 84% في بداية الحرب إلى 67% في مارس الماضي، وعلى الأرجح أنها أصبحت الآن أقل من ذلك بكثير.
لا أعتقد أنني أبالغ إن أكدت أن المجتمع الصهيوني بدأ يتفكك بالفعل، وأن من المتوقع أن يواصل هذا المجتمع تفككه مع استمرار صمود المقاومة الفلسطينية وتماسك الجبهات المساندة لها، ما يؤكد دخول المجتمع الصهيوني في مأزق لا فكاك منه.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟

غزة- «عُمان»- بهاء طباسي:

في أروقة السياسة الدولية، لا تكاد تتوقف المؤامرات التي تستهدف الفلسطينيين ووجودهم، وفي قلب هذه الترتيبات تبرز خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهجير سكان قطاع غزة. يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بالدمار والقتل والنزوح الذي فرضه على سكان القطاع منذ أشهر الحرب الأولى، بل يسعى اليوم لتحويل المأساة إلى واقع مفروض، عبر ترحيل الفلسطينيين إلى دول الجوار، أو دفعهم للهجرة القسرية.

لم تكن هذه الخطة جديدة، فلطالما حلمت إسرائيل بإفراغ القطاع من سكانه وتحقيق «الحل النهائي» لمشكلة غزة، لكنّ الفلسطينيين، برغم القصف والنزوح والمعاناة، يرفضون الاستسلام لهذا المخطط. وبينما تعقد الاجتماعات السرية وتُبرم الصفقات، يبقى الموقف الشعبي الفلسطيني راسخًا، كما يظهر جليًا في شهادات الناجين الذين تحدوا الموت ليثبتوا للعالم أنهم أصحاب الأرض.

في هذا التقرير، نستعرض الرفض الشعبي للخطة الأمريكية الإسرائيلية من خلال شهادات فلسطينية حية تعكس الإصرار على البقاء، كما نحلل آراء الخبراء السياسيين حول الصفقة التي تستهدف غزة، إضافةً إلى تسليط الضوء على المماطلة الإسرائيلية في إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع.

«نموت في بيوتنا ولا نُهجّر»

«لا نخرج من بيوتنا لو هدموا علينا بيوتنا، نموت في أرضا، أنا سوف أبقى هنا، فليأتِ ترامب ويهدمها عليّ، ولن أخرج».. هكذا استهلّت أم حسين المغربي، وهي امرأة فلسطينية سبعينية، حديثها الغاضب حين سألتها «عُمان» عن موقفها من خطة التهجير التي يروج لها الإعلام الإسرائيلي والأمريكي.

وتتابع بصوت يملؤه التحدي: «إلى أين آخذ أولادي وأخرج؟ أين نذهب؟ نحن أيضًا نرفض اللجوء. ترامب هذا لا يستحق الرد عليه، لا ترامب ولا غيره يستطيع أن يخرجنا من منازلنا. فليفعلوا ما في استطاعتهم، بعد الله لا يوجد أحد من البشر يقدر علينا».

تعكس كلماتها صورة الفلسطيني المتمسك بأرضه رغم كل المحاولات المستمرة لإجباره على المغادرة. تضيف بصوت يختلط بالألم والإصرار: «هذه أرضنا، أرض الرباط، لا أحد يقدر يطلعنا منها، سنعيش ونموت هنا. نكبة 48 لن تتكرر مرة أخرى، نحن صامدون في أرضنا، نحن لا رايحين ولا جايين».

«سنموت واقفين كالأشجار»

أما ياسر عاطف صافي، الذي عاش فصول النزوح والمعاناة خلال الحرب، فكان أكثر حدة في رفضه لأي محاولات تهجير قسري لسكان غزة: «بصفتي مواطنًا من قطاع غزة عشت حرب إبادة، حرب نزوح، نحن نقول لترامب الذي يريد شراء غزة: خرجنا من ثنايا الركام لنقول لك بأن خطتك، والتي تدعو لها، مرفوضة رفضًا قاطعًا، ولن نترك شبرا من هذه الأرض وسنبقى صامدين حتى ولو قتلونا. سنموت كالأشجار واقفين».

ويضيف بنبرة متحدية : «غزة مقبرة الغزاة، ومن قال إن غزة ستموت؟ غزة بصمودها ستصنع الموت لأمريكا وإسرائيل بإذن الله. صامدون حتى الرمق الأخير في قطاع غزة ولن نخرج».

ياسر الذي هُدم بيته بالكامل، ونزح أكثر من 15 مرة خلال الحرب، يعيد التأكيد على عزيمته: «هذا لم يثننا عن التمسك بأرضنا، نعمل بالآية القرآنية : (وبشر الصابرين). نضع الملح على الجرح، ونبقى كما نحن ولن نخرج، ونقول له بأن دعوته مرفوضة مرة أخرى».

استهداف الأونروا مقدمة للتهجير

سلطات الاحتلال حظرت عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في القدس الشرقية، يوم 30 يناير الماضي، بعد محاولات مستوطنين تعطيل عملها في مناطق الضفة الغربية عن طريق هجمات الحرق المتعمد والاحتجاجات على مدار السنوات الماضية.

وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، استهدف جيش الاحتلال مقرات الوكالة الأممية، حيث استشهد 223 من موظفيها وتم تدمير ثلثي مرافقها التعليمية والصحية.

يرى المحلل السياسي الفلسطيني إياد جودة أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مراكز الأونروا ليست محض صدفة، بل تأتي ضمن مخطط أوسع لضرب البنية التحتية لأي وجود فلسطيني مستدام في القطاع.

وقال جودة، في تصريح لـ«عُمان»: «الأونروا هي رمزية اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي فإن استهداف الجيش الإسرائيلي لهذه المراكز هو مقدمة لموضوع التهجير الذي يتحدث عنه ترامب هذه الأيام، وكأن القصف الإسرائيلي جاء متفقًا تمامًا مع تصريحات ترامب التي أطلقها بتهجير الفلسطينيين خارج غزة أو حتى بيع القطاع لدول مجاورة».

لكنه أوضح أن: «المخططات الأمريكية والإسرائيلية بتضييق الخناق على الفلسطينيين واستهداف الجهود الأممية الرامية لمساعدتهم؛ لإجبارهم على الهجرة القسرية، كلها تحطمت على صخرة صمود الشعب الفلسطيني، والناس قابلت هذه التصريحات بسخرية واستهزاء وكأنهم واثقون من أنفسهم، أنه لن تمر هذه الدعوات».

المماطلة الإسرائيلية وتأجيل المرحلة الثانية من الاتفاق

وكعادة الاحتلال، يتهرب دائمًا من تعهداته، ولا يتطلع إلا لرغباته في توسيع حدود إسرائيل عن طريق الاستيطان وتهجير الفلسطينيين، وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تردد الحكومة الإسرائيلية في المضي قدما في المرحلة الثانية من صفقة وقف إطلاق النار، والتي كان من المفترض أن تبدأ في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى.

وأكدت المصادر الإسرائيلية أن نتنياهو رفض مطلب حماس ربط إطلاق سراح الأسرى المتبقين بانتهاء الحرب، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية قد توافق بضغط أمريكي على استئناف المفاوضات، لكنها تشترط التمسك بأهداف الحرب والقضاء على حماس.

وأظهرت الاجتماعات الأخيرة للمجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي «الكابينت» انقسامات داخلية حول شروط المضي في المفاوضات، مع تأكيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على ضرورة تفكيك حماس شرطا لأي اتفاق مستقبلي.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: أن الكابينت الإسرائيلي، تلقى اليوم ، تقريرا بشأن صفقة التبادل من فريق التفاوض العائد من الدوحة. وبينت أن الكابينت يجتمع غداً ، لاتخاذ قرارات بشأن الخطوات المقبلة المتعلقة بصفقة التبادل.

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال إن إسرائيل ستبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بما يشمل مبادلة الرهائن الإسرائيليين بمحتجزين فلسطينيين.

وتركز التوجهات جهود الوساطة الحالية على إطلاق سراح جندي إسرائيلي وأربعة جثث إسرائيليين تحتجزهم كتائب القسام، كما تحاول إسرائيل تمديد المرحلة الأولى من الصفقة، دون الدخول في مفاوضات جادة حول المرحلة الثانية.

ومطلع مارس الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يومًا، في حين تنصلت "إسرائيل" من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

نتنياهو يتلاعب بالصفقة

ولذلك، يحذر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الفلسطيني، يوسف تيسير، من خطورة تأجيل تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى: «تمر المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بمرحلة حساسة ودقيقة للغاية لا يمكن معها استبعاد الغدر الإسرائيلي والأميركي، في ظل وجود ترامب ونتنياهو، الذين يسعيان لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم».

ويوضح لـ«عُمان»: «نتنياهو يحاول إفساد الصفقة بأي ثمن، ويطمح لأي فرصة لوقف حتى تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق غزة، وسط ضغوط التيار الديني القومي في إسرائيل؛ لذا لا يمكن القول إلا أن الفصائل مطالبة بيقظة عالية لتفويت الفرص على الأقل حتى انتهاء هذه المرحلة».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، وسام عفيفة، أن «نتنياهو يتأرجح على حبل الصفقة، بين صمت تكتيكي وضغوط متعددة الاتجاهات». وقال، لـ«عُمان»: «‏المرحلة الثانية من الصفقة قيد البحث، لكن تمديد الأولى بات مطروحًا، في محاولة لانتزاع مزيد من التنازلات من حماس وهروب نتنياهو من استحقاق إنهاء الحرب».

‏وأوضح: «حماس لا تريد خرق الاتفاق، لكن هذا لم يرضِ شهية نتنياهو وترامب لإطلاق سراح جميع المختطفين الإسرائيليين دفعة واحدة».

وتابع: «في المشهد الإسرائيلي، الحسابات دقيقة: تحلوا بالهدوء حتى مرت الدفعة السادسة من صفقة تسليم الأسرى، وها هم يمارسون ضغطًا إضافيًا عبر الوسطاء قبيل الدفعة السابعة. ‏مناورة أخرى في سباق مع الزمن، حيث لا يريد نتنياهو هدم الجسور قبل استكمال الأوراق التي لا يزال يحاول ترتيبها على طاولة المفاوضات».

هل سينجح مخطط التهجير؟

في ظل هذا المشهد المتشابك، يبقى السؤال الأهم: «هل سينجح ترامب ونتنياهو في مخطط تهجير الفلسطينيين؟» الإجابة تبدو واضحة في كلمات الفلسطينيين الذين يرددون بصوت واحد: «نموت في بيوتنا ولا نُهجّر». الصمود الفلسطيني هو الحاجز الأخير أمام هذه المخططات، وإرادة الشعب ستظل هي الفيصل في مواجهة المؤامرات.

مقالات مشابهة

  • المعارضة في نيوزلندا تقود مشروع قانون لفرض عقوبات على الكيان الصهيوني
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • كيف يتلاعب نتنياهو بوقف إطلاق النار؟
  • نتنياهو يعقد اجتماعا مصغرا لبحث “صفقة صغيرة” مع حركة الفصائل الفلسطينية
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • وفد حماس يتوجه للقاهرة لبحث تطورات مفاوضات وقف الحرب: الاحتلال الصهيوني يتنصل عن اتفاق وقف إطلاق النار والمقاومة تدعو الوسطاء للضغط عليه
  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟
  • سليمان من قصر بعبدا: المعادلة التي تُفيد البلد هي معادلة الجيش والشعب